المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزير الثقافة السوري فتح النار على أدونيس



طارق شفيق حقي
18/06/2009, 02:04 PM
النار على أدونيس وأهدى الورد لنزار
في حوار مطوّل للوكالة مع وزير الثقافة السوري د. رياض نعسان آغا : المثقف العربي في خلاف مع السلطة منذ بدء تكوينها.. والليبرالية وهم كبير
الاثنين, 2009.05.25 (GMT)
المتنبي ونزار قباني كانا حاضرين بقوة في جلسات الرئيس الراحل حافظ الأسد
هل قال أحد لأدونيس أن الطريق إلى نوبل هو الاستهزاء بالقيم الكبرى ؟
لا تستطيع السلطة أن تستعين بالأغبياء فقط!! .
نجيب محفوظ لم يبتز القراء ولم يدعهم إلى سريرٍ عابر!!
جميل أن يكون للشعر وكالة أنباء !
سليمان العيسى وحنا مينة موضع رعايتنا
أبوظبي تقدمت منذ 3 سنوات في انجاز مشاريع ثقافية كبيرة
وكالة أنباء الشعر - دمشق - زايد الرويس - زياد ميمان - عمر عناز


http://dr-read.net/userimages/R1-riad.gifوكالة أنباء الشعر العربي ، وكالة الشعر ، الأولى والوحيدة
في حوار مطوّل للوكالة مع وزير الثقافة السوري د. رياض نعسان آغا : المثقف العربي في خلاف مع السلطة منذ بدء تكوينها.. والليبرالية وهم كبير
الاثنين, 2009.05.25 (GMT)
المتنبي ونزار قباني كانا حاضرين بقوة في جلسات الرئيس الراحل حافظ الأسد
هل قال أحد لأدونيس أن الطريق إلى نوبل هو الاستهزاء بالقيم الكبرى ؟
لا تستطيع السلطة أن تستعين بالأغبياء فقط!! .
نجيب محفوظ لم يبتز القراء ولم يدعهم إلى سريرٍ عابر!!
جميل أن يكون للشعر وكالة أنباء !
سليمان العيسى وحنا مينة موضع رعايتنا
أبوظبي تقدمت منذ 3 سنوات في انجاز مشاريع ثقافية كبيرة
وكالة أنباء الشعر - دمشق - زايد الرويس - زياد ميمان - عمر عناز
بعيداً عن البيروقراطية السائدة في معظم البلدان العربية , تحدثت مع الزميل زياد ميمان مراسل وكالة أنباء الشعر في دمشق وأبلغته برغبتي في إجراء حوار صحفي مع معالي وزير الثقافة السوري د. رياض نعسان آغا , ساعات قليلة فقط فصلت بين ما طلبته منه ووصول الرد بترحيب معالي الوزير بهذا الحوار , بلغت حيرتي ذروتها وأنا أعد مع الزميل عمر عناز أسئلة هذا الحوار , فهذا الرجل الذي عمل مستشاراً سياسياً للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد http://dr-read.net/userimages/R231-riad.gifويتبوأ منصب وزير الثقافة في بلد يكتظ بالمثقفين ليس بالأمر الهيّن , توقعت وأنا أدلف إلى مبنى وزارة الثقافة السورية أن يواجهني السؤال المعتاد من قبل بعض المسؤولين حول ماهية الأسئلة ونوعها مصحوباً بطلب الاطلاع عليها قبل إجراء الحوار , إلا أن شيئاً من ذلك لم يحصل , امتد الحوار إلى مساحاتٍ شاسعة من الوعي والفكر والأدب الذي يحمله معالي الوزير , خرجت بعد إجراء الحوار وأنا أهمس في أذن الزميل زياد ميمان : إنه الرجل المناسب في المكان المناسب .. إليكم فيما يلي نص الحوار الذي أجرته الوكالة مع معالي وزير الثقافة السوري الدكتور رياض نعسان آغا :

- بصفتكم وزيراً للثقافة السورية .. ما هو مفهومكم الشخصي للثقافة وهل يختلف عن المفهوم الرسمي لها ؟

