مصطفى طاهري
23/06/2009, 02:07 PM
عمي عباس...
أكيد أنه بمجرد ما توصل برسالتي وقرأها ، أرسل الي اثنين ...
أركباني سيارة سوداء فارهة ، وقالا لي : لا تخف أيها الصغير
عم عباس، يريد أن يراك ...
وكنت والسيارة تطوي بنا الأرض طيا ، أعيد في رأسي ما كتبت لعمي عباس :
عمي عباس :أنا ابن فتاح وحموسة ، أكيد أنك تتذكرهما يا عمي رغم طول الغياب ...
لقد مات أبي يا عمي ..استشهد في أول يوم للقصف العشوائي ، خرج ليأتينا بالخبز فأصابته شظية في رأسه ، أمي استشهدت هي الأخرى في اليوم الثاني عندما قصف بيتنا ليلا ...أنا الآن أعيش وأختي الرضيعة عند خالي قسام ، أرافقه الى المسجد ، ويعلمني عند المساء الرماية وفنون القتال... وقد وعدني أن يشتري لي أدوات جديدة عوض كتبي ودفاتري التي بقيت تحت الأنقاض...
و أصارحك يا عمي أنه حز في نفسي كثيرا ، أنك لم تسأل عنا ولم تحاول زيارتنا ...وأصارحك أيضا أن أشياء كثيرة تنقصنا
الماء والخبز والحليب وسقف بيتنا ...وأتساءل يا عمي
كيف يطيب لك الابتسام عشرات المرات في اليوم رغم كل هذا؟وكيف تهنأ بالجلوس على ذلك الكرسي الوثير ؟وكيف تسعد بارتداء تلك القمصان بلون الحليب الذي لم نتذوق طعمه منذ مدة ؟وكيف ما زلت تسلم على من فعل بنا كل هذا وتحادثه ؟
وكيف ؟ وكيف ؟ وكيف...؟
أنتظر ردك يا عمي ولك مني رغم كل شيء محبتي الخالصة
ولم أشعر الا وأحدالمرافقين يقول لي : وصلنا أيها الصغير ،انزل ...قلت : لست صغيرا ...
قهقه ضاحكا وقال : لا بأس ، انزل أيها الكبير ...
كشرت في وجهه ونزلت ثم سرت وسطهما وكلي ثقة في نفسي...
وما أن وصلنا حتى تقدم أحدهما ودق الباب المغلف بجلد بني وثير ...انتظر قليلا ، ثم فتح ، هامسا لي تفضل أيها الكبير ...
دخلت فوقف عمي وجريت اليه ،وقد اغرورقت عيناي بالدموع فعانقته وأنا أشعركأنني أعانق أبي ، وودت لو طال العناق ، الا أنه انفلت مني ، ثم انحنى وشدني من كتفي وقال:أأنت كتبت تلك الرسالة ؟ أم أن أحدهم أملى عليك ما فيها ؟
قلت : أقسم لك يا عمي أنني أنا الذي كتبتها ، ولا أحد يعلم ما كتبت ...
ابتسم وقال : ستقضي اليوم عندي أيها المشاغب وسنتحادث كثيرا ...ثم أشار الى مرافقي الاثنين قائلا : خذاه...
أكيد أنه بمجرد ما توصل برسالتي وقرأها ، أرسل الي اثنين ...
أركباني سيارة سوداء فارهة ، وقالا لي : لا تخف أيها الصغير
عم عباس، يريد أن يراك ...
وكنت والسيارة تطوي بنا الأرض طيا ، أعيد في رأسي ما كتبت لعمي عباس :
عمي عباس :أنا ابن فتاح وحموسة ، أكيد أنك تتذكرهما يا عمي رغم طول الغياب ...
لقد مات أبي يا عمي ..استشهد في أول يوم للقصف العشوائي ، خرج ليأتينا بالخبز فأصابته شظية في رأسه ، أمي استشهدت هي الأخرى في اليوم الثاني عندما قصف بيتنا ليلا ...أنا الآن أعيش وأختي الرضيعة عند خالي قسام ، أرافقه الى المسجد ، ويعلمني عند المساء الرماية وفنون القتال... وقد وعدني أن يشتري لي أدوات جديدة عوض كتبي ودفاتري التي بقيت تحت الأنقاض...
و أصارحك يا عمي أنه حز في نفسي كثيرا ، أنك لم تسأل عنا ولم تحاول زيارتنا ...وأصارحك أيضا أن أشياء كثيرة تنقصنا
الماء والخبز والحليب وسقف بيتنا ...وأتساءل يا عمي
كيف يطيب لك الابتسام عشرات المرات في اليوم رغم كل هذا؟وكيف تهنأ بالجلوس على ذلك الكرسي الوثير ؟وكيف تسعد بارتداء تلك القمصان بلون الحليب الذي لم نتذوق طعمه منذ مدة ؟وكيف ما زلت تسلم على من فعل بنا كل هذا وتحادثه ؟
وكيف ؟ وكيف ؟ وكيف...؟
أنتظر ردك يا عمي ولك مني رغم كل شيء محبتي الخالصة
ولم أشعر الا وأحدالمرافقين يقول لي : وصلنا أيها الصغير ،انزل ...قلت : لست صغيرا ...
قهقه ضاحكا وقال : لا بأس ، انزل أيها الكبير ...
كشرت في وجهه ونزلت ثم سرت وسطهما وكلي ثقة في نفسي...
وما أن وصلنا حتى تقدم أحدهما ودق الباب المغلف بجلد بني وثير ...انتظر قليلا ، ثم فتح ، هامسا لي تفضل أيها الكبير ...
دخلت فوقف عمي وجريت اليه ،وقد اغرورقت عيناي بالدموع فعانقته وأنا أشعركأنني أعانق أبي ، وودت لو طال العناق ، الا أنه انفلت مني ، ثم انحنى وشدني من كتفي وقال:أأنت كتبت تلك الرسالة ؟ أم أن أحدهم أملى عليك ما فيها ؟
قلت : أقسم لك يا عمي أنني أنا الذي كتبتها ، ولا أحد يعلم ما كتبت ...
ابتسم وقال : ستقضي اليوم عندي أيها المشاغب وسنتحادث كثيرا ...ثم أشار الى مرافقي الاثنين قائلا : خذاه...