المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة نقدية في النقد



علي الصيرفي
21/07/2009, 04:55 PM
" اهتمام النقد بالتحليل الفكري"

إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية56./,7




الدكتور :دريد يحيى الخواجة


بقلم الناقد: علي الصيرفي:p


يمكننا القول أن النقد يهتم بالتحليل الفكري النابع من بؤرة معرفية تتميز بالتقويم والمعايير العقلية ،أكثر من اهتمامه بتحليل اللغة تحليلاً فقهياً ،فمهمة النقد سبر أغوار العلاقات الفكرية الاجتماعية والإنسانية والتماس معها بشكل يجعل اللغة المستعملة لغة معرفية تكون قادرة على تمكين المتلقي من فهم القراءات النقدية ، وهذا يعني أن الكتابات والنصوص بمفاهيمها الأدبية تتم أساساً في السياق اللغوي مع الآخرين .

اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد

أما بالنسبة للنقد، فهو يرى أن البعد الشخصي للغة، يؤكد وسيلة الاتصال مع الغير، فالمفاهيم اللغوية تدل على أشياء توعز وتوحي بالعلاقات وهي لا تصف أشياء مستقلة ، بل إنها تجلب الموضوعات وتدل عليها ،وهذا يوضح الاهتمام النقدي بما يقال أن الوظيفة الأساسية للغة المعرفية بوصفها تربط المتلقي بالكاتب لذا يمكننا أن نرى النصوص المكتوبة أو على الأقل جزءاً منها ، وهي ليست مجرد شيء في العالم أو أنها بعيدة عنه ألا وهي تقوم على التقابل بين الظاهرة وشيء في الكتابة ومع ذلك ليست الظاهرة هي لحظة محددة وإنما هي سلسلة متناسقة من المظاهر ،ولعل الرواية العربية كانت إحدى الظواهر الحقيقية التي تبين أن العلاقات البنائية المتداخلة في النصوص هي الإمكانية القادرة على خلق بؤر نقدية جادة تعمل من خلال تجارب تكون في حالة من التوازن الذي يؤكد الإمكان والمستقبل ويظهر عمل الإرادة الفكرية ، ونرى ذلك في صلب اهتمامات الدكتور الناقد دريد الخواجة في كتابه إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية ، فهو يضعنا أمام جدلية جادة تعتمد الفكر والقوة المعرفية مبتعداً عن صف المفردات ومناقشة المضامين .
- الانشغال بالنصوص الرائدة

لقد تغلب الناقد إلى حد ما من خلال تاريخه النقدي على أغلب العقبات التي وقفت في تعقبه للنصوص بل استطاع النجاح على بعض المقولات التي أصبحت شبه ثابتة لا يمكن تجاوزها ، وتمكن من أن يجلب الأشياء إلى قربه وجعلها في متناول يده .
لقد شعر الناقد الدكتور دريد الخواجة بأن الانشغال في النصوص الرائدة يؤدي إلى اضطراب في المنظر العام لهذا السياق فهو يعلم بأنه حيثما يكون هناك وعي مكثف للموقف فقد يؤدي ذلك إلى ما يشبه التقيد وعدم القدرة على التحرك ضمن الإرادة الحقيقية ، فالكاتب الشهير نجيب محفوظ هو الموقف المقلق للناقد والمؤثر الجاد في عملية الفعل النقدي لبناء قيمة كتابية معرفية حيث يظهر لنا الفعل الإرادي متداخلاً مع الفعل الكتابي الماهر ليأتي الناقد بفعله النقدي مفككاً هذا النص إلى شرائحه النقدية التي توضح أركان المبنى الذي وقف عليه النص .
( إن حركة التاريخ في العوامة توحي دائماً بالعدم ، مع أن أحداث الرواية تسير في زمن متلاحق نسبياً ،إلا أن الوجود الزماني للشخوص يشكل حيزاً واسعاً من الزمان والشخوص الإنسانية المنتزعة تستقطب الوجود الإنساني كله متحدية عنيفة في مواجهة الوجود الكوني ) ص15

