المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سطوةالقارئ الجديدعلى المبدع/طامي السميري



د.ألق الماضي
01/08/2009, 09:53 PM
في الماضي القريب كانت هناك مسافة بين القارئ والمبدع، تلك المسافة خلقت في ذهنية القارئ صورة مبجلة للمبدع، كان صوت القارئ لا يصل إلى المبدع. فوسائل الاتصال المحدودة لا تخلق للطرفين أرضية مشتركة للتواصل. لذا كان الصدى غائبا. وكان القارئ لا يعبر عن رأيه فيما قرأ سوى للأصدقاء أو عبر تواصل شخصي مع المبدع ، وهذا يحدث في حالات محدودة. ونادراً ما يتجه القارئ إلى الصفحات الثقافية ليكتب ويعبر. كانت هناك مهابة من القارئ أن يدون رأيه في الأعمال الإبداعية. أو كان هناك تكاسل في هذا الأمر وربما أيضا أن مشرفي الصفحات الثقافية كانوا يلعبون دور حارس البوابة فلا ينشر سوى ما يتفق مع قناعاتهم. لذا ظل صوت القارئ محجوبا وغائباً.

لكن مع ظهور الانترنت. استطاع القارئ أن يخلق له مساحة تعبر عنه، فكانت المنتديات في فضاء الانترنت وأصبحت هناك منتديات ثقافية متخصصة تعنى بالشأن الإبداعي. هذه المنتديات خلقت فضاءات إبداعية للقارئ. فأصبح يكتب وينتقد الروايات والروائيين، القصائد والشعراء، يستعرض ذائقته بتقديم عناوين لما قرأ. وفي ذات اللحظة أصبح هو يعيد إنتاج ما قرأ ويكتب إبداعه الشخصي. هذه الحالة المزدوجة التي يعيشها القارئ الجديد بين اكتشافه لذاته المبدعة وبين دوره كقارئ. خلق حالة مرتبكة في علاقته مع المبدع. فهو لم يعد يلعب دور المتلقي بل أصبح يلعب دور المنافس والشريك وأحيانا المتجاوز للمبدع المحلي.

المسافة التي تضاءلت بين القارئ والمبدع خلقت سلطة للقارئ. فالرواية المحظوظة هي التي يتم الترويج لها عبر المنتديات. والرواية التي لها نصيب من الحظ هي الرواية التي يتم الاختلاف عليها في تلك المنتديات وكلما زاد الجدل والنقاش زادت مبيعات الرواية المختلف عليها. فأصبح المبدع يتابع ردود الأفعال المكتوبة والتي تحتاج قراءة خاصة. لأنها ردود فعل تتراكم بمعطيات الحالة التي يعيشها القارئ. ومهما كانت تلك الآراء مضللة لكنها مؤثرة. والخطورة في الأمر أن البعض من الروائيين أصبح يكتب روايته وهو يريد أن يرضي ذائقة القارئ الجديد. لكنه يتناسى أن هذه الذائقة متغيرة وليست ثابتة. وما كان جذّابا ورائجا كموضوعات روائية لم يعد الآن كذلك.

والقارئ الجديد قد ينقطع عما ينتج إبداعيا خارج المنتديات. فيكتفي بما يكتب داخل المنتدى وبذلك يكون سقف قراءته لا يتجاوز تلك المنطقة. كذلك القارئ الجديد غير حريص على حضور الأمسيات وليس له علاقة بالمؤسسة الثقافية. هو يكتفي بملعبه الالكتروني الذي يمنحه حرية الكتابة والتجريب ونقد الأعمال الإبداعية.

والقارئ الجديد قد يصبح ذا ذائقة مستلبة. فهو يقرأ بحسب تأثير قراء آخرين وقد يتبنى مواقف من رواية ما أو من روائي ما بحسب ما يشاع عن تلك الرواية. فذائقته تتخلق بمؤثرات من يتجاور معهم في تلك المنتديات. فأصبحت هناك سلطة من القارئ على القارئ. وبقدر ما أصبح الحصول على الكتاب أمرا اقرب للسهولة. بقدر ما أصبح هناك شتات في خيارات القراءة. لذا كان على المبدع أن ينسجم مع الحالة الراهنة للقارئ الجديد. أن يتفهم أن القارئ لم يعد يلعب دور الصامت ولا المؤمن بكل ما يكتب. بل أصبح القارئ يجادله ويناقشه ويلعب دورا سلطويا. ولم تعد مقولة انسي الحاج مقبولة الآن عندما قال (ما إن نربح قارئا حتى يتحول إلى كاتب، يتحول إلى منافس)


المصدر (http://www.alriyadh.com/2009/08/01/article449011.html)