المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايتي مع السلطة البحرية



كاظم الحمامي
17/07/2009, 12:23 AM
حكايتي مع السلطة البحرية




موضوع نشرته جريدة الزمان بعددها 3347 في 16/7/2009



كاظم فنجان الحمامي
صار بيتي منذ أعوام صومعة صغيرة, أعتكف فيها, وانصرف في عزلتي إلى الكتابة, وأواصل نشاطاتي في الذود عن حقوق العراق الملاحية, والتعبير عن أوجاعه وآلامه بأروع النصوص واللوحات والمواقف وبلا هوادة. كنت حريصا على حماية ارثنا البحري والتعمق في دراسته, حتى أصبحت مسكونا بمسالك (روكا), و(السد الخارجي), و(مدخل الفاو), وانعطافات (سيحان), وشاعرا يقف على أطلال (أم الرصاص) التي قتلها الرصاص, ومهووسا بمجالس واصل بن عطاء الغزّال في (الواصلية), ومتألما على جفاف شرايين شط العرب. فغرقت سفينتي في بحار التهميش التي سيسخر منها التاريخ, وتمزقت أشرعتي في عواصف التنكيل والتشويه والتشويش. بيد إني مازلت أتباهى بكتاباتي الجريئة, التي استنهضت فيها الهمم الوطنية الصادقة, فكتبت سلسلة من المقالات ابتدأتها في (المنارة) بـ (عراق بلا سواحل), وأنهيتها في (الزمان) بـ (كيف انكمشت سواحلنا ؟؟). فبيني وبين البحر حالة عشق, تشهد عليها الفنارات المغروسة في قيعان الممرات الملاحية المرتبطة بخور عبد الله, ورأس البيشة. وتعترف بها الجداول المتفرعة من شط العرب.
لا أريد مالاً كالذي كان لقارون، ولا سلطاناً كالذي كانلفرعون، إلا بمقدار ما يعينني على العيش بسلام ومواصلة القراءة والتّفكر والإبداع والكتابة. ربما تكفيني كلمة طيّبة, أشعرمن خلالها أنّي لم أُضيع وقتي سدى, حين كنت أسهر الليالي الطّوال في القراءة, والبحث, والتّرجمة, والمراجعة, بغية نشرِ نورِ المعرفة بين النّاس، فالمعرفة حقٌّللبشر قاطبة. واشعر إن الكلمة الطيبة التي تقال لي بعد نجاحي في مشواري العلمي, ونشاطي البحري, هي التّكريم الذي أرجوه, والفرح الذيأنتظره، والوسام الذي أضعه على صدري, وأفاخر به الدّنيا، وهذا التّكريم ليس منّةً منأحد ، وإنما هو حقٌّ طبيعي وواجبٌ على النّاس الذين كرست حياتي لخدمتهم. إنّ قصّة البشريةبرمّتها, إنّما هي قصّة الإبداع والتفوق, التي كتبت فصولها أقلام أولئك الذينأناروا بضوء عيونهم دروب الإنسانيّة الظّلماء، وكتبوا بمداد قلوبهم قصّة الحقّوالخير والجمال، ونكران هؤلاء إنّما هو نكران القيم النّبيلة كلّها، وجحودٌ للسّموالرّوحي، واضمحلال لحياة الأمم التي لا تحيى, ولا تسمو, ولا تخلد إلا بهم. ولا شكّ فيأنّ تكريم المبدعين أو نكرانهم هو أمر نسبي، يختلف من أمة إلى أخرى تبعاً للظّروف, التي تعيشها هذه الأمّة أو تلك.
لكنني أقولها وبتجرّد, إنّه من المؤسف أن يكون الجحود والنّكران والعزل، مصير الرجل الذي سبق أقرانه في دراسة مشروع السلطة البحرية العراقية, وكتب عنها عشرات المقالات والبحوث. وكان أول من خط بيده مسودة قانون السلطة المرتقبة, ويعود له الفضل في وضع اللمسات الأولية لقانون الموانئ العراقية برمته. ومازالت صفحات الصحف والمجلات العراقية تشهد له في إثراء المكتبة العراقية بكل ما يتعلق بتاريخ ومستقبل شط العرب والمياه الإقليمية العراقية.
وكم كانت دهشتي عظيمة عندما انعقدت الحلقة النقاشية في البصرة لدراسة مشروع قانون السلطة البحرية العراقية, في مكان لا يبعد عن بيتي سوى بضعة أمتار. ومن دون أن أتلقى دعوة رسمية (مكتوبة) تنسجم مع عطائي العلمي والفكري الزاخر في هذا المضمار. فقد أفنيت عمري في سبيل استعادة أمجاد العراق البحرية, وبسط سلطته على مسطحاته المائية, وتعزيز سيادته ورفعته وسموه. وكم كان قائل هذا البيت صادقا, حين قال:



