أحمدوحيدصابر
12/05/2009, 11:03 AM
قصة قصيرة / حكمٌ مسبَق !
ركبتُ الحافلة متوجّها نحو المدينة السياحية..أحمل عودي كالعادة وقد وضعته على ركبتي مع حقيبة صغيرة.. قطعنا مسافة 10كلم تقريبا .ثم استوقفتنا عجوز كانت عند المحطة ،ركبتْ وكان معظم الرّكاب مسنين.ما عدا شابا أشقر يضع سماعات في أذنيه ،ويهزّ رأسه. صعدت العجوز ولم تجد لها مقعدا..لكنّ الشاب لم يحرك ساكنا. أما أنا فإنني أحمل عودا وحقيبة ..مشكلة !.. ثم أين أضع أغراضي؟ انتظرْنا الشاب لعله يشعر بما نشعر به لكنه لم يعرْنا أيّ اهتمام..! بل كان يلتفت نحوي كأنه يريد أن يقول شيئا ..ثم ماذا يقول وهو غير مؤدب ؟.. وتذمّر الرّاكبون من تصرّف الشاب .. لكن بقي في مقعده..وراح كلّ واحدٍ يقول كلاما موجها للشاب :
-"جيل ليس كجيلنا ..يبدو أن أباه لم يحسن تربيته..إنه من أبناء الشوارع ( رغم أن لباسه كان في غاية الأناقة لكن تصرفاته لا تتناسب مع لباسه) المهم أخذ من الشتم والسّب ما لم يسمعه أحد ..هو لم يسمع شيئا لأنه يضع سماعات ..كان من حين لآخر ينظر نحو العجوز ثم يلتفت إليّ....قلت في نفسي :
-" هو أصغر مني، فالأجدر به أن يقوم هو وليس أنا لماذا ينظر إليّ هكذا..؟
أما الركاب ..فما زالوا يشتمون..قال احدهم :
- "لو كانت له أم لشعر بهذه العجوز" .
ردّ عليه آخر:
-" ماذا تقول..؟ بل قل أن أمّه لم تحسن تربيته !..تخريف ؟!" التفت إليه الرجل وقال له :
-"وما دخلك أنتَ أهو من بقيّة أهلك..؟ لماذا تعقـّب على كلامي..؟ فعلا هو من أبناء الشوارع ما رأيك..؟ "
.. قال الرجل:
-"بل يبدو أنه قريبك وتعرفه جيدا!"
..غضب الرجلان من بعضهما البعض وكادت تحدث مشكلة..لولا تدخل القابض..والغريب في الأمر أن القابض بعد أن فكّ النزاع بين الرجلين وضع يده برفق على رأس الشاب الأشقر وابتسم له وليتها كانت عادية يبدو أنها ابتسامة عطف.أو لأنه يضع سماعات هو الآخر مثله...قام رجل وقال:
-" إذا كان رب البيت للطبل..!".. إذا كان القابض متعاطفا مع الشاب البليد، فلا داعي للحديث..العجوز بدا عليها التعب والمسافة بعيدة.. بقيت 15كلم.. أعطيتُ العود لأحد الركاب وقلت لها:
- " تعالي يا أمي..." شكرتني وقالت:
- " سأنزل في هذه المحطة شكرا ولدي".. نظر إليّ الشاب فنظرت إليه نظرة استخفاف واستحقار..على تصرفاته الغير إنسانية..أ بعد كل هذا و ينظر إليّ ..
- " وقاحة..! "
بعد لحظات وصلنا المحطة .نزلت العجوز..وفي نفس اللحظة ينزل الشاب فيصرخ أحد الركاب :
- "آه.. آه.. اللهم أغفر لي اللهم أنك عفو تحب العفو فأعفو عني ".. أخطأت..
وقال ثاني :" أنا آسف جدا يا بني، تسرعتْ..!"وقام آخر وهو ينادي الشاب من وراء الزجاج :
- "سامحني يا بني أرجوك "..
وقام كل من في الحافلة يعاتبون أنفسهم.كان علينا أن نسأل قبل أن نخطأ..طلبتُ من السائق أن يتوقف لأنزل ..نزلت وتوجهت نحو الشاب..أعطيت الحقيبة لأخته الصغيرة التي كانت في انتظاره..ووضعت عودي على ظهري و استسمحتها أن ادفع به كرسيه المتحرك..وكان الطريق طويلا ..!