هناك العديد من التعريفات للثقافة بالنسبة لي أحب أن أراها رؤية شاملة لتمنية الفرد والمجتمع واغناء عقله بالمعارف ووجدانه بالمشاعر وترسيخا للقيم السامية الفاضلة وبالتالي فتح آفاق وتنمية الموهبة الذاتية إذا وجدت ولا يمكن لنا أن نحصر تعريفات الثقافة في إطار واحد هناك العديد من الرؤى للثقافة هناك من يرى أن الثقافة كمية معلومات وهناك من يرى ابعد من ذلك , يراها سلوكا إنسانيا فمجمل السلوك الإنساني هو عمل ثقافي، الثقافة ليس ما تقرأ فقط الثقافة ما تلبس ما تأكل كيف تعامل الناس كيف تعامل الآخرين إنها فعل تهذيب للطبيعة الإنسانية وبشكل آخر هي أنسنة الإنسان وترسيخ أبعاده الإنسانية الأخلاقية ومن ثم المعرفية لان الثقافة ارتبطت عبر التاريخ بالفنون الجميلة ارتبطت بالأدب بالموسيقى بالمسرح بالغناء بالرقص ولكنها أوسع ارتباطا من ذلك لأنها كيف تعيش كيف تستمتع بالحياة كيف تتسع رؤيتك للكون، والإنسان يكون أعلى ثقافة بمدى ارتباطه بالكون العظيم لذلك القرآن الكريم في آيات كثيرة تحض الناس على التفكر والتأمل وعلى رؤية العالم بل يقول الله تعالى (قل سيروا في الأرض)لأن هذه الرحلة في الأرض ثقافة تغني المعرفة وتغني الرؤية ونحن عندما نقول كلمة ثقافة إطلاقاً نقصد بالثقافة كل أساليب العيش لذلك ترى وزارتنا مثلاً تهتم بالكتاب والمسرح والموسيقى ودور الأوبرا والانتاجات الإبداعية ولكننا أيضاً تهتم بالفلكلور http://dr-read.net/userimages/R2431-riad.gifوالأغاني الشعبية ونهتم بالأهازيج وبالأمثال، هذا كله سلوك مجتمع ومحصلة ما أنجز عبر التاريخ.

- هل استطاعت متغيرات العصر أن تلغي اشتراكية الثقافة وتؤسس لرسملة تلوح في الأفق؟

الثقافة تتبع رؤية المجتمع هناك في العالم ثقافات تميزت بالطابع السياسي للبلدان والطابع السياسي اختيار ثقافي واختيار فكري، الثقافة في بعض البلدان التي كانت لها تجارب اشتراكية اصطبغت بلون مختلف عن الثقافات التي ظهرت في البلدان الرأسمالية أو التي كانت تختار خطط الليبرالية المطلقة، تجد في المؤسسات ذات البعد الاشتراكي قديما نوعا من الالتزام الصارم بالأحكام بينما تجد نوعا من الفضاء الأكثر حرية في البلدان ذات الطبيعة الليبرالية .
نحن في سورية نعيش حالة الوسط لدينا التزام بالقيم، لدينا التزام بمبادئ المجتمع في زمن قديم ربما في الستينيات ظهرت نظرية الالتزام بالأدب أو الالتزام بالفن لم يكن الأدب كله ملتزما بهذا المعنى، وهناك ثقافة ظهرت تحت يافطة الالتزام أدباء كثيرون لم يفعلوا ذلك التزموا نظرية الفن للفن ولم يأخذوا هذا الجانب الاشتراكي ذي الطبيعة الاشتراكية، طبعا يلتزم الكاتب بالقضايا التي تسيطر على أمته فعندنا من الذين ثاروا على نظرية الالتزام في الفن نزار قباني رفض الالتزام أو نظرية الالتزام ولكنه كان أكثر الشعراء التزاماً بقضية فلسطين، إذا المسألة يحكمها الحدث السياسي الكبير والقضية التي يحملها الفنان هناك كتاب ومثقفون كبار في الغرب كانوا اشتراكيين أكثر من الذين ولدوا في موسكو هذا خيار ثقافي وبلادنا مفتوحة لكل الخيارات.
بالحديث عن الليبرالية .. أصبح الحديث كثيراً عن اللبيرالية, فنجد كثيراً من الكتّاب عندما يتحدث ويصنف نفسه أنه كاتب ليبرالي أو يصنف غيره أنه ليبرالي أو غير ليبرالي . ما هو مفهوم الليبرالية وهل أصبحت نظرة عامة عند المجتمع لدرجة أن الناس البسطاء صاروا يصنفون أن فلان ليبرالي وهذا غير ليبرالي ؟
هذا وهم ولا صحة أو دقة فيه ولا توجد معايير تستطيع من خلالها أن تسمي هذا ليبرالي وهذا غير ليبرالي، الليبرالية نظرية سياسية وفكرية وإذا كانت تعلي شأن الحرية فإن الإبداع كله بالحرية ولا تصدق أن يستطيع أحد أن يجبر فنانا أن يبدع قصيدة وفوهة المسدس مصوبة نحو رأسه ربما هو يختار أن يتخيل أحيانا، هناك كتاب يختارون هذا القفص فيكتبون تحت هذا الضغط لكن هذا الضغط هو ضغط خياري، ضغط الألم الإنساني، ضغط شعورهم بالإحباط ضغط شعورهم باليأس أو القتامة، الكتابة الليبرالية الآن لها بعد سياسي ,وليس بعداً إبداعياً للأسف, الليبرالية التي أحببناها في زمن ما ووجدناها تتيح شكلا من أشكال الديمقراطية صارت قديمة، اليوم الذي ظهر هو الليبرالية الجديدة ,هو انتزاع لاسم الليبرالية أعلنه المحافظون الجدد في الولايات المتحدة وصار عنوان الليبرالية الجديدة هو أن تثور على القيم التقليدية, وأن تثور على الانتماءات فالآن يأتيك كاتب يهزأ من الإسلام.. يهزا من العروبة لأنه ليبرالي... هذا ليس ليبراليا هذا رجل يسئ إلى أمته، الليبرالية كحالة تفاعل حيوية مع الحرية مقبولة , أما أن تسمي كاتباً يعمل لدى المخابرات الأمريكية بأنه ليبرالي جديد ونعطيه وساما لأنه يشتم الإسلام ويشتم العرب فأنا سأعتبره خائناً قبل كل شيء.

