المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( حبيبي فرات )) عائده محمد نادر



عائده محمد نادر
03/01/2009, 12:07 AM
ولد هو قبلي بأشهر قليلة, ولشدة حب أهله للعراق, أسموه (فرات ) ولقوة الترابط بين أهلينا, أسموني (دجلة).. كبرنا معا, كتوأمين, ارتدنا نفس المدرسة الابتدائية, وفصلنا في المرحلة المتوسطة, لكننا بقينا ندرس معا, لأن المناهج موحدة, وكثيرا ما كان يضربني على رأسي, ضربة خفيفة, حين لا أفهم مادة ما, فأبكي أنا.. ويضحك أهلونا, ملء أشداقهم, فيحتضنني أبوه, ويزجره.. ويوبخني أبي, ويثني عليه, لأنه حريص على مستقبلي, وكثيرا ما دخل, في شجارات, عنيفة, لأن أحد الأولاد الغرباء, في الشارع, ضربني, فيركض فرات, مثل المجنون, يدافع عني, يضربهم بقوة, حتى لو كانوا أكثر من واحد, يعود بعدها, إلى البيت, وهو يغطي جروحه, التي أصيب فيها في أثناء الشجار, وينظر إليّ نظرة, الحامي المنتصر, مثل ديك نفش ريشه, تباهيا.
كبرنا, وبانت ملامح أنوثتي, ونحن في مرحلة الثانوية, فكان فرات, يمنعني من الخروج من البيت , حتى للقاء صديقة لي , يعلل ذلك , بأن الحياة تبدلت , والعجيب في الأمر, أني لم أكن أمانع , بل أسكت , وظل ابتسامة , تغيظه , ترتسم على وجهي , فأطلب منه أن يساعدني بحل , درس ما , فتنطلق من عينيه , فرحة , تغمر وجهه الوسيم بإشراق أعجبُ منه.
عدنا للدراسة معا, حين تخرجنا من الثانوية, ودخلنا كلية واحدة, نجلس على المصطبة نفسها, جنبا لجنب, يلاصق كتفي كتفه, وإحساس بالأمان, يغمرني, لأنه معي, دوما, كظلي لا يفارقني, نتغامز بيننا على الأساتذة, والطلاب, وابتساماتنا, تبعث بعض الفوضى اللذيذة , على المدرجات, ونظرات الجميع تتجه, صوبنا.
لمْ , أشعر أني بحاجة لحب شاب ما, هذا ما قلته: لزميلة لي حين سألتني , إن كنت أحب شابا.. دهشت زميلتي من جوابي!! وقد عقدت مابين حاجبيها, ولم تستوعب الأمر.. قلت لها:
- لا أدري!! لكني لا أشعر بأني بحاجة للحب.. ثم أني حقيقة, لم أفكر بهذا الأمر!!
نبهني سؤال زميلتي إلى حقيقة, لم أكن منتبهة لها!! لمَ لمْ أفكر بالحب يوما!!؟ ..هل أختلف أنا عن بقية بنات جنسي, أم ماذا!!؟
احترت بالجواب, وأنا أحاول أن أتذكر, وجوه زملائي, وهل هناك أحد منهم, أثار انتباهي.. تماوجت بعبث, وجوه كثيرة أمامي, دون أن أشعر, بأني أحس بشعور ولو بسيط أمام ملامح أحدهم, حين أفقت من شرود ذهني, وحيرتي, وجدت فرات ينظر إلى إحدى الزميلات!! أحسست بالتوتر, وقلق من نوع غريب, هاجمني, اجتاح كياني, فهز صومعتي, سألته بنبرة حادة, دون وعي مني:
- هل تحبها ..!!؟
أجاب, تعلو ملامح وجهه, نظرة استهجان, بتساؤل:
- ماذا!!؟ ..أحبها!! من ..!!؟
باستياء واضح أجبته, وأنفاسي تتلاحق بسرعة, وإيماءة من راسي, أشير فيها على الفتاة:
- تلك, التي كنت تأكلها بنظراتك, ولم ترفع عينك, عنها.

