المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجوم الأعنف على أحمد شوقي



طارق شفيق حقي
16/01/2006, 10:56 PM
ثورة كتاب الديوان للعقاد والمازني:

الهجوم الأول والأعنف علي شوقي احمد حسين الطماوي

صدرت ثلاثة كتب في العقد الثالث من القرن العشرين أثارت جدلا علميا، ونقاشا ادبيا واحدثت دويا في الافاق مازالت تتردد اصداؤه وهي 'الديوان' 1921 للعقاد والمازني، و'الاسلام وأصول الحكم' 1925 لعلي عبدالرازق و'في الشعر الجاهلي' 1926 لطه حسين.. واذا كان الكتابان الاخيران اثارا اهتمام الطبقة المثقفة والطبقة الدينية، فإن الديوان 'شحذ انتباه المجتمع الادبي لانه تعرض لاحمد شوقي الامير المتربع علي عرش الشعر العربي، والذي اينما حط اقيمت له الاحتفالات الكبري فمن يكون صاحب هذا الكتاب الذي يزعزع مكانة شوقي ويهز مقولات مستقرة بأفكار نقدية جديدة تميل بالشعر عن طريقه المألوف؟ من هنا استطار صيت الكتاب وتلقفته الايدي ودوي في الاسماع.
وقد تأمل العقاد في هذا الكتاب شعر احمد شوقي واطال فيه التأمل والتلفت وبين مافيه من تفكك عند حديثه عن الوحدة العضوية ومافيه من مغالاة وشطط عند كلامه عن الاحالة، وندد بما ورد فيه من معان وكلام مبتذل وتشبيهات خاطئة، وتكلف وتعمل، وتقليد للقدماء وسرقات من معانيهم والفاظهم وانتقد انشغال شوقي بالتشبيهات الحسية عن لباب الحقائق، واحاسيس النفوس، ومتابعته للمناسبات، والنظم فيها دون شعور صادق ينساب في التعبير. وقد صحبت اقوال العقاد اشعار شوقي التي اتخذ منها الدليل والمثال علي مايذهب اليه، فكان لتطبيقاته اكبر الاثر في التأثير والاقناع.
والنزعة النقدية لشعر شوقي ليست هي اهم ماجاء في 'الديوان' كما يبدو للنظرة العاجلة، وانما ابرز خصائصه نزوع العقاد الي تجديد الشعر، ومانقده لشوقي الا لانه اكبر ممثل للشعراء التقليديين. وقد كتب العقاد من قبل ثلاثة مقالات عن شعر حافظ سنة 1908 في جريدة 'الدستور' ومقدمة لديوان عبدالرحمن شكري 'لآليء الأفكار' سنة 1913 واخري لديوان المازني سنة 1914 علاوة علي ثلاث مقالات كتبها في 'عكاظ' سنة 1914 ندد فيها بالشعراء الندابين الذين لاينظمون الشعر الا عندما يموت شخص مهم. وفي كل هذه الكتابات كان يهاجم الطريقة التقليدية ويبسط آراءه في ضرورة تجديد الشعر والخروج به عن مداره المعهود.
وليس العقاد اول من انتقد شوقي، فقد انتقده من قبل محمد المويلحي واحمد فؤاد 'الصاعقة' وحافظ ابراهيم والشيخ ابراهيم اليازجي، ونقد شعراء عديدون شعره منهم محمد توفيق والهراوي.. ولكن لم يبلغ واحد منهم مابلغه العقاد في 'الديوان' لانهم يهدمون فحسب اما هو فيهدم ليقيم مذهبا جديدا
وقد ابدت صحف تلك الفترة اهتماما بروح التجديد التي اشاعها العقاد في 'الديوان' وكانت اكثرها كتابة صحيفتا 'السفور' و'عكاظ' والصحيفة الاخيرة حملت علي العقاد حملة شديدة استمرت اكثر من عام، ولم تتورع عن الشتائم والمسبات مثل قولها عنه 'المعلول المسلول' الفقير في الاخلاص والأخلاق...' الي اخر الطعون التي يحاسب عليها القانون، اما السفور فقد التزمت بالحوار الادبي، وشجعت النقد النزيه، ونبذت التجريح والاسفاف، واللافت للنظر ان معظم المقالات التي وردت فيها جاءت بتوقيع مبهم مثل 'كاتب' او بالاحرف الاولي من اسماء كاتبيها مثل م.ك.ك او م.ع ونثبت علي هذه الصفحة مقالين احدهما يستحسن 'الديوان' والثاني يبدي نفورا منه.
واذا كانت هذه الكلمة انصبت علي العقاد وشوقي، فاننا في عدد قادم سنخصص حلقة كاملة عن المازني ودوره في 'الديوان' ورد عبدالرحمن شكري عليه

