المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من لا يعرف شيئا فليكتب .....!



حسن الأفندي
24/07/2009, 07:15 AM
من لا يعرف شيئا فليكتب

http://hassanibrahimhassanelaffandi.maktoobblog.com (http://hassanibrahimhassanelaffandi.maktoobblog.com/)



بداية أستميح الأخ الدكتور / محمد غباش فى استعارة لا سرقة هذا العنوان , فهو لكتاب لـه , وأقرر هنا أن عنوان الكتاب قد أصابنى بشيء من الفزع , إذ أن معنى العنوان واضح وربما أكون ممن لا يعرفون شيئا ويكتبون رغم ذلك وهم لا يعرفون أنهم لا يعرفون شيئا ! فالصحف والجرائد والمجلات المكتوبة والإلكترونية تعج بالكثيرين من أمثال هؤلاء الذين يزكمون أنوفنا ويفرضون علينا فرضا , طوعا أو كرها , نقرأ لهم رغم أنف آبائنا وأجدادنا وأبنائنا وأحفادنا ومن سبقنا ومن سيلينا من الأمم والأجيال ! ومن يدرى فلعلى أحد هؤلاء ولكنى لا أدرى , عموما أنا أكتب إشباعا لرغبة ذاتية وقتما تلح علي ولست متفرغا للكتابة , فلقمة العيش أولى بالعمل والوقت والمجاهدة , ولا أفرض نفسى على الآخرين ولا أحجر رأيا ولا أدعو الناس لقراءة ما أكتب , فهم أحرار فيما يقرأون وما لا يقرأون . ومما يطمئننى أننى أتلقى بعض الإشادة أحيانا من هذا أو ذلك ممن لهم وزن وقيمة علمية وأدبية تكون حافزا للمزيد من الكتابة ولا أريد أن أذكر بأننا معشر الشعراء أطفال كبار .
وكنت أظن أن ما نكتبه جميعا لا أثر لـه ولا تأثير , فليكتب من يكتب وليعزف من يعزف , ولكنى ومن باب المصادفة أو القدر المعلوم , كنت أعبث فى الإنترنت بما يسمى قوقل GOOOOGLE وكتبت فى نوع من النرجسية الحميدة أو البغيضة لا أدرى ( حسن إبراهيم حسن الأفندى) , فوجدت صفحات ممتلئة تحمل كافة المفردات التى جرى عليها البحث مفرّدة أو مجمعة أو خلق منها قوقل ما يسمى فى علم الرياضيات بالتوافيق والتباديل ,COMBINATION & PERMIUTATION ولست أدرى أكتبتها بالإنجليزية بتهجئة صحيحة أم خاطئة , فقد بعدت بينى وبين الرياضيات الشقة وانخرطت فى السلك الإدارى منذ أواسط السبعينيات , وأخذت كلما تصفحت صفحة زاد عدد الصفحات أخرى حتى مللت وأنا ممن يملون بسرعة وليس لى صبر على مثل هذه الأمور , ولكن المهم وعلى الصفحة الأولى من قوقل أننى وجدت اسمى كاملا على موقع لم أسمع به من قبل ولفضولى وربما خوفى من أن يكون أحدهم قد كال عنى شتما وذما أو افترى علي بشيء لا أعلم , جريت وراءه أستقصى حقيقته , فوجدت أحد الأخوة الأفاضل من الكويت الشقيقة ينقل أبياتا من الشعر يعتبرها أجمل ما قرأ فى التوحيد , وقال إن الأبيات لشاعر سودانى فتارة نسبت للشاعر الكبير المرحوم محمد سعيد العباسى , وهو من القامات الفارعة فى الشعر العربي , وتارة نسبت للشاعر حسن إبراهيم الأفندى , وذكر الأخ أبقاه الله اسما ثالثا لم أسمع به بين شعراء السودان الأحياء والأموات , ولكنى جزعت عندما قرأت اسمى مع الآخريْن وقرأت يرحمهم الله إن كانوا أمواتا أو أحياء , وتمنيت أن لو كانت الأبيات لى فعلا , فهي توحيد يكتب لصاحبه , وأؤكد أن الأبيات ليست لشاعرنا الكبير محمد سعيد العباسى يرحمه الله , فأنا أعرف لونية شعره وأحفظ لـه شيئا من أشعاره . وعلى الصفحة التالية من قوووووووقل وجدت اسمى بتمامه وكماله أيضا على موقع لم أحظ بالكتابة إليه أو المشاركة فيه , وفتحت الموضوع الذى ورد فيه اسمى فوجدت أحد القراء يقتبس فقرة كاملة من موضوعى المنشور على صفحات مجلة إلكترونية تحت عنوان (كراهيتى للمتنبى) ويعرضه على القراء لما فيه من شرح وتوضيح من جانبى لبيت أو بيتين غريبين لـه , وللعلم فإن الاقتباس نسبه الرجل لي فى أمانة وصدق وتجرّد وذلك أمر محمود , ووجدت أن الأخوة المصريين أضافوا اسمى إلى معجم الشعراء الكبار بمنتدى شؤون مصرية وأوردوا عددا من قصائدى .