- في زيارته الأخيرة إلى مدينة الرقة السورية بدعوة من مديرية الثقافة هناك، رفض الشاعر أدونيس ان يقرأ في أي مؤسسة رسمية، كيف تقرؤون هذا التوجه من قبل الشاعر السوري؟

نحن لم نقم بدعوة ادونيس بوصفنا مؤسسة رسمية واعتقد بأن الدعوة التي وصلته لم تكن من وزارة الثقافة، أنا شخصيا لم أوجه قط أي دعوة لأدونيس مكتوبة أو رسمية وإذا كان أدونيس لا يقبل دعوتنا فنحن لم نوجه إليه الدعوة .

- شهدت دمشق خلال العام الماضي فعاليات كثيرة ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، ماذا لو طلبنا من سيادتكم أن تشيروا لنا إلى ما تمنيتم تقديمه ولم تسعفكم إمكانات مادية أو معنوية؟

الأشياء التي لم نستطع تقديمها كثيرة جداً لأن كل ما يخطر على البال من أفكار يبدو جميلا ولكن بعض هذه الأفكار مكلفة ، يعني كنت أتمنى لو نستطيع أن نؤدي عملاً ثقافيا عربيا تشارك فيه كل الأمة العربية، عملا موسيقيا كبيرا، عملا مسرحيا كبيرا لكننا لم نستطع تحقيق ذلك بسبب الظروف السياسية، ولكن الفرصة ما تزال قائمة، الحياة رحبة وفي المستقبل إن شاء الله سنقدم ما لم نتمكن من تقديمه في العام الماضي، المهم أن ما قدمناه في العام الماضي كان مُرضياً ونحن في العام الحالي نحتفل بالقدس عاصمة للثقافة العربية لدينا عمل عربي - سوري قطري- هو عمل اوبرالي جميل عن صلاح الدين, ولدينا رغبة بأعمال أخرى قد تكون مع الإمارات أو مع دولة عربية أخرى.

ـ قرأت لك رأياً حول احتفالية القدس يشير إلى أن السوريين مقتنعون أن القدس هي عاصمة الثقافة العربية ويجب اقناع الغرب بهذا عبر نقل الاحتفالية لهم , ماذا عن احتفالية دمشق في العام الماضي وهل مارست الاحتفالية نشاطها خارج سوريا ليتعرف العرب على دمشق ؟

نحن منذ أن احتفلنا بحلب عاصمة للثقافة الإسلامية أسسنا فكرة القوافل المشتركة، ظهرنا بفعاليات الاحتفالية إلى عدد من دول العالم وما تقوله قد تحقق جزء منه وقد لا نكون قد أرسلنا في العام الماضي أو قبله للسعودية ولكن أرسلنا إلى الإمارات والكويت والجزائر والمغرب وقطر إلى النمسا واسبانيا وبلاروسيا، هذا كله حدث ولكن لم يحدث على كل العالم، الآن نحن بدأنا احتفالاتنا بالقدس عاصمة للثقافة العربية بمعرض ضخم جداً سيطوف أوروبا، و لم نشأ أن تكون احتفالاتنا مقتصرة على دمشق، وأنا لست مضطراً أن اقنع المواطن السوري أن القدس عاصمة الثقافة العربية، الآن تتجه فعالياتنا إلى أوروبا وبوسعك الآن أن ترى المواد التي ستشحن غداً إلى فيينا لأن المعرض سيبدأ هناك وسينتقل منها إلى العديد من العواصم ونخطط الآن لبرنامج قوي وطموح في فرنسا هذا هو ما نريد أن نمارس فيه رؤيتنا لاحتفالية القدس، أن ننطلق إلى العالم وبخاصة أوربا.

