المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( حشود )) عائده محمد نادر



عائده محمد نادر
23/02/2009, 01:29 AM
((حشود))

لم يكن اليوم هذا كباقي الأيام, فالأجساد تسير بلا توقف, قطعان مأخوذة وكأنها تتبع قوى خارجة عن إرادتها, يدفعها نهم غريب يتوقد بالعيون المحمرة كالجمر.. تتدافع بين بعضها مخلفة وراءها غبارا يعبق برائحة غريبة, تشبه رائحة تراب متعفن, تلفحه عاصفة ريح, فتنثره.. وضوء الشمس الآيل للسقوط بفعل الأتربة المتصاعدة من الأرجل, لم يفلح بتنشيط ذاكرتي التي تآكلت من كثرة الوجوه المتشحة جباهها بشرائط ملونة, ظننتها للوهلة الأولى فرق تشجيع, لم أعرف كيف ساقتني قدماي اللعينة.. ضمن قطيعها.
تابعت سيري معها , يتملكني فضول لم أستطع تداركه على غير عادتي, وشعور غامض من الوهن سيطر على حواسي المشوشة, هي المرة الأولى التي أرى فيها الناس.. يسيرون على غير هدا!!
وكأني قرأت تلك العبارة في كتاب ما!!
على غير هدى!!
وتلك العبارة أفاقتني من شرودي وانبهار نفسي, فصرت أبحث عن موطئ قدمي.. وفتحة صغيرة لأخلص جسدي.
حاولت التملص من الحشود الغفيرة, لكني لم أستطع, فقد سحبتني يدا لست أدري من صاحبها, لأستمر في المسير ضمن طابور, الحشر!!
الحشر؟!!
هل نحن في يوم الحشر؟
سؤال راود ذهني وعيناي تتفرسان بتلك الملامح الجامدة, القاسية من حولي, وشعور بالاختناق أصابني, فرفعت بصري إلى السماء, لأتيقن من الأمر, فكانت السماء فوقي كما هي لم تتغير, غير أن لونها بدا لي مغبرا, يميل إلى الاحمرار.. وعلى شرفات الأبنية بانت رؤوسا سوداء تومض بوميض أبيض, تتوهج ثم تختفي بسرعة شديدة.. مثل البرق.. وبمثل لمح البصر.
حاولت التنفس بعمق, لكني لم أفلح, والهواء من حولي أصبح ثقيلا, مشبعا بالسموم, لم تستطع رئتاي استنشاقه, وسعال مكتوم يدفع بعظام صدري الصدئة, الذي أرهقه الربو, وسجائر كنت ألتهمها.. فالتهمته رغما عنها.
لم تزل عيناي تبحثان عن مخرج, وأزيز رهيب يدوي برأسي, كأنه أزيز الطائرات يدفعني لأن أرتمي تحت الأرجل كي تسحقني أقدامها, فربما سيخلصني انسحاق جسدي من اختناقي, وتيه روحي, وذاك الدوى المرعب الذي أسمعه, يكاد أن يصم سمعي, وضميري بات يؤنبني لأني حشرت نفسي بتلك المعمعة بفضولي, ولم أحرك ساكنا كي أمنعها, يخزني بوخز مؤلم , صرخت بأعلى صوتي, أحاول أن أتبين إن كنت في دوامة كابوس مرعب, فتبدد صراخي بين صرخات الحشود الغريبة, بينما نظر إلي بعضهم نظرة متفرسة, غاضبة, تكاد أن تنفذ داخل رأسي, جعلتني أرتعب.. وأكتم صوتي.
والخوف الذي تلبسني من الحشود, أطاح بكل آمالي بأن أخرج من بينها, سالما, فصرت أبحث عن وجه أعرفه ربما يساعدني على الهروب من موقفي المخزي, وهذا الطوفان الأهوج.. الذي أصبحت أراه أكثر من خطير.
امتدت يد خفية من بين الجموع, دفعتني بقوة, أخرجتني من بين طوفان الوجوه المشوهة, المتشحة جباهها بكل تلك الألوان, سقطت على حافة الرصيف, ارتطم رأسي به بقوة, فدوى صوت الارتطام بجمجمتي, أحسست بألم شديد, لا يوصف, وخدر تنامي بأنحاء جسدي, أفقدني الشعور بحواسي, وشيء ما ينسل من جسدي رويدا رويدا, ظننتها روحي وهي تغادرني.. وأوصالي ترتجف بردا.
فتحت عيناي على وسعيهما, كانت الغشاوة تظللهما, وأمواج من الأرواح الهائمة تراءت أمامي.. فبدت لي السماء غارقة بالدم.