قلت فى نفسى , إذا كان الأمر كذلك والناس تستفيد وتقرأ على هذا النحو , فلماذا لا أكتب طالما توافرت عناصر الكتابة والرغبة فى أن أكتب مع الزمن الذى يمكننى من الجلوس إلى جهاز الكمبيوتر لأكتب وإن كان حتى ساعة متأخرة من الليل ؟ قال جهاز كمبيوتر قال , سبحان الله , قروي مثلى جاء من قرية فى شمال السودان وسرد سيرته الأولى بما فيها من حرمان وفقر وحاجة , يأتى اليوم الذى يتمكن فيه من الجلوس إلى جهاز كمبيوتر ويتصفح الإنترنت , يغيّر ولا يتغيّر , فما دام فقر إلى الأبد ولا ظل الغني غنيا طوال حياته , وصدق شيخ المعرة إذ يقول :
تجاوز بالظنون وما حدسنه ولا تخش الظباء متى عكسنه
وجرْم فى الحقيقة مثل جمر ولكـن الحـروف بـه عكـسـنه
غنى زيد يكون لفقــر عمرٍ وأحـوال الخلائـق لا يقـسـنه
فمن يدرى من يدرى , لعلى أن أكون ثريا يوما ما ‍‍‍‍! وإن كانت تلك ثامن المستحيلات
فلم يبق من العمر شيء يذكر وإذا صحت التكهنات فإن موعدى بالموت قريب جدا وليت ذلك الموعد لا يجيء ولا يطل علي ضيفا ثقيلا مرعبا ومخيفا :
وطول مسيرة من غـــير غـاي مطمــح خجل
على أنى بأن يطوى غد طول السرى وجل
كما يقول الجواهرى عليه رحمة الله , ورغم ذلك فما شفع لـه خوفه من الموت ولا كبر سنه من أن يلقى الموت مكرها .