- يعيش المثقف العربي أزمة تقاطع مع السلطة، برأي سيادتكم ما العامل المسبب لتعميق هذا الخلاف وما آلية التعاطي التي تنتهجونها مع الآخر المختلف؟

المثقف العربي في خلاف مع السلطة منذ بدء تكونها لأن المثقف هو معارض أصيل ولكنه ليس معارض من اجل المعارضة، هو معارض من اجل التنمية من اجل التحديث من أجل مزيد من التطور، وعلاقة المثقف بالسلطة تأخذ أحيانا طابعا مزاجيا، بعض المثقفين لهم آراء تقفز فوق الواقع تقفز فوق الإمكانات طبعا قلت أن الفئة الأولى هي فئة مراقبة تريد أن تنبه إلى الفساد وهذا الأمر ربما عبر عنه مثقف كبير هو أبو الطيب المتنبي حين قال لسيف الدولة :
اذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول
فالمثقف ينبغي ان يكون سيفا بيد الدولة لأنه يريها الحق ويمنعها من السقوط وينبه إلى الأخطار ويقول احذروا، حتى أن التاريخ العربي مليء بمثل هذه القصائد الجميلة التي كانت تدق جرس الإنذار أمام الحاكم وتنبهه ربما بطريقة أدبية راقية، ولكن هناك في المثقفين مزامير وطبول وهذا أمر قائم، أما كيف يكون التقاطع المعاصر فاعتقد أن المثقفين اليوم في العالم العربي لايشكون من هذه الناحية، شيء واحد نشكو منه هو التدخل الأجنبي عبر الثقافة، نحن نحذر من أن يحدث اختراق ثقافي في الأمة العربية، هذه الكتابات التي تدعي الحرية وتسيء إلى الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام وتسيء إلى القرآن، واحدهم أمس على شاشات التلفزيون وهو من كبار مثقفي الأمة وهو أدونيس سمعته بنفسي على شاشة التلفزيون يقول (القرآن مليء بالخرافات) أنا لا أحب هذا الكلام ولا يجوز أن يقال، وسيموت ادونيس وستموت كل الأجيال التي سمعت قوله وسيبقى القرآن وسيمضى الجميع وسيبقى القرآن لأن الله وعد بحفظ القرآن ولم يعد بحفظنا أحياء إلى الخلود، هذا أمر لانحبه وهنا يخرج المثقف عن كونه مثقفا ويصبح رجلاً معادياً لقيم أمته

ـ من الأكثر حاجة.. هل السلطات العربية أكثر حاجة إلى المثقفين أم المثقفين هم بحاجة إلى السلطة؟

هذه علاقة جدلية ولا يستطيع المثقفون أن يعيشوا بلا سلطة ولا تستطيع السلطة أن تستعين بالأغبياء فقط .

ـ في الوقت الذي تنشط وزارتكم في تبني طباعة الكتاب يشكو الشعراء والكتاب من هيمنة سلطة الرقيب التي قد تقيد مساحات الإبداع مما يدفع بهم – الشعراء والكتاب- إلى إصدار كتبهم عبر دور النشر التي لا تقع ضمن دائرة القرار الرسمي... ما تعليقكم على ذلك؟

اقرأ هذا النص , يحتجون علينا في الصحافة اليوم أننا أفلتنا الرقابة فظهرت كتب رديئة لا تناسب المجتمع, وعنوان المقال "حاميها حراميها" ويبدو أننا وسّعناها أكثر مما تطيق وتطيق جماهير القراء , نظرنا إلى الإبداع بأنه يحتاج إلى مزيد من الحرية ولكن يبدو أن كثيرين لايستطيعون فهم الحرية المقيدة بالقيم , يعني تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخر, وهناك مثلا ظهر كتاب مؤخراً فيه خروج عن آداب الأمة وأخلاقياتها وصادر عن هيئتنا , لأننا قللنا موقف الرقيب ,أضعفنا موقف الرقيب قلنا يشكون من أن الرقيب يحبط الإبداع.. حسنا أيها الرقيب أرخ الحبل قليلا.. فإذا بنا أمام مشكلة كبيرة جدا لأنه بدأت تظهر كتب تشتم الأمة.

ـ هل هناك ندم على ذلك ؟

ليس ندما ولكن لكل تجربة أخطاؤها ونحن بتنا مضطرين إلى أن لا نعطي ثقة مطلقة لمن يقدم لنا كتابا لأن هناك من لايقدّرون معنى أن نمنحهم كامل الحرية .