قال والغضب يقدح من عينيه, شررا, تخالطها نظرة عتبٍ, وقد تهدجت أوداجه, ونبرة ملامةٍ تملأ صوته:
- ومن تلك التي أحبها !!؟ هيا اصحي.. فأنت ولابد تهذين .
قلت وقلبي يخفق بشدة, وإحساس من نوع غريب ينتابني, حتى أني كنت أرتعش, وتلك اللهفة المجنونة, لمعرفة الحقيقة, ملأت كياني, تهزني بعنف:
- ولمَ كنت تنظر إليها إذن!!؟
أجاب, بانزعاجٍ, واضح, بعد أن ألقى نظرة, عابرة على الفتاة التي أشرت عليها, وكأنه يراها لأول مرة:
- آوه, دجلة, لابد وأنك جننتِ!! هيا لنعد إلى البيت.
قلت بعناد وإصرار, لم أعهده من نفسي, وشيء ما يدفعني للتمرد, وروحي تتوقد فيها, نيران , ما عهدتها سابقا, تدفعني للجنون:
- كلا ..سأبقى!! اذهب أنت.
نظر إليّ نظرة, مذهولة, وعيناه تتفحصان وجهي, بدهشة, واستغراب, غير مصدق لما قلته, ثم تركني لثورتي الجنونية, وذهب.
شيعته, أنظر إليه, وقلبي يدفعني اللحاق فيه, لكن شيئا غريبا في داخلي, يمنعني, فوشح الحزن ملامح وجهي, بعد ذهابه, ولهفة ملحة لمعرفة ما اعتراني, تستبيح كل ذرة من عقلي.. عقلي الذي أكاد أفقده, تعمدت, التأخر بالعودة إلى المنزل, وأنا أسأل نفسي طوال الوقت لمَ أحسست بالغضب, حين نظر فرات إلى زميلة لنا!!؟ لمَ تصرفت معه هكذا.. ولمَ تعمدت التأخر بالعودة!!؟ من أين أتاني هذا الإحساس الغامض!!؟ .. أهي الغيرة!!؟ أم ماذا !!؟ هل أنا مغرمة بفرات دون أن أدري!!؟
يا إلهي!!
نعم أنا أحبه !!
عرفت, الآن لمَ لمْ أفكر بالحب, قبلا, لأني أصلا أحب.. ومنذ صغري!!
أحسست بالحزن والهم, لأول مرة بحياتي ..وبأني يائسة .. فربما فرات لا يحبني!! ..كنت شاردة الذهن ومشوشة, ولم أذق طعم النوم, ليلتها, وأفكار يائسة, تجرح, الإنسانة فيّ.. وتعذبني.
شعرت بالخجل وأنا أرى بالمرآة, عيني محمرتين ومنتفختين, فرفضت الذهاب إلى الكلية, حين جاء فرات ليأخذني ..اعترض الجميع, وأصروا أن أذهب معه .. وعلى مضض ركبت السيارة, وأنا أنظر إلى الناحية الأخر, مشيحة بناظريّ عنه, كي لا تلتقي, عينايّ بعينيه.
- ما بك دجلة!!؟
قالها بصوت, ملهوف حنون, لم أجبه .. فأعاد السؤال مرة أخرى, بلهفة ولوعة أكبر.
- ردي عليّ دجلة ..أرجوك ما بك.. وما الذي غيرك!!؟
بخجل, وتردد يتهدج صوتي, أجبته وأنا أكاد أبكي.. والحيرة تملأ روحي, وقلبي:
- لا أدري فرات صدقني ..لا أدري!!
ركن السيارة على جانب الطريق, واستدار بجسمه نحوي .. أمسك بذقني ورفعه, فأحسست بقشعريرة تسري في بدني, احمرت وجنتاي, وارتعشت يدي, وأنا أحاول التملص, من يده.
قال هامسا, ويده ما تزال تمسك بذقني, وباليد الأخرى أزاح عن وجهي شعري, الذي أخفيت فيه عينيّ المتورمتين, وصوته العذب, يرن بأذنيّ, وكأني أسمعه, لأول مرة:
- دجلة .. أتعرفين أني أحبك .. أتعلمين إنك كل حياتي, وأني منذ الصغر متيم بك ..ألم تسألي نفسك يوما.. لمَ لمْ أخرج مع أصدقائي الشبان, وهم يطاردون الفتيات, ولا مرة واحدة, بحياتي كلها ..أجيبيني.. دجلة.. أرجوكِ!!؟
بلوعة, وفرح نظرت إليه, ويده تمسح بكل حنان, عيني التي تغمرها, دموع السعادة الصاخبة.. بالحب, وبهِ هو..و بصوت هامس, يهيم عشقا فيه, قلت هامسة له:

- فرات .. أنا لم أعرف ما هو الحب.. إلا.. بالأمس!!

