المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تشكيلات القلب المكلوم



سيومي خليل
14/08/2009, 10:01 PM
لنرفعه تاجا على الهامات .
نخطه بالألونة الحمراء ،ونهيم به كالفيحاء من غير قيظ ولا قيد، ندندن في دنانه الخمرية ،ونتخمر في أحشائه براعما لنسيان والسنديان ، فيوم الحساب سيتشكل القاضي منه والجلاد وأديم المذنب ،ستعسر منه الولادة لكنه سيخرج كما كان عليه يوم الزوغان كي نلحظه يتحول إلى ماهو .
لنرفعه تاجا على الهامات .
فخيوط الظل والظلال وأنوار البال وقلاقل البلية منه تنسل ،وتنحل به ،وإليه المعاد ، يوم تترقب الأعضاء حديثه ،فقد كانت يوما به تتألم وتسعد لسعده وإكفهرار الليالي بدا شموسا لثغره وصحو النهار كان نعاسا جفلا لحزنه ،حين تفنى الأشياء وتمحا كل الأسماء وتندثر في الضباب لألئ الإنسان يصحو من سكرته غير ملثات ولا كدر باحثا عما ضاع منه متطهرا من الأدران يروم ندما.
لنرفعه تاجا على الهامات
ننصت للوجيب الهادئ والدقات العنيفة ، نصيح للنواح ونشدو للترنيم، يبوح بالسر المكنون وعقارب الخطايا وتلويحات الحياة وتهويمات الإنسان السافر وتشظي الأيام الحزينة ووحدة الأفراح كي ينكتب الوجيب المولود منه أثارا ودرسا إنمحى وتشكيلات وإستيهامات مكلومة كالفطر النابت فينا كذبول النبات وذيول القسوة ساكنة المآقي وساجنة دمع العين المالح الحائلة كالقدر المرسوم بين الأنفس وتحقيقها .
لنرفعه تاجا على الهامات.
يسكن فينا الثورة ويخلق داخلنا ثورات ،يحادث نفسه ويجيب وعندما نسأله يلغز الجواب ويتحول إلى إشارة، يتركنا لفهمنا البسيط يشفر لغته وينفطر فيتألم كياننا وتهيج الأعضاء وترطن ألسنتنا بالغموض وتشكل الأعين حزنا مهيجا.. سكينة إيمانية.. ضياعا شريدا أو فراغا ..مجرد فراغ، فينحفر في صخور البازلت والجلاميد ويتشكل بساط الجلاد ومأوى الإختباء ،أو أنه ربما يضيع .. يضيع بنا في غزواته ونتوه نغيب.
لنرفعه تاجا على الهامات .
نأخذه بدل أقراص الأسبرين لنخفف الصداع لكنه عندما يتصدع نرممه بالأنفس مهتاجة الحنين ،لا يترمم هو ولا تعود الأنفس ،فنكتشف أننا عدنا طلل إنسان تعرش فينا العصافير وتبني أوراق الخريف أرضا للسقوط وتتشكل غائمات مبيت الآلام فنكرر في الليل البهيم صدى الكهوف المبثوثة على جوانبنا- في جوانا الغريب ونأمل ترميمه.. نترقب عودتنا.
لنرفعه تاجا على الهامات .
لنرفعه فالسواعد قوية به ، وبه تكل ،والأقدام تتبع خطوه وعنده تعثر، فنعثر على الذي أردنا والذي كنا به نعيش .

