المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع للنقاش/ أدب الطفل بين الواقع والمستقبل.



بنور عائشة
17/02/2009, 03:24 PM
أدب الطفل بين الواقع والمستقبل


بقلــم / بنـور عائشة ـ عائشة بنت المعمورة ـ



ـ لماذا نكتب للطفل ؟
ـ هل كل ما يكتب له يقترب من واقعه وبيئته؟
ـ ما ذا نغرس في وجدانه من خلال كتاباتنا ؟
ـ هل كل ما يكتب للطفل جدير بالقراءة والمتابعة والاقتناء والاهتمام؟
ـ هل تسهم الكتابة للطفل في إبراز عظماء الأمة وأبطالها ومقاومة الإنسان
للضعف والفساد؟
ـ هل ساهمت في إشباع حاجاته النفسية والمعنوية والفضولية؟
ـ ماذا يقرأ أطفالنا اليوم؟
ـ هل وصل أدب الطفل لأن يجعل من الطفل مشاركا فعالا في الحركة الثقافية
والوعي الاجتماعي بعيدا عن المواعظ الجافة والنصائح التقريرية فقط؟
ـ هل ساهمت الحكايات الشعبية في تكوين شخصيته المرتبطة بالتراث ؟
ـ أين هو أدب الطفل من التكنولوجيا الحديثة ؟


ـ جملة من الأسئلة الجوهرية التي تفرض نفسها على مخيلة الدارس لهذا الموضوع المهم والمتشعب، ولذا ارتأيت طرحها من باب ترك القارئ يتفاعل معها بالإضافة أو النقد البناء أو التحليل أو حتى لمجرد الاطلاع وهذا من خـــلال فن القصة.
وليس رأي برأي الخبيــرة وإنما المطلعة والباحثــة والممارسة لفعل الكتابة للطفل ،ولأهــل الاختصاص أن يدلـو بدلوهــم في هذا الموضــوع ..

يعتبــر أدب الطفل أداة فنية تحرك عواطف وعقول الناشئة،وهو مجموعة من الأجناس الأدبية المختلفة في الشكل والمضمون كالمسرحية والقصة و النثر إذ يعالج في قالب أدبي جميل. يثير فينا المتعة والتأثر لسماعه أو قراءته ..............................
وعلى سبيل المثال نأخذ القصة في أدب الطفل .

إذ تعتبر القصة في أدب الطفل من الأولويات التي يحظى بها هذا الفن المؤثر في سلوك الطفل وفي حياته اليومية لأنها تشخص الصورة المصغرة ليومياته من خلال المواقف التي يعيشها ويرتبط بها وجدانيا .
إذ أي القصة تنمي قدراته العقلية وتثير مشاعره وتحفزه على الإبداع وتحلق به في عالم الخيال بتتبع أحداثها وأحيانا كثيرة يحاور شخصياتها ويتقمصهـا ويجسدها ويحاكيها بأسلوبه وبطريقة خياله .
إذ يعتمد في كتابة القصة للطفل على قيم جمالية وأخلاقيـــة غير تقريرية ولا تعتمد على لغة يجب فعل كذا أو الابتعاد عن كذا، وإنما غرس هذه القيم كالحب والصدق والتعاون والأمانة ...إلخ من خلال لغة الحيوان والمغامرات الشيقة وخاصة في مرحلة عمريـة بين الخامسة والسادسة والسابعة حيث يستلطفها الطفل ويتعامل معها ومن ثمة يعتاد الطفل على لغة يجد فيهــا المتعة والتشويق والتسلية مما يؤدي به إلى تنظيم سلوكه الفردي بالانضبـــاط والإصغـــاء والانتبــاه، وكذا تعــوده على القراءة لاكتشاف طبيعـة الشخصيات التي يتعامل معه في أثواب جديدة والمواقف المختلفة التي تنظم إدراكــه والعلاقات الإنسانيــة التي يكتشفهــا، وبالتالي يكون للقصة أثر في نفسيتــه ..أثر نفسي وتربــوي وتعليمــي في آن واحــد .
ـ الأثر التعليمي والتربوي:
ـ إثــراء لغته من مفردات وتراكيب وجمل وعبارات نظيفـة و..و..
ـ تنميـة معلوماته من خلال محيطــه الطبيعي ..
ـ اكتساب معلومات دينيــة لفهم هذا العالم الروحاني الجميل وصلته بالله
تعالى .
الأثر النفســي :
ـ شعوره بالأمــان والحمايــة .
ـ التعبيــر والتنفيس عن مشاعره المكبــوتة .
ـ بنـــاء ثقتـه بنفسـه .

