المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أميركا والمنطقة.. بعد الهزيمة



طارق شفيق حقي
16/01/2006, 09:53 PM
أميركا والمنطقة.. بعد الهزيمةبقلم جبران كوريةانطلق الحديث عن انسحاب قوات الاحتلال الأميركية من العراق، من جديد وبقوة، وشغل الرأي ‏العام في جميع أنحاء العالم.‏والحديث عن الانسحاب الأميركي من العراق المحتل أطلقه الرئيس الأميركي جورج بوش الذي تحدث ‏علناً عن قرار أميركي ببدء سحب قوات الاحتلال الأميركي - البريطاني من العراق في فصل الربيع ‏من هذا العام.‏ويمثل القرار الذي أعلنه الرئيس بوش تحولاً هاماً في السياسة الأميركية التي يقودها المحافظون ‏الأميركيون الجدد في الشرق الأوسط وبدء مرحلة جديدة في المنطقة والعالم.‏وعندما يتحدث رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم عن أن القوات التي بعث بها إلى العراق، في ‏سياق سياسة أميركية للسيطرة على العالم وثرواته النفطية، ستبدأ الانسحاب من الأراضي ‏العربية فهو يلغي من جهة كل التصريحات التي أدلى بها عن بقاء قوات الاحتلال في العراق حتى ‏تحقيق النصر النهائي ويعلن من جهة أخرى للعالم أن الولايات المتحدة ليست الدولة القادرة ‏على كل شيء وأن القوة العسكرية التي تملكها لا تملك القدرة على قهر شعب يتمسك باستقلاله ‏وسيادته ويحمل السلاح لمقاومة المعتدين والدفاع عن أرض الوطن.‏والذين تخيلوا مع العدوان الأميركي على العراق أن الاحتلال الأميركي قدر محتوم باق وعلى ‏شعوب العالم أن تتقبله وترضخ له أصيبوا، وسيصابون، بخيبة أمل كبيرة وسيجدون أن مصائر ‏الشعوب ليست بيد الولايات المتحدة وقدراتها العسكرية بل بيدها هي عندما تحزم أمرها ‏وتقدم التضحيات في الدفاع عن أوطنها ودولها الوطنية.‏لقد تحمّل الرئيس جورج بوش المسؤولية الكاملة عن شنّ الحرب على العراق مستنداً إلى اتهامات ‏للنظام العراقي ظهر فيما بعد أنها كانت مختلقة و(مفبركة) وستاراً للأطماع التوسعية التي ‏ميّزت السياسة الأميركية العدوانية للمحافظين الجدد بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ومنظومة ‏البلدان الاشتراكية في أوروبا. وها هو الرئيس الأميركي نفسه يعلن بعد حرب عدوانية تقترب ‏من نهاية عامها الثالث أن قوات الاحتلال ستترك العراق.‏هذا الرئيس يعلن أمام العالم ليس فقط أن الإدارة كذبت على الشعب الأميركي عندما ادعت أن ‏النظام العراقي كان يملك أسلحة دمار شامل وأنه يتعاون مع منظمة القاعدة - التي أرست ‏الولايات المتحدة أسسها في أفغانستان - بل كذلك كذبت عليه عندما ادعت في بداية شهر أيار ‏من العام 2003 وبلسان الرئيس بوش «أن العمليات القتالية الأساسية في العراق قد ‏انتهت».‏لقد قال الرئيس بوش يومها، ومن على ظهر حاملة الطائرات (يو. أس. أس. ابراهام ‏لينكولين) الراسية قبالة السواحل الأميركية على المحيط الهادي:‏‏«لقد انتهت العمليات القتالية الأساسية في العراق». «في معركة العراق سادت الولايات ‏المتحدة وحلفاؤنا. واليوم ينهمك ائتلافنا في تأمين هذا البلد واعادة بنائه. في هذه ‏المعركة قاتلنا من اجل قضية الحرية ومن أجل سلام العالم. إن أمتنا وائتلافنا فخوران بهذا ‏الإنجاز».‏ومما قاله الرئيس بوش أيضاً: «إن معركة، العراق هي انتصار واحد في الحرب على الإرهاب التي ‏بدأت في 11 أيلول 2001 ولا تزال مستمرة».‏‏«إن تحرير العراق هو تقدم حاسم في الحملة على الإرهاب. لقد أزلنا حليفاً للقاعدة وقطعنا ‏مصدراً لتمويل الإرهاب. إن أي شبكة إرهابية لن تحصل على أسلحة للدمار الشامل من النظام ‏العراقي».‏ومقارنة ما أعلنه الرئيس بوش مؤخراً عن قرار البدء بسحب قوات الاحتلال من العراق، بما ‏كان قد أعلنه في بداية شهر أيار 2003 بما أعلنه عن «إنتهاء العمليات القتالية الأساسية ‏في العراق»، تُظهر وقبل كل شيء، أن حكام الولايات المتحدة، لا يتمتعون بالمصداقية وأنهم ‏يكذبون على شعبهم وشعوب العالم ولا يحترمون مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان ‏ويطمحون إلى إلغاء سيادة واستقلال دول العالم.