أخرج بك قليلا عن الموت وآلامه , وإن كنت أعتقد أن الموت يسرى فى الجسد مثل النوم تماما , لا ألم فيه ولا معاناة بمجرد أن يدخل المرء المتوفى أو المحتضر فى غيبوبة , ولكن المشكلة تكمن فيما يسبق هذه المرحلة من مرض ومعاناة ـ أجار الله الجميع ـ ولعلى قرأت أن العقاد يرحمه الله قال : إن فى المرض ذلا وهو ما يخشاه . وحقيقة فالمرء بالمرض يخرج عن وقاره وهيبته وربما احتاج لمن يقوم بمساعدته حتى لقضاء حاجته أو ربما قضاها مضطرا على سريره وربما فى ملابسه . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أردت الخروج بك قليلا ولكنى عدت للأمر الذى كنت سأخرج منه , فقد أضحكنى كثيرا كثيرا المتهم الرئيس فى إحدى القضايا أمام محكمة ورد بكتاب الأخ الدكتور محمد غباش , فقد كان تيسا نطح بقرنيه عنزة فماتت فأبى صاحبها إلا شكواه مطالبا طبعا بالتعويض ولم يمثل المتهم أمام المحكمة التى برأته , ورأيى إن كان لى رأي فى مثل هذه الأمور القانونية وكنت فى يوم ما من هواة القوانين وموادها وقراءة صفحات الجرائم والقضايا التى تنقل من المحاكم والحيثيات وكان من المفترض أن أكون قانونيا لولا عدم موافقة الوالدة رحمها الله لأسباب تراها أوضحتها فى موضوع سابق من ذكرياتى , فما زلت أحفظ المادة 251 القتل العمد والمادة 253 القتل الجنائى والمادة 105 وغيرها الكثير وبكل تفصيلاتها . أقول رأيى أن التيس كان معجبا مغرما بتلك المعزة وفاضت مشاعره وأحاسيسه تجاهها وأحب أن يعبر عن مشاعره فنطحها مداعبة ولكن قرنه اللعين بقر أو بعج بطنها فماتت دون قصد منه , وكان على الجميع أن يقدروا هوى وغرام الرجل ـ آسف التيس فهو رجل المعزة ـ لا أن يحاكموه , وللعلم فقد سمعت وعلى ما أعتقد بإحدى الفضائيات ولا أدرى طـبعا مدى صحة تلك المعلومة , بأن الرجال فى إحدى الدول العربية النائية يظهرون حبهم للمرأة بالضرب وكلما كان الحب كبيرا مشـتعلا , كلما كان الضرب كـثيرا , والمرأة عندهـم يعجبها ذلك , ولله فى خلقه أمور !
من لا يعرف شيئا فليكتب !
نعم , فالصفحات الثقافية والملفات الثقافية قلما تجد المشرفين عليها من ذوى المعرفة والخبرة والمعلومة ومن المفترض فيهم أن يكونوا على علم ودراية بالكثير , فهم يقع عليهم عبء تقييم الموضوعات الثقافية والأدبية والقصائد الشعرية وتقرير صلاحيتها للنشر من عدمها , فكيف يعطى ذلك الحق لمن لا يملكه ؟ وقديما قالوا فاقد الشيء لا يعطيه , فكم من قصيدة قرأتها عند شاعرها أو سمعتها منه وصلت لتلك الملفات ونشرت تحمل نفس الاختلال فى الميزان الشعرى , لا تعترض عليها الصحيفة بل وربما لا يعلم المشرف أو المحررون علم العروض ولا يعرفون أن هناك اختلالا فى الميزان الشعري , وربما ظنوا فى بعض القصائد اختلالا وهم لا يعرفون فى البحور خبنا ولا عللا تجوز عروضيا ولا زحافا , كان يزكم أنوفنا أحدهم بذكرياته متجولا فى الدول الأوربية بقطاراتها السريعة وكيف أنه وجد من يقرأ كتاب تى .إس .إليوت فطرب وفرح وانتابته مشاعر الغبطة والسرور , وكأن ذلك الرجل لم يقرأ لابن رشد ولا زهير ابن أبى سلمى ولا المقنع الكندى ولا الأخطل الصغير ولا البحتري ولا العقاد , ويعتبر أن مجرد أنه كان بأوروبا مكسبا ضخما لابد من التفاخر والتباهى به , تبعية أدبية ونفسية غريبة لمفكرينا وكتابنا العرب , لا يؤمنون بالذات ولا يعرفون من نحن ومن كنا , فلماذا لا نضمحل ولا نصغر ولا تكون لنا قيمة ؟ لابد من عودة إلى الأصول والتراث الزاخر القيم العظيم الذى ننتقل عبره إلى غد مشرق وضاء , لأنه يغرس فينا الثقة بالنفس والإيمان بالذات .
