المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نص كتاب «نظرات نقدية في ثلاث مسرحيات شعرية»،



د. حسين علي محمد
30/05/2009, 04:15 PM
النص الكامل لكتاب «نظرات نقدية في ثلاث مسرحيات شعرية لحسين علي محمد»، للدكتور أحمد زلط

أ.د. أحمد زلـــــط
وكيل كلية الآداب ـ جامعة قناة السويس

نظرات نقدية
في ثلاث مسرحيات شعرية
لحسين علي محمد

الطبعة الأولى
القاهرة: الشركة العربية
1422هـ-2001م
***

بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء

إلى أ.د. الطاهر أحمد مكي
والداً، وأستاذاً، وإنساناً

أحمد ..

***

د. حسين علي محمد
30/05/2009, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

الحمد لله، له الحمد كله، وله الشكر كله، وإليه يرجع الأمر كله، من قبل ومن بعد؛ وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛
فقد قدَّم الكتاب والشعراء ونظراؤهم من بحاث ونقاد إلى مكـتبة الأدب المسرحي العربي مؤلفاتهم القيمة التي تناولت محاور الإبداع والتأريخ والتقويم لمسيرة الحركة المسرحية العربية من زمن مترجمات محمد عثمان جلال (1828-1898م)، مروراً بريادة أمير الشعراء أحمد شوقي (1868-1932م) للمسرح الشعري، ثم إسهامات الرواد عزيز أباظة وعلي عبد العظيم وعبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور (في القالب الشعري)، وفي خط مواز لجهود هؤلاء المحدثين كانت الإسهامات الفنية المسرحية الغزيرة لتوفيق الحكيم تُعطيه حق التفرد لريادة المسرح (النثري) باعتباره «من أبرز الذين تمثلوا ميراث أوربا المسرحي المرتبط باليونان، وأعطى إبداعات درامية على مقاس نماذجها وحركاتها وتياراتها في مختلف المراحل ممهداً لجيل الستينيّات الذي خرج من لعبة التشكيل والمحاكاة إلى اختراق التقنيات الغربية، وتوغّل إلى جذور صيغ وبذور مسرحية في موروثنا الحضاري بحثاً عن الهوية المسرحية لاتباع النموذج الغربي، بل بكسره بعد ممارسته لقرن من الزمن ونيف»(1).
ثم التقط الراية من المحدثين مجموعة من المبدعين الشعراء والكتاب في مصر وبعض الأقطار العربية، يكتبون المسرحية بجناحيها الشعري والنثري؛ فمن المعاصرين ظهرت المسرحيات الشعرية لمحمد مهران السيد وعبده بدوي وفتحي سعيد وأنس داود وأحمد سويلم وفاروق جويدة وغيرهم من جيل الستينيات في مصر، ثم برزت إسهامات جيل السبعينيات في أعمال محمد سعد بيومي وحسين علي محمد … وغيرهما.
وكنت قد تناولتُ بعض أعمالهم في كتابي «في جماليات النص» (1994م)، وقد حظي نتاج بعضهم بالتناول النقدي والدرس الأكاديمي.
وليس من شك أن اختياري لمسرحيات حسين علي محمد(2) الشعرية: «الفتى مهران 99» و«بيت الأشباح» و«سهرة مع عنترة» مردُّه إلى أن تلكم المسرحيات ينتظمها البناء الفكري الموحّد مع اختلاف الأزمنة والتناول في (الحوار، والصراع، والحركة، والشخصيات).
كما اتكأت المسرحيات ـ موضوع المقاربة النقدية هنا ـ على رؤى مسرحية جديدة، متباينة ومتعاقبة في آن، فالمؤلف ظل يبحث طوال العقدين الأخيرين عن «تلك القوى الخارقة التي تجعل الإنسان قادراً على صنع المعجزات، وتغيير أشياء هذا العالم»(3).
والإنسان الذي اتخذه المؤلف بطلاً رئيساً، رأيناه متعدد الوجوه؛ ففي كل مرة ألفيناه بملامح مغايرة عن المسرحيات الأخرى، وشخصية البطل ليست وليدة زمن واحد، بل تتعدد وتنشطر إلى جزئيات، وتطرح الكثير من هموم الواقع ومشاكله. وقد تتبع الدكتور عز الدين إسماعيل تلك القضية التي تسترفد البطل المسرحي فقال: «صار الإنسان هو البطل، بخاصة في عصر النهضة، حين كان يظن أن الإنسان هو مركز العالم، ولكنه ظل الإنسان الممتاز، كشخصيات الملوك والأمراء. حتى إذا ما تزعزعت تلك العقيدة ذهبت معها فكرة البطولة، ولم تعد البطولة تستخدم إلا لتدل على الشخصية الرئيسة في المسرحية، كما تتناول الموضوعات البالغة الأهمية. أما في العصور الحديثة فيقوم التفريق بين الملهاة والمأساة على أساس من فكرة النهاية السعيدة؛ ففي الملهاة تتحقق النهاية السعيدة، أما النهاية المميزة للمأساة فهي هزيمة البطل أو موته في العادة»(4).
وإن تناولنا هنا لنصوص من الشعر المسرحي المعاصر، لا تمثل مستويات الأداء الفني لجيل السبعينيات ككل، وإنما تُلقي الضياء حول منظومة الكتابة بين الملفوظ والمقروء والمرئي والمتخيل لدي شاعر مجيد، يستند إلى منطلقات ورؤى فكرية في سياق شرطها التاريخي، وفي ظل مأساة الفرد / المجتمع، ومرايا الواقع الشائكة.
وأعتقد أن قراءتي الموضوعية لتلكم النصوص ـ مع التباعد الزمني والفروق الفنية فيما بينها ـ كانت محصلتها دائماً: استرفاد الشخصية الإنسانية لتؤدي دور البطل، وفي عملية خلق نموذج الإنسان، وقد تيقّنت أن المؤلف ـ هنا ـ نجح فيما ذهب إليه د. عبد المنعم تليمة في قوله: «وأما الخلق فهو حياة ثرية، كذلك يتوقف نجاح هذا النموذج على مدى تمثيله لما يمكن تسميته (ملامح) الإنسان في مجتمعه. وها هنا يؤدي التعميم الجمالي دوره في العمل الفني، إذ (يحيا) النموذج حياة كل الناس، و(يُعاني) قضيتهم باعتبارها قضيته الخاصة. فإذا كان الموقف الاجتماعي للفنان ضد القهر يمكنه من خلق نماذج إنسانية ناجحة، فإن هذه النماذج ذاتها سلاح يُشهره الفن العظيم: يثبت مكان الإنسان، ويؤكد حضوره في مواجهة القوى القاهرة»(5).