يبقى الأديبُ غريباً في عشيرته


زوّاره الخوفُوالحرمانُ والنَّكدُ


وهذا ما نلمسه اليوم, حيث يستبعد صاحب الخطوة الأولى, ويعزل بعيدا. ثم تُستكمل بقية الخطوات, ومن دون حاجة لمشاركته في هذه المسيرة.
ومع ذلك مازلت أرى في السلطة البحرية خطوة صحيحة باتجاه تحقيق الأحلام المنشودة, باعتبارها فسيلة طيبة ينبغي أن تغرس بعناية في بيئتها الطبيعية على ضفاف شط العرب. فالسلطة البحرية العراقية. هي الغرسة, التي ينبغي تبنيها, وتنميتها الآن. ويتعين على الدولة العراقية أرواء هذه الفسيلة وتغذيتها ورعايتها, لكي تترعرع في ظل السيادة الوطنية التي نأمل أن تبسط نفوذها على مسطحاتنا البحرية في القريب العاجل إن شاء الله. والله ولي التوفيق. .

طارق شفيق حقي
17/07/2009, 10:38 PM
لعمري أنها رسالة في رثاء الذات
والرثاء يكون وليد الحزن والغربة الذاتية

والحزن حالة طبيعية تعتري النفوس جمعاء
لكنها تأخذ بعداً بل أبعاداً عميقة في ذات الأديب صاحب الحس المرهف

بل لعل بعض الأدباء خطوا لهم أسلوباً في الحزن فعرف الحزن بهم ولم يعرفوا بالحزن

لكني أذكر أن الروح العربية قلما تقع صيداً في شباك الحزن
وزاد الإسلام في ذلك وهذب الروح العربية وأدبها
وما الحزن البشري مقارنة مع الحزن الأزلي في الفراق الأكبر والفراق الأصغر

وإن المسلم اليوم إذا تذكر خطبة الوادع لسالت عيون قلبه حزناً وكمداً
وكأنه حضر في ظهر أجداده كلام الرسول صلى الله عليه وسلم

وفي الفراق الأكبر كتب جلال الدين الرومي كلاماً جميلاً
وما حزن الناي إلا لأنه فارق أمه الشجرة
وما حزن الإنسان إلا لأنه فارق شجرته

بمقارنة الحزن العام بالحزن الخاص تنذوي أحزاننا وتكون ذرات في ريح التأمل والقياس

رحمك الله أستاذ كاظم الحمامي فما الحزن إلا للحبيب الأول

وفي ذلك عبرة لكل من ظن بالعوابر عشاق لكنهم لا يعرفون العشق ولا قد سمعوا به

كاظم الحمامي
17/07/2009, 10:59 PM
صدقت يا استاذ طارق
فقد صار الحزن رفيقنا منذ زمن بعيد
وتراكمت فوق رؤوسنا المصائب
وافلت اقمار الفرح
لكني عندما قرأت كلامك الجميل تذكرت ما قاله جان جاك روسو
(( اذا لم تستطع النظر الى الامام لأن مستقبلك مظلم. ولا الى الوراء لأن ماضيك مؤلم. فأنظر الى السماء لتبتغي رحمة الله)) . ونعم بالله فرحمته وسعت كل شيء
شكرا لك يا سيدي وأسعدك الله