- عملت مستشارا سياسياً للرئيس الراحل حافظ الأسد، كيف كنت تقرأ اهتماماته الثقافية وماذا كان يحب أن يقرأ أو يناقش؟

الرئيس حافظ الأسد رحمه الله كان مغرماً بالأدب وبالتاريخ ولأنني اعشق الأدب والتاريخ وجدت الرعاية الكريمة من سيادته فكانت أحاديثنا تغوص مابين الأدب والتاريخ والسياسة , وهذه هي اهتماماته الكبرى وبالتالي كنا كثيرا ما نسرح في أحاديث نستذكر فيها قصص التاريخ الهامة ليس لمجرد الغوص في التاريخ وإنما لاستخراج العبر منه وللإفادة, وأما الأدب فهو حب ثقافي فكثيرا ما كانت تأخذنا أحاديث نبيلة حول كبار المبدعين في الأمة العربية وفي العالم أيضاً وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد مغرماً بالشعر يحب أن يسمع أيضاً, وهذه الجوانب لم تظهر تماماً من شخصيته بوصفه رئيساً للجمهورية , أما لأني عملت قريباً منه فكنت ألمسها بقوة وكان يحب الحديث بعالم الفكر ويتابع ما يتطور من أفكار لذلك كانت المرحلة غنية جدا.

- من من الشعراء العرب الذين كان الرئيس يحب أن يسمع شعره أو يقرأ له؟

كان المتنبي أكثر من سواه وإذا انتقلنا إلى العصر كان نزار حاضراً بقوة.

- أعلام كنت قد التقيتهم نود أن تذكر لنا انطباعك عن كل واحد منهم ... الجواهري...نجيب محفوظ...نزارقباني؟ http://dr-read.net/userimages/R24531-riad.gif

نزار هو سلاف دمشق هو ياسمينها الأنصع والأنقى وهو وردتها الجورية الحمراء وهو قطرة الدم السارية في شريان كل شامي وهو الأغنية العذبة التي غنتها الجدات مع خرير مياه بردى ومع رائحة النارنج ومع رائحة البرتقال في فسحات الدار‘ نزار شاعر سيبقى في وجدان الأمة كلها ليس لأنه أعلى شأن الحب فقط وإنما لأنه أعلى شأن دمشق وأعلى شأن الوطن وطالب الناس بأن يتعلموا من أطفال الحجارة في غزة، أما نجيب محفوظ فهو كاتب رواية المدينة ,تمكن من أن يخرج القاهرة من مصر فينثرها في وجدان الناس حتى صار قراؤه يعرفون الجميلية وخان الخليلي والعباسية قبل أن يزوروا القاهرة , وتمكن في فترته أن يقدم ملحمة روائية ربما في الثلاثية وهو http://dr-read.net/userimages/R245351-riad.gifرجل أفاد السينما كثيرا لان رواياته تحولت إلى أعمال سينمائية شهيرة , ولكنه لم يفهم جيداً فلسفياً حتى بعض رواياته الشهرية إلى الآن لا توجد عليها إضاءات فلسفية, وناقشته في هذا الأمر ولا سيما في روايته الطريق أو حضرة المحترم وهو كاتب أخلاقي لم يتوسل إلى القارئ عبر ابتزاز غرائزه ولم يدعو إلى سرير عابر, ولم يدعو إلى عناوين قد تبيع بسبب دعوتها الغرائزية، هو كاتب جاد محترم وبالتالي فوزه بنوبل كان مصدر سعادة لكل الأدب العربي ، والرجل ودود ولطيف وعرفته عن قرب ويتميز بهدوء الطبع وهو واحد ممن أعتز بأنني عرفتهم في حياتي،
الجواهري أبو فرات رحمه الله كان يشبه أساطير جلجامش، كان رجلاً قادماً من أعماق ثقافة العراق وأحزانه وهو يتميز بشباب الشيخوخة وعبقرية الذاكرة يتميز بصفاء وجزالة اللغة واستطاع عبر إقامته في دمشق من أن يحيي الشام بجبهة المجد وبقصائد عذبة وأجمل ما وجدت لديه عشقه للحياة وتعلقه بالحب وبالنساء وكتابته العذبة عنهن واعتقد أن هذا الجانب أيضا لم يحظhttp://dr-read.net/userimages/R2453651-riad.gif بالإضاءة فقد اشتغل النقاد كثيرا على قصائده السياسية ونسوا انه صاحب القصيدة العذبة "يا لخديك ناعمين" واعتقد أن الجواهري سيبقى شامخا في أدبنا العربي شموخ أبي تمام وشموخ البحتري وهو كان يعد نفسه شاعر الأمة الوحيد ولكنني أضيف إليه بدوي الجبل ونزار قباني وعمر أبو ريشة