محمد ابراهيم سلطان
23/02/2009, 11:26 AM
(فتحت عيناي على وسعيهما, كانت الغشاوة تظللهما, وأمواج من الأرواح الهائمة تراءت أمامي.. فبدت لي السماء غارقة بالدم.)
ترى ما تلك الغشاوة ..؟؟
أظن القصة تكمن بهذه الكلمة
أكثر من رائعة
ونهاية عميقة جدا
تحياتى أستاذتى عايدة

محمدذيب علي بكار
23/02/2009, 01:36 PM
القاصة المبدعة
عائده محمد نادر
هل الهروب الى مايشبه الهذيان
الممتزج بذكريات الماضي
وهي مصدقة اوغيرذلك
هي اشبه بكابوس
تريد ان تستفيق منه
بين الرمز والواقع
كانت القصة
دمت مبدعة كماأنت

محمد

إيمان المازري
23/02/2009, 04:44 PM
الزميلة الغالية على قلبي عائدة محمد نادر

دائما ً نلمح الحزن والألم يسيطر على مساحات قصصك الرائعة

عزيزتي أحب دائماُ أن أشاركك وجعك لأنه بالنهاية وجعنا جميعاً

تحياتي لك ولقلمك الذي ينزف ألماً

مودتي

تقبلي مروري غاليتي

إيمان

عائده محمد نادر
23/02/2009, 05:22 PM
(فتحت عيناي على وسعيهما, كانت الغشاوة تظللهما, وأمواج من الأرواح الهائمة تراءت أمامي.. فبدت لي السماء غارقة بالدم.)
ترى ما تلك الغشاوة ..؟؟
أظن القصة تكمن بهذه الكلمة
أكثر من رائعة
ونهاية عميقة جدا
تحياتى أستاذتى عايدة



الزميل الرائع
محمد ابراهيم سلطان

أحب مداخلاتك لأن فيها الكثير من التطلع إلى المعرفة والغور عميقا
جميل منك أن تبحث عن الحقيقة
هو يوم لم يكن كباقي الأيام محمد
تحياتي وودي لك
أنت رائع

زهرةالايام
24/02/2009, 07:55 AM
الزميلة الغالية

والصديقة المبدعة

كلمات جعلتني أدوب من رقتها

جعلتني صديقتي أتوه في هذه العبارات الصادقة

اقبلي مني فائق الاحترام والتقدير

أيتها الرائعة

أختك زهرةالايام

يوسف أبوسالم
24/02/2009, 10:51 PM
((حشود))