طارق شفيق حقي
16/01/2006, 10:57 PM
كتاب العقاد والمازني

(نشر الأديبان عباس افندي العقاد وابراهيم افندي المازني الجزء الأول من كتاب لهما وسمياه بالديوان. وقد بعث الينا الأديب صاحب التوقيع الكلمة الآتية في تقريظ هذا الجزء ننشره بحروفه ولنا في الديوان رأي خاص نختلف فيه من بعض الوجوه مع الكاتب الأديب. سننشره في العدد القادم. علي ان السفور يسمح بنشر ما يأتيه من الأدباء في هذا الموضوع سواء للديوان او عليه، تاركا لكل كاتب حرية ابداء رأيه وتحمل المسئولية الأدبية المترتبة عليه. وشرطنا الوحيد علي الكتاب الايتعدوا ما يكتبون فيه من المذاهب الي تناول اشخاص مناظريهم بمالا يحبون ان يتناولهم به احد قال الأديب:
كان لظهور هذا الكتاب دوي بين قرائه لانه أول كتاب من نوعه في النقد، ولأنه اجترأ علي مهاجمة المذاهب القديمة في شخص أكبر شاعر يمثلها. نقول المذاهب القديمة لان الكتاب ليس في الحقيقة مهاجمة لشوقي أو غيره بالذات كما يظن فريق لكنه تحطيم لكل القيود الجامدة الفاسدة التي تقيد بها الشعر والنثر من عدة قرون. واخيرا كان لهذا الكتاب دوي لانه ظهر علي يد شابين من انبغ ادبائنا العصريين ضمناه بعض ما كان يختلج في قلوب انصار الأدب الحديث الذي يخالف تمام المخالفة الطريقة التقليدية الجامدة القديمة. فكان هذا الكتاب اول قنبلة اطلقت جهارا ضد المذهب القديم وكان بمثابة فاتحة للحرب بين مذهبين متباينين احدهما مقلد راكد قديم والاخر مبتكر حي حديث.
لانريد ان ننظر الي الانتقادات التي في الكتاب لاننا كما قلنا نري انه ليس حملة مقصودة ضد شوقي بذاته ولكنه حملة علي كل اتباع المذهب القديم الذين يقلدون العرب تقليدا مبتذلا اعمي فكانوا سببا في انحطاط الادب والفنون ووقوفها نحو عشرة قرون في مصر وفي سائر البلاد العربية فاذا وجد بين القراء من استفزه الغضب علي هذا الكتاب وراح يدافع عن شوقي فليعلم انه لم يغضبه في الحقيقة ما يقال عن شوقي وانما اغضبه انه هو المعني بذلك الكلام لانه لم يستطع ان يحرر عقله ونفسه من اقوال غرست فيهما بالتواتر والسماع منذ الصغر فاصبح لها حكم العادة. علي ان مؤلفي الكتاب قالا في مقدمته انهما لايسألان احدا اقتناعه ولا يخاطبان الذين يتعنتون امام الحجة القاطعة والكلمة الناصعة وكذلك قالا في موضع اخر من الكتاب انهما انما يكتبانه للذين يفهقون اما الذين لايفقهون فلا شأن لهما معهم. وهما يعنيان بالذين يفقهون ناشئي الجيل الحاضر وادباءه العصريين الذين تحررت عقولهم من الجمود والتقليد الذين ارتطم فيهما الأدب من عهد بعيد. وسوف يكثر انصار هذا الكتاب كلما تحررت العقول وصدعت قيود التقليد كما كثر انصار تحرير المرأة بعد ان قوبل صاحب الدعوة بما قوبل به منذ عشرين سنة بل اننا لنتوسم الان ذلك التعضيد والانتصار فيما نراه من همة ادبائنا العصريين وهجرهم الطرق القديمة ونزوعهم الي الابتكار واقبالهم علي مطالعة الأدب الغربي في كل فروعه،بل ان في تقبل هذا الكتاب في هذه الأيام من افراد كثيرين لدليلا علي الروح الجديدة السارية بيننا.
