المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انغلاق لوجيا !



محمد سرحان
09/08/2009, 09:56 PM
انغلاق لوجيا


بقلم : محمد سرحان


هـــو : إنّ استقامة خلقي مسألة باتت محسومة في حديث الصالونات ، إني لأربأ بنفسي أن أطأ ثرى المجاملات والنفاق الممجوج ، وتلك العشرين عاما التي قضيتها في وظيفتي تبرهن قطعا على نظافة يدي ، ولو كنت ُ من شيعة النفاق لألفيتني الآن اتصدر الصف الأول من اجتماع الهيئة الإدارية للشركة ، ولكن قناعتي بمركزي الذي شيدته كرئيس لفرع الحسابات أفضل مئة مرة من أن أتمسح بعتبة المدير أشحذ منصبا.
وانطلاقا من هذا المبدا - الذي لا نقاش فيه - عليك ِ أن تخرسي لسان التذمر الذي بدأ يَصُمُّ آذاننا .


هـي: ولكــن َّ الأمر لا يحتاج إلى كل هذا الحديث ، لقد قلت ُ لكْ أن من واجبك -كصهر لعائلتي- أن تولم لشقيقي غسان العائد من السفر ؟
لقد قال لك ذات مرة " إن دخوله لبيتك سيكون بصفة صهر وخال لأولادك لا بصفة رسمية كمدير انت مرؤوس له "


هـو: إن تقديرك للأمــر يا عزيزتي يعوزه بعد النظر . إذا ما تركنا البروتوكولات الاجتماعية الكاذبة وراءنا ، فهل لك ِ أن تأتي بفائدة واحدة تتحصل من وراء هذه الوليمة ؟
هـــل يحتاج أخوك لوليمة من لدني ؟
وماذا سأترك لقطيع المنافقين في شركتنا ؟
هل تريدين أن يصموني بالمنافق ، الذي يستجدي عطف صهره ، طمعا بترقية .
أرجو أن تزيلي لهذا التصور أي رسم من مخيلنك ، ولتدركي أني لا أتسامح مع فكرة أن أكون وصوليا .


هي : ربـــاه !
أي شقاء قولٍ تحتضنه أذناي منك يا رجل ، إنه من النبل أن تمحض التقدير لصهرك .


هو: هه !
لم تبرح تفلسف الواجبات زوجتي ... وتضفي عليها طابع الحميمية ...


( كان الامتعاض يغسل قسمات زوجته ، وبدا أن عيناها كانتا تعكسان احساسا بالاشمئزاز ، إنها ما برحت طيلت تلك السنين العشرين تعتصم حياله بالصبر صوناً لديمومة الأسرة )


هي : أحيطك علما أن أجندتنا يوم الجمعة القادم تتصدرها عيادة صديقتي... سهام ... زوجة راضي بيك مسؤول التموين .. الذي كان يجاورنا في العمارة ... إنها قد خرجت للتو من المستشفى بعد أن استأصلت الزائدة الدودية .


هو:كفي عن هذا الكلام العقيم ، وإنه ليؤسفني أن تنظري لمبدئي نظرة يلفها الاستهزاء ، والأدهى أنك ِ تتبنين دائما وجهات نظر مغايرة لمصلحتي .


إن جريمة الذهاب لمنزل راضي بك لا تقل في بشاعتها عن زيارة صهري .
أتنتظرين ان يقولوا فتحي عبدالدايم يستخدم زوجته جسرا يصل به إلى عطوفة راضي بك ... ذلك الرجل الأخرق المتعجرف .


إن الذهاب لهذا المخلوق هو كأس المنية بالنسبة لي الذي يجب تأخيره قدر المستطاع .


هي : ولكن ما علاقة زوجته بهذا الأمر ... ثم ما علاقتي أنا بموضوع عملك ... هل تريد ان تضرب سدا خرسانيا بيني وبين تقديم الواجب ؟


هو : أعلم يا عزيزتي أنك ِ عاطفية جدا ، أجل أعلم ، عاطفية ٌ لدرجة أنك ِ بنبل عواطفك وبراءتك ِ المعهودة لا تلقين بالا لموضوع خطير ... نعم ... إن تحركات أسرتي غير المدروسة تقذفنا إلى دائرة الشبهة .


لا تتوقعي أن اتخذ موقفا معيبا ، وأنقاد الى الوصولية المقيتة ، تحت قناع من اللطافة وكذبة كبيرة يسمونها تأدية الواجب .


( يدخل الابن وقد الفت أذناه سيمفونية الجدل بين والديه )


- أريد 3 جنيهات


لم تقطع نبرات الصبي هدير صوت أبيه الذي قطع وقتا كبيرا في دحض آراء زوجته


- ولكن موعد حفلة عيد ميلاد مؤنس قد دنت ... وعلي أن اشتري هدية في ظرف ساعة .


كانت كلمة " مؤنس " أشبه بتيار هوائي حرك بوصلة وعيه تجاه ما قاله الصبي


هو: مؤنس ؟


هل قصدت مؤنس ابن السيد عاكف رئيس لجنة العقارات في مجلس المحافظة ؟


ما أشقاني بفلذة كبدي !


وكيف سأرد عن نفسي نبال الألسنة الجوفاء ... تلك التي ستتهمني أني اتخذ ابني مطية ً للوصول الى السيد عاكف طمعا بتوقيع تافه لتشييد منشاة أو لرخصة سوبر ماركت .. هراء !!


( خرج الابن وامه ) وكانت الغرفة بركاناً تسيل منها حِمَمُ صراخه :


ربي ماذا افعل ماذا سيقول الناس عني ؟
إنهم .....


لا !


لست أنا مَنْ .... !