لم يكن اليوم هذا كباقي الأيام, فالأجساد تسير بلا توقف, قطعان مأخوذة وكأنها تتبع قوى خارجة عن إرادتها, يدفعها نهم غريب يتوقد بالعيون المحمرة كالجمر.. تتدافع بين بعضها مخلفة وراءها غبارا يعبق برائحة غريبة, تشبه رائحة تراب متعفن, تلفحه عاصفة ريح, فتنثره.. وضوء الشمس الآيل للسقوط بفعل الأتربة المتصاعدة من الأرجل, لم يفلح بتنشيط ذاكرتي التي تآكلت من كثرة الوجوه المتشحة جباهها بشرائط ملونة, ظننتها للوهلة الأولى فرق تشجيع, لم أعرف كيف ساقتني قدماي اللعينة.. ضمن قطيعها.
تابعت سيري معها , يتملكني فضول لم أستطع تداركه على غير عادتي, وشعور غامض من الوهن سيطر على حواسي المشوشة, هي المرة الأولى التي أرى فيها الناس.. يسيرون على غير هدا!!
وكأني قرأت تلك العبارة في كتاب ما!!
على غير هدى!!
وتلك العبارة أفاقتني من شرودي وانبهار نفسي, فصرت أبحث عن موطئ قدمي.. وفتحة صغيرة لأخلص جسدي.
حاولت التملص من الحشود الغفيرة, لكني لم أستطع, فقد سحبتني يدا لست أدري من صاحبها, لأستمر في المسير ضمن طابور, الحشر!!
الحشر؟!!
هل نحن في يوم الحشر؟
سؤال راود ذهني وعيناي تتفرسان بتلك الملامح الجامدة, القاسية من حولي, وشعور بالاختناق أصابني, فرفعت بصري إلى السماء, لأتيقن من الأمر, فكانت السماء فوقي كما هي لم تتغير, غير أن لونها بدا لي مغبرا, يميل إلى الاحمرار.. وعلى شرفات الأبنية بانت رؤوسا سوداء تومض بوميض أبيض, تتوهج ثم تختفي بسرعة شديدة.. مثل البرق.. وبمثل لمح البصر.
حاولت التنفس بعمق, لكني لم أفلح, والهواء من حولي أصبح ثقيلا, مشبعا بالسموم, لم تستطع رئتاي استنشاقه, وسعال مكتوم يدفع بعظام صدري الصدئة, الذي أرهقه الربو, وسجائر كنت ألتهمها.. فالتهمته رغما عنها.
لم تزل عيناي تبحثان عن مخرج, وأزيز رهيب يدوي برأسي, كأنه أزيز الطائرات يدفعني لأن أرتمي تحت الأرجل كي تسحقني أقدامها, فربما سيخلصني انسحاق جسدي من اختناقي, وتيه روحي, وذاك الدوى المرعب الذي أسمعه, يكاد أن يصم سمعي, وضميري بات يؤنبني لأني حشرت نفسي بتلك المعمعة بفضولي, ولم أحرك ساكنا كي أمنعها, يخزني بوخز مؤلم , صرخت بأعلى صوتي, أحاول أن أتبين إن كنت في دوامة كابوس مرعب, فتبدد صراخي بين صرخات الحشود الغريبة, بينما نظر إلي بعضهم نظرة متفرسة, غاضبة, تكاد أن تنفذ داخل رأسي, جعلتني أرتعب.. وأكتم صوتي.
والخوف الذي تلبسني من الحشود, أطاح بكل آمالي بأن أخرج من بينها, سالما, فصرت أبحث عن وجه أعرفه ربما يساعدني على الهروب من موقفي المخزي, وهذا الطوفان الأهوج.. الذي أصبحت أراه أكثر من خطير.
امتدت يد خفية من بين الجموع, دفعتني بقوة, أخرجتني من بين طوفان الوجوه المشوهة, المتشحة جباهها بكل تلك الألوان, سقطت على حافة الرصيف, ارتطم رأسي به بقوة, فدوى صوت الارتطام بجمجمتي, أحسست بألم شديد, لا يوصف, وخدر تنامي بأنحاء جسدي, أفقدني الشعور بحواسي, وشيء ما ينسل من جسدي رويدا رويدا, ظننتها روحي وهي تغادرني.. وأوصالي ترتجف بردا.
فتحت عيناي على وسعيهما, كانت الغشاوة تظللهما, وأمواج من الأرواح الهائمة تراءت أمامي.. فبدت لي السماء غارقة بالدم.


المبدعة عائدة
صباح الورد المندّى

هل هو الواقع المر
أم هو القلق الوجودي
أم هو انعدام الوزن
حينما يكون الإنسان وحيدا رغم كثرة العدد من حوله
أو متنبها والكثير الكثير هائمون على وجوههم
أترى
كيف يتآمر الواقع مع مرارة النفس
لينتجا معا واقعا مريرا
يتبادل العتم بين أغوار النفس حينا
وبين سراب الرؤى حينا آخر
لقد استطعت يا عائدة في قصتك هذه
أن تتخللي حقيقتنا المختبئة في جحور الظلام والخوف والمصلحة
وكشفت لنا كيف يكون الفرد منسحقا وهو يكابر عكس ذلك
أو لعلك قلت لنا بصوت صارخ
ومساحات الدم تتسع من حولنا وتحت أرجلنا
أنظروا إلى أنفسكم كم هي مختنقة
وكم هي غارقة في الوحل ولا تدرون
المبدعة عائدة
فقط افتقدت بارقة الأمل في القصة
وأردت أن لا نفقد الأمل مهما كانت من حولنا الأيام مبللة بالدم
كل الشكر لك
وتحياتي

