احمد قراجة
10/08/2009, 04:02 PM
سارة...ترانيم حنين
الظلال تنسل من خلف أشعة الظهيرة لتملأ المكان ..ونسيم الغروب يسوق النشوة التي راحت تداعب أوراق التوت والجوز بلطف وحنان .
الجبل يتنهد بحرقة تحت أثقال تموز ...وثغاء النعاج يسمع من بعيد فيبعث في نفوس أهل القرية بأن كل شيء على ما يرام .
الأولاد يلعبون في الفسحة وبين الأشجار وبالكاد يصل صوتهم إليها..دنت من المصطبة التي تضطجع تحت شجرة الجوز الأم ...راحت تدير الطرف في المكان بصمت .....ولم تدر ِلم استراح وجه أمها في عينيها بعد أن واراها الثرى ...وبعد أن أصبحت صبية الأمس أماً.
لازالت تذكر جيداً يومها ذاك ...حين عادت والفرحة تؤرجحها بين يومها الذي يشارف على الرحيل وغدٍ يحمل لها أسارير العيد..... ..لا بل أجمل ألف ألف مرة من كل عيد .... وما تزال كلمات والديها ترن كل الأجراس في أذنيها :لا مدرسة بعد اليوم .. البنات بعمرك تركن المدرسة وجلسن في البيوت .
صحيح أننا من كبد الريف ولدنا ..وعلى ظهره رتعنا ولعبنا ..والريف جدنا الكبير الذي ما يزال سعاله يملأ مسامعنا ...ولكن أيجيز لنا كل ذلك بأن نظل خارج المدارس ؟.
مدت يدها إلى كوب الشاي وواصلته برشفة ٍ....نهضت ودنت من الأولاد الذين كانوا بعيدين عنا كل البعد وكأنهم في عالم ٍآخر مختلف جداً...راحت تلاحق وحيدتها ..كانت الصغيرة تمرح وتلعب ...فابتسمت.
وراحت تتساءل : ألهذا الحد لعب الأولاد ممتع ؟ أم أني ما زلت أتوق للعب وصوت أمي في كل مرة يعلو ليثنيني عن اللهو مع بنــــــــات الجيران ؟.
شعرت بأنها تُعتصر قهراً ووجه أمها يؤنبها لأنها تمادت في استرجاع الذكرى والذكريات ..وأدركت أنها وككل بنات قريتها قد شنق حلمهن في الدراسة في الثانية عشرة .....لكن كل البنات كن يلعبن ويمرحن بين الحقول وعلى ضفة النهر فلماذا كنت ممنوعة من بينهن جميعاً ؟ ..لأن أمي تريد ذلك ! فكل البنات لهن أمهات ..مظلومة أنا ...من نفسي ....من أمي وأبي ...ومن جدي ...ومن الجميع ..
كوب الشاي نسيته وبكل هدوء برد ....وعلى ما يبدو أنه بدأ يتناساها مهزومة أنا منذ زمن بعيد فلقد رميت أشلاء أفكاري في مقبرة القرية...أنا لم أخلق بلا أمان ٍ ولا أحلام ...لكنهم ذبحوا أحلامي على حدود أنوثة يائسة معذبة .....
في كل زيارة للمدينة كانت تتصور نفسها طبيبة ...مهندسة ...معلمة لكن ما تلبث تصوراتها أن تقطّع تحت مقصلة الواقع المرير ....علا صراخ الأولاد ..فأعادوها إليهم ....كانوا يتراكضون ويلعبون وأحست بأنها طفلة صغيرة جداً ...لملمت كل الجراح وانسحبت من بينهم ...فلقد فات الأوان....بعد أن شرب اليأس عليها كؤوس عمر ٍمضى بها بلا لعب ولا لهو .
جميلة تلك الليالي التي أمضتها الأسرة والقمر يعانق القرية سحراً وضياءً ...ووالدها يمازح هذا ويضاحك تلك ...وأمها صامتة لا ضحك ولا ابتسام ....
مغلوبة أنت يا سارة ...بعد ثلاثين مضت ومازلت تتوقين لارتداء السترة ..وحمل الدفاتر ...واللهو مع قريناتك .. ثلاثين مضت ومازلت بشوق لأن تغادري البيت كغيرك من بنات الثامنة للعب بالدمى والجري حول بيوت القرية ...وألا يتبعك صوت أمك ليعيدك للاعتناء بأخيك الصغير ..أو للسير بالأغنام إلى المرعى القريب ...
الكُرة التي قذفها أحدهم كادت ترتطم برأسها ..لكنها ابتعد قليلاً ...وعندما اقترب الصغير لأخذ الكرة ابتسمت
له ...فانفرجت أسارير وجهه بعد أن خطف الخوف لونه .
الظلام بعد أن دفع الجميع أمامه ..كانت سارة تجلس ووحيدتها....راحت تمسح شعرها ...وسافرت بعيدا ًفي عيني الصغيرة....لتعود طفلة تلعب بالدمى حيناً ...وآخر تجري مع الفتيات بين الحقول..في ساحة المدرسة...... وحول أشجار الجوز والتوت بعيداً عن صوت أمها ...
