المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرجلان حضرا ( أو ) حضروا !



عبد المنعم جبر عيسي
11/12/2008, 04:32 PM
تعود الأسماء في أي لغة ؛ إلي بداية الزمن الذي نشأت فيه ، بل إن الأسماء هي أول ما يظهر في أي لغة ، ومن الأسماء أو بعدها تنشأ الأنواع الأخري من الكلمات فيها .. وبنشوء الأسماء ينشأ ما ينوب عنها في الكلام كالضمائر ، ومثلها أسماء الإشارة ، والأسماء الموصولة ، وكل علامة لسانية تدل عليها ، سواء من حيث دلالتها علي العدد ( المفرد والجمع ) ، أو من حيث دلالتها علي الجنس ( المذكر والمؤنث ) .
وإذا درسنا الأسماء من حيث دلالتها علي العدد ؛ نجد أنها في لغتنا العربية الفصيحة ؛ تختلف عما هي عليه في سائر اللغات المعروفة قديمة وحديثة ، فالأسم في فصيحتنا إما مفرد أو مثني أو جمع ، والإسم في عامة اللغات - غالبا - إما مفرد وإما جمع ، وإذا وجدت في قليل منها آثار للتثنية فهي لا تتسع ولا تطرد في كل الأسماء وما ينوب عنها ، كما في لغتنا الفصيحة .
فالقاعدة العامة في اللغات ؛ هي أن الأسماء في دلالتها العددية إما أن تدل علي الإفراد أو الجمع ، كذلك ما ينوب عنها ، والقاعدة الخاصة بلغتنا الفصيحة ؛ هي أن هذه الأسماء وما ينوب عنها ذات أحوال ثلاثة : الإفراد والتثنية والجمع ، وهذه بعض الأمثلة :
* هذا هو الشاعر الذي فاز بالتقدير .
* هذان هما الشاعران اللذان فازا بالتقدير .
* هؤلاء هم الشعراء الذين فازوا بالتقدير .
وهذا ما نقوله حين نقتصر علي حالات التذكير ، فإذا أردنا استيعاب حالات التأنيث أيضا قلنا :
* هذه هي الشاعرة التي فازت بالتقدير .
* هاتان هما الشاعرتان اللتان فازتا بالتقدير .
* هؤلاء هن الشاعرات اللواتي فزن بالتقدير .
وندع هنا دلالة الجنس من تذكير وتأنيث ، ونحصر كلامنا في دلالة العدد : إفرادا وتثنية وجمعا .
فالملاحظ في الجمل السابقة ؛ أن حالة التثنية واضحة متميزة في الإسم أو الوصف ، وفي الضمير واسم الإشارة والإسم الموصول ، ثم في ألف الأثنين الملحقة بالفعل ، الدالة علي التثنية . ( ١ )
ولغتنا الفصيحة لا تخرج في التثنية عن قاعدتها الخاصة بها إلي القاعدة العامة بين سائر اللغات إلا نادرا ، والشرط في هذه الندرة أو هذا التوسع هو أمن اللبس عند السامع اعتمادا علي فهمه ، وذلك حين يوحي إليه المقام بالمقصود ، وكثيرا ما يعتمد الفصحاء علي فهم السامع في مثل هذه الحالة ، إذ لا خوف من اللبس أو الخفاء ، فيقول العربي الفصيح أحيانا : " محمد وعلي حضروا " بدلا من أن يقول : " حضرا " ، وقد يحدث هذا في الفصيحة أحيانا وهو تعبير صحيح ، وقلما يلتفت إليه مع أنه من سنن العربية ، ولهذا يدهش من يفاجأ به إذا لم ينتبه سريعا إليه ، وقد يظنه خطأ أو لحنا .. ومن ذلك ما ذكر من أن الشعبي كان يتحدث في مجلس عبد الملك بن مروان ، فقال : " رجلان جاءوني " فقال له الخليفة " لحنت يا شعبي " فقال الشعبي : " يا أمير المؤمنين ، لم ألحن ، مع قول الله تعالي : { هذان خصمان اختصموا في ربهم } ( ٢ ) فقال عبد الملك : " لله درك يا فقيه العراقيين ، قد شفيت وكفيت " .
ومثل هذا قليل ، ومنه قول الله تعالي : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما . فإن بغت احداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله } . ( ٣ )
وقوله تعالي : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ( ٤ ) ولم يقل " يديهما " مع أن هذا هو المقصود ، لأن السارق لا تقطع له في سرقة واحدة إلا يد واحدة .
وقوله تعالي في خطاب زوجتين من زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم : { إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما } ( ٥ ) أي مالت ، ولم يقل " قلباكما " ولكل منهما قلب واحد ، إذ : { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } ( ٦ ) ولا لامرأة .
وتذكر كتب السيرة ، قصة هجرة النبي صلي الله عليه وسلم مع صاحبه ومولاه عامر بن فهيرة ، وفي الطريق إلي المدينة نزلوا خيمة أم معبد فاستضافتهم ، ولما عاد زوجها أخبرته بقصة ضيوفها ، فقالت في وصف بارع للنبي وصحبه : " غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة ، له رفقاء يحفون به ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإن أمر تبادروا إلي أمره " فقال زوجها : " هذا صاحب قريش " .. فهي بعد قولها : " غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة " لم تقل : " له رفيقان يحفان به ، إن قال أنصتا لقوله ، وإن أمر تبادرا إلي أمره " .
معاملة المثني كالمفرد :
وقد يعامل المثني في العربية معاملة المفرد ، إذا كان الإثنان يقومان بعمل واحد .. كالعينين والأذنين واليدين ، فنقول : عيناي أبصرت شبحا ، وأذناي سمعت غناء ، ويداي أمسكت كتابا .
وقريب من ذلك أن يذكر شيئان ؛ ثم يعاد الضمير علي أحدهما ، مع أن المقصود هو الشيئان ، ومن ذلك قول الله تعالي { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما } ( ٧ ) ، فعاد الضمير إلي التجارة ، مع أن " اللهو " مقصود أيضا .. ومثل قول الله تعالي { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } ( ٨ ) ، والمقصود الذهب والفضة .. ومثل قوله تعالي : { والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } ( ٩ ) ، والمقصود " أن يرضوهما " .

