المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معلقات امرأة على استار العراق ...



دجلة الناصري
05/03/2009, 03:01 PM
أهداء

الى معلمة مدرسة السجود ….

الى التي كتبت بنزف روحها , ملحمة اوديسة عراقية …..

من وحي خطاك كتبتُ مجموعتي , شارة أنتِ لكل طفلة, امرأة ,أم ,وجدة …

الى أم العراقيين الصابرين… أهدي أسطري البسيطة التي لاتفي حجم نزف ملحمتها المستمرة,



كم نحنُ بحاجة للجوء الى انفسنا لمعرفة حقيقة اعماقها .... إنها دمعة حارقة نزلت من أجلِ نسر يستحق العين وليس الدموع فقط...
رجل في زمان فقد قانون الحياة الثابته , حضوره اسطوري لااعادة صياغة معادلة اريد حذفها من بين سطور كتاب كيمياء الحياة فصاغوا له عنصرأبادة اصبحت النتيجة الحرب والماساة التي قادتهم الى الخسران ...
ليعيد بدمائه لنا صياغته من جديد , ولآنها لاتؤمن الا به, لجات اليه ,رافضة التصديق بنظرية الجميع , القائله بان قوة عجلات الحرب , اقوى من رهانها على بقائه حياً والى الآبد ,,رغم نيران كل البراكين المتوحشة...
...........
رن الهاتف فجاءة ! ودقت الجدارن صدى سمفونية لم تعزف منذ خمس سنوات... لفقدان قائدها ...!
ركضت مذعورة من مكان إلى آخر في الغرفة, كطفل يبحث عن امه, وسط صخب أمواج بحر غاصب , ولدهشتها اضاعت مكان رقاد التلفون , ولم تجده , ولكن دقاته المتواصلة ارشدتها اليه ,دون أن تفطن انه كان صامتاً منذ سنوات فليس هناك من يعرف ارقام التلفون هذا الا هو......؟ .
وجمت برهة .....ركضت نحوه بحمة اشتياق , تدفعها لتحرر نفسها من طوق عبودية عاشتها بالاكراه !.محاربة ترفض الآعتراف بفقدانه ..كم من شقاء في ميدان الوحدة المريعة بعيدةٍ عنه, خاضتها بقوانين الحروب كر وفر وحصارات وكم عادت وحيدة بعدها ولكن الآمل بعودته كان رايتها المرفوعة دائماً.... تسارعت دقات قلبها مع رنات التلفون, لتحرر نفسها الآن ولترفع الراية معلنة النصر بمقدمه لأنه هو سعد على الطرف الآخر يالشوقها الى سماع صوته ...

آلو..... نعم هذه أنا زبيدة , واخيراً ياسعد عدت الف حمداً لله على السلامة ,الآن استطيع أن اخرج عن صمتي أمامهم , فقد قالوا لي بانني امرأة مجنونة , اكلم خيالك واثرثر بكل شيء وفي كل وقت ,فكم شقيت بعدك حتى الجنون , فلقد قالت لي جدتي أن عقلي طار بغيابك لسوء حظي انني اصبحت اقاتل الجميع بالصمت... والثرثرة معك فقط ,,في ساحة الوحدة التي تحاصرني من كل الجهات كانت هي طوق النجاة الوحيد الذي امدني بالصبر و انقذ روحي لان رحيلك منذ خمسة اعوام دوامة اهلكتني ياسعد.... ...

كان , ولازال, نغمة صوته هو فقط ماتنتظره بفارغ الصبر منذ اعوام ليقول لها فقط !; هاانا هنا يازبيدة ....
استعارت كل الحروف من اسطر قاموس الشوق, لترسم به كوكتيل قوافي كقوس القزح الوأنها... وبسعادة قالت .....