ولم نر بين جميع الذين قرأوا الكتاب من انكر صحة نقده وقوة مآخذه وصواب نظراته وان كان بعض من رسخ فيهم حب القديم واسرتهم التقاليد او هالهم ان تنكشف لهم مناقص الذين استضخموا شهرتهم وعكفوا حينا علي عبادتهم قالوا ما كان احري اصحاب الكتاب ان يرفقوا ويشفقوا ولا يشتدوا في الحملة هذا الاشتداد! واني لأعجب لهم، يوافقون علي ما اتي في الكتاب من نقد ثم يقولون ليته خفف من شدته! افي الدعوة الي الحق لين وضعف'؟ اتطلب من القائد الذي اعجبتك خطته ان يترفق في اخذ عدوه بها؟ ان مؤلفي الكتاب اصحاب دعوة الي نهضة يريدونها واصحاب عقيدة يؤمنون بها وكلا الأمرين لايدع صاحبه مترفقا مع خصومه. ان اصحاب الدعوات الكبيرة يهدمون كل مذهب يعترض دعوتهم بلا هوادة ولا لين. ان الذين يريدون كسر الاصنام لايمسحونها ولكن يهدمونها بالفؤوس والمعاول ويذرون بقاياها في الهواء!
يقول فريق اخر معترضين علي الكتاب انه يهدم ولايبني شيئا فهو عديم المنفعة والغناء! وهذا وهم باطل فلو تركنا قول مؤلفيه في مقدمته انهما سيجعلان خطتهما في الاجزاء الاولي هدم المباديء القديمة البالية ثم يردفانها باجزاء اخري تبين نماذج الادب الحديث الصالح0 لو تركنا هذا جانبا لوجدنا ان هذا الجزء من الكتاب قد احتوي مع النقد والهدم كثيرا من الآراء الناضجة والنظرات الصائبة في الادب والنقد نضرب علي ذلك مثلا نعيه تقليد العرب في ابتداء القصائد بالنسيب وتقليدهم ايضا في طرائق الغزل والتشبيب وذكرهم النوق والجمال والخيام والرحال وظباء الرمل ومها القفر. كذلك يشرح وظيفة الشاعر ما ينبغي ان يكون عليه الشعر من صدق التعبير عن العاطفة والاحساس وينعي علي الشعراء المقلدين الجامدين خلو شعرهم من الابتكار وولعهم بالتشبيهات الفارغة السقيمة والمحسنات المبتذلة المرذولة. كذلك ينبه الي الأبواب والموضوعات الحديثة التي اتسعت للنظم فيها اوزان الغربيين وقوافيهم ولو لم يكن فيه غير قصة الرجل الغربي وشرح قصيدة ابي العلاء والكلام في طرق التشبيه لكفاه. افبعد هذا كله يقول قوم ان الكتاب يهدم ولايبني شيئا؟ واذا سلمنا بما يزعمون فماذا يعيب الكتاب ان يكون هادما لما وضح سوؤه وظهر فساده وخطله؟ فاذا قرأه الناس نحوا بالأدب نحوا جديدا وبنوا له بناء طريفا؟ان الهدم سبيل البناء! الم يهدم فولتير وروسو وهيجو فأتي من بعدهم وبنوا ما ارشدتهم اليه ضمائرهم وعقولهم؟ ان الجيل الحاضر يهدم طرائق الادب القديم البالي ليبني النهضة الصالحة الحديثة التي تفتح عنها هذا القرن وظهرت اثارها بين الأدباء العصريين الذين يصدعون قيود الجمود والتقليد ويجارون روح العصر في الاحساس والتفكير. وهم هم الذين تقبلوا هذا الكتاب بكل قبول.