محمدذيب علي بكار
03/01/2009, 11:12 AM
الأديبة القاصة
عائدة محمد نادر
قصة تحمل براءة الحب وطهره في البعد الأول
وترسم أمنيات الوحدة العراقية
في بعدها الثاني
أستهلال رائع وسرد ممتع
ونحن نرى كيف يتحد الفرات مع دجلة ليشكلان في نهاية المطاف الاسرة أو شط العرب
أو هو رمز لوحدة العراق
شفيفة هذه الكلمات وهذه التعابير
لن أقول هواجس
لكي لا تقولي هي واقع
أنا اقصد بهواجس
أي مشاعر وتفاصيل الحب والألم عند المرأة
دمت مبدعة
أخوك محمد

وردة أسماعيل أبوالحسن
03/01/2009, 07:08 PM
الاديبة الرائعة
عائدة محمد نادر
عشت مع كلماتك احساس الفطرة
المفقود فى زماننا الذى رحلت عنه
الصفاء ونقاء الحب وجدت صدق المشاعر
الذى بحثت عنه عمرا ومازلت ابحث
احساس رائع للمشاعر الجميلة
والوحدة المفقودة بيننا
كلمات رائعة واحساس جميل
ورحلة بين دجلة والفرات
ابدعتى فى كل شئ
تقبلى اثنائى
اختك وردة اسماعيل

عائده محمد نادر
03/01/2009, 09:33 PM
الأديبة القاصة

عائدة محمد نادر
قصة تحمل براءة الحب وطهره في البعد الأول
وترسم أمنيات الوحدة العراقية
في بعدها الثاني
أستهلال رائع وسرد ممتع
ونحن نرى كيف يتحد الفرات مع دجلة ليشكلان في نهاية المطاف الاسرة أو شط العرب
أو هو رمز لوحدة العراق
شفيفة هذه الكلمات وهذه التعابير
لن أقول هواجس
لكي لا تقولي هي واقع
أنا اقصد بهواجس
أي مشاعر وتفاصيل الحب والألم عند المرأة
دمت مبدعة

أخوك محمد


الزميل الشاعر والكاتب الرائع
محمد ذيب علي بكار
أحييك على هذه القراءة المتينة العميقة لقصتي فرات حبيبي
وأنا حين أجبتك بأن قصصي ليست هواجس لأنها فعلا كذلك وأعتذر منك إن كان ردي فيه شيء أزعجك
أحب مداخلاتك العميقة زميلي فأنت تتمتع بحس أدبي عال.
تحية كبيرة لك من فرات ودجلة ومن كل العراق الأبي
أدعو من الله أن تعود مياهنا مثلما كانت سابقا تجري عذبة رقراقة
تحياتي لك بحجم الكون صديقي العزيز

عائده محمد نادر
05/01/2009, 12:31 AM
الاديبة الرائعة

عائدة محمد نادر
عشت مع كلماتك احساس الفطرة
المفقود فى زماننا الذى رحلت عنه
الصفاء ونقاء الحب وجدت صدق المشاعر
الذى بحثت عنه عمرا ومازلت ابحث
احساس رائع للمشاعر الجميلة
والوحدة المفقودة بيننا
كلمات رائعة واحساس جميل
ورحلة بين دجلة والفرات
ابدعتى فى كل شئ
تقبلى اثنائى

اختك وردة اسماعيل


الزميلة الكاتبة
وردة اسماعيل

أشكرك كثيرا على اطرائك الحنون على القصة
وربي يجمع شمل كل من فارق أهله ووطنه وأحبته
أدعو أن يجمع الله شمل أهل العراق الأحبة الأخيار .. فهي نار ستنطفئ بقوة الله ويتحرر العراق ليخرج المحتلين والخونة إلى الأبد
لنعود لدجلة والفرات وعطرهما
تحيتي واحترامي لك وردة اسماعيل
أسعدني وجودك معي