تحديد الروايات يتناول عالم الوعي وآلية الكتابة

إن البحث النقدي الرامي إلى معرفة المكان الأمثل لاستقبال الموجات الكتابية المنبئة قد خلقت عند الناقد دريد الخواجة نوعاً من التوغل ومن المفيد أن نحدد الروايات التي تتناول عالم الوعي وآلية الكتابة ، فالناقد بهذا الصدد يعمل مع الغريب من النصوص ويلفت الانتباه إلى إقرار الجودة والحامل لهذه النصوص ، فهو يرى بأن هناك نصوصاً تعد سلفاً لتكون مركزاً للكتابة النقدية وإن تأثيرها ناجم عن المنابع الخفية الموجودة فيها وحاول الناقد الخواجة وبجدية أن يزودنا بنظريته النقدية في كتابه ( إشكاليات الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية ) فهو يرى أنها تحتوي جميع الأزمنة النقدية وهي ليست أيسر إدراكاً من لحظة محددة الموقع في الزمان لأن إدراكهاإنما يعني التغلب على تناقضات الحاضر والماضي والمستقبل ،إنها رؤية نقدية تحتوي جميع الاحتمالات وهي لحظة فكرية تحتوي الأزمنة ولا يمكن إدراكهاوتأويلها إلا:oلناقد يحتوي وعيه الإشكاليات حيث أن مركز الكتابة النقدية هو نقطة التوازن التي يجد فيها الناقد نفسه ،وأن

مركز النقد هو النقطة التي تتوافق فيها جميع المعطيات النصية ففي هذه النقطة يقوم التأليف بين الحدود المتناقضة والمنطلق التمييزي للنقد ،فيضيف الناقد الدكتور الخواجة إن النقد يحرك جميع الأشياء بنشاطه الفاعل لأن نشاطه يتجدد فيه كل تطلعات الكتّاب المبدعين،فالرواية هي حجر الزاوية في العمل النقدي لما لها من أهمية على التطور المعرفي وهي عملية فكرية اخفائية ،تترجم نزوعاً عميقاً يجسد التطلعات الإنسانية فالكاتب الخواجة يرى أن كل شيء يجعله يعتقد بوجود النقد عندما ينهمك في قراءة الرواية لأنها تستخدم لإيصال مراميها طرائق كثيرة تدخل المتلقي في دوامة التشكيك والهلوسة بحدود الواقع وهذه المسألة ليست النقطة الوحيدة بل هنالك نقاط أخرى يستحضرها الناقد بجرأة وشجاعة .
( إذن لا يعنينا ذلك من وجهة النظر هذه ،لأن فكرة العدمية هي الأساس والمحور الذي يدور حوله أي عمل فني لا معقول ،وما يمكن قوله بالنسبة إلى الثرثرة فيما يتعلق بهذا التشابه بين عمل فني معين وعمل فني آخر هو أن أفكاراً عدمية ألبسها نجيب محفوظ – مختصرة –لباس الشخوص الملتفة حول الجوزة والجمر ،ف :هذه الشخصيات ليست حقاً شخصيات عبثية تتخذ من العبث فلسفة في الحياة بقدر ما هي شخصيات أقرب إلى المجون والأغلال أو الغموض والاستهتار ) ص22
النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني

لقد أدرك الناقد د:دريد الخواجة أن النقد ليس موجوداً في داخله فقط بل إنه ترابط مع ما هو خارج ذهنه فالنقد بنظره مشاعر قصدية أي أنه يتجه نحو حالات معينة ويرى بأن الحالات النقدية تكون في بعض الأحيان لاتناسب الحالات التي تقصدها دائماً قد نجد قائلاً إنه يشعر بالإحباط من بعض التحليلات النقدية التي يكتبها بعض النقاد وهناك اعتبارات كثيرة تدعم فكرة الناقد د:الخواجة عندما يؤكد أن النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني وعنصر من عناصر تكوينه وهو يحتاج في ذلك إلى إشغال نفسه في مشكلات المعرفة ومناقشتها فهو يلاحظ الخصائص التي تؤجج الفعل النقدي في حياة الأفراد وكيف تبنى العلاقات النقدية في المجتمع ،فالمفهوم النقدي الاجتماعي يفيض على ما حوله ويتجاوز حدود الوجود الفردي ولا يكون النقد الجمعي فاعلاً إلا داخل الواقع الاجتماعي أي الوجود مع الآخرين .
( يقول محمد الجاسم لكن السيد سميح ليس مزارعاً فقط ،السيد سميح طلبه لا يخيب عند الحكومة فوق ، ويضيف حواس : في عينيه قوة رجال الحكومة ص 10 إذن ثمة علامة حكومية مشبوهة تدعم المشروع أو على الأقل متشاركة مستمرة ولا يعقل لمثل هذا المرابي الخبيث يخاطر بعدم توفر هذه العلاقة التي بدا أن لها – دعامات قوية في كل الدوائر )ص 86
الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية نقدية حيادية