لو كتب هذا الكتاب بعطف ولين ومداراة كما يطلب اسري التقليد والجمود لمر مرورا بالاذهان التي طال عليها النوم وخدرها الركود وهل يجمل بمن يريدون انهاض الأدب نهضة جديدة ان يدعوا اليها دعاء خافتا ويتملقوا خصومهم ويترفقوا بهم؟ لقد طال جمود الجامدين علي هذا الأدب القديم فلا بد لايقاظهم من صرخات قوية متتابعة ونحن اصحاب دعوة الي مبدأ فلابد من المجاهرة والصراحة حتي يتبين الحق من الباطل. واذا اردت ان تعرف الحق في جانب اي فريق فاقرأ تاريخ الأمم تر لمن كان النصر في امثال هذا العراك. هل كان للجامدين علي القديم المتمسكين بالتقاليد ام للنازعين الي الاصلاح عن طريق الاحياء والتجديد! هل كان للذين يلبسون ابراد الماضي ويحسون احساس الغابر ام للذين يعيشون في عصرهم الحاضر!
اما الذين يريدون ان يتركوا للزمن اتمام هذه النهضة وتحقيق هذا التطور ويقولون اننا ولا ريب واصلون الي ما نشتهي علي مهل فلنترك حبل الايام علي غاربها فانهم فضلا عن فقدهم الشجاعة فيما يرغبون فيه فانهم يدلون علي ان الرغبة لم تبلغ في نفوسهم مبلغ الايمان وكأنهم يطلبون من دعاة الاصلاح وارباب المباديء ان يجاورهم في الضعف والاستكانة وهم بقولهم هذا انما ينكرون التاريخ وينكرون خطوات التقدم الواسعة التي اجتازت بها الأمم اجيالا وعصورا بفضل الدعوات الجريئة. ولو ظلت الانسانية تبعا لرأيهم تسير سيرها البطيء دون ان تدفعها رجات عنيفة وانقلابات حاسمة لما وصلنا الي ما نحن فيه من ضروب الاصلاح والتقدم في ضعف الزمن الزي قطعناه. وما بالهم لايقولون مثل هذا القول عن امانيهم السياسية ويكلونها للزمن يحققها علي مهل مادام الزمن كفيلا بتحقيق كل النهضات. وهل يجمل بالذين يريدون ان ينهضوا بالبلد نهضة سياسية كبيرة ان يغضلوا نهضة الآداب والفنون التي هي من مقومات كل نهضة سياسية ان لم نقل احد اسبابها وطلائعها.
اننا نغتبط بهذا الكتاب لانه اول كتاب من نوعه صريح الدعوة قوي الحجة شديد النقد لم يجامل من يري انهم علي الخطأ ولم يتهيب ان يصدم الناس فيما الفوه واعتادوه فان كان بين ادبائنا الشبان­ ونقول الشبان لان الكتاب لم يكتب للشيوخ الذين نشأوا علي مذهب قديم رسخت فيهم افكاره وآراؤه­ من لم يقنعه الكتاب كل الاقناع فانا نقول له اقرأه مرة بعد مرة واجتهد ان تحرر عقلك من افكار نشأت عليها واحتكم الي ما في الكتاب من رأي صائب ونظر ثاقب. علي ان الكتاب سيفهمه ابناؤنا خيرا منا اذا ظلت مسافة التقدم بينهم وبيننا كما هي الان بيننا وبين ابائنا.
بقيت كلمة صغيرة عن ذلك الفريق الذي ليس من الادب في قليل ولا كثير وهو يحكم فيه حكم خبير. ونحن لانوجه اليه كلاما لان من رضي لنفسه الادعاء خلقا لم تنفع معه كلمة زاجرة ولاعقوبة جائرة. اما الفريق الآخر الذي يحكم علي الكتاب بمجرد سماعه عنه أو قراءة شذرات منه فانا نذكره بحال اولئك الذين سبوا قاسما وكتابه قبل ان يطالعوا صفحة منه ونذكره بحكم الجمهور علي من يحتذي مثالهم، وانا لنعيذ ابناء العصر الحاضر في نهضتهم الاجتماعية الشاملة شر هذا المثال

