عماد اليونس
05/07/2009, 09:05 PM
موت في الطابور
ولد وعاش في مدينة الفلوجه ومنذ اربعينيات القرن الماضي حيث انتقلت عائلته من الموصل الى الفلوجه بسبب عمل الوالد كعامل اشغال في قاعدة الحبانيه القريبه لم يعرف صمد الغربة ولو لحظة واحده فرغم تحدر عائلته من مدينة الموصل الا ان العائلة لم تغادرالمدينة حتى بعد اِحالة الوالد على التقاعد حيث ألفوا الفلوجة و اّثروا الاستقرار فيها .
في الستينات مات والداه فتركاه وحيداً في بيت صغيربغرفة واحده مع جدة صالحة تقية ورعه فرغم تقدم عمرها وذهاب بصرها الا انها كانت صوامة قوامه زاهدة محتسبه لطالما تركها الشاب صمد لوحدها ليسهر ويبيت مع اقرانه الشباب. ماتت الجدة هي الاخرى وباع الرجل البيت ليصبح بلا بيت وعائله, لكنه لم يشعر يوما كذلك فلقد اصبح كل الاصدقاء الذين أحبوا امانته وكرمه ودماثة اخلاقه عائلة له واصبحت كل بيوتهم بيته فعاش الرجل معززاً مكرماً أينما حل ورحل.
احب الرجل الفلوجة ايما حبا وعشق الفرات الذي كان يأوي اليه ليلاً ليمارس طقوس صيد السمك الهواية الوحيده والمحببة الى نفسه . اّثر العزوبيه ولم يفكر في الزواج وكلما يسال لماذا لاتتزوج ياصمد ؟ فيجيب بفلسفة الشاعر ابي العلاء المعري "هذا جناه علي ابي... وما جنيت على احد ". تقدم به العمر واعتلت صحته بأمراض العصر التي لم يكن احد يتصور ان تصيب رجلا لايمت لهذا العصر بصلة مثل صمد.
لم يبال الرجل يوماً ولم يخش الموت وكلما يُسأل عن الصحة كان يجيب بنفسٍ راضية بقدرها مطمأنه وبعراقية دارجه " لابو كثير ملك ولابو قليل هلك وين متصير خلي تصير" قدر لهذا الرجل أن يدرك الاحتلال وبعد الاجتياح الامريكي للفلوجه والنزوح القسري لأهل الفلوجه كان على صمد وكبقية أهل الفلوجة ان يحصل على اِذن او مايسمى" باج دخول" الى الفلوجه فكان عليه أن يراجع القاعدة العسكريه الامريكيه في المزرعه ليحصل على مثل هذه الوثيقه وعنما ذهب الى هناك وجد طابوراً طويلا كان سيتغرقه ساعات ليصله الدور فانضم اليه مرغماً لكي يتمكن من دخول حبيبته الفلوجه وبعد ساعة اخذه الاعياء فسقط على الارض نقل المسكين صمد الى المستشفى القريبه لكنه ماان وصلوا به الى هناك كان الوقت متأخرا, مات الرجل دون ان يتمكن من رؤية حبيبته الفلوجة حياً لكنه دخلها ميتاً ووري الثرى هناك.
ولد وعاش في مدينة الفلوجه ومنذ اربعينيات القرن الماضي حيث انتقلت عائلته من الموصل الى الفلوجه بسبب عمل الوالد كعامل اشغال في قاعدة الحبانيه القريبه لم يعرف صمد الغربة ولو لحظة واحده فرغم تحدر عائلته من مدينة الموصل الا ان العائلة لم تغادرالمدينة حتى بعد اِحالة الوالد على التقاعد حيث ألفوا الفلوجة و اّثروا الاستقرار فيها .
في الستينات مات والداه فتركاه وحيداً في بيت صغيربغرفة واحده مع جدة صالحة تقية ورعه فرغم تقدم عمرها وذهاب بصرها الا انها كانت صوامة قوامه زاهدة محتسبه لطالما تركها الشاب صمد لوحدها ليسهر ويبيت مع اقرانه الشباب. ماتت الجدة هي الاخرى وباع الرجل البيت ليصبح بلا بيت وعائله, لكنه لم يشعر يوما كذلك فلقد اصبح كل الاصدقاء الذين أحبوا امانته وكرمه ودماثة اخلاقه عائلة له واصبحت كل بيوتهم بيته فعاش الرجل معززاً مكرماً أينما حل ورحل.
احب الرجل الفلوجة ايما حبا وعشق الفرات الذي كان يأوي اليه ليلاً ليمارس طقوس صيد السمك الهواية الوحيده والمحببة الى نفسه . اّثر العزوبيه ولم يفكر في الزواج وكلما يسال لماذا لاتتزوج ياصمد ؟ فيجيب بفلسفة الشاعر ابي العلاء المعري "هذا جناه علي ابي... وما جنيت على احد ". تقدم به العمر واعتلت صحته بأمراض العصر التي لم يكن احد يتصور ان تصيب رجلا لايمت لهذا العصر بصلة مثل صمد.
لم يبال الرجل يوماً ولم يخش الموت وكلما يُسأل عن الصحة كان يجيب بنفسٍ راضية بقدرها مطمأنه وبعراقية دارجه " لابو كثير ملك ولابو قليل هلك وين متصير خلي تصير" قدر لهذا الرجل أن يدرك الاحتلال وبعد الاجتياح الامريكي للفلوجه والنزوح القسري لأهل الفلوجه كان على صمد وكبقية أهل الفلوجة ان يحصل على اِذن او مايسمى" باج دخول" الى الفلوجه فكان عليه أن يراجع القاعدة العسكريه الامريكيه في المزرعه ليحصل على مثل هذه الوثيقه وعنما ذهب الى هناك وجد طابوراً طويلا كان سيتغرقه ساعات ليصله الدور فانضم اليه مرغماً لكي يتمكن من دخول حبيبته الفلوجه وبعد ساعة اخذه الاعياء فسقط على الارض نقل المسكين صمد الى المستشفى القريبه لكنه ماان وصلوا به الى هناك كان الوقت متأخرا, مات الرجل دون ان يتمكن من رؤية حبيبته الفلوجة حياً لكنه دخلها ميتاً ووري الثرى هناك.