وفي ثنايا النصوص أحاط الشاعر بـ(النموذج البطل / النموذج الإنسان)؛ ففي اختياره لشخصيات أو نماذج (الفتى، أم الملك، أم لخوفو، أم لعنترة .. وغيرها من الشخصيات التاريخية والشعبية) ما يدل على أن المرايا أوسع مجالاً من الأقنعة «لأنها تصلح أن تُرفَع في وجه الحاضر، وأن تعكس الأشياء مثلما تعكس الأشخاص»(6).
وفي المسرحيات الثلاثة تعددت المرايا وتنوّعت إلى تفريعات فنية، مثل تلكم المرايا (البؤرية):
مرايا المكان: حدود صحراوية ـ بيت أشباح ـ مسرح صيفي.
مرايا الزمان: الماضي ـ الحاضر ـ استشراف المستقبل.
ومرايا مجردة: الطيف ـ السؤال ـ الندم ـ الموت.
ومرايا تاريخية: خوفو ـ هامان ـ عنترة ـ السياف.
.. وغيرها من المرايا غير المحددة بزمان أو مكان.
*وإذا كانت الأسطورة قد غابت عن ثنايا النصوص الشعرية المسرحية للشاعر، فإنه أوجد المعادل الموضوعي لغيابها، بعدم استرفاده لها أو توظيفه لأي من رموزها الأسطورية، ذلك أنه لجأ إلى التاريخ، والتراث الشعبي، والمرايا الرامزة في خلق نموذج البطل المسرحي، وفي ذلك يرى د. إحسان عباس أن شعراء مصر المحدثين والمعاصرين «… يتحفظون تجاه الأسطورة، ويقبلون على بعضها الآخر، ومهما يكن من شيء فإن الشاعر المتميز حين يشعر أنه في غير حاجة كبيرة إلى الأسطورة يخلق أساطيره ورموزه الخاصة به»(7).
فغياب المادة الأسطورية في نسيج هذه المسرحيات لا يُقلل من قيمتها، وذلك أن بناء «أي عمل فني يستلزم عنصرين اثنين حتى يتم له البناء، وهما المادة والمعالجة الفنية، وأن الخلاف بين نوع فني وآخر إنما يكون نابعاً من اختلافهما في المادة أو من اختلافهما في المعالجة الفنية، فإذا اختلف النوعان في المادة كانا مُتباعديْن، ولا تربط بينهما إلا صلات الفن العامة»(8).
لذلك نجح المؤلف ـ هنا ـ في بناء مسرحياته بما يخدم أفكاره ورؤاه، واسترفاده للشخصيات التاريخية أم الشعبية، ولا يخفى أن توظيف التراث يعتمد على وعي المثقف لتراثه من جهة، وعلى وعيه التاريخي من جهة أخرى، كما أن تصور الشاعر المؤلف لجمهوره ـ مسبقاً ـ هو الذي يحدد مدى تراثيته أو مدى تجاوزه للتراث، وبين هؤلاء الشعراء من يؤمن أن الشعر فعالية إنسانية لا بد أن تؤدي دورها في إيقاظ المجتمع، «وللتراث الشعبي ميزة هامة، لأنه تراث قريب حي، وحين يلجأ إليه الشاعر، فيتضح بقوة في الأعمال المسرحية، حين يختار الشاعر بطله ممثلاً لظرف تاريخي»(9).
وليس بخافٍ أن اختيار النموذج من تراثنا التاريخي والشعبي يجيء دائماً معبراً عن وجدان الجماعة، وتتبدّى ملامحه في ذهن القارئ للنص أو المشاهد للعرض.
(ينظر استرفاد شخصيات الفتى، والملك، والفارس، والراوي، والشاعر، وغيرها .. في النصوص المشار إليها).
وفي ضوء ما أسلفنا (في هذه التوطئة)، أستطيع القول في اطمئنان أن التذوّق الشخصي personal taste الانتقائي لم يكن هو المدخل السديد إلى دراسة المسرح الشعري عند حسين علي محمد؛ ذلك أن الحكم الجمالي ليس حكماً موضوعيا معرفيا، لكن الاستقراء الموضوعي المجرد جعلني اقرأ مسرحياته الشعرية عن طريق وضعها تحت المجهر المحايد، أو كما يقول ارنهايم «ضرورة وضع الأعمال الفنية في شبكة تصورية عقلية من العلاقات المناسبة».
فعلى سبيل القياس السديد للولوج لمسرح حسين علي محمد الشعري يجب الالتفات إلى الرابطة أو العلاقة الحميمة في الرسم الدوروي لشخصية الراوي في مسرحية «سهرة مع عنترة»، كأنه المبدع المطيع لخبرة الناقد، وهنا يقول د. عبد المنعم تليمة:
«على الشاعر ألا يُوجِّه هواه لشخصية بعينها من شخصياته، بحيث تبدو ناطقة بصوته هو. على الشاعر المسرحي أن يجعل كل واحدة من شخصياته ناطقة بصوتها، وألا يفرض عليها صوتاً آخر. والشاعر محكوم هنا (بحق) كل شخصية من شخصياته في التميز،كما أنه محكوم بأن يكون كل ما تنطق به الشخصية خادماً (للحدث) مهماً للإقناع به، مطوراً له، فالشخصية المسرحية لا تتميّز إلا في (حدث)، والحدث محور الصلة بين كل الشخصيات في المسرحية»(10).
ذلك ما صنعه (الشاعر / الراوي) في حيوية وتقمص لسائر الشخصيات الأساسية والمساعدة ـ هنا ـ وبخاصة في مسرحية «سهرة مع عنترة»، ففي ثناياها ستجد جماع ما استهدفته مداخل "المقدمة" كمفاتيح للمقاربة النقدية التي تحويها فصول الكتاب حول المسرحيات الشعرية الثلاثة.
*ويقيني أن مركز انطلاقة مؤلف النصوص المسرحية دأب على التحليق من بؤرة الذهن المثقل بالهم الواقعي العام، لكن خيال المؤلف لم يُغادر أفكاره أو رؤاه، لأنه مدرك لطرائق الفن، فهو يعكس ما يحدث في الواقع باسترفاد الماضي دون خطابية زاعقة أو تقرير مباشر، بل من «خلال طرائق مختلفة، … كما يعد معدل التغير في التراث الشعري هو دالة للقيمة المُعطاة للجدة لدى الشعراء»(11).
*لفت انتباهي أيضاً، قدرة الشاعر حسين علي محمد في استغلال تقنية «المداخلات المسرحية» بالرموز المكتوبة التي تُفصح عن حال كل شخصية، وهي تشي بقدرة المؤلف على حيوية نسج الحوار بين الشخصيات، ورسم أدوارهم (بالإيماءة الإشارية حين يعلق على الحالة الشعورية للشخصية قبيل الأداء الدرامي مع الآخر)، والمداخلات بالإيماءات الإشارية، التي تتحوّل من رموز مكتوبة في «النص»، إلى حركة أدائية خلال «العرض».