كما تلعب الصــورة دورا كبيرا في تكوينه النفسي والعقلــي ولغة أخــرى يعتمدها الطفـل في قراءته للقصة، فالصورة تلخـص مشاهد القصة فينجذب نحــوها شكلا ولونــا، مما يؤدي به إلى نسـج خيال فكري خاص به نحوهـا وأحيانا بعيدا عن القصة الأصلية وما تتضمنه وهذا ما يؤكــد تفاعله الخيالي بالصورة ومدى تأثيرها في نفسيتــه .
وعليـه فإن كتابة قصة للطفــل من أصعب الفنون الأدبيــة ممارسة.. أسلوبـا ولغـة وخيالا ومعنـى ضمن حوار ممتــع يتواصل به الكاتب مع الطفــل لتوصيــل الفكرة المبتغــاة .
ولا يمكن بأيــة حال من الأحـــوال أن تبدأ أو تكتــب قصص الطفل من فــــراغ، بل من واقـــع يعيشــه أو يقاربــه لإشبــاع رغباتــــه وإزالـة شعوره بالقلق والخوف والحرمــان من خلال ما تثيــره القصة لشـد انتباهه حتى تتشكـل لديه الفكرة الأساسية وبالتالي يستنتـج وحده المغزى من قراءتـه لهذه القصة أو تلك ليخــلص إلى قيمة ذاتية أو حكمــة أو موعظـة يتفاعل معهــا دون أن تفــرض عليه فينفـر منها لأن لم تأت من رغبته الشديدة في تفكيــك آليات القصـة .
دون أن ننسـى توظيف التراث فحضارتنا العربية الإسلامية العريقة غنية بما يمكن كتابته كقصص للأطفال ، وأن ننهل منها لتدعيم وتكوين شخصية الطفل وصقل ميولـه بإثـارة ملكــاته الإبداعية والخيالية .
فالتراث تواصل الماضي مع الحاضر لبناء المستقبــل من حقائق تاريخية يستفاد منها ،وهو تراث الأمـة الحضاري والإنســـاني .... هو الهــوية والأصالـــة والارتباط الوجدانــي والفكــري ومنبع اعتـــزاز وفخــر وبقــاء .
وهذا ما كانت تلعبه خاصة الحكــايات الشعبية والتي كان لها دور كبير مارسته الجــدات في تكوين الطفل والتي تعتبر المدرسة الأولى ( حكايات الجــدات ) في نسـج واقع وخيال يعيشه الطفل مع الجدة وهو يتابـع بشغف بداية ونهاية وتفاصيــل القصة وما يتأتــى عنها من أسئلة وشوق وخيال ،والتي ساهمت بقدر كبير في بلورة شخصيتــه وما اكتسبــه من وعي اجتماعي وتنفيس عن انفعالاتــه في ظل غياب التطور العلمي آنذاك .

أما عن ما يكتب الآن فللأسف الشديد هناك قصص هدفها الوحيد النشر التجاري والربح السريع على حساب أطفالنـا، وهنا يأتي دور الآباء في اقتناء القصص التي يستفاد منها أو الاطـلاع على ما يقرؤونـه ولا دور الرقيب ..الآمر الناهي لمجرد فرض سلطة أبوية، بل الاقتراب منه ومصاحبتــه من خلال القراءة وتحسيسه بأهمية اختياراته ..

أن نكتب لهم بصدق وحب لنبعث في نفوسهــم المتعة والتفكير الجيـــد، وعلى الكاتب أن ينــزل إلى مستـوى الطفــل ويعيش مع أفكـــاره وأن لا يكتب له من علياء.

ــــ هذه الرؤى أقدمها للكاتب والمحب لعالم الطفولة وكيفية الكتابة إليهم لعله يجد في كتابتي هذه ما يفيده إن شاء الله .وبالتالي أكون قد وفيت ما وعدت به حينما تطرقت إلى قصة عيد .
ـ أتمنى الافادة والاستفادةللجميع .