إن موضوع البنية النقدية عند الناقد د: دريد الخواجة في مواضع متفرقة في كتابه تعرفنا عليها من خلال متابعتها لكن من المفيد أن نؤكد خلاصة هذه الملاحظات المتقدمة حول الكتابة النقدية ، فالفعل النقدي يرفض التقيد الحرفي وينظر إلى القوانين والقواعد على أنها عملية تعقيدية على الفعل النقدي إلا أن الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية نقدية حيادية فالكتابة النقدية عن نجيب محفوظ _ ومحمد زفزاف – و واسيني الأعرج – وليلى عثمان – وعبد النبي حجازي قد جعلت الناقد يتعامل مع تلك المحطات الروائية بصورة تدويرية أي أنه حاول تدوير الزوايا وعمل جاهداً على إيصال نقاط التلاقي وتقاطع المواقف الفكرية والمعرفية في ضخ الهلام الكثيف عن رؤية النقد للرواية العربية وعدم البقاء في عدمية النقد لما يجري في كتابة الرواية ،فالآلية الكلامية في سبيل غاية كهذه لما يرافقها أولاً من توتر فكري يخلق رسائل أكثر اتساعاً وأوثق ترابطاً ولأن هذه الآلية تظل في متناول النقد وتسير الموضوعات في قناة النقاد اللاحقين ،وهذه المهمة النقدية أداها الناقد د: دريد الخواجة من خلال التغلب على النواقص التي اعترت القراءات النقدية، وإعادة النظر فيها فالفكرة النقدية عنده لا يمكن أن تكون إلا العقل الإنساني مفصولاً عن حامله ،ومحمولاً إلى كائن آخر لأنه نتاج الحياة ،وإن وعيه النقدي تحدده العمليات الكتابية الجارية على الساحة الأديبة، لقد اعتبر الناقد
د . الخواجة أن الأفعال هي المنطلق في العملية المعرفية النقدية وكل هذه العملية تتحقق بالمشاركة الفكرية مما يؤكد رؤية الناقد إلى الصلة بين الإحساس والنقد ،فالعملية التطورية تسهم في رسم لوحة علمية عصرية عن العالم ، والدكتور الخواجة يكشف القوانين العامة للمعرفة والنقد ،وبما أن النقد كعلم له صلات عامة وارتباط بقوانين تطور عالم الكتابة والوعي ،ويعمل ضمن مبدأ التواصلوالتطور، فالصلة العامة بين الظواهر والنقد هي أعم قوانين الكتابة النقدية ،وإن عمومية الصلة تعنى نشوء النقد وتطوره وتحوله إلى حالات تعمل على التبادل والتناظر والتأويل وهذه التواصلات مع النصوص تشمل جميع العلاقات وأشكالها وتتفاعل مع المواصفات العامة للنصوص .
الفهم العام للنصوص ينبعث من موهبة الناقد المعرفية وحسه النقدي


إن كتابة النقد وظاهرات العالم الكتابي تتفاعل فيما بينها بل تشترط بعضها البعض وإن التبادلية بين النقد والظواهر تظهر في كونها تحدد سياق التطور في كل مكان في الطبيعة والحياة الاجتماعية ووعي الإنسان .
( ومن خلال الذكريات والاعترافات وأحاديث النفس واشتغالات الوجدان وتموجه عرفنا أيضاً جوانب عن هؤلاء الذين يتحدث عنهم ،وهنا كانت تتمازج معرفتنا به وبغيره ،وكانت النجوى الذاتية تداخل الترجمة الذ1اتية ،فتزيد حرارة السياق : لم تكن الليلة كباقي الليالي (الجو يوحي بقدوم الشتاء) ص 69
إن استيضاح جوهر الظاهرة الفكرية في كشف مصادر النصوص المدروسة على أساس مصادر النقد توضح التناقضات التي تدخل في عملية الوعي والكتابة ، ويجب أن يؤخذ بالحسبان أنه لا يوجد في العملية النقدية ممارسات تحريفية لصرف شمولية عملية الواقع وظاهراته ، ومن المؤكد أن الناقد د. دريد الخواجة استطاع أن يتواصل مع المعنى العام للنصوص التي تناولها بما فيه الكفاية ،وهو يربط مناقشته لتلك النصوص بالعالم النقدي الذي كونه فالفهم العام للنصوص عند الناقد ينبعث من موهبته النقدية التي تطورت بناء على استجابته للحاجات المعرفية ،ففهم النقد يعني أن تكون قادراً على تحليل النصوص وتقويميها ، والناقد الخواجة يشق طريقه ويربط بين الأشياء والاهتمامات ، ويجعلها في خدمة نقد النصوص وهو يصيغ فهمه للنصوص بلغة نقدية نجد من الصعب تجاوزها ،ولهذا السبب نجد أن الناقد قد تمكن من الحكمة النقدية وتمكن من استعمالها ونراه حين يحلل النصوص نقدياً نراه يتعامل مع الفهم الذي يكفل له قدراً معقولاً من اليقين بالنتائج النقدية التي يصل إليها ، مستخدماً حريته الكاملة بتطبيقه للفعل النقدي .
إن النظرية النقدية التي اختارها الناقد الدكتور :الخواجة والتي تبني منهجها على أسس المعرفة يمكن أن تكون النموذج الذي يحتذى في العلاقات النقدية .
( من أعماق الإجابات عن هذه التساؤلات أو المساءلات التي تعكس من جهة الحالات الروحية والعلاقات الاجتماعية والآفات النفسية المتوارثة وشكل الارتباط بالأرض – وما عليها ... والتي تؤدي من جهة أخرى ، وبالضرورة إلى وجود أشكال استغلالية أخطبوطية ،وانشغالات إحباطية على مستوى الفرد والجماعة ، والتفافات مشعوذة : من أعماق هذه الإجابات التي تطلقها رواية الصخرة لعبد النبي حجازي داخل المستويات السابقة تبرز إدانة المسألة الفلاحية ) ص 79
إن العملية النقدية عند الدكتور:الخواجة تحقق التنوير والاتصال