*لقد شُغِل المؤلف في مغزى محتوى نصوصه المسرحية بنسج ملامح البطل أو وجوه النموذج / البطل؛ ففي أقدم مسرحياته «الرجل الذي قال» (1983م) كان البطل مثقفاً، أخرجه الشاعر من النخبة المثقفة في المجتمع، لكنه البطل الذي تُراوده السلطة عن نفسه بين الأخذ والعطاء، وفي مسرحية «الفتى مهران 99» (الفصل الأول من هذا الكتاب) ألفينا الشاعر يُخرج ملامح البطل النموذج من بين الجموع الشعبية، واختار «الفتوة» في عنفه، لا في مثاليته وحنكته، فيقتل، ويُقتَل. لقد كان البطل في النهاية مُخلِّصاً.
أما الوجه المتباين الآخر فهو «البطل الاسمي»، إذ اختار حسين علي محمد في مسرحيته «بيت الأشباح» (الفصل الثاني من هذا الكتاب) بطلاً، لا يعدو ملكاً اسميا، متوهَّماً، يتأرجح بين الفعل ورد الفعل، ومملكته يعبث فيها زمرة من النفعيين، بل المعطلين لحركة الحياة.
وملامح البطل في مسرحية «سهرة مع عنترة» (الفصل الثالث) تُفصح عن بطل غير مرغوب فيه الآن Mode، فالزمان اختلف، والقوة والفروسية والشجاعة لدى البطل الفرد لا وجود لها في عالم الواقع، لذلك جاء البطل في المسرحية صامتاً كصمت سيفه، ساخراً كسخريته من الواقع، فالبطل الصموت ـ هنا ـ يمضي، وتمضي الجماعة في اتجاه معاكس: الدعة والسكون، والسهر والترف، والرقص، والبحث عن إشباع البطون، لا فك القيود وصد العدوان!
إن الفارق الزمني بين أبيات من شعر محمد مهدي الجواهري، وفكرة البطل والبطولة وإذعان الجماعة، يؤكد ثمة رابطة فكرية، ربما تأثَّر بها مؤلف مسرحية «سهرة مع عنترة». فحوْل البطل «غير المرغوب فيه» = البطل الصموت، والشعب في غيه وحرصه ونهمه، يقول الجواهري:
حســْبُ الظنين بوجْدانٍ محاكمةٌ
بها تُزيَّـــفُ أوْ تُستوضح التُّهمُ
حسب الفتي بيَـدِ التاريخ مُحصيَةٌ
ما قدْ جنتْهُ يَدٌ أوْ مَـــا ادّعاهُ فمُ
…أو تحتقرْ «وسيوفُ الهنْدِ مُغْمدةٌ»
فقدْ نظرْتمُ إليْها والسيُـــوفُ دمُ
تبْقى من الشهوةِ العمْيـاءِ سوْأتُها
للمشتهين، ويفنى الحرص والنهم(12)
وبعد؛
فإن المسرح أدب وفن وعلم، وقد حاولت في المقدمة هنا التوطئة للقراءة الناقدة، لنصوص من الشعر المسرحي المعاصر، لشاعر راقت لي نصوصه بعد تذوّق وتمحيص، مثلما أعجبتني رؤيته الفكرية.
أما لغة الحوار المسرحي عند الشاعر فلم تكن لغة عادية مثل لغة وسائل الاتصال، ولم تكن محلقة موغلة في المجاز والبلاغة والغموض؛ بل جاءت لغة فصحى سهلة ميسرة ودالة، وصفتُها باللغة الفصحى الوسطى القريبة، إذ «المسافة المُزاحة بدرجة متوسطة عن اللغة العادية، هي المسافة المثالية»(13) من النصوص الأدبية.
والمرجح عندي الآن أن القارئ أو الباحث الكريم، سيُحاول الوقوف المتأمل عند فصول الكتاب، ربما يجد إجابة شافية، وشائقة، للمُقاربة الناقدة في سؤال حيوي:
هل نجح الشاعر من خلال أعماله الشعرية المسرحية التي استرفدت ملامح البطل من التراث (الشخصية التاريخية والشعبية) في تحقيق طموحات الواقع بالإسقاط المعاصر؟!
لنر ..
والله الموفق والمسدد إلى الصواب.
د. أحمد زلط
شنبارة الميمونة، الزقازيق، ج.م. ع 26/8/2001م.
..........................
الهوامش:
(1) المسرح السعودي: دراسة نقدية، د. نذير العظمة، ص19، ط1، الرياض 1413هـ-1992م.
(2) د. حسين علي محمد (1950- …) شاعر وأستاذ جامعي مصري، من أبناء مركز ديرب نجم، بمحافظة الشرقية، صدر له العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية والمؤلفات الأدبية والنقدية التي تزيد عن العشرين، مثل الوفد المصري في مهرجان الأمة الشعري ببغداد 1984م، والعضوية الدائمة لأمانة مؤتمر أدباء مصر في الأقاليم بالثقافة الجماهيرية، ونال جائزة دار البحوث العلمية بالكويت عن كتابه «القرآن ونظرية الفن»، ومن أبرز مؤلفاته الأدبية والنقدية «التحرير الأدبي»، و«البطل في المسرح الشعري المعاصر»، و«جماليات القصة القصيرة» .. وغيرها. أما دواوينه فهي «حوار الأبعاد» (1977م)، و«السقوط في الليل»، و«شجرة الحلم» (1980م) و«رباعيات» (1982م)، و«الحلم والأسوار» (1984م)، و«الرحيل على جواد النار» (1985م)، و«حدائق الصوت» (1993م)، وغناء الأشياء» (1997م)، و«النائي ينفجر بوحاً» (2000م). أما مسرحياته الشعرية، فهي: «الرجل الذي قال» (1983م)، و«الباحث عن النور» (1985م)، و«الفتى مهران 99» (1999م)، و«بيت الأشباح» (1999م)، و«سهرة مع عنترة» (2001م).
(3) استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، د. علي عشري زايد، ص64، ط2، دار الفكر العربي، القاهرة 1997م.
(4) الأدب وفنونه، د. عز الدين إسماعيل، ص253، ط7، دار الفكر العربي، القاهرة 1978م.
(5) مقدمة في نظرية الأدب، د. عبد المنعم تليمة، ص111، ط وزارة الثقافة، القاهرة 1997م.
(6) اتجاهات الشعر العربي المعاصر، د. إحسان عباس، ص160، ط1، ع2، سلسلة «عالم المعرفة»، الكويت 1978م.
(7) اتجاهات الشعر العربي المعاصر، مرجع سابق، ص166.
( 8 ) البنية السردية، د. عبد الرحيم الكردي، ص78، ط1، دار الجامعات المصرية، القاهرة 1999م.
(9) اتجاهات الشعر العربي المعاصر، مرجع سابق، ص150.
(10) مقدمة في نظرية الأدب، مرجع سابق، ص187.
(11) التفضيل الجمالي، د. شاكر عبد الحميد، ص277، ط1، ع267، سلسلة «عالم المعرفة»، الكويت 2001م.
(12) ديوان الجواهري: شعر محمد مهدي الجواهري، مج1، ص517، مطبعة الأديب البغدادية، جمع وتحقيق: د. إبراهيم السامرائي (بالاشتراك)، بغداد 1994م.
(13) بناء لغة الشعر، ج. كوين، ترجمة: د. أحمد درويش، المقدمة، سلسلة «كتابات نقدية»، الثقافة الجماهيرية، القاهرة 1991م.