طارق شفيق حقي
16/01/2006, 10:58 PM
حول كتاب العقاد والمازني

(وعدنا في العدد الماضي أن نبدي في هذا العدد رأينا في كتاب الديوان. وقد تلقينا الرسالة الاتية للأديب الفاضل كاتبها ورأينا ارجاء ابداء رأينا حتي يستوفي الكتاب بحثهم في هذا الموضوع علي القاعدة التي أثبتناها في العدد الماضي).
قرأنا في السفور الماضي مقالة عن كتاب العقاد والمازني دافع كاتبها عن الشدة التي أتخذها المؤلفان في هدم الأدب التقليدي القديم والاشادة بالادب المصري الحديث. ونحن وان كنا نوافق كل قائل بضرورة تشييد الادب الحديث علي روح العصر وإحساسه والتمشي مع تطوراته وابرائه من كل آفة ألمت به دهرا­ ولكنا نذكر ملاحظتين في معرض الدفاع عن شوقي وشكري، اولاهما اننا لانري بلوغ هذه الغاية بمهاجمة فرد واحد بعينه كشاعرنا شوقي. وهل يكون سقوط شوقي مانعا من ظهور شعراء يقلدون العرب ويسيرون علي النمط القديم؟ أن اسقاط شاعر يحتذي العرب في نظمهم ليس تغييرا للروح الادبية العامة التي تسود في البلد والتي نشأت بعوامل كثيرة علي مر الدهور، نذكر منها أن الكتب المتداولة بيننا والطرق التي يلقن بها الادب في مدارسنا واقفة عند حد الكتب القديمة وبعيدة كل البعد عن أن تكون صورة لما يراه الناشئة حولهم من إحساس وتفكير وما وصلت إليه الانسانية من علم وفن.. ونذكر منها أيضا أن الاديب العصري ليس له مرجع في الادب العربي سوف كتب الاقدمين من دواوين الشعر ورسائل النثر التي تعبر عن عصور تقضت واحوال عفت ومضي عليها أكثر من عشرة قرون . فلا غرو اذا انطبع في نفسه من أثر المطالعة شيء كثير . ثم لاننسي الفترة المؤلمة التي تدهور فيها الادب بعد سقوط ملك العرب والاعصر المظلمة التي مرت علي اللغة في مصر وفي سائر البلاد العربية ولاسيما في عهد الايوبيين والمماليك حتي كان لايعد الشاعر شاعرا ولا الكاتب كاتبا الا اذا شابه المتقدمين واتخذهم امثلته العليا في الاسلوب والتفكير، وكان غاية ماتصبو اليه نفس الشاعر أن يمدح بمثل قولهم: شاعر بدوي فحل، ولو وجد في عصر الفرزدق وجرير لبزهما، الي غير ذلك من اشباه هذه المدائح علي اننا نعرف لشوقي بعد هذا كله فضله، فقد ظهر في اواخر القرن الماضي في بدء انتعاش الادب بعد فترة ذلك الجمود الطويل وجاهد مع من جاهد في احياء مواته وإعادة مجده، وزاد علي ذلك أن خالف معاصريه في تركه تحدي العرب في الأغراب والبداوة وجنوحه الي سهولة النظم ورقة الوصف والتعبير عن بعض المعاني العصرية مما لم يكن للأدب العربي به سابق عهد. فأذا دافعنا نحن اليوم عن شوقي فكما ندافع عن المتنبيء او البحتري وغيرهما من شعراء العرب، وإذا اعجبنا به فلانه اجاد مثل اجادتهم. قد يقال ولكن هؤلاء شعراء مطبوعون وهذا شاعر مقلد لهم فنقول لماذا نجري وراء الصفات بدل الحقائق ولماذا لاننظر اليه كواحد منهم؟ وهل اذا تأخرت بشعره العصور منعنا هذا من أن نري فيه الحسنات التي تعجبنا في شعر المتقدمين وليكن اجلالنا له علي أنه متنبيء او بحتري آخر. وقد زاد فضله عليهم قرب روحه من روحنا ولغته من لغتنا.
بقيت كلمة صغيرة عن الملاحظة الثانية­ وهي خاصة بنقد شكري، فقد سكت كاتب مقالة السفور عن الكلام في هذا الموضوع سكوتا تاما يدل من طرف خفي علي مشايعته للرأي القائل بأن هذا النقد لم يكن هذا او انه ولافي هذا الكتاب محله. يقولون اذا كان الغرض من هذه الدعوة الأدبية هو صدع قيود الجمود والتقليد والحث علي مجاراة العصر في الأحساس والتفكير ، فما بال الكتاب يهاجم شاعرا كشكري هو من انصار هذه النهضة والمجاهدين في هذه الدعوة، وكفاه انه استطاع أن يعمل ولو قليلا في تذليل بعض العقبات، فقد تنكب سبيل الشعراء المقلدين واطلق نفسه من قيود الجمود وحرر عقله وقلبه من اتباع سنن الاولين، واظهر لنا في دواوينه السبعة ضروبا من التفكير والاحساس نقل فيها عن نفسه وطرق ابوابا من الشعر تعبر عن عصره. فإذا قيل ان شكري لم يزل اسير العادات والاصطلاحات ولم ينجح النجاح كله في التخلص من قيود التقليد قلنا فما احراه ان يؤخر نقده حتي تستم الدعوة للجميع فينحي علي المقصرين فيها.
هذه كلمتنا في المدافعة عن شوقي وشكري ندلي بها محترمين مخالفي رأينا فيها، لاتعصبا لهما ولا إيثار للقديم علي الجديد، ولكن دفاعا عن حق نعتقده ، ونرجو الا يكون لها غير الوقع الجميل عند صاحبي الديوان وكاتب مقاله السفور

غير مسجل
26/12/2009, 11:11 PM
له أجر الإجتهاد ، أما أنتم مافعلتم؟

غير مسجل
07/01/2010, 04:50 AM
من معاء ينضح بما فيه

غير مسجل
13/01/2010, 07:46 PM
لكم الشكر على المجهوداتالجبارة