‏لقدانتصر الشعب العراقي على الغزاة بصموده ومقاومته الوطنية وتضحياته ودفع ثمنا ‏غالياً جداً للتأكيد على تمسكه بوحدة العراق أرضاً وشعباً وبانتمائه العربي وأسقط الوهم ‏الذي أشيع ويشاع عن أنه ما من قوة في العالم تستطيع في الوقت الحاضر إلحاق الهزيمة ‏بالولايات المتحدة.‏وتضحيات الشعب العراقي ومقاومته الوطنية الباسلة لم تنقذ مستقبل العراق الواحد الموحد ‏فقط بل ساهمت بانتصاراتها في حماية أقطار عربية أخرى وفي تدمير أسس اتجاهات التخاذل ‏والاستسلام في الساحة العربية. واذا كانت الولايات المتحدة الأميركية أرادت من غزوها ‏العراق استكمال تنفيذ استراتيجيتها القائمة على بسط سيطرتها على العالم ووضع يدها على ‏مخازين النفط الموجود قيد الاستثمار والمكتشفة في مختلف مناطق العالم وكذلك على طرق نقلا ‏النفط، فإن هزيمتها في العراق تشكل حدثاً تاريخياً ومدخلاً إلى بدء انحسار التمدد العسكري ‏الأميركي في العالم وبداية انطلاقة جديدة لحركة التحرر الوطني العربية وحركة توحيد النضال ‏الوطني والقومي العربي في ظل الظروف والمعطيات الجديدة التي ظهرت في العالم بتأثير انفراد ‏الولايات المتحدة بشغل مركز القطب الوحيد في العالم.‏إن هزيمة الولايات المتحدة في العراق كانت مرئية منذ البداية رغم الوهن الذي كان قد ‏أخذ برقاب التضامن العربي والعمل العربي المشترك ومعاهدة الدفاع العربي المشترك الموجود ‏في محفوظات جامعة الدول العربية. وقد ساهم الوضع الداخلي في الولايات المتحدة في الضغط ‏الشديد على الإدارة الأميركية لحملها على إنهاء الحرب وسحب قوات الاحتلال من العراق واعادتها ‏إلى الولايات المتحدة.‏ودلت الأرقام التي حملتها استقصاءات الرأي في الولايات المتحدة على أن شعبية الرئيس بوش ‏قد هبطت من حيطان الثمانين بالمائة إلى الأربعين بالمائة. كما شهدت المناقشات في الكونغرس ‏انتقادات شديدة في عنفها لسياسة الإدارة الأميركية وحربها العدوانية في العراق، ولعبت ‏الحملة، التي تقودها أمهات العسكريين الأميركيين الذين سقطوا في العراق، ضد الحرب في هذا ‏البلد العربي دوراً هاماً جداً في تنظيم حملة شعبية واسعة النطاق في الولايات المتحدة ‏للمطالبة بوقف الحرب في العراق وإعادة الجنود الأميركيين الذين تفاقمت خسائرهم إلى الوطن. ‏ وطوّقت التصريحات التي أدلى بها سياسيون أميركيون الإدارة الأميركية في داخل الكونغرس وخارجه، ‏كما طوقت الحركات الشعبية المعادية للحرب الإدارة الأميركية في أوساط الرأي العام الأميركي ‏ولاحقت الرئيس بوش إلى البيت الأبيض ومزرعته الخاصة ومنزله في كروفارد، وأصبح اسم السيدة ‏سيندي شيهان والدة أحد ضحايا الجيش الأميركي في العراق رمزاً للحركة الشعبية المعادية ‏للحرب. كما برز اسم السيد سيلستي زابالا التي فقدت ابنها أيضاً وقادت مظاهرات واعتصامات ‏معادية للحرب في العراق في الأوساط الشعبية والإعلامية.‏ومن أهم التصريحات التي أدلى بها سياسيون وبرلمانيون أميركيون ضد سياسة الحرب في العراق، ما ‏قاله وزير الخارجية السابق كولين باول في حديث مع شبكة (سي. ان. ان) التلفزيونية ‏الأميركي.‏باول الذي ألقى خطاباً في مجلس الأمن لتبرير العدوان على العراق قال لمشاهدي التلفزيون ‏الأميركيين «كان (يعني الخطاب) وصمة لأنني أنا الذي قدم هذا العرض أمام العالم باسم الولايات ‏المتحدة وسيكون باستمرار جزءاً من نتائج عملي. إن ذكرى هذا العرض مؤلمة».‏ويزيد من أهمية الضغوط الدخلية على ادارة الرئيس بوش أن الانتخابات النصفية للكونغرس ‏تقترب أكثر فأكثر خاصة وأن التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الأميركية تشير إلى ان ‏احتمالات فشل المحافظين في تأمين الأكثرية تفوق الميول إلى ترجيح فوزهم.