لنرفعه
فعندما أحب جفلنا
وعندما نحب يصمت كي ينفجر
قلب يا دوحة من غير ظل
لما تسكن عندما نضيع
وتتقمص البحر العباب عنما نجمد ؟؟
أيكفيك رفع على الهامات ؟
أم دمك الحار يكفيك ؟؟
لنسفك دمه بساطا لا يبلى.
الموت به ،المرض منه ،الجحيم ودمه صوى للطريق وحكما تنثال كعقول الصغار، لنجز شريانه الآثم ونتركه ينساب دما يتشكل وديانا- فجاجا للنقاء فما عادت فيه يرقات فراشة الغبطة والحبور، وليست هناك أويقات الإبتسام الباهث .
لنسفك دمه بساطا لا يبلى.
لنفترشه فدفء دمه عريش نلتحم داخله، فغطاؤه جلد وستر للخطيئة، لتكن بساطا، أرض دمك من زهر لا لون له ولا عطر ،ولتحف جوانبك بأشباح عاشقيك والأحبة وزوار الليالي الوحيدة ، إمتد فينا يا قلب وكن كل الشقوق الصغيرة والثقوب ومهاوي الهرب فسنصير ماء زئبقيا كي لا نكون جثثا نهب الآلام، سننسرب عبر الشقوق وسيتخثر دمك لاصقا بالإسفلت كالبساط ،سيتخثر الدم وتنقذف الفقاعات في قاعات النفس التي ضاقت وما رحبت .
لنسفك دمه بساطا لا يبلى.
المياه دم ،وقطر السماء دم، وتلك الدموع دم ،وعطر الحبيبة ،العبق والحبق المنتشر في باحة بيتي واللوحة الوحيدة وظلال الألوان ومسار الطير وتحليق الخيال وخيول الصهيل المنبعث من الخيول والخيلاء الموهوم للإنسان.. دم.. الكل دم ، فالقلب المصبوغ سوادا آثما تحمر وجنتاه دما ويسيل دما يتشكل يندثر دما ،صار بساطا من دم ، تمر الأقدام هامات عليه فينصبغ فوقه الخطى غصصا ودماملا من دم.
لنسفك دمه بساطا لا يبلى.
ستبلى الأجساد ،ستندحر وتنتحر ،والأشلاء تتلاشى كالغمم وسيظل روحا من غير إبتداء بلا إنتهاء روحا عائمة مصبوغة بلون الشفق ورائحة الإكتئاب، القلب روح ،والروح قلب مسفوك الدماء على إسفلت بارد وغبار طلع من أرض متربة الأفياء، الدم بساط يطوي المسير ويسير طوايا الإنسان الحزين ،لا تبلى حواشيه لا تصاب برعشة القديم لا تسري عليه النواميس ،هو بعد الأصل والكل فروع .
لنسف دمه بساطا لا يبلى .
من بكائه صار الدمع مالحا دما ساخنا ،من الحرقة الجمرية في عمق السويداء تحول الرماد الرمادي إلى حمرة سماء دموية ، من الأنين وآهات الحنين والسقوط المدوي للوجين وكل تلك الشرايين ،من القرحة الصدئة تحول الثغر الفاغر لقلب كالحنيين إلى كهوف العوالم السفلى وطبقات الجحيم ،من بكائه صار بساطا لا تنجلي عليه الآهات من حنين .
لنسفك دمه بساطا لا يبلى.
لقد سفكته فما كان ؟؟؟ قلب يتشكل آنى كان ،وكيف شاء ،يرتسم كل لحظة ويمتد عبر بحر الإحساس…

لنسفكه
فالظمأ المتواري خلف العروق
يلتذ رضابه
والإرتواء الموهوم من مياهه
وهم لم نبلغه
قلب .. يا يما لا شط له
لوث صفاء مائك بدمك
عساي أبني مرفأ أمن لي
يا بحر .. أيكفيك رفع على الهامات
أم دمك الحار يكفيك ؟؟؟
أم لحظة للإنصات ؟؟؟
للنصت إليه مرة..
لن يضير -إذن -سماعه فهو حلو الحديث، عنيف الإشارة ،ملغز الرؤية، جفل تائه لحظة واثق لحظة، حي ميت ككل الأشياء، لنسمعه كي نعرفه فما عرفنا فيه إلا صوره على المرايا وما رأينا منه إلا خطوا على العتبات ،ربما بكاؤه ضحك وضحكه أنين ،والأنين منه صمت وصمته عواء الأحلام في فيفاء رحابه، لنرحب بغرابته وصعوبة فهم تشكيلاته، فقط لنضع الآذان على جداره العظيم ونسمعه بكل إمتنان ،ندقق في مخارج الكلام ،ونلحظ حركة الشفاه ،ونتأمل في غمازات عينيه ،سنؤمن بعدها أن ليس علينا أن نسفك دمه ولا حلمه فوق الهامات ،يكفي أن نعرف كيف نحترمه كي يساعدنا على العيش به ومنه.