أن أي تفسير واقعي للنقد عند الدكتور .الخواجة لابد أن يضع في اعتباره الدلالات المعرفية التي تمكنه من توصيل الفكرة النقدية إلى الآخرين وهو يملك المعايير التي تمكننا من الحكم على نزاهة الفعل النقدي الذي يتعامل معه الناقد ، فالبناء النقدي صورة حقيقية للواقع الذي يتحكم بالموجودات وإن كل جزء من أجزاء هذه الصورة النقدية يحدد جوانب الواقع الذي يراه الناقد ،رغم أن الكثير من أشكال العملية النقدية عند الخواجة تحقق التنوير والاتصال ويمضي الناقد في جميع جوانب عمله إلى رفض فكرة حدود لما يمكن أن يفكر أو يقول ، ويعتقد بأن التحديات التي تواجه الكتابة النقدية ،تجعله يواجه فرص اتخاذ القرارات فيما ينبغي أن يفكر فيه ،فهو يرى في بعض الأحيان أن الفكر والواقع لا يتفقان وعلينا أن نتجاوز ذلك ، وبتعبير آخر مختلف قليلاً يمكن للناقد أن يدرس النص بوصفه ظاهرة معرفية فيكون قد اقترب بالفعل من المنهج النقدي الذي ينتهجه لذلك نراه يعمل على إزاحة الحدود والتخوم للتجهيل الفكري وتبيان العلاقة القائمة بين النقد والبناء المعرفي الناهض ومن الجائز أن نقول أن النقد هو كلام يعمل بشكل فكري تتجاذبه الأمزجة المتقلبة والمشاعر التي تظهر وتختفي ،ولكن الفعل النقدي يجري في مجراه الحيادي المستقيم ليقدم كتابة تعالج وتحقق وتظهر وتأول ،ما يحمله النص .
إن الدكتور دريد الخواجة جعل من كتابته النقدية المتقدمة بؤرة إشعاعية تتقدم في طليعة البناء المعرفي موجهة بوصلة الفكر النقدي إلى الحالة العالمية ، والتخلص من لسانيات بعض المتخمين بالتقعيد والتعقيد – والترهل والانسحاق تحت رحى التسطح النقدي .
(استبقت الرواية الأحداث في أولها ، وباشرت أوصافها وأغدقت على الشخصيات أوصافها الكلية قبل أن نلمس ذلك بأنفسنا من خلال الحدث الروائي مع أن في السياق متسعاً ، نقرأ مثلاً : كانت أمي طيبة وكان شر عمتي يقف بالمرصاد لهذه الطيبة .... أرادت أن تفتت حبل الوصل بينها وبين أبي ) ص74
النقد يتميز عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه نظاماً علمياً مترابطاً بشكل منطقي