ـ في العالم العربي لم يخرج شاعر مثل نزار، كانت قصائده في كل بيت وكل بيت يقرأون لنزار ما هو السر في ذلك ؟

نزار كتب قصائده الأولى لحقائب النساء وكان في الخمسينيات وأوائل الستينيات ديوانه صغير الحجم, يفصل على مقاس الحقيبة النسائية انظر إلى سامبا , إلى طفولة ********* , إلى قالت لي السمراء , تجد أنها دواوين صغيرة صممها نزار لتضعها الصبايا في الحقائب وكي تنام الدواوين تحت الوسادات والمخدات في الأسرة، نزار تسلل إلى قلوب المجتمع عبر لغة عذبة لطيفة يصدق عليها قول ابن المقفع (البلاغة ما يقرؤه الجاهل فيظن أنه يحسن مثله) يعني كلام بسيط عذب , أجمل ما كتب نزار عندي قوله (اعتيادي على غيابك صعب, واعتيادي على حضورك أصعب ) أنظر إلى هذا القول البسيط يقرؤه المرء فيظن أنه بجرة قلم يستطيع أن يكتب مثله لكن سيشعر بأن الأمر ليس سهلا كما توقع، نزار خاطب مشاعر المجتمع ورغم أنهم فهموه متجرئا إلى انه لم يكن كذلك، نزار سحب شيئاً من اللحاف عن قدمي العاشقين ولكنه لم يسحبه كاملاً واجترأ على بعض القضايا التي كان لا يجرؤ الأدباء الآخرون الكتابة عنها فكتب مشاعر النساء، لأول مرة تعبّر المرأة بلسان نزار عن مشاعرها، لأول مرة يتحدث عن مسائل كان المجتمع يعتبرها من التابوهات، مثال ذلك تلك المرأة التي أقامت علاقة غير شرعية مع رجل فحملت منه فجاءت إلى عاشقها تقول حملت فإذا به يسد الباب في وجهها ويقول في قصيدته الشهيرة "حبلى"
لا تَمْتَقِعْ !
هي كِلْمَةٌ عَجْلى
إنّي لأَشعُرُ أنّني حُبلى ..
وصرختَ كالمسلوعِ بي .. " كَلاّ " ..
سنُمَزِّقُ الطفلا ..
وأخذْتَ تشتِمُني ..
وأردْتَ تطردُني ..
لا شيءَ يُدهِشُني ..
فلقد عرفتُكَ دائماً نَذْلا ..

وبعثتَ بالخَدَّامِ يدفعُني ..
في وحشةِ الدربِ
يا مَنْ زَرَعتَ العارَ في صُلبي
وكسرتَ لي قلبي ..
ليقولَ لي :
" مولايَ ليسَ هُنا .. "
مولاهُ ألفُ هُنا ..
لكنَّهُ جَبُنا ..
لمّا تأكّدَ أنّني حُبلى ..

القصيدة شهيرة.. أو إن أردت أن تذكر اجتراءه على عالم المثلية الجنسية بين امرأة وأخرى فاقرأ:
مطر مطر وصديقتها معها
ولتشرين نواح
والباب تئن مفاصله
ويعربد فيه المفتاح
شيء بينهما يعرفه اثنان أنا والمصباح ....الخ
هذا شيء كان خطيراً على المجتمع العربي ولكن نزار تجرأ عليه، نزار صحى على أهمية القصيدة السياسية في هوامش النكسة ولعله وبخ الأمة توبيخاً ضخماً وقصيدته شهيرة جداً ..خبر وحشيش وقمر مفصل هام في التحول , أما قصائده السياسية لدمشق فهي وجدان الشام ولا نقول اعتذارياته فيها, وهي قصيدة غرام لا مثيل للأدب العربي لها
فرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا
فيادمشق لماذا نبدأ العتبا
حبيبتي أنتِ فاستلقي كأغنية
على ذراعي ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساء جميعا ما من امرأة
أحببت قبلك إلا خلتها كذبا
في هذه القصيدة يعبر نزار عن حقيقة مشاعره التي جعلته يسمي نفسه درويشاً في أزقة الشام القديمة وهذا الرجل سيبقى في ذاكرة الأدب العربي نوعاً من التفرد لا يجاريه احد رحمه الله.

بعد رحلة طويلة مع الكتاب قراءة وإبداعا.. هل أحاط الدكتور رياض نعسان بكل ما أراد أن يقوله أم مازالت مساحات البوح بانتظار جديد منك؟
دعني أجيب عن هذا السؤال بقول الشافعي رضي الله عنه
وقل لمن يدعي في العلم فلسفة ... علمت شيئاً وغابت عنك أشياء
لا أزعم أنني أخذت قطرة من بحر الثقافة والعلم فالمرء عاجز عن أن يلم بكل ما حوله ولكنني ربما لم أشعر بالصدأ فقد روتني تلك القطرة وفق ما أمكنني زمني وحياتي القصيرة.