‏والهزيمة الأميركية في العراق ليست هزيمة عسكرية فقط بل هي هزيمة سياسية وأخلاقية، وإذا ‏كانت الإدارة الأميركية الحالية قد شكلت في السابق لجاناً للتحقيق في عوامل انهيار سمعة ‏الولايات المتحدة في العالم تحت عنوان: «لماذا يكرهوننا؟» فإن ما اقترفته قوات الاحتلال ‏الأميركي في العراق استفز العرب جميعاً ومعهم المسلمون وشرائح كبيرة جداً في الرأي العام ‏العالمي. وقد تحولت الجرائم في سجن ابي غريب وغوانتنامو وتلعفر والقائم والفلوجة إلى ‏وصمة عار في صورة الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم. ولا قيمة في هذا الجانب لتبجحات ‏الرئيس بوش ومزاعمه عن نشر الديموقراطية في العراق وأفغانستان، وقد عمت القناعة لدى ‏الرأي العام الأميركي وفي مختلف بلدان العالم بأن الإدارة الأميركية تحجب الحقائق عن الرأي ‏العام وأنها تزوّر الحقائق وتخالف المواثيق والقوانين الدولية وأن الرئيس بوش في دفاعه عن ‏مواقفه لا يقول الحقيقة وهو يخفي الحقائق عن الشعب.‏ولم تنفع جهود الإدارة الأميركية في اقناع الرأي العام في الولايات المتحدة والعالم بأن هذه ‏الدولة العظمى تحظى بتأييد عالمي كبير، وتزداد القناعة في العالم بأن الدولة العظمى ‏الوحيدة حالياً لا تحظى بتأييد غير شروط لدى الدول التي يقال أنها حليفة لواشنطن فالعالم ‏الرأسمالي ليس صفاً واحداً وراء الولايات المتحدة. والتناقضات داخل هذا العالم تتنامى ‏وتزداد وتتفاقم عواملها وهي سمة من سمات الواقع داخل هذا العالم وان لم تصل بعد إلى أبعد ‏من التمايز في المواقف من أهم القضايا الدولية.‏والعرب ليسوا بعيدين عن التأثر بما يجري في الولايات المتحدة والعراق والادارة الأميركية ‏تعمل بكل ما هو متيسر لها من عوامل التأثير على الأوضاع العربية والتطورات الداخلية في ‏البلدان العربية من أجل تنفيذ أهداف الاستراتيجية الأميركية الشاملة في منطقة الشرق ‏الاوسط. وما يجري في فلسطين ولبنان وما يجري حول سوريا هو شاهد على أن الولايات المتحدة ‏المهزومة في العراق تعمل بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتنفيذ خطة «الفوضى الخلاقة» ‏والوصول إلى ما تتصوره من نجاحات تخفي آثار الهزيمة في العراق. إنهم يريدون فرض حل في فلسطين ‏يستجيب لتطلعات إسرائيل. ويعملون في فلسطين للتخلص من المقاومة المسلحة ولفرض إدارة ‏فلسطينية مطواعة للولايات المتحدة وإسرائيل فوق ما تبقى من الأرض الفلسطينية بيد ‏الفلسطينيين ويعملون في لبنان لتحطيم العلاقات اللبنانية - السورية ونزع سلاح المقاومة ‏وتوطين اللاجئين الفلسطينيين بعد نزع سلاحهم وإيجاد تسوية مع إسرائيل باسم السلام كما ‏يعملون لتطويق سوريا واضعافها وإلغاء دورها المؤثر في التسوية العامة في المنطقة وفرض ‏تسوية عليها تنفي التأثير السوري في فلسطين ولبنان والعراق وتنهي موضوع الأراضي السورية ‏التي تحتلها إسرائيل.‏وهكذا يمكن للمرء إيجاد تفسير للتحركات والضغوطات الأميركية في لبنان وسوريا وفلسطين ‏واكتشاف الأيدي التي تعبث في داخل العلاقات بين البلدان العربية وفي الأوضاع داخل هذه ‏البلدان وحولها.‏وإذا كانت هزيمة الولايات المتحدة الأميركية تسير في طريقها الطبيعي في العراق فإن المناورات ‏والمحاولات الأميركية ستستمر باستماتة لا سابق لها، الأمر الذي يدعو العرب إلى اللجوء إلى ‏سلاحهم الأقوى والأمضى وهو التضامن العربي والعمل العربي المشترك والتصدي للسياسة ‏الأميركية التي تحمل في جوفها المصالح الأساسية لإسرائيل حليفة الولايات المتحدة وقاعدتها ‏الأساسية في المنطقة.‏إن التصدي للسياسة الأميركية - الإسرائيلية ومناوراتها وأهدافها في المنطقة هو الذي يحفظ ‏لكل بلد عربي استقلاله وسيادته وليس العكس

محمود الحسن
16/01/2006, 11:14 PM
اذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
اللهم اجعل هذا الخطاب هو بداية النهاية
آمين