* * * * *
المصدر :
( أضواء علي لغتنا السمحة )
للأستاذ :
محمد خليفة التونسي
كتاب العربي ( الكويت ) - اكتوبر ١٩٨٥ م .

---------------------------------------------------------------
( ١ ) لا شأن لنا هنا بالخلاف بين النحويين في ألف الأثنين ، هل هي ضمير أو اسم ، أم مجرد علامة للتثنية ، فهي حرف ، وإن كنا نميل إلي أنها حرف في الفعل كما هي في الاسم ، مثل : " العازفان يعزفان " .
( ٢ ) الحج ١٩ .
( ٣ ) الحجرات ٩ .
( ٤ ) المائدة ٣٨ .
( ٥ ) التحريم ٤ .
( ٦ ) الأحزاب ٤ .
( ٧ ) الجمعة ١١ .
( ٨ ) التوبة ٣٤ .
( ٩ ) التوبة ٦٢ .

روان أم المثنى
13/12/2008, 06:00 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com13.gif


الأستاذ الفاضل

عبد المنعم جبــر

سدد الله خطاك ونفعنا وإياك بمثل هذه الموضوعات الجيدة المنتقاة

فهذا الموضوع وأمثاله يثبت مرونة العربية

وقوتها الظاهرة في سماتها ومبانيها واستيعابها

وكما أنك ذجرت صيغة الجمع في الأفعال يراد بها التثنية والإفراد

فمن سمات العربية كذلك عكس هذه السمة ضدا بضد

ومن ذلك جواز إيراد الفعل المفرد وإرادة الجمع

أو إيراد الفعل على التذكير في شأن الإناث ونحوه

فيجوز أن يقول العربي: خاطبتني النساء- وخاطبني النساء

على تأنيث الفعل وتذكيره ومنه قول الله عز وجل

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ...)

وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...)


وأمثال هذا في العربية كثير وجميل

وهو بحث ممتاز يوسع الأفق على سمات العربية التي لا تتميز بها غيرها من اللغات

بارك الله فيك أستاذنا الكريم

وإلى مزيد من الموضوعات الراقية

تقبل خالص الاحترام




http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com13.gif

عبد المنعم جبر عيسي
30/12/2008, 06:29 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com13.gif


الأستاذ الفاضل

عبد المنعم جبــر

سدد الله خطاك ونفعنا وإياك بمثل هذه الموضوعات الجيدة المنتقاة

فهذا الموضوع وأمثاله يثبت مرونة العربية

وقوتها الظاهرة في سماتها ومبانيها واستيعابها

وكما أنك ذجرت صيغة الجمع في الأفعال يراد بها التثنية والإفراد

فمن سمات العربية كذلك عكس هذه السمة ضدا بضد

ومن ذلك جواز إيراد الفعل المفرد وإرادة الجمع

أو إيراد الفعل على التذكير في شأن الإناث ونحوه

فيجوز أن يقول العربي: خاطبتني النساء- وخاطبني النساء

على تأنيث الفعل وتذكيره ومنه قول الله عز وجل

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ...)

وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...)


وأمثال هذا في العربية كثير وجميل

وهو بحث ممتاز يوسع الأفق على سمات العربية التي لا تتميز بها غيرها من اللغات

بارك الله فيك أستاذنا الكريم

وإلى مزيد من الموضوعات الراقية

تقبل خالص الاحترام




http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com13.gif

الأخت الكريمة والأستاذة الفاضلة / روان
سلام الله عليك ورحمته وبركاته ..
ولك الشكر كل الشكر للمتابعة والتشجيع والإضافة ..
ودمت متألقة ..
أخوك .