تطرقت قبل قليل إلى ما قاله ادونيس في التلفاز وشاهدته .. http://dr-read.net/userimages/R24537651-riad.gif
أنا بالمناسبة لا أريد أن أركز على ما قاله، الرجل يكتب دائما حتى أنني فجعت لأنه أعطى دمشق أهمية ثانوية جداً جداً, وهي المدينة التي برع فيها كبار المبدعين الذين لم يستطع أدونيس أن يبلغ شأوهم، حسب دمشق أنها مدينة الثقافة الكبرى في الوطن العربي، وأشار إلى عشقه لبيروت فكلنا يعشق بيروت , ولكنه قدم امتياز لبيروت على الشام لأن فيها شرائح وأعراق وأجناس, بوسعي أن اسأل أدونيس هل هناك نوع أو مذهب أو طائفة أو شريحة موجودة في لبنان وليس لها نظير في دمشق؟؟ فحديثه لم يكن مقنعاً للأسف وأدونيس رغم أنه مقدر كمواطن سوري إلا أنني أعجب لماذا يريد أن يقدم صورة أقل من الواقع عن وطنه؟ هل يطلب الفرنسيون منه ذلك؟ كيف يطلبون وساركوزي الذي يفتح صفحة المودة الكبيرة مع دمشق.. هل قال له احد في العالم بأن الطريق إلى نوبل هو الاستهزاء بالقيم الكبرى لا...سيصح على من يفعل ذلك المثل الشهير (ماذا لو كسبت العالم وخسرت نفسك ) يعني مثلا لو قلت لي الآن سأعطيك عشرة جوائز نوبل واحدة تلو الأخرى طيلة عشر سنوات وقل كلمة واحدة ضد محمد عليه الصلاة والسلام أقول لك اذهب أنت ونوبل إلى حيث تريدان وأنا يكفيني رضا الله ورضا رسوله .
http://dr-read.net/userimages/R245378651-riad.gif
ـ الأديبان سليمان العيسى وحنا مينه يعتبران من أبرز الأدباء العرب .. هل نتوقع تكريماً قريباً لهما يشاركان فيه؟

أظن بأننا لم نقصر لحظة بحقهما لقد منحا أعلى ما تملك سوريا، وسام الاستحقاق من السيد رئيس الجمهورية وأقيمت الاحتفالات لهما وما تزال وزارة الثقافة تحتفي بهما يوماً بعد يوم وهما رغم كبر السن حاضران في كل الأنشطة وندعوهما باستمرار، وأنا صديقي أبو معن سليمان العيسى ما زال ينشر كتبه ودواوينه في وزارة الثقافة ويشارك في الأمسيات ومنذ فترة قريبة كنا معا في أمسية في مدينة حمص, وصديقي الذي اعتز به حنا مينه حاضر وبقوة في أنشطتنا الثقافية وبالتالي محتفى بهما باستمرار.

ـ دمشق عاصمة للثقافة العربية حققت المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر كأبرز حدث ثقافي في العام 2008, كيف ترون هذه النتيجة بوصفكم وزيرا للثقافة ومواطنا سوريا ؟

اشعر أننا قمنا في دمشق بما ينبغي عمله وأن الاحتفالية توازنت في جهدين كبيرين صبا فيها، الجهد الأول جهد الأمانة العامة حيث قامت مشكورة بعمل ضخم جدا شمل العديد من النواحي والطرف الثاني هي وزارة الثقافة التي قدمت الفضاءات الثقافية وقدمت المشاركات الدورية، نحن أقمنا ثلاثين أسبوعا ثقافيا شارك فيه العرب والأصدقاء في العالم فضلا عن مهرجاناتنا الكبرى التي وظفناها لصالح الاحتفالية مثل مهرجان دمشق السينمائي الدولي، حدث كبير كان في الاحتفالية وكان أضخم مهرجان عرفته سورية في تاريخ المهرجان مثله مهرجان دمشق المسرحي ومهرجان بصرى الدولي وسوى ذلك الكثير بالإضافة للندوات الضخمة التي قمنا بها مثل ندوة تمكين اللغة العربية التي كانت ذات بعد دولي ومثل ندوات أدب المقاومة فضلاً عن نشاطاتنا الدورية في الفن التشكيلي والمعارض وغيرها فضلاً عن وصولنا إلى خمسمائة وثلاثين عنوانا مسرحيا وصلنا إلى عناوين مهمة جداً لأنه في المهرجان وحده قدمنا ثمانين عنوانا وأكثر، ولم تقتصر مناشطنا على دمشق، يعني لو كانت الأمانة اقتصرت بنشاطها على دمشق فإن الوزارة قامت بقوافل ثقافية إلى خارج سورية تنطلق من دمشق إلى مختلف الأصقاع.