إن النقد المتقدم مكسب نظري بالغ الأهمية من مكاسب الكتابة المعرفية ومن الخطأ التهاون في مكانة هذا المكسب في تقدير شأن النصوص وقيمتها المرهونة بالتطور والتقدم ، والتغلغل في النشاط الإنساني والعلوم وجميع الإنتاج الفكري ،فالناقد المفكر يرى أن الكتابة النقدية لها أهميتها المنهجية والاستراتيجية العميقة ،وبالتالي ضرورتها الموضوعية من أجل المعرفة العلمية والنشاط العلمي المرتكز عليها .
إن حيوية النقد المنهجي هو المحرك الأساسي للكتابة الفكرية المعرفية فيبرز النقد بوصفه علماً بالقوانين الكتابية للتفكير وإدراك العلاقات الإنسانية الأدبية والأخلاقية ،فالنقد يتميز عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه علماً مترابطاً بشكل منطقي مدعماً بالقوانين والمقولات على أساس العلم والتطبيق ،وبما أن النقد منهج وطريقة فهو يعكس بدقة متناهية التطور الحاصل في المجتمع وفي التفكير ،وهو يتغير ويتطور ويمول وعلى الدوام مستكملاً مقولاته من مفاهيم جديدة يمكن أن تدخل إلى الفكر ،ومدققاً بالمفاهيم الموجودة .
النقد يدرس النصوص ويعمل على مراقبتها واختبارها


إن الناقد د. دريد الخواجة يرى أن النقد يقوم على العلوم الكتابية التي هي الأساس البنائي والمنهجي لحل القضايا الفكرية المترتبة عن نظرية المعرفة .فالنقد يسلح هذه المسائل وبطريقة موضوعية لتناوله الظاهرات التي تدرس هذه العلوم وهو يعمل على مراقبتها واختبارها ،والدلالة عليها في مجال حل المشكلات التي تواجهها هذه الأفكار ،ويدقق الناقد الخواجة بأن النقد يكتسب أهميته الخاصة في نشاط الناس الفكري التحويلي ، لذا نراه يستعمل الفعل النقدي بوعي ومهارة لأجل رسم السبل والطرائق التي تخدم حل المشكلات والمهام الصعبة ،كما أنه يريد أن يقول بأن النقد يتناسب مع أقصى حد للأسلوب الفكري والعلمي ويلازم العلم والثقافة المعاصرين ويحفز على البحث في مجال الفكر التطبيقي، ويساعد في صراع الأفكار وفي اختيار الأفكار التي تقود إلى المعرفة عن طريق التسرب أكثر فأكثر في جوهر الظاهرات .
(إن قوة الضغط )المحدثة في بنية التراكم التي كانت تهب شعوراً بتدهور الأحوال نحو الأسوء، كانت تمد جانبا ًمن تسويغ منطق الاستسلام والسقوط.
فثمة غياب لأية أرضية سياسية / إيديولوجية مواجهة تضمن لهم مفاهيم طبقية واعية ، تؤدي إلى التجانس والتماسك فيما بينهم في تشكيلة اجتماعية متفاوتة تحبط الاستغلال خارج أية عبودية عائلية أو قبلية بائدة (يلاحظ في الرواية بروز المشاعر العائلية كسطح بلا تعاريج يمثل مستوى واحداً ،تنعدم فيه أية أفكار خاصة داخل الفكرة المتبناة السائد ة )ص 97
إن العلاقة النقدية تحاول أن تدرس التغيرات النوعية في كمية المقدم من النتاج الفكري الكتابي وذلك في التعاون بين كل المقولات لإنتاج كتابة نقدية واعية والتحولات النوعية هي فعل نقدي معرفي ويعبر عن مرحلة جدية في معرفة النصوص والمعارف المتواجدة ، ومن المهم أن تؤكد الممارسة النقدية تطبيق المتغيرات والعمل بالكيفية المرغوب فيها من أجل إمكانية التوصل إلى علاقات فكري كتابية توضح مضمون النصوص وبهذه القضية فقد عالج الدكتور الخواجة دور الفعل النقدي في عملية البناء المعرفية للنص وعلاقة الكتابة بتنشيط مضمون النص وتشكيل لب التفكير النصي المكتوب فهو يرى العقل والإرادة والمكان والزمان شروط أساسية في جعل النقد ممكناً في ضبط النصوص وإظهار اخفائية مكوناتها ولقد أدت فكرة النقد عند الخواجة إلى القول أنه لا يمكن البرهنة على الموقف النقدي دون التحدث عن الشفرات التي تحتويها النصوص ومعرفة رموزها واستعمالها بدقة موضوعية ،يقول الناقد دريد الخواجة إن معرف ماهية النقد تقتضي معرف ماهية الوعي وهذا يفترض تعليلاً علمياً عميقاً حيث أن مفهوم النقد هو المنطلق الأساسي لفهم النص وتحليله ومن خلال ذلك يقدر الناقد بأن الإنسان محاط بالكثير من النصوص الكتابية ومما تتكون هذه النصوص وماذا يحيط بها من تصورات مختلفة ومتناقضة .