الظلال تنسل من خلف أشعة الظهيرة لتملأ المكان ..ونسيم الغروب يسوق النشوة التي راحت تداعب أوراق التوت والجوز بلطف وحنان .
الجبل يتنهد بحرقة تحت أثقال تموز ...وثغاء النعاج يسمع من بعيد فيبعث في نفوس أهل القرية بأن كل شيء على ما يرام .
الأولاد يلعبون في الفسحة وبين الأشجار وبالكاد يصل صوتهم إليها..دنت من المصطبة التي تضطجع تحت شجرة الجوز الأم ...راحت تدير الطرف في المكان بصمت .....ولم تدر ِلم استراح وجه أمها في عينيها بعد أن واراها الثرى ...وبعد أن أصبحت صبية الأمس أماً.
لازالت تذكر جيداً يومها ذاك ...حين عادت والفرحة تؤرجحها بين يومها الذي يشارف على الرحيل وغدٍ يحمل لها أسارير العيد..... ..لا بل أجمل ألف ألف مرة من كل عيد .... وما تزال كلمات والديها ترن كل الأجراس في أذنيها :لا مدرسة بعد اليوم .. البنات بعمرك تركن المدرسة وجلسن في البيوت .
صحيح أننا من كبد الريف ولدنا ..وعلى ظهره رتعنا ولعبنا ..والريف جدنا الكبير الذي ما يزال سعاله يملأ مسامعنا ...ولكن أيجيز لنا كل ذلك بأن نظل خارج المدارس ؟.
مدت يدها إلى كوب الشاي وواصلته برشفة ٍ....نهضت ودنت من الأولاد الذين كانوا بعيدين عنا كل البعد وكأنهم في عالم ٍآخر مختلف جداً...راحت تلاحق وحيدتها ..كانت الصغيرة تمرح وتلعب ...فابتسمت.
وراحت تتساءل : ألهذا الحد لعب الأولاد ممتع ؟ أم أني ما زلت أتوق للعب وصوت أمي في كل مرة يعلو ليثنيني عن اللهو مع بنــــــــات الجيران ؟.
شعرت بأنها تُعتصر قهراً ووجه أمها يؤنبها لأنها تمادت في استرجاع الذكرى والذكريات ..وأدركت أنها وككل بنات قريتها قد شنق حلمهن في الدراسة في الثانية عشرة .....لكن كل البنات كن يلعبن ويمرحن بين الحقول وعلى ضفة النهر فلماذا كنت ممنوعة من بينهن جميعاً ؟ ..لأن أمي تريد ذلك ! فكل البنات لهن أمهات ..مظلومة أنا ...من نفسي ....من أمي وأبي ...ومن جدي ...ومن الجميع ..
كوب الشاي نسيته وبكل هدوء برد ....وعلى ما يبدو أنه بدأ يتناساها مهزومة أنا منذ زمن بعيد فلقد رميت أشلاء أفكاري في مقبرة القرية...أنا لم أخلق بلا أمان ٍ ولا أحلام ...لكنهم ذبحوا أحلامي على حدود أنوثة يائسة معذبة .....
في كل زيارة للمدينة كانت تتصور نفسها طبيبة ...مهندسة ...معلمة لكن ما تلبث تصوراتها أن تقطّع تحت مقصلة الواقع المرير ....علا صراخ الأولاد ..فأعادوها إليهم ....كانوا يتراكضون ويلعبون وأحست بأنها طفلة صغيرة جداً ...لملمت كل الجراح وانسحبت من بينهم ...فلقد فات الأوان....بعد أن شرب اليأس عليها كؤوس عمر ٍمضى بها بلا لعب ولا لهو .
جميلة تلك الليالي التي أمضتها الأسرة والقمر يعانق القرية سحراً وضياءً ...ووالدها يمازح هذا ويضاحك تلك ...وأمها صامتة لا ضحك ولا ابتسام ....
مغلوبة أنت يا سارة ...بعد ثلاثين مضت ومازلت تتوقين لارتداء السترة ..وحمل الدفاتر ...واللهو مع قريناتك .. ثلاثين مضت ومازلت بشوق لأن تغادري البيت كغيرك من بنات الثامنة للعب بالدمى والجري حول بيوت القرية ...وألا يتبعك صوت أمك ليعيدك للاعتناء بأخيك الصغير ..أو للسير بالأغنام إلى المرعى القريب ...
الكُرة التي قذفها أحدهم كادت ترتطم برأسها ..لكنها ابتعد قليلاً ...وعندما اقترب الصغير لأخذ الكرة ابتسمت
له ...فانفرجت أسارير وجهه بعد أن خطف الخوف لونه .
الظلام بعد أن دفع الجميع أمامه ..كانت سارة تجلس ووحيدتها....راحت تمسح شعرها ...وسافرت بعيدا ًفي عيني الصغيرة....لتعود طفلة تلعب بالدمى حيناً ...وآخر تجري مع الفتيات بين الحقول..في ساحة المدرسة...... وحول أشجار الجوز والتوت بعيداً عن صوت أمها ...