عائده محمد نادر
25/02/2009, 01:22 AM
القاصة المبدعة

عائده محمد نادر
هل الهروب الى مايشبه الهذيان
الممتزج بذكريات الماضي
وهي مصدقة اوغيرذلك
هي اشبه بكابوس
تريد ان تستفيق منه
بين الرمز والواقع
كانت القصة
دمت مبدعة كماأنت



محمد


المبدع الرائع
محمد ذيب علي بكار
هو يوم لم يكن كباقي الأيام
يوم اهتزت فيه الكرة الأرضيه لحدث جلل
وتلك الحشود المتشحة جباهها بألوان
تسير بلاهدف
هائمة
يوم لن ينساه التاريخ
لأنه غير التاريخ
ولن تمحوه الأيام
تحياتي لك
أنت رائع
مبدع
وزميل صدوق

عائده محمد نادر
25/02/2009, 07:58 PM
الزميلة الغالية على قلبي عائدة محمد نادر



دائما ً نلمح الحزن والألم يسيطر على مساحات قصصك الرائعة


عزيزتي أحب دائماُ أن أشاركك وجعك لأنه بالنهاية وجعنا جميعاً


تحياتي لك ولقلمك الذي ينزف ألماً


مودتي


تقبلي مروري غاليتي



إيمان



غاليتي إيمان المازري
أحب مداخلاتك ووجودك معي
تضفين على روحي وجع من ذاك الوجع الذي أغص به
ولأن الوطن جريح إيمان
لأن بغداد أسيرة.. أتوجع .. وكثيرا
حبي ومودتي لك غاليتي

عائده محمد نادر
26/02/2009, 05:02 PM
الزميلة الغالية

والصديقة المبدعة

كلمات جعلتني أدوب من رقتها

جعلتني صديقتي أتوه في هذه العبارات الصادقة

اقبلي مني فائق الاحترام والتقدير

أيتها الرائعة

أختك زهرةالايام

العزيزة الغالية
زهرة الأيام
أخجلني ردك
ومداخلتك كانت شفافة جدا
تحياتي لقلبك الرقيق ولك
دمت بكل ود

عائده محمد نادر
04/03/2009, 08:33 PM
المبدعة عائدة


صباح الورد المندّى


هل هو الواقع المر
أم هو القلق الوجودي
أم هو انعدام الوزن
حينما يكون الإنسان وحيدا رغم كثرة العدد من حوله
أو متنبها والكثير الكثير هائمون على وجوههم
أترى
كيف يتآمر الواقع مع مرارة النفس
لينتجا معا واقعا مريرا
يتبادل العتم بين أغوار النفس حينا
وبين سراب الرؤى حينا آخر
لقد استطعت يا عائدة في قصتك هذه
أن تتخللي حقيقتنا المختبئة في جحور الظلام والخوف والمصلحة
وكشفت لنا كيف يكون الفرد منسحقا وهو يكابر عكس ذلك
أو لعلك قلت لنا بصوت صارخ
ومساحات الدم تتسع من حولنا وتحت أرجلنا
أنظروا إلى أنفسكم كم هي مختنقة
وكم هي غارقة في الوحل ولا تدرون
المبدعة عائدة
فقط افتقدت بارقة الأمل في القصة
وأردت أن لا نفقد الأمل مهما كانت من حولنا الأيام مبللة بالدم
كل الشكر لك
وتحياتي



الزميل القدير
يوسف أبو سالم
لا والله زميلي لم أفقد الأمل يوما
ولم أكن متشائمة أبدا
لكنه كان رؤيا يوم لم يكن كباقي الأيام
يوم ضجت فيه الدنيا بأسرها
يوم إنقلبت فيه الموازين وأصحاب الشرائط الملونة على الجباه كانو يجولون ويجرون بأرجلهم كل من أمامهم.. شرائط حمراء.. صفراء.. خضراء
يوم كان أسود سحقت فيه أرواح كثيرة بلاذنب
وماذا بعد
يوم ليس كباقي الأيام
كل الود لك أيها الحريص