د. حسين علي محمد
30/05/2009, 04:17 PM
الفصل الأول
الدرامية بين الحلم الآمل والفعل الناجز
قراءة في مسرحية «الفتى مهران 99»

1-إضاءة أولى:
يدمغ الشاعر حسين علي محمد في مسرحيته الشعرية «الفتى مهران 99» الواقع المترهل، ويكشف زيفه، ويعكس النماذج البشرية التي اكتوت ـ وتكتوي ـ في إحباطها وتئن في عذابات واقعها المعيش على نحو بيّن، صنعته مخيِّلة الشاعر في لحمة نصه أو على لسان شخصيات مسرحيته.
وقد اختزلت المسرحية الشعرية الخطاب الغنائي المطول، كما نجحت الحواريات المكثفة في الإيماء إلى الزمن المعوج، والقمع الأملس، والسدود الملونة.
لقد نجح حسين علي محمد في تجربته الشعرية الجديدة في الكشف عن مكنون أبطال مسرحيته؛ حيث نراه يومئ من خلالهم إلى ظلال المجتمع المدني المعاصر والمعقد ـ أينما كان ـ وهو مجتمع ـ في يسير من التأمل ـ نستطيع معرفته، أو الالتفات إلى كيانه الزمني والجغرافي المقصودين، وقد عبر مؤلف المسرحية عن ذلك المجتمع، بالرغم من تباين واقعه، ومتغيرات أحواله عن مجتمع المسرحية الأولى "الفتى مهران 66" للشاعر المسرحي الرائد عبد الرحمن الشرقاوي.
إن مسرحية "الفتى مهران 99" ـ التي بين أيدينا ـ لا تجعلنا نغادر نهاية القرن العشرين الميلادي إلا وبطلها "الفتى مهران" ينوب عن شعبه (البشر / الثيران) في إزاحة سدة الحكم كي تعبر الفئات المحبطة في الأرض / الوطن محنتها في الاستلاب، وتتحقق أماني فئات الشعب (قطيع الثيران)، أو بعبارة مكثفة دالة يقدرون على استدعاء إشراقة شمس الحرية، فتصدح كل الطيور / البشر بالغناء فوق صفحة النهر من جنوبه إلى صدر دلتاه.
2-"الفتى مهران 99" قراءة نصية:
ذيلت مسرحية "الفتى مهران 99" بدراسة كتبها الشاعر أحمد فضل شبلول، وهي تنم عن مواصلة الاجتهاد البحثي لكاتب الدراسة الذي همه الأول الإبداع الشعري، ومع ذلك نستخلص منها فقرة مستجادة تقول: "استطاع الشاعر حسين علي محمد أن يوفق توفيقاً بعيداً بين لغة الشعر ولغة المسرح، فلم تجرفه الخطابية التي هي آفة العمل الفني عموماً، كما أنه استطاع التخلص من الغنائية التي تتسم بها معظم الأعمال المسرحية الشعرية، وبذا حققت لغته الشعرية ولغته المسرحية هذا التوازن المطلوب والدقيق؛ فتولدت الفكرة من الفكرة، وتولدت اللغة من اللغة، وتولّد الحوار من الحوار، واللفظة من اللفظة، والرد من الرد، والإجابة من السؤال .. بما لا يهدر المكتسبات الفنية لدراما الشعر، ولوحدة التفعيلة الشعرية"(1).
والفقرة الآنفة استقراء متميز، وتخريج متميز كذلك لأدوات الشاعر التعبيرية، أما بقية الدراسة المشار إليها، فتميل إلى التعميم، ومحاولة الموازنة بين الفتى مهران الأولى (66-عيد الرحمن الشرقاوي، "الفتى مهران" الثانية (99- حسين علي محمد)، ذلك أن خدعة البناء السطحي (الشكل والمسميات) تجر غالباً إلى المحتوى أو المضمون الذي قد تتباين فكرته، وطرائق نهجه الفني، كما سنرى.
3-مقاربة مورفولوجية موازنة:
تقع "الفتى مهران" الأولى في 228 صفحة من القطع المتوسط، بينما تقع "الفتى مهران" الثانية في 75صفحة في القطع أقل من المتوسط. وفد جرت أحداث "الفتى مهران" الأولى في أحد عشر منظراً، بينما جرت "الفتى مهران" الثانية في خمسة مناظر فقط، أو في خمس لوحات.
وقد لجأ عبد الرحمن الشرقاوي إلى الإسقاط التاريخي والزمني الرامزين (حيث تدور أحداث مسرحيته في القرن الخامس عشر الميلادي، في عصر المماليك الجراكسة، وفي قرية مصرية) بينما لجأ حسين علي محمد إلى الإسقاط الرامز المسوق بالتأويل للزمان والمكان المعاصرين المعروفين (دون التصريح بهما).
وقد استعمل صاحب " الفتى مهران" (الأولى) حوار التخاطب المسرحي المعروف الذي يُديره بين الممثلين، في عزوف عن استعمال الراوي، وقد أوقف الحوار على (17) سبع عشرة شخصية أساسية، معها مجموعات الفلاحين، والفرسان، والعبيد، والفتيان، والشحاذ، والمُنادي، بينما استعمل صاحب "الفتى مهران" (الثانية) الحوار المتعدد، مع إشراك "الراوي" بدور أساسي، مما قلل أعداد شخصيات مسرحيته بمقدار الثلث تقريباً عن مماثلتها، ونلاحظ أن الشاعر حسين علي محمد قد أفاد من قراءة مسرحية "الفتى مهران" للشرقاوي؛ لكنه لم يكرّر تجربته بالتطابق، أو التماثل شبه الكامل، حتى لو استعار العنوان التقريبي، أو أسماء بعض الشخصيات التي وردت بالنص المنجز أولاً، مثل: مهران، وسلمى، وهاشم، غير أنهم عند حسين علي محمد لعبوا أدواراً غير أدوارهم عند الشرقاوي. وعلى ضوء ذلك ألفينا الفروق الواضحة على مستوى الشكل المرفولوجي عند الشاعرين.
أما أهم الفروق الشكلية ـ أو فروق مورفولوجيا النص المسرحي عندهما ـ فتتباين في لغة الأداء التعبيري الحواري؛ حيث نرى الجمل الشعرية عند الشرقاوي طويلة، وتنطق شخصياته بجمل يصل طول بعضها إلى عشرين سطراً(2)، أما الجمل الشعرية عند حسين علي محمد فتنحو منحى الثبات اللغوي، أو المستوى اللغوي المقتضب، الأقرب إلى الشاعرية مع عدم إغفال اللغة المسرحية.
والجمل الشعرية في "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد تميل إلى الإيقاع الواضح، والقصر، إما لسبب عروضي لاستعماله تفعيلة بحر المتدارك الخببي (فعلن)، والرمل (فاعلاتن)(3)، وبذا تناغمت الأداة اللغوية مع البحرين على امتداد البناء الحواري المسرحي، ولسبب ثان هو شاعرية حسين علي محمد ذاتها، وطول دربته مع فن الشعر إبداعاً ودرساً؛ فعلى حين عُرِف الشرقاوي كاتبا مفكرا، ثم مبدعا قليل العطاء في الشعر، عرف حسين علي محمد شاعراً على امتداد ثلث قرن، وهنا برز الفارق بينهما في اكتناز اللغة الشعرية وتكثيف الصورة مع عمق الدلالة عند حسين علي محمد.
إن تداخل لغة "المونولوج" مع "الديالوج" في لغة الخطاب المسرحي عند الشرقاوي أوقعه في مزالق الاستعمال الشائع للتعبيرات اللغوية غير الشاعرة، تقول الدكتورة ثريا العسيلي عن لغة الشرقاوي في "الفتى مهران": "هي لغة أقرب إلى لغة الصحف والإذاعة، وبعيدة عن لغة المسرح الشعري المكثفة، وأرى أن ما دفع الشرقاوي إلى الانسياق مع هذه اللغة في الحوار المسرحي هو اهتمامه بالدرجة الأولى بالتعبير عن أفكاره، وإغفاله التام لأهمية التوصل إلى الحوار الدرامي الفني"(4).
والواقع أن التوصل إلى لغة الحوار الدرامي الفني قد تحقق في كثير من الأحيان في مسرح الشرقاوي بعامة، وفي مسرحية "الفتى مهران" بخاصة، ومزلق استعمال التعبيرات المألوفة يقع فيه مبدعو المسرح الشعري دون استثناء من شكسبير إلى حسين علي محمد، والأخير استعمل تلك التعبيرات المألوفة في مسرحيته "الفتى مهران 99" في قول لم يتكرر:
فليُفرمْ بالمفرمةِ الذّرّيةْ
(يدير وجهه للسماء، كأنه يخاطب نفسه)
ما أحلى نهديها في قطع البسطرمهْ !
وكبابِ الحلّةْ!(5)
4-المناظر في "الفتى مهران 99":
قدم صاحب "الفتى مهران 99" مسرحيته عبر فصولها الثلاثة، بحيث انتظمتها اللوحات الخمسة المشكلة لبنيتها المعمارية، واللافت للنظر أن "المداخلات المسرحية" اتسمت بالفقر الشديد لسبب غير معلوم، وجاءت التقدمة في أسلوب مكثف، ولوحظ أيضا عدم احتفال المؤلف بتفصيلات المكان بل غياب مفرداته أو تكاد عن اللوحة الثانية، كما لاحظنا إغفال الوصف المكاني في اللوحة الرابعة، وهي أمور فنية يتطلبها تحويل النص المكتوب إلى عرض مسرحي، والعجيب أن المبدع أحد الأكاديميين المختصين في الأدب المسرحي(6)، أي على وعي تام بأهمية الإشارة إلى المنظر في بداية المشهد، فهل كان المؤلف مأخوذاً إلى البناء الشعري أثناء العملية الإبداعية في الأساس لذا كان الالتفات إلى عنصر الوصف على هامش إدراكه؟
5-الحرية .. ومسار البطل المعبر عن الجماعة:
إن البحث عن حق الإنسان في الحريات الأساسية كان مجموع هموم حسين علي محمد التي نسج من خلالها خيوط مسرحيته "الفتى مهران 99".
لقد كان الحلم بالحرية والعدل ـ حقا ـ المسار الفكري الموضوعي في "الفتى مهران 66" للشرقاوي، لكن التأكيد على إنجاز تحقيق الحلم قد تم في المسرحية الثانية "الفتى مهران 99" من خلال فكرة أو كيفية الخلاص من الآسر المقيِّد؛ ولذا وجدنا البطل عند حسين علي محمد يتحول إلى بطل فاعل يتخلّص من أكبر رموز المجتمعات الأوتوقراطية المستبدة بالشعب، حيث ينتصر عليه البطل " الفتى مهران" بحيلة ذكية، تشبه اللعبة الرياضية، على حد مداخلة الشاعر:
(يرفع مهران يده كالفائز في المصارعة، وينسحب في هدوء)(7)
أما العمق الداخلي فيتبدّى في تلك النهاية الدموية للصراع بين الظالم والمظلومين؛ لقد تمرّد "الفتى مهران" للشرقاوي على نظام الحكم السائد، وديكتاتوريته، يقول الدكتور حسين علي محمد عن بطل الشرقاوي "هو بطل يتمرد على الديكتاتورية والحكم المطلق، ويتمرد على توظيف الدين لخدمة الحاكم، أو أن تكون فتاوى المفتي مطية للحاكم الظالم يُمارس من خلالها ظلمه وتسلطه" ( 8 ) . أما "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد فتضع نهاية للقهر والتسلط والأماني المهضومة والوعود السرابية، فـ "مهران" حسين علي محمد هو أداة، تتجاوز الحلم المتمرد ـ أو المخلِّص ـ لما عجز عن تحقيقه عند الشرقاوي، لذا ألفينا النهاية المأساوية الفاعلة واقعاً وفنا فوق خشبة المسرح التي جعلها الشاعر تعكس الحياة المزيفة، يقول الراوي:
ماذا أتكلمْ ؟
ليست عندي الرّغبهْ
فدماءُ الملكِ العادلِ فوقَ الخشبهْ
وأنا وحدي

