المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السقوط



وردة قاسمي
10/08/2009, 06:31 PM
إهداء إلى كل زيتونة شامخة و نخلة باسقة بأرضي...
قبل السقوط
"...أَذكرْ...كلُّ الذكريات تتلاحق في سيلٍ عرمرمٍ...أذكرُ كيف كانت البدايةُ. بدأْتُ حياتي معهم، كنت صبية غضةً و طرية العودِ. و كان النسيمُ يتلاعب بِشَمائِلي و أنا أتمايلُ مع حركة العربةِ العتيقةِ...ذلك الزمن الجميل. أذكر أني وُضِعْتُ و أخواتي،كنا نستنشق العطر الفواح للأرضِ النديةِ. وذاك المساء، حين انتهوا من وضعِنا في أماكِننا، جاء الأطفال ليلعبوا في ربوع الحقل..و ضحكاتهم موسيقى شجيَّة تزيد سِحرَ الأصيل سحراً.
و بدأتِ الفصول تمرُ، و بدأت و أخواتي ننمو و نكبر معها. و صار أطفال الأمس صبياناً و فتيات، و بدأ اللعب البريء يصير..لعباً حقيقياً. أذكر ..في أيامِ الخريفِ، يأتيان. هو أسمر و طويلٌ، و هي عفراءُ ذاتُ جدائلَ جميلة. لحظات هاربة بعيداً عن الأعيُنِ. و تحت ظِلِّ، يُسِرَّانِ لبعضهما بالحنين. و على بدني، خَطَّ وشماً يحمل طياتِ قصتهما في حرفين.
أذكر، لما بدأتِ الغيوم تتجمعُ، و الجو الصافي يتكدّرُ. حين بدأنا نرى النار و الدخان، و الناس تُقَتَّلُ و تُهَجَّر. حين جاء الأغراب. رأيت كيف أن الناس لم تسكت..بل تُواجِه و تُدافِع. أذكر حين كانوا يأخذوننا مخبأً، و كيف أُحْرِقَتْ نصف عائلتي أمام عيني. أذكر، أنه كما كان دوماً.. وتحت ظِلي، جاء الأسمر الطويل يحمِل "بارودته" و يترصَد. لمح الوشم القديم على بدني، تأمله برهة ثم مسح عليه...وانطلق الرصاص. حاولت أن أحميه، أن أفديه...لكنه..سقط تحت ظلي..كما كان يستلقي قبلَ سنين. و أنا مُكَلَمَةً بالجراح لا أقدر أن أبكيه. و أهل القرية، لم يبقَ منهم إلا القليل؛ و رغم هذا حاولنا أن نعود للحياة من جديد، رغم الشتاء و الظلام.
أذر، لما ذهب الغريب..وبدأ المرضُ يغزونا، يطرد من دِيارِهِ كلَّ حيٍ. حاولنا البقاء، رغم المرض و القهر، ذهب الجميع، إلا شيخٌ كبيرٌ بقي معنا...أراد الموت على أن يرانا سبايا... و خَلَتِ الديار.
... أذكر كيف كانت الحجارةُ تجابه القنابل، و أجساد الأطفالِ تبني جِدار الصمود...فقط كي نبقى. و رحنا نشقُّ غبار السنين. ثم، في يوم لا شمسَ فيه و لا مطر... و ذاك الوحش يقترب مني بِبُطْءْ، الشيخ المسكين يحاول الذَّود عني و لكن ما حيلته و قد كََلَّ ساعده. يقترب الوحش مني، و يرفع سِتْرَ الأرضِ عني. تتلاحق الذكريات أمامي و أنا الآن أهوي...أهوي...آخر ما ألمح، الشيخ يذرفُ دموع موتي...و أنا أهوي..."
في نشرة الأخبار، تظهرُ صورة آليةٍ إسرائيلية تجرف حقلَ زيتون. و يُعلن الصحفي بصوتٍ لا لون له أن قرار الجرفِ جاء بناءاً على عدم الترخيص...ثم تنقلب الصورة إلى بلد آخر، و في خبر آخر، نفسَ الآلةِ تَجْرِفُ...بستان نخيل.



