المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العود النحاسى



محمد ابراهيم سلطان
22/04/2009, 10:38 PM
العود النحاسى

انكسر العود النحاسى من السماء الحبلى فى طريقه إلى الترائب الناعمة .. شق الماء مجراه بداخلى و أيقنت حتماً أنها تنتظر بضفائر حرة و المصباح , و كان الضوء الخافت أشبه بفريسة تتوكأ على ساقين بلا لحم و دم , و أنشودة الصندل تزج بريقها فى عظم ظهرى وتمضغ الفقرات ..
بمعاناه .. بلعت ريقى و أزحت دار الكتب , و لفظت آخر أنفاس الإستسلام , وأحسست بشئٍ ما يصلبها على متن التراجع , فاكفهر وجهى و التمست لها أعذار العذارى .. تدحرجت حبات الماء على وجهها وبدأت السماء تركل العود النحاسى رويداً رويداً حتى اختفى وجهها تماماً و جاءها المخاض , فتغلّفت النوافذ بالضباب و المسحوق الأبيض ..
تمكن منا العفاف و دنوت منها أطرح بعض ((الشناشل)) وتجاهلت الأصوات التى صدعت رؤوس المآذن و المدائن ـ ورؤسنا ـ وعانيت بإمتعاض آلام الإنتظار و التوجس ؛ خيفة السقوط ! و أن تدكها جنود الهوى و معاويل الدناسة على أعتاب الشناشل و الجداول ..
نظرت فى مركز عينيها السوداوين , فخرج شعاع الرضا المنبثق من سلسلة الظهر مثل الريشة لا تعرف لها مرفأ ,و تجهل أين تركض .. خاطبتنى عن دموع الشمعة المحترقة و نزيفها فى ليلٍ دموى , ثم تبخرت حبات اللؤلؤ المنسدلة بحذرٍ على وجنتها الممتزجة بروح الصندل , وتوقفنا عن الإنشاد لما كان الرعد ناقوساً متدلى من سقف الحجرة يزجع بنود الإتفاق , وهمهمات التدنس كانت تحرض المدافع و تهدد الحوانيت ....
خرجت شهقة القذيفة تهدد أراضى الله , وتهدد الأعواد النحاسية فى بياتها الليلى و تصارح حبات الرُطب بقذارة الأيادى الناهبة كما اعترفت سلفاً للجنادب , لكن الأرغول كالتنين يلطم بذنبه يميناً و يساراً كل ما حوله , ويخدش بأظافره حياء القبور و ينبش جثث الطاهرين .. آااه .. أف عليك يا هذا.. استبحت لحمى و نطف البلاد .
عاودتنى تتلمس فىّ القوة وتعض شفتاها كحياء الزهور بعدما تنام الشمس .. لم تصارحنى بالرغبة , فالقذائف لن تعوق مجرى الحياة , ولن تمنع النبض المعلق بداخلى و داخلها ( كالباندول ) , ثم انصهرت فينا ثلة من مشاعر التوحد و الإعتصام .. لكن اشتدت غارات الأهوج بالخارج متسلقاً الكرم و جدران المنازل .. و رعشة تهزنا مثل حياء البيوت البكر و تستفز عذريتها .
نظرت إلى جبينها المعصوم و سمعتها تتمتم بحمد الله , فرجعت أسد النوافذ و أمنع التسلق , لكن ولجت الرائحة إلى العروق المثخنة و رأيت الثوب الأبيض ينام فى أكثر من بقعةٍ حمراء.

عائده محمد نادر
23/04/2009, 05:09 PM
الزميل القدير
محمد ابراهيم سلطان
نص رائع
أبدعت فيه كثيرا
أريدك هكذا دوما
هنا اليوم كتبت ملحمة بديعة فلاتترك نصوصك بعد اليوم تتراجع ولاقيد أنملة محمد
تحياتي لك زميلي وبني