سعد دعني أعترف لك كم لوحة رسمت لك بخطوط الفرح ,بريشة لقائك, فلست أنا من اجادت ركوب الوهم ,لآنني لم اؤمن ابداً بضياعك ,وكم كانت جدتي مخطئة ,حينما ظنت ,أنني أثرثر حتى الجنون الذي قادني على الآصرار بوجودك , كنت اغفر لها قساوتها, ولكني كنت كذلك المحارب الذي لايخلع عنه درعه ابداً وسيفه بيمينه يقاتل , رفضتُ ماتقول ! ورفضت هي الآيمان بما اصر عليه ! وهاك النتيجة أنت هنا على الطرف الآخر تسمعني ياسعد , يافرحة عمري ووحدتي بك فانها لم تستكين مثلي رفضت الهزيمة,, كانت جدتي امرأة قاسية بنعتها أياي بالمجنونة ولكني رغم ذلك احبها ...قدري بالامس واليوم وغداً أن اشتري حضورك بروحي ففي زمنٍ المزاد العلني الذي اعيشه الآن يباع فيه كل شيء, ويفقد بلا ثمن , وبدون مبررات قانونية انهم يريدون قتل وليدنا ياسعد ! .......؟
حتى جدتي ماعادت تؤمن برجوعك لآنها تقول عن غيابك قدر لانستطيع مقارعته, ولهذا ما عادت تطيق سماع أجراس العودة ادقها كل لحظات يومي , ولا خطوات عودتك من كثرة ياسها, كما أسمعها أنا مع هفيف الرياح كل صباح ومساء ,, تقول لي جدتي ......
يابنيتي حتى الذاكرة ما عادت تُطيق ترديد حلم العودة لسعد لقد قتلوه, وقتلوا الآمل معه, ودفنوه في مقبرة خارج الحدود على اطراف غابة الاطماع , واقاموا مراسيم الدفن لهم اجمعين منذ ان ساعدوا في قتل الثور الآبيض ! .لاتستغرب كلام جدتي فهي رضيت بالملموس صاغرة مضطرة أمام واقع لايؤمن بالاساطير , لهذا تقول انتهت حكايتي بذهابك ولاأحد يريد الآيمان بها لان الجميع ينادي بالخلاص لنفسه فقط كيوم العرض الكبير كلاً يقول يانفسي....... اعذرها ياسعد فان الواقع الذي نعيشه مرير...
سعد سعد أين أنت, تكلم مابك أن صمتك بركان لاتستطيع روحي تحمل نيرانه , دعني أقول لك أنني اصبحت اتكلم كثيراً معك كنت اسئلك كل يوم متى تعود ! وكانت الآجابة ضائعة ! احدق بعيوني في المرآة لآنها تعكس صورتك فأنت لازلت هناك في خطوط عيني تغفو , ماذا بقي لي من رحيلك, بقى الوليد يكبرعلى يوم لقياك كان يعز علي قولهم بفقدانه ” لانه كل حياتي... سعد اجبني لقد شعرت اللحظة فقط بالخوف أن الصمت الدائر بيني وبينك الان يخيفني . :
- .. أجبني أرجوك ؟ ” .
. على الطرف الاخر لخط التلفون هذا.. رجل ٌترتجف يداه من ثقل ماحمل له الآثير من ماساة امرأة سرقت الحرب منها زوجها كلف هو ولحظه العاثر بالاتصال على هذا الرقم, لان هناك وديعة يريد تسليمها اليها .. ؟

هذه كانت قمة ماساته اللحظة وورطته الكبيرة ” اخذ يلتقط افكاره التي ضاعت في لج صدى صوتها وهو يقول لنفسه...: ماالعمل ياربي لم ارتعب وأنا اقابل الموت وجهاً لوجه, لقد كنت استنفره للقاء .. كما هو خوفي الآن لم يستفزني شيء مثلما استفزتني قساوة الحياة , التي ستجعلني وبدم بارد اقتل هذه المرأة,, لو نطقت بحرف واحد لاغير , ستسقط صريعة في الحال مثل عصفور صغير امام بندقيه صياد ماهر ,ماالعمل ياالهي ساعدني,,,,؟