تمت



زهر الليلك

أحمد العسكري
11/08/2009, 03:06 AM
و بدأ اللعب البريء يصير..لعباً حقيقياً
هذا إسمهُ أدب
وأنت أديبة
فلا تسمحي لي أن أستفزك هناك ... بعلي الوردي

مصطفى البطران
11/08/2009, 07:34 AM
أختنا
زهر الليلك
دمت أديبة تقرأين الواقع المؤلم بعين ناقدة بصيرة
وتحلقين في قلوبنا وقلوب كل الشعوب المستعمرة
للخلاص من هذا الواقع الذي يقض مضجع كل الطيبين والشرفاء في كل مكان
تقبلي مروري وشكري وتقديري 000 أخوك مصطفى البطران

وردة قاسمي
11/08/2009, 03:10 PM
و بدأ اللعب البريء يصير..لعباً حقيقياً
هذا إسمهُ أدب
وأنت أديبة
فلا تسمحي لي أن أستفزك هناك ... بعلي الوردي



سيدي العسكري

حللت أهلا ووطئت سهلا، و لو كنت ستستفزني بعلي الوردي، فمجرد مرورك بزاويتي يشرفني ويستفز قلمي للمزيد
شكرا لك و دمت قارئا لي

زهر الليلك

وردة قاسمي
11/08/2009, 03:12 PM
أختنا
زهر الليلك
دمت أديبة تقرأين الواقع المؤلم بعين ناقدة بصيرة
وتحلقين في قلوبنا وقلوب كل الشعوب المستعمرة
للخلاص من هذا الواقع الذي يقض مضجع كل الطيبين والشرفاء في كل مكان
تقبلي مروري وشكري وتقديري 000 أخوك مصطفى البطران





سيدي البطران
لك التحية العطرة و الشكر الجزيل على مرورك بركني المتواضع
تحياتي الخالصة

زهر الليلك

عماد اليونس
14/08/2009, 06:32 AM
نفسَ الآلةِ تَجْرِفُ...بستان نخيل.
نعم اصبت سيدتي هو العدو واحد
يجرف حقول الزيتون في فلسطين
ويجرف بساتين النخيل في العراق
لكنهم هيهات... لن يجرفو الجذور
لان الجذور هناك في اعماق الارض
زهرة الليلك لك مني كل الاعجاب والتقدير وانت تسطرين المعاناة الفلسطينيه كما اسطر انا العراقيه.
نسال المولى ان يفرج عنا وعنكم مانحن فيه
دمت بالق وابداع

عماد اليونس

وردة قاسمي
14/08/2009, 08:17 PM
نفسَ الآلةِ تَجْرِفُ...بستان نخيل.
نعم اصبت سيدتي هو العدو واحد
يجرف حقول الزيتون في فلسطين
ويجرف بساتين النخيل في العراق
لكنهم هيهات... لن يجرفو الجذور
لان الجذور هناك في اعماق الارض
زهرة الليلك لك مني كل الاعجاب والتقدير وانت تسطرين المعاناة الفلسطينيه كما اسطر انا العراقيه.
نسال المولى ان يفرج عنا وعنكم مانحن فيه
دمت بالق وابداع

عماد اليونس





سيدي عماد اليونس
نزلت أهلا و حللت سهلا في ركني القصصي المتواضع، و لكن..
هل ينبغي أن أكون فلسطينية حتى أنقل معاناة الزيتون، أم أن تكون عراقيا لتنقل أنين النخلات الباسقات...مجرد كوننا عربا يجعلنا نحمل الهم و نعيش به، و أضعف الإيمان أن نكتب عنه...أشكر لك مشاعرك الصادقة، و لكني أنوه سيدي أني مسلمة عربية..جزائرية، فلسطين و العراق جزء من كياني

تحية خالصة