أين الملكهْ؟
أين القاضي؟
أين الحاجبُ؟
أين طبيبُ القصرْ؟
أين الـ … (9)
ولو تأملنا المقطع السابق لألفيناه صورة نفسية دقيقة للبطل / الفعل، البطل "الكل في واحد"، وهو مقطع استفهامي يستنفر أدوار هؤلاء وأولئك أين وجدوا، لا يبحث عنهم لأسمائهم، بل يعكس أدوارهم وتجاوز الأفول من فوق الخشبة، إلى خشبة البناء من جديد: حيث الملكة التي تعني: الشعور بالوطن والمواطنة، والقاضي: الذي يرمز للعدل، والحاجب الذي يُنادي بالحرية، والطبيب الذي يعني به المبضع القادر على بتر أدواء الأوتوقراطية (وهذه هي الجموع (أو الرموز) التي عضّدت بطل "الفتى مهران 99"، بوعيها، وصمتها، وكلامها، وأنينها). وكانت شخصية "الفتى مهران" في مسرحية حسين علي محمد "الفتى مهران 99" ممثلة لهذه الجموع، ونائبة عنها بطوائفها المثقفة والمقاومة.
6-الحلم بالحرية والعدل للجميع:
تعد مسرحية "الفتى مهران 99" انطلاقة واعية، أو محطة مهمة في المسيرة الشعرية لمؤلفها حسين علي محمد، فهي تستمد دلالتها من ألم طبقات المجتمع التي انهار تماسكها وقيدت أدوارها، وعلى الأخص الطبقة الوسطى، وقبلها الطبقة الدنيا المعذبة، والمسرحية تتمحور حول فكرة كيفية ممارسة الإنسان حقه في الحريات الأساسية خطوة خطوة، ورأياً برأي، إلى بلوغ الذروة الدرامية باستعمال اليد العنيفة بعد استنفاد الرأي العاقل وقد يقول قائل: هل هناك تشابه بين الفكرة التي طرحتها "الفتى مهران 99" وبين بيت أمير الشعراء أحمد شوقي القائل:
وللحريةِ الحمراءِ بابٌ .:. بكلِّ يدٍ مضرَّجةٍ يدقُّ
فالفتى مهران بطل "الفتى مهران 99" يطلب الحرية بضربة خنجر صائبة!
ومن المعروف أن المثقف ـ والمبدع في الصّدارة ـ يميل إلى الفكر العاقل، لا الفعل العنيف. لكن مؤلف المسرحية ـ في نصه ـ يقول: هيهات .. هيهات!، ومن يواجه قهر السلطة المعيش؟
لذلك منح الشاعر البطل فوق الخشبة هذا المعنى الواسع المسلوب!
لم يكن أبطال "الفتى مهران 99" وحدهم شركاء في تلك الأدوار، بل انتظم معهم الراوي ـ وهو على الأرجح مؤلف النص حسين علي محمد ـ الذي يبدأ من حيث انتهى عبد الرحمن الشرقاوي، أي من نقطة الحلم "بالحرية والعدل" وقد وُفِّق حسين علي محمد في طرح الحلم الاستهلالي على لسان شخصية الملك ـ أي ملك؟ بل أي حاكم؟ ـ في حلم خرافي آمر، يصوره الشاعر ـ بعد توطئة ـ على النحو التالي:
سيحدثكم عن حُلم أبصره منذ قليل
هل أتركه يحكي حلمه؟
مازال أمامي وقتٌ لأقول:
جفَّ النهرُ، وغاض الماء
في حلمِ للملك (العادلْ)
ـ معذرةً ! هذا لقبه ـ
فاجتمع الملك قليلا ورجالَ القصرِ
.. وأصدرَ في التوِّ بيانا
يطلبُ فيهِ من الشعبِ الطيبِ
أن يمتنعَ عن الشربِ من النهر(10)
وقد ألح مؤلف المسرحية على هذا الحلم الآمر من الملك (العادل) اسماً، (الظالم) صفة، يقول الشاعر في اللوحة الثانية من المسرحية:
مسرور: قد شربوا من ماء النهرْ