اخذ يقلب سماعه التلفون من يداً الى الآخرى, لعله يصيد حكمة تتدفق على الحروف تنقذه من جريمة موكدة,, تاهت كل الحكمة فلا شيء منها يسري في ارجاء عقله لايجد غير فصل من فصول الحروب الدامية أمامه عنوانه:

: زبيدة سعد :، اخذ الدم ينفث الى قمة راسه وهي تصرخ به قائلة ..
سعد مابك هل الجمت ثرثرتي لسانك, آلم توقظ فيك شوق الي ..هل اماتت الحرب مشاعرك.. أنها معاناة, لك الحق في صمتك ولعل لها كل الحق جدتي حينما دعتني بالمجنونة من كثرة ثرثرتي معك......
ادهش الرجل صمود كيان هذه المرأة وبقائها ,منفردة لوحدها كل هذه السنين تقارع الآلم والمعاناة اللتان يتدفقان منها , مثلما يتدفق الماء من شلال هادر ترفض ان تطوح ببندقيتها من بين يديها, رغم كل اصوات الدمار والقنابل والموت تتخطى كل الدماء, تقف امام القدر تصارعه ,بينما كل من حولها رمى بندقيته في دهاليز الجبن, ينظر اليها مذهولاً وكانه لايعرف لم خلقت...؟

ولبؤسهم لم يجدوا مايسد عجزهم غير تسفيهها والآدعاء بانها فقدت العقل مجنونة رسمياً ...
كل تلك المشاعر المؤلمة؟! التي خاض في لج امواجها هل ستجعله رافضاً مد طوق النجاة لهذه السابحة ضد التيار .....؟
اخذ يردد ياربي هل سيتغير شيء لو تركتها ولم انبس ببنت شفة الآن عنه, هيهات استطيع ان اقول شيء فان واقعية مااحمل رصاصة في القلب تقتل هذه المحاربة بالآمل ياس رجال,ماهوالحل ؟!
:كم يتمنى ان ينطق باعلى صوته قائلاً لها ....

سيدتي ما أخذ منك الله عز وجل سعد إلا ليعطيك الآيمان بلقائه ...وما ابكاك اعوام رحيله وما حرمك من احضانه وانت في شوق دائم اليه...وما إبتلاك يازبيده إلا لانه يحبك ويحب سعد ,فلا تقطعي تواصلك لان الله معك يازبيده.....
انتفض عقلي وصرخت ذاكرتي بصمت ...ياسيدة النساء اى هراء فيما يقولون عنك, اصري على الجنون, فان سعد لن يركع, لم يقبل ان تقتل الكرامة وان يغتال الحلم, فان النسور تموت دفاعاً في بقاء اعشاشها ,فلا تنسي بان سعد نسراً يرفض البقاء بين قضبان الآقفاص مقيداً ,شب على عشقك فكنت حياته , قدم لك الروح لتبقى أنت صامدة, يالروعتك ياسعد كم كنت رائعاً في كل اختياراتك وزبيدة ربة الاساطير قاطبة , وهاانا اتعلم من بقايا عطرك معنى الإيمان ، اتعلم أن الامل سلاح لا ينبغي مفارقته ابداً.... هل يحق لي ان الغي الآمل من قلب محارب مستحيل مستحيل ....
جاءه صوتها ثائراً :آلو ألو اجبني سعد.....؟ ..
فجاءة دوى صوت اغلاق سماعة التلفون وبقوة, واسدل الصمت ستائره في ارجاء غرفتها.اخذت تهتف بفرح تركض صوب جدتها قائلة :
جدتي ياجدتي ألم اقل لك أن سعداًحياً يرزق وهو عائد ياجدتي ...
:مضى في طريقه مبتسماً وهو يردد ....
كم نحنُ بحاجة للجوء الى انفسنا لمعرفة حقيقة اعماقها دائماً