المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سورياليّة الرّؤى



hasaleem
25/04/2009, 04:07 AM
سورياليّة الرّؤى


بقلم : حسين أحمد سليم



تتماهى اللوحة في أروقة الفنون التّشكيليّة, وتتموسق وهي تعزف سيمفونيّتها, الوتر الحاني يتشارق ويتغارب, وهو يهتزّ طروبا على وقع هارمونيّة اللوحة, حيث تتآلف الألوان وموسيقى العناصر, لتؤلّف الرّؤى المنفلقة من المعاناة في مجتمع عصريّ, يحمل كلّ أخلاقيّات هذا العصر, التي يغلب عليه التجذّر في تربة الأرض, تشدّ إليه كلّ المشاعر لتتكاثف في التّراب, وتتعملق هامته في السّماء, لتحاكي عنان الفضاءات الموغلة في البعد, تحدوه كل المعالم الأخرى, التّي تعكس فصاما فنّيّا يمارس في كلّ الأخلاقيات...

الفلسفة المزدهيّة, الكارزة بها في الرّؤى البعيدة, مسجونة في اللوحة الفنّيّة, تعكس ما يختلج في البواطن عند الفنّان, وتكشف عنها رداء الوشاح, لتتبلور فكرتها من خلال العين الثّاقبة, التي تسبر أغوار الألوان وعناصر الأشكال, لتفصح في بوحها عما يعتلج في الأعماق...

كل لوحة فنّيّة من اللوحات التّشكيليّة, تحكي قصّة إنّما بأسلوب معيّن, لا يرتكز على قاعدة معيّنة, وهذا إن دلّ على شيء, فإنّما يدلّ على مدى المساحة الضّبابيّة, التي تسيطر على الفضاءات, وتسير بالفنّان في المتاهات, قبل الوصول إلى المدى الذي يخاطره في البعد وهو يقوم بفعل التّجريب...

قصّة الحب تكمن في كل لوحة ما, قصّة العشق تتجسّد في عناصر وألوان كلّ لوحة, الرّموز والمصطلحات الفرديّة والجماعيّة تعكس كثافة المعاناة, لتعطي للعين المشاهدة رؤيا أخرى, ترسمها ريشة تعيش لغتها الخاصّة, في عالم لا يستوعب مثل هذه اللغات, ليس قصورا, بل لغرق هذا العالم في متاهات أخرى, لا صلة بينها وبين الفنّ...

أتحسس في اللوحات الفنّيّة مدرسة معيّنة وإن تعدّدت أساليبها, لكنّها منهجيّة مرحليّة, بعدها تنتظم كلّها في الأسلوب الخاصّ, وتتعنون في العنوان العريض, لتعكس الوجه الفنّي الصّحيح, فيغدو هذا الوجه الفنّي وجه الحضارة في عصر الفنّ...

أقرأ في اللوحة الفنّيّة أبعادا أخرى, ترجمتها تتمّ من خلال مرشّحات التّفرّس بها, ولا أستغرب قراءتها أبدا, هي إنعكاس تجريدي لتوكيد فنّ ترسمه الرّيشة, تتماهى في عناصر اللوحة التجريد الفني والسوريالية الفلسفية, لرؤى تعكس الصّورة التي عليها النّفسيّة المضطّربة في هذا العصر...

أنا بكل جرأة وموضوعيّة, أتأثّر إلى حدّ ما بما تبوح لي اللوحات من أسرار, ليس هنا مكان الإفصاح عن الجوهر الذي تكتنز به, إنما أقول: هنيئا لأمّة فيها الفنّ يحكي تجربته من خلال رؤاه لمجتمعه, لتغدو قصصا يستهدي بها السّائر في متاهات الأيام...

ففي سوريالية الرؤى يكمن بوح الوجه المكتنز بالتجريد...

طارق شفيق حقي
25/04/2009, 11:23 AM
تقص علينا اللوحة الفنية قصة فن وقصة فنان
أشعر بشعورك الرقيق الحساس

لك تحياتي

بنت الشهباء
25/04/2009, 08:04 PM
حقا يا أستاذنا الفاضل
حسين أحمد سليم
إنها لوحة فنية بما فيها من صور حركية متماوجة بحسنها وزهاء ألوانها لتعزف لنا على أوتارها أجمل سيمفونية بلغتها الخاصة وأسلوبها المميّز الذي ازدان بشفافيته ورقته المتناهية ...
ولا يسعني هنا إلا أن أبارك لك هذا اليراع الذي رسم لنا صور تعبيرية عن واقعنا جمع فيها أغوار الألوان ليحكي لنا تجربته مع هذا الفن المسترسل بمجموع آلامه وآماله ، وأتراحه وأفراحه ....