الملك: أخرج من أفواههم النتنةِ ماءَ النهر‍
وتترى نظائر الفكرة الظالمة غير مرة في النص، وهي رغبة الحاكم في امتناع الرعية ـ بل منعهم من الشرب من ماء النهر!، وفي اللوحة الثالثة أيضا إيماءة للظلم وللظالم تحديداً، لا يقصد التصريح بالملك اسماً وزماناً ومكاناً، وإنما الظالم أينما كان، وحيث وُجِد، فيقول عنه: الملك العادل .. الملك الميمون .. الملك الشيطان! أو بصيغة الجمع: الحكام اللقطاء، وهو يعني بالقطع زمرة الأوتوقراطية أينما وجدت(11).
وتتلاحق الفكرة هي هي، بمدلولها، مع اختلاف الطرح الدرامي، يقول الشاعر على لسان "مي":
مي: كانَ مصارعَ ثيرانْ
في كوكبهِ المرِّيخيِّ الأسيانْ
فلماذا لا ينطلقُ الملكُ العادلُ في الليلِ إلى الحلبه؟
يتصارعُ فيها والثيرانْ؟
ولماذا يا زوجي مهرانْ
لا تتزعّمُ تلك الثيرانْ
في رحلتها من أجلِ الماءِ ـ الحريهْ ؟(12)
لعل المقطع الشعري السابق قد أبان عن التمهيد المبرر للدور الذي ينتظر "الفتى مهران 99" ليحسم الصراع بين الملك / الشعب، والأسد / الثيران(13)، لذلك وفق الشاعر المسرحي في التجويد البنائي المبرر بالفن، ومنه أن كان المقطع الأخير من المسرحية ذاتها محققا لذلك التمهيد، ولرجاء المظلومين فيمن ينوب عنهم؛ لقد شاق الجميع الماء / الحرية، الماء / الحياة الأفضل.
ولقد أقحم الشاعر حسين علي محمد شخصية المؤدب / المعلم = المثقف / السلطة، ليلح على امتداد لوحات المسرحية على فكرة مقاومة الشعب لتسلط الطغاة وقهرهم.
وقد تبدّى دور المؤدب في تلك الحوارية بينه وبين تلميذه (الملك)، يقول الشاعر في المسرحية على لسانهما:
المؤدب: إنا اثنانْ
في وجه الطوفانْ
الملك: حقا يا أبتاه !
لا يمكن أن يمضي الحالُ على هذا النحو
المؤدب: عد يا مولاي
عد للملكةِ والشعبْ
واعبرْ هذا الظرفَ الصَّعْبْ !
واشرب من ماءِ النهرْ
ربما جاء من المناسب لغة "الظرفَ الصَّعْبْ !" لأن كل سلطة زمنية لا تحسب، ولا تظن، أنها طارئة ـ غاشمةً كانت أم عادلة ـ بينما وفق الشاعر أيضاً في استحالة أن يجف عطاء النهر، فلماذا لا يشرب الملك مع الرعية "ماء الحياة / الحرية"؟.
(يتبع)