بيرين / 2009
أحمد وحيد صابر بورنان
ركبتُ الحافلة متوجّها نحو المدينة السياحية..أحمل عودي كالعادة وقد وضعته على ركبتي مع حقيبة صغيرة.. قطعنا مسافة 10كلم تقريبا .ثم استوقفتنا عجوز كانت عند المحطة ،ركبتْ وكان معظم الرّكاب مسنين.ما عدا شابا أشقر يضع سماعات في أذنيه ،ويهزّ رأسه. صعدت العجوز ولم تجد لها مقعدا..لكنّ الشاب لم يحرك ساكنا. أما أنا فإنني أحمل عودا وحقيبة ..مشكلة !.. ثم أين أضع أغراضي؟ انتظرْنا الشاب لعله يشعر بما نشعر به لكنه لم يعرْنا أيّ اهتمام..! بل كان يلتفت نحوي كأنه يريد أن يقول شيئا ..ثم ماذا يقول وهو غير مؤدب ؟.. وتذمّر الرّاكبون من تصرّف الشاب .. لكن بقي في مقعده..وراح كلّ واحدٍ يقول كلاما موجها للشاب :
-"جيل ليس كجيلنا ..يبدو أن أباه لم يحسن تربيته..إنه من أبناء الشوارع ( رغم أن لباسه كان في غاية الأناقة لكن تصرفاته لا تتناسب مع لباسه) المهم أخذ من الشتم والسّب ما لم يسمعه أحد ..هو لم يسمع شيئا لأنه يضع سماعات ..كان من حين لآخر ينظر نحو العجوز ثم يلتفت إليّ....قلت في نفسي :
-" هو أصغر مني، فالأجدر به أن يقوم هو وليس أنا لماذا ينظر إليّ هكذا..؟
أما الركاب ..فما زالوا يشتمون..قال احدهم :
- "لو كانت له أم لشعر بهذه العجوز" .
ردّ عليه آخر:
-" ماذا تقول..؟ بل قل أن أمّه لم تحسن تربيته !..تخريف ؟!" التفت إليه الرجل وقال له :
-"وما دخلك أنتَ أهو من بقيّة أهلك..؟ لماذا تعقـّب على كلامي..؟ فعلا هو من أبناء الشوارع ما رأيك..؟ "
.. قال الرجل:
-"بل يبدو أنه قريبك وتعرفه جيدا!"
..غضب الرجلان من بعضهما البعض وكادت تحدث مشكلة..لولا تدخل القابض..والغريب في الأمر أن القابض بعد أن فكّ النزاع بين الرجلين وضع يده برفق على رأس الشاب الأشقر وابتسم له وليتها كانت عادية يبدو أنها ابتسامة عطف.أو لأنه يضع سماعات هو الآخر مثله...قام رجل وقال:
-" إذا كان رب البيت للطبل..!".. إذا كان القابض متعاطفا مع الشاب البليد، فلا داعي للحديث..العجوز بدا عليها التعب والمسافة بعيدة.. بقيت 15كلم.. أعطيتُ العود لأحد الركاب وقلت لها:
- " تعالي يا أمي..." شكرتني وقالت:
- " سأنزل في هذه المحطة شكرا ولدي".. نظر إليّ الشاب فنظرت إليه نظرة استخفاف واستحقار..على تصرفاته الغير إنسانية..أ بعد كل هذا و ينظر إليّ ..
- " وقاحة..! "
بعد لحظات وصلنا المحطة .نزلت العجوز..وفي نفس اللحظة ينزل الشاب فيصرخ أحد الركاب :
- "آه.. آه.. اللهم أغفر لي اللهم أنك عفو تحب العفو فأعفو عني ".. أخطأت..
وقال ثاني :" أنا آسف جدا يا بني، تسرعتْ..!"وقام آخر وهو ينادي الشاب من وراء الزجاج :
- "سامحني يا بني أرجوك "..
وقام كل من في الحافلة يعاتبون أنفسهم.كان علينا أن نسأل قبل أن نخطأ..طلبتُ من السائق أن يتوقف لأنزل ..نزلت وتوجهت نحو الشاب..أعطيت الحقيبة لأخته الصغيرة التي كانت في انتظاره..ووضعت عودي على ظهري و استسمحتها أن ادفع به كرسيه المتحرك..وكان الطريق طويلا ..!
بيرين / 2009
أحمد وحيد صابر بورنان