المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زوج أمي



خالد القيسي
31/12/2005, 10:58 PM
زوج أمي


قصة قصيرة بقلم : خالد القيسي

أمسى وبقدر ة قادر زوجا لها , وهي الخاسرة دوما لحسابات الزمن الرديء وسوء طالعنا , سيفه الورقي أضحى ذا الفقار على الرقاب , خلناه يداعبنا بادئ الأمر فأشعلنا ضحكاتنا مدويا تثقب صمت الليل وسكون والدتي التي أشاحت متمتمة " عيب اسكت " .

تجهم وجه عمي الجديد بعدما ساوره الشك انه مثار ضحكاتنا البريئة فراح ينفش ريشه وتضخم انفه ليحمر مرسلا لأعيننا رسائل حنقه منا فوخزتني أمي بإصبعها هامسة " ولك عيب " ..

خبأت رأسي في جثة آخي الذي خبأ رأسه في جثتي لنستمرَ بإطلاق ضحكتانا لتزداد رسائل حَنقهِ مِنا, ليقطب حاجبيه معلناً درجاتٍ عُليا من الغضب مما قلص من حثتنا وأمي المتكورة .

راحت المسكينة تقرصُ إليتي محذرةَ أنها ستسخطني بعد مغادرة ديك الحبش الذي تسمر واقفاً وحائراً أين سيضع كفاه اللذان ما استقرتا على حال.

طأطأت رأسها خوفاً من مرعبها الجديد وخجلاً من تمردنا الفطري على ولائها الفطري للخازوق المنتصب في سماء غرفتنا المغتصب لأجواءٍ كانت واحةً رحبةً لفضاءات أحلامنا وملعباً مفضلاً لصراخنا .

تراصصنا لنتكتل مع جثتها التي راحت تتصبب عرقاً مُخفينَ أنفسنا عن ناظريه .

هدَّاَ من روعهِ وبدأ الحملقةَ في مفاتن فريسته المكتسبة بعدما وهدأنا بفعل رائحة ذكورته المنبعثة من جوربِ لم يُمنَح شرف الغسيل وأقدامٍ مزقت جلد حذائه باعثةً ما يجبرنا على الهدوء.

طالَ وقوفه وطال صمتنا فزاد تكورنا ليوسع َ شِدقيهِ هذه المرة مبتسماً :

· أين الأصول يا أصيلة ؟ ألا ترحبين بالمالك الجديد ؟ حررت قيدَ لسانها متسائلةً :

· مالكٌ لماذا؟

- مالكٌ لهذا البيت؟

- جدرانهُ؟

· لا وأهلهُ؟ انتقضت هذه المرة فاغرةً فاها :

- بأي منطق؟ وبأيِ حق ؟

بدأت مرحلةً جديدةً من الصراع و أبديا تسابقاً في إرهاب كلٍ منهما الآخر , وسرعان أجبر هجوم فارستنا ودفاعتنا الحصينة الديك على وقف الهجوم لتجبره على خفض نبرة صوته :

- أنا لا أفهم لمَّ كل هذا التخوف مني ؟ ألم تعد إلي ملكية البيت ؟ ألم أصبح لكِ زوجاً ؟ وأضحيت أباً للصبية ِ بعدما وفرتُ لكم ما طلبتم بعد موتِ المرحوم .

أكملت فك بقية القيود , رفعت رأسها فظنَ أنه بدأ التسلل إلى دماغها بِسُمهِ القاتل , خفضَ رأسهُ ليكثف ما يصبهُ من حممِ في أذنيها الموصدتين , وراح يداعب خصلات شعرها المنسدل على أكتفها ناسياً أننا ما زلنا نتابعُ المعركةَ من تحتها , وما أن وقعت عينهُ في مقابلة عيني المجافية للنوم حتى انتفض كمن أصابهُ المسُ ليعود إلى انتصابهِ وحنقهِ من جديد رافعاً صوتهُ ألم ينم أبناءُ ال..............

فكانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير ليضع نفسهُ تحت وابلٍ من القذائف الكلامية من النوع الثقيل فراح يبعثر الأشياء بنعليهِ معلناٍ بدايةَ إفلاسهِ وراحت يداهُ تقذف الأشياء في كل الاتجاهات في محولةٍ من لبسط سيادته ِ على المكان .

علت أصوات كل الأشياء وخبا صوتي وأخي الذي أغمض عيناهُ حتى تفقِئهما الأشياء المتطايرة في الأجواء بغير حساب وطالت أكفهُ صورةَ والدي المشنوقة على الجدار وإلي بندقية جدي التي هزمها الصدأ وهذه الأكف اللعينة امتزج صوت صراخهما بأنين الأواني وآهات الزجاج المهزوم على المصطبة ودعنا الله للفارسة أن تخرجَ من معركتها بسلام وأن يُفتح علينا بابُنا المهترئ قبل أن نلفظ أنفاسنا الأخيرة وحضرني صوت الشيخ حسين عندما قال في خطبتهِ أنهُ من حضرت منيتهُ فلا مؤخرَ لها وبدأت أرسم تحت جفني وعلى خلفية السباب مر اسمنا الجنائزية وشماتة "شنوة" ضرة أمي العانس التي طالما انتظرت ساعتنا وأمي التي كانت سببا في تمرد على نير مشاهدة وجهها القبيح .

استمرا في التصعيد ليصلا بسرعةٍ إلى طريق اللاعودة فامتدت يده الآثمةَ للالتقاط بندقيتنا المسجاة على الأرض وقفز نحو الجراب ليخرج إطلاقات تركها جدّي ذكرى لهُ بعدما هزمت جموعنا في معركتها الأولى وأسقطت كل مفاهيمه وقيمه ِ لتدور الأيامُ دورتها وليعمرَ رَصاصنا بندقيتنا المهزومة باحثةً عن نصرٍ مفقود , وأتى اليوم الذي يزور فيهِ رصاصنا أكبادنا المعتمةَ بالسواد لأفتح فمي بآآآآآآه

جحظت بعدها عيناي لتفتحا على مكانٍ غير المكان وزمانٍ غير الزمان وعلى حقيقة موت والدتي الفارسة قبيل عشرين عاماً وأن جدّي لم يكن يؤمن أصلاً بالكفاح المسلح .

فلعنتُ اليوم الذي أجبرني على التندر على مختار قريتنا الذي أمسى زوجاً لأمي ....

تناولت كأس الماء نصف المملئ من جانب سريري لأروي عطش فيافي عروقي وأنسلُ إلى فراشي من جديد مستمطراً غفوةً جديدة .


*حقوق الطبع والإقتباس محفوظة للكاتب خالد القيسي*

أسامة يوسف
05/01/2006, 07:56 PM
تحياتي لك أخ خالد .. شكرا للذي يملي على أناملك .. من تفاصيل دقيقة تحول الصفحة إلى شاشة
تلفاز..

خالد القيسي
05/01/2006, 09:37 PM
أخي أسامة يوسف:

شكرا لمرورك الكريم بين ثنايا حروفي أعتز بك دوما

انتظر مشاركتك
تحياتي