- يصادف هذا الأسبوع موعد بث أولى حلقات برنامج أمير الشعراء التسجيلية .. ماهي الكلمة التي توجهونها للشعراء العرب ولهيئة أبوظبي للثقافة والتراث القائمة على البرنامج ؟

أنا سعيد بأنشطة هذه الهيئة واعتقد بأنها ستقدم خدمة عالية للثقافة العربية ولا سيما ابو ظبي تقدمت منذ ثلاث سنوات بقوة في انجاز مشاريع ثقافية تمثلت في هيئة الكتاب وجوائزها الكبيرة والمجزية وتمثلت في مشاريع الهيئة وفي حرصها على التراث واعتقد بـ أبو ظبي في مجمعها ومن ثم هيئتها قدمت خدمة عالية جدا على صعيد توفير المعلومات الأدبية على الشبكة الالكترونية والجهد الذي تقوم به الهيئة جهد مشكور لأنه يدعم الثقافة العربية ويدعم الفكر العربي وخيارهم لأمير الشعراء أحمد شوقي خيار موفق.
قبل قليل تلقيت اتصالا من الفنان الياس الرحباني، وفي العام2008 نشر خبر صحفي أن الأمانة العامة لاحتفالية دمشق تبنت إصدار البوم للسيدة فيروز كتكريم لها ،هل هناك متابعة لموضوع فيروز والرحابنة كأسماء كبرى على صعيد الفن العربي؟
http://dr-read.net/userimages/R2453798651-riad.gifنحن في سورية ما نزال نعتقد أن ما أنتجه الرحابنة كان ثروة للعرب وللإنسانية لأنهم فنانون على مستوى رفيع, ودمشق احتضنت الرحابنة منذ الخمسينيات والأعمال التي قدمت في معرض دمشق الدولي تاريخيا باتت جزءا من ذاكرة الآباء العرب وحاولنا في الاحتفالية أن نستعيد هذا التراث الغني، أنت تعلم أن مسرحية " صح النوم " قدّمت في مسرح معرض دمشق في السبعينيات ثم قدمناها في الاحتفالية وكان لنا نوع من الزهو أن كل أعمال الرحابنة السينمائية هي إنتاج سوري أنتجها المنتج نادر الأتاسي مثل بياع الخواتم – بنت الحارس وأخيراً سيلينا وهي آخر ما أنتجه منصور الرحباني رحمه الله وهو من كتب السيناريو لهذا الفيلم الذي يعرض الآن عن مسرحية شهيرة هي " هالة والملك" ,وربما كانت دمشق احتفت بشكل غير مألوف بفرح غامر بالحفلات التي قدمها زياد الرحباني على مسرح القلعة والآن نتابع مع الياس الرحباني لتقديم نشاطات ستكون ذروة نشاطات وزارة الثقافة لهذا الصيف، الرحابنة صاروا رمزا للعلاقة الوطيدة بين سوريا ولبنان ودائماً كنت أقول مادام اللبنانيون يسهرون على صوت صباح فخري والسوريون يستيقظون على صوت فيروز فلا حاجة لأن يتحدث أحد عن أعماق العلاقة لأن الموسيقى هي التي تعشش في الوجدان ولا تستطيع قوى عظمى أن تقتلعها من قلوب الناس، أعمال الرحابنة هي عمل تجاري وإصدارها في البومات أو سوى ذلك يتبع البعد التجاري ولاسيما بأن السادة الرحابنة يمتلكون شركات إنتاج واستديوهات وما شابه ذلك ولا أظن بأننا في وزارة الثقافة سنقدم على عمل تجاري من هذا النوع ولا تنسى بأن الأعمال متاحة.

ـ كلمة أخيرة توجهونها لوكالة أنباء الشعر العربي
جميل أن يكون للشعر وكالة أنباء وهذا ما أسسه طرفة بن العبد فهو الذي قال:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فقد صار للشعر الآن وكالة , وقد بدأ بوكالة أنباء فلابد أن يستعيد الشعر دوره بوصفه أول جهاز إعلامي لا أقول عربي وإنما دولي فأهم مصادر التاريخ القديم الآن ملاحم هوميروس وفي التاريخ الروماني ملاحم فيرجل وهكذا ترى الشاهناما وترى الأساطير اليابانية القديمة وتاريخ الهند من الراميانا هذا أمر عادي ونحن الآن ندرس سيف الدولة ( كرمى لعين أبي الطيب.