ويجيء آخر فلا يهش ولا ينش , وتجد ثالثا مشرفا على الملف الثقافى وكل مقدرته و مؤهلاته أنه قاص من الدرجة المائة وأربعة وأربعين ! فكيف يتسنى لـه أن يقيم شعر قامات كبيرة يلمون بفنون وضروب الشعر والأدب ولهم أفكارهم ومدارسهم وتجديداتهم ؟ لا نريد أن نقطع رزق أحد ولكن الحقيقة لابد أن تقال مهما كانت النتيجة . شعراء ينتشرون بلا شعر , لهم نشاطهم ولهم حركتهم ولهم أسماؤهم ولا يؤثر عن أحد منهم بيت واحد مما يزعمون أنه شعر , هم أنفسهم لا يستطيعون حفظ ما يكتبون , فليس هناك ترابط بين الكلمات ولا المعانى ولا يوجد فى الأصل معنى على الإطلاق , بالإضافة إلى انعدام الوزن والجرس الموسيقى والقافية وكل تلك أمور تساعد على حفظ الشعر , سمعت فائية حبيبنا الصديق الشيخ الكبيسى لأول منه مباشرة وهو يلقيها فى حفل نهاية فعاليات مسابقة القرآن الكريم بدبي فحفظت على التو ولأول مرة أسمعها الكثير , لأن الرجل قال شعرا بكل ما تحمل الكلمة من معنى وتضمنت قصيدته كافة أغراض الشعر من ذاتى ووصفى رسم فيه بالحروف حقيقة الصور الناطقة , ومدح ورثى وهجا الراسفين بقيد الوهم ودافع عن الإسلام ودعا بالقول الجميل الصالح بالتقدم والرفعة للإمارات .... كل ما قال كان جميلا , فلماذا أحفظها أو أحفظ منها شيئا لأول مرة أسمعها ولم أكن من قبل سمعت بالرجل ولا أعرفه وقتها , بينما أقرأ من الكثيرين الآخرين ما تعج به الصحف فلا يترك أثرا فى النفس ولا تأثيرا ولا تقبض منه حتى حفنة ريح ؟ وذكرى لشعر الشيخ الكبيسي مثالا لا حصرا , فكم يأسرنى الجواهرى وكم كرهت من أخى الأستاذ الشاعر الكبير السودانى مصطفى سند ما كنت أقرأه مما يسمى بالشعر الحديث الضارب فى الغموض ولكنى طربت لـه وهو يمدح المصطفى (ص) على شاشة إحدى الفضائيات السودانية ـ لا أذكرها ـ واستمعت لـه فى قناديل الشعراء فصفقت له وهو ينشدنا من شعر عربي أصيل ببحر وقافية ومعنى وجرس شعري يأسر الأذن .
المهم أن تكون حاد الطبع دعيا , وأن تكون نشيطا مغرورا , أما إنتاجك فلا يهم , أكتب ما شئت وستجد من الجهلة من يخافونك ويطبلون لك ويزمرون , وتستقبلك الناس رغم أنوفهم على شاشات التلفزة وعلى صفحات الجرائد .
وأرجو ألا يفهم من قولى هذا الهجوم على كل ما هو جديد , لا , فلصلاح أحمد إبراهيم بعض القصائد أطرب لها حتى الثمالة وهي من شعر التفعيلة وكــذلك الحال لنزار قبانى . وكم أخذت على بعض من يلتزمون البحور وعلم العروض أنهم لا يأتون بالجديد فى المعنى ويأخذون معانيهم ممن سبقهم وهم يعتقدون أنهم يكتبون شعرا وأنهم من الفحول وأنهم أحسنوا توظيف ما أخذوه من معانى الآخرين ! إذن أين هي بصمات الشاعر الكبير الجديد وأين ذاتيته ؟ لا بأس أن نأخذ من القديم معنى واحدا أو اثنين على ألا يمحو ذلك ذاتيتنا وألا يجعلنا القديم حبيسي سجنه , وإلا كانت تلك سرقات لا قيمة لها إذا لم ترتبط بالفكر الجديد والزمن المعاصر .
أختم القول ببيت لأستاذى الشاعر المرحوم أبو القاسم عثمان , وقد جاريت القصيدة التى تضمنت هذا البيت وأنا طالب بالمرحلة الثانوية ونشرت مجاراتى :
فمـا نال المكاسب عبقري وقد صال الدعي بها وصالا
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ... فلابد من يوم يأتى ونحن فى عالم قريب بعيد!