د. حسين علي محمد
30/05/2009, 04:18 PM
7-البطل ابن المدينة:
من هو البطل المنقذ الذي صارع الطاغية وتخلّص منه في دراما دموية في "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد؟ هل هو "رجل" في المدينة، رجل ما؟ أم هو استرفاد لشخصية "الفتى مهران" في الموال الشعبي؟ أم هو محاكاة فاعلة ومستمدة من تجربة "الفتى مهران 66" بطل الشرقاوي؟
إن "مهران" حسين علي محمد، بطل "الفتى مهران 99" أحد الأبطال الجدد، لكنه ـ مع ذلك ـ قديم / جديد، فهو مثقف استخدم الحكمة في وقتها، والثورة في حينها، إنه رجل ما، ينوب عن فئات الشعب، لم تُنبته قرية، بل هو رجل المدينة بكل تعقيداتها العصرية، ولذا لم يتم التمهيد المطول لولادته، أو نشأته، أو الإلحاح على التهيؤ للفعل البطولي الذي نهض به في خاتمة المسرحية.
فالبطل الجديد في "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد أنموذج للبطل المقاوم بالفعل، وهو نتاج عصره، في حكمته واندفاعه المنظم، أما بطل "الفتى مهران 66" للشرقاوي، فقد كان "بطلاً مقهوراً، مزقه الصراع بين القلب والعقل، أو بين الحب والواجب، فلم يكن سياسيا ناجحاً، ولا مقاتلا قويا، فقد تألم من أجل أعدائه، وحين قتل عدوه القائد أخذ يحادث سلمى بتأثر عميق"(14).
لقد ظل البطل عند الشرقاوي حالماً، ومتردداً، ومقهوراً، وعاطفيا، بينما البطل في "الفتى مهران 99" ـ مع ظهوره المباغت غير المبرر ـ يعد بطلاً، مصارعاً، منتصراً، في حكمته واندفاعه، ولا يعيب بناء شخصيته سوى ولادته الناضجة رشيداً قادراً على الفعل الدرامي، دون تدرج منطقي، بل يقدمه المؤلف فجأة، في قوله في النص على لسان الراوي:
آهٍ .. ما رأيكم الآن ؟
أن نحظى بفتاكمْ مهرانْ ؟(15)
وأرى أن هذا ليس كافيا كي يقنعنا المؤلف بميلاد الشخصية، وكانت لدى المؤلف الشاعر مساحة فنية وزمنية، ليتدرج في تقديمه، ولو على هيئة "المنولوج" في اللوحة الثانية المتخمة بتفاصيل كثيرة عن طغاة العالم، أو على لسان الراوي ـ شريك أبطال نصه جميعا ـ الأهم الآن أن "مهران" بطل "الفتى مهران 99"، ولد راشداً وصموتاً؛ والرشد شدة، والصمت بلاغة وعدة!
لقد خبر أسرار اللعبة. يقول الشاعر على لسان بطله، كأنما يُخفي قوته:
ميُّ ، سلمى .. !
يفعلُ اللهُ ما يشاءْ
صغتما الآنَ حلم شعبٍ
شاقهُ الحلمُ والرّجاءُ
ميٌّ .. سلمى
يفعلُ اللهُ ما يشاءْ (16)
8-الراوي ضمير الشخصيات:
يتدخل الراوي في البناء الدرامي لمسرحية "الفتى مهران 99" تدخلاً ملحوظاً ومتكرراً، وهو تدخل محمود ومشروع في سياق بناء النص في هذه المسرحية الماتعة.
ومنه قول الراوي:
هل أعجبكم هذا المشهد
.. بين الملك العادلِ والزعماء التاريخيين ؟
لا تنزعجوا …
فالملكُ العادلُ يتكلمُ أكثرَ مما يفعلْ
قد نشهدُهُ بعد قليلْ …
يتجاذبُ معهم أطراف اللهوْ ..‍‍ (17)
واللافت من استقراء السطر الأخير في المقطع السابق أنه يمنح الراوي مؤشرات الوعي والصدق والخبرة، وهي عوامل جديرة مع غيرها بالتناول والتنويه عند قراءة الأعمال الإبداعية؛ فالمحاورة الداخلية، وسبر الواقع، والتساؤل الساخر في المقطع لم يقله الراوي عبثاً، وإنما نستحصد منه ـ ومن مداخلاته ـ تتويجاً لضمائر أبطاله.

***
خلصنا في ضوء ما أسلفنا إلى حقيقة مؤداها أن البطل في "الفتى مهران 66" للشرقاوي كانت تتنازعه الفأس والسيف، بينما نجده في "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد ممسكاً بالخنجر إمساكاً واعياً يتجاوز الحلم إلى الفعل الناجز، نائباً عن الجماعة حين فاض الكيل، وجف الضرع.
ولقد تآزرت بقية الشخصيات في إطارها المرسوم مع الراوي، وعلى ترتيب احتفال الراوي بها: الملكة، والملك، ومي، وسلمى، ومهران، والوزير، والطبيب، والحاجب، والسياف، والقاضي، والمؤدب .. ولعبت أدوارها من خلال رؤية الشاعر (الذي يتقمص شخصية الراوي في النص المسرحي)، وإن لم يكن نصيب هذه الشخصيات متساوياً في حجم الدور، أو الكم(18).
ومما يُحمد للشاعر حسين علي محمد في مسرحيته، هذه الصور اللغوية المعتمدة بالأرقام، وكذلك الإيماءة إلى معاطف الكراسي في أرقامها ودلالتها أيضاً، مما يعني انتظام التتابع، والاستغراق في التبعية، والأرقام والألوان هنا تجسيد للسخرية، مع الإشارة إلى استكانة أو تهافت أو تقاعس من غابوا عن مقاعدهم؛ حتى وإن أحرقهم الطغاة .. يقول الشاعر مشيراً إليهم:
الملك: أصدرت الأمر
أن أذبحَ جمعَ الثيرانِ الهالكِ
من مملكتي
في محرقتي
معاطف الكراسي: موافقون .. موافقون
الملك: (مسترسلا) أستولد نسلا خيراً من هذا الشعب !
معاطف الكراسي: هذا أفضل !
الملك: (مسترسلا) مملكة تسمع وتطيع
معاطف الكراسي: ….
الملك: لن أحتاج إلى مجلسكم هذا
ولذا، فسأبدأ أستولد نفسي الآن !
لكن قبل البدء …
معاطف الكراسي: هل نخرجْ ؟!
الملك: لا .. لا
ليس الآن
يحسن أن أحرق جمعَ الثيرانْ
وكراسينا الخشبيةْ (مشيرا إليهم)(19)
9-الزمان والمكان:
لقد كاد حسين علي محمد في مسرحية "الفتى مهران 99" أن يعصف بوحدتي الزمان والمكان في العمل المسرحي، إلا أننا يمكننا تأويل زمن النص على أنه أية حقبة زمنية في العقود الأخيرة من القرن العشرين، أما المكان فقد أومأ الشاعر إيماءات نادرة دالة، فهو يشير إلى دولة تستطيع معرفتها من خصائصها الذاتية، ومن سمات الحاكم والمحكومين، والإسقاط فيما يلي هو ما لا يقصده الشاعر في قوله على لسان الملك:
إني مولودُ في المريخ
مخلوقٌ مريخي
كنت مصارعَ ثيران
لكني حين هبطت إلى الأرض
كي أحكم دفتها حتى لا تتأرجح أكثر
حتى لا تسقط في بحر التيه
أبصرت الناسَ كناس في المريخ
لا فرق !
لم أشعر بالغربهْ!(20)
والمتأمل المدقق لن يجد المكان في المقطع السابق، وإنما باستقراء الأسطر الشعرية الدالة في النص المسرحي على امتداد اللوحات الخمس، يستطيع معرفة مكان الحدث وزمن وقوعه(21).
10-عن بعض الشخصيات:
وإذا كان الشاعر حسين علي محمد قد استعاض بإيماءات رامزة لوحدتي الزمان والمكان، فإنه لم يُغفل الإشارة إلى الزعماء التاريخيين أمثال: هتلر، موسيليني، نابليون، شجر الدر، وغيرهم كأمثلة للأنانية والعدوانية.
ومهما كانت شهرة تلك الشخصيات، (أو نبوغها وتفردها!) فإن إيرادها في نص المسرحية أضاف إليها قيمة فنية مهمة، "وسواء أكانت الشخصيات تخييلية، أم مرجعية، وسواء أحضرت الشخصية بأفعالها وأقوالها أم غُيِّبت عن النص فهي الوحدة المفصلية المخولة بالنطق باسم الشخصية والنص، والشخصية لا تتحدد من خلال الأبعاد الجسدية والنفسية فحسب، وإنما تتحدد من خلال الدور الذي تقوم به، ومن خلال الفعل والوظيفة معاً؛ تشييئ الإنسان في النص، أو تشخيص الشيء في النص"(22).
وما أورده صاحب "الفتى مهران 99" من شخصيات قد لعبت أدوارها، ووظف انتخابها في البعدين الأدائي والفكري، يجعل القارئ تنتابه الحيْرة ويتساءل عن الوزير الأوحد في النص. من يكون؟ وأي وزير يقصده المؤلف؟ إنه ليس رئيس الوزراء، أو الوزير الأول، وإنما لا نجد تفسيراً سوى كونه مقرباً من السلطة، وأحد أصحاب المشورة؛ تُفصح عنه تصريحاته في النص، ومفردات: النبأ، الخبر، أبلغك، جئتك … وغيرها (لعلها إشارة لوزارة أحادية، سيادية، كثيرة الكلام، قليلة الفعل، لكنها تظل خبيئة)، والروعة في كونها أحادية مما عمق دراما السلطة الأتوقراطية في وصف رموزها.
أما شخصية "الملكة" فقد جعلها الشاعر بمثابة المعادل الموضوعي للخصوبة المنتظرة أمام جدب الملك وعقمه، فهي المرأة / الوطن، وهي المرأة / الخير، والمرأة / ميلاد الحق، وهي ـ كمعظم قرينات الحكام ـ محبوبة من الشعب من خلال ريادة الأعمال الاجتماعية الإنسانية؛ لذلك صوّرها الشاعر تصويراً نفسيا دقيقاً، إذ تنحاز للجماعة المظلومة، أما البحاث في العلوم الاجتماعية وفي نظريات صراع الأجيال والطبقات فأمامهم فرصة موازنة حقب زمنية مختلفة، أو ظهور طبقة واختفاء أخرى، مع بروز طبقة وانسحاق أخرى، من حيث الطبقة والمهنة … وغيرها.
وفي ضوء ذلك وفق حسين علي محمد في اختيار الطبقات الاجتماعية والمهنية لشخصياته؛ التي جاءت ممثلة للمثقفين في أغلبها، باستثناء الحاجب والسياف.
وعلى الوجه الآخر، يُمكنك أن تُطالع شخصيات "الفتى مهران 66" للشرقاوي، فهي شخصيات تنتمي إلى أكثر من طبقة وأكثر من مهنة، مثل: العبيد، والفلاحين، والعسكر، والمفتي، والتاجر … وغيرهم، مع الحاكم.
إن الوعي الطبقي في النخب المثقفة الجديدة عند الشاعر حسين علي محمد صوغ مقصود لمستويات اجتماعية واعية إزاء مواجهة السلطات الغاشمة. لقد تصدّعت الطبقة الوسطى في العقود الأخيرة في ظل النظام العالمي الجديد، ولم يعد قادرا على مواجهة السلطة سوى النخبة المثقفة، طال الصراع أم قصر.
11-اللغة في "الفتى مهران 99":
إن دراسة مستقلة تتتبع لغة "الفتى مهران 66" للشرقاوي، سوف تفصح عن أوجه تقاربها في المستوى والدلالة مع روايته النثرية "الأرض"، أما "الفتى مهران 99" لحسين علي محمد فاللغة الشعرية كانت لغة بينية وسطى، لم تنزل إلى العادي والخطاب المألوف، ولم تحلق في سماوات لغة الشعر، هذه اللغة الوسطى القريبة من لغة المسرح كوّنت البناء اللغوي الأغلب في نص المسرحية، ومنه:
الملكة: قد سمع اللهُ نداءكْ
هاأنذا بين يديكْ
قبلني يا ملكي الطيب
أطلقْ في جنة خدي .. عصفوريْ شفتيْكْ(23)
ومثل ذلك الاقتدار اللغوي أيضا في قول الشاعر:
الملك: ما كنتُ أظنُّ الملكهْ
تتكلّمُ تلكَ اللغةَ الفظَّهْ !
أين اللغةُ اللينةُ وأين حريرُ اللفظهْ ؟(24)
إن تصعيد البذرة الدرامية المسرحية (ألا يشرب الشعب من ماء النهر) في سياق متتابع لمشاهد ولوحات "الفتى مهران 99" كان البذرة المُلغزة والأقسى، كان الموات / الحياة … والموت يعني الحرمان، والجفاف، والقيد، في مقابل الحياة التي تعني الإشعاع، والخير، والحرية. ذلك ما طمح إليه الشاعر حسين علي محمد في مسرحيته الشعرية الجديدة "الفتى مهران 99 أو رجل في المدينة"، ويقيني أنها جاءت متماسكة فكرة، ولغة، وبناءً وفنا، قال تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي". صدق الله العظيم.


(1) انظر دراسة أحمد فضل شبلول الملحقة بمسرحية "الفتى مهران 99"، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية 1999م.
(2) لاحظ الصفحات أرقام: 40، 41، 58، 59، 92، 93، 119، 120 في نص "الفتى مهران" للشرقاوي، الطبعة الأولى، المكتبة العربية، القاهرة 1966م.
(3) ومعهما احتفاله بالرجز (مستفعلن) بإيقاعه الأقصر والأخف وزناً.
(4) د. ثريا العسيلي: مسرح عبد الرحمن الشرقاوي، ط1، هيئة قصور الثقافة، القاهرة 1994.
(5) د. حسين علي محمد: الفتى مهران 99، مرجع سابق، ص54.
(6) حيث حصل على الماجستير عام 1985م من كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة عن رسالته "المسرح الشعري عند عدنان مردم بك: ظواهره الموضوعية وقضاياه الفنية"، وحصل على الدكتوراه عام 1990م من كلية آداب بنها ـ جامعة الزقازيق عن رسالته "البطل في المسرح الشعري المعاصر".، وقد طبع الماجستير علم 1997م عن الشركة العربية للنشر، القاهرة 1998م، بينما طبعت الدكتوراه ثلاث مرات: القاهرة 1991م، الزقازيق 1996م، الإسكندرية 1999م.
(7) السابق، ص75.
( 8 ) د. حسين علي محمد: البطل في المسرح الشعري المعاصر، ط2، سلسلة "أصوات معاصرة"، العدد (29)، مطابع الفارس العربي بالزقازيق 1996، ص243.
(9) السابق، ص75.
(10) السابق، ص12.
(11) انظر السابق ص ص41-48.
(12) السابق، ص48.
(13) الثيران ـ كما هو واضح ـ ترميز إشاري مما يستعمله الأدباء بالإسقاط على مرموز إليه آخر: الثيران / البشر، الثيران / الشعب، الثيران / الرعاع … إلخ.
(14) د. ثريا العسيلي، مرجع سابق، ص20.
(15) حسين علي محمد: الفتى مهران 99، ص35.
(16) السابق، ص49.
(17) السابق، ص35.
( 18 ) والمقام هنا مناسب للإشارة إلى سقطة مطبعية كبيرة ـ غير مقصودة ـ وهي غياب شخصية "مي"، ضمن تقديم الشاعر لشخوص مسرحيته، عند التعريف بها.
(19) السابق، ص69، 70.
(20) السابق، ص26.
(21) تنظر صفحات 32، 40، 42، 45، 46، من مسرحية "الفتى مهران 99".
(22) د. صبحي الطعان: بنية النص الكبرى، مجلة "عالم الفكر"، عدد خاص عن "النظرية النقدية الحديثة"، ط وزارة الإعلام، الكويت، ص445، 446.
(23) حسين علي محمد: الفتى مهران، ص54.
(24) السابق، ص55.