عبد المنعم جبر عيسي
10/12/2008, 08:02 AM
أخيرا انتهي عمل اليوم الشاق .. !
أسندت دكتورة ( أمل ) رأسها للحائط .. تتمطي .. تتحسس جبهتها بأطراف أصابعها ، يجتاحها الإرهاق والتعب ، تشعر بالصداع يكاد يفتك برأسها .. لا تكاد تصدق بأن العمل مع استاذها الدكتور ( مصطفي ) استغرقها كل هذه الساعات المضنية ، تنظر في ساعة يدها غير مصدقة ، انها الثانية صباحا ..
يا الله ..
لم تفعل بي هذا يا دكتور ( مصطفي ) ؟ تدرك جيدا أنها كانت حالة إنسانية ؛ وجراحة عاجلة لا تحتمل التأجيل ، وهي لم تكن لتتخلف عن استاذها عندما يحتاج لمساعدتها ، خاصة وأنه لا يبخل عليها بعلمه وخبرته .. تبتسم وهي تتذكر آخر تعليقات الدكتور ( مصطفي ) علي جدها واجتهادها في عملها ، قال معجبا بمهارتها الطبية :
- دكتورة ( أمل ) هذه ثروة قومية ؛ يجب الحفاط عليها .
أيعقل .. كل هذا الوقت مر ولم تشعر به ، كيف ستعود إلي البيت الآن ؟ ارتسم هذا السؤال أمام مخيلتها كبيرا مرعبا .. إن المسافة إلي بيتها كبيرة وهي متعبة جدا .. فكرت في أن تصطحب أحد زملاء العمل ليقود بها سيارتها ، وهي التي تتمتع بحب الجميع وتقديرهم ؛ ليس لجمالها الأخاذ .. ولكن لحسن خلقها ورقة مشاعرها ، وتفوقها العلمي اللافت للأنظار .. لكنها استبعدت الفكرة لإنشغال الجميع الشديد ، وتحرجها من أن تطلب ذلك .. لذلك آثرت أن تنسحب في هدوء مغادرة المستشفي النائية .
لم تكن تخشي الطريق المرعب ، الذي اشتهر باسم ( طريق الموت ) ، لكنها لم تكن تحبه .. لديها سيارتها الحديثة القوية ، التي يمكنها قطع المسافة إلي بيتها في أقل من ساعة ، ركبت سيارتها .. أحكمت إغلاق نوافذها من الداخل ، قادت في صمت .. لتعبر هذا الطريق الموحش ، كان قلبها ينقبض منه في قلب النهار ، وهو طريق قديم يتشائم منه الناس ؛ لكثرة الحوادث التي تقع فيه ، لكم سمعت عنه الحكايات من الزملاء ، لم تكن تصدق معظمها ، لكنها كانت تحرص علي عدم عبوره ليلا .. وبدأت أفكارها تذهب بها بعيدا ..
تقترب الآن من طريق الموت ، تشعر بانقباض قلبها يضاعف إحساسها بالتعب والإجهاد ، تشعر بالرؤي تتداخل أمام ناظريها ، والصداع تشتد ضراوته في مهاجمتة لرأسها الجميل ، تحس بنفسها تترنح في جلستها أمام مقود السيارة ، تحاول تمالك نفسها والسيطرة علي مشاعرها ، تفتح عينيها علي اتساعهما ، كان الطريق مظلما موحشا ، تحفظ معالمه عن ظهر قلب .. وهي تعبره ذهابا وإيابا في كل يوم ، لم تتصوره بهذه البشاعة ليلا ، زادت من سرعة سيارتها لتعبره في أقصي سرعة ؛ وأقل وقت وأدني حد من المعاناة ، وتضاعف بذلك إحساسها بالخوف .. حتي صور لها خيالها أن هناك أشباحا تعبر الطريق أمامها عن بعد ، فغرت فاها رعبا وهي تري أحد هذه الأشباح يتواري بين الأشجار في جانب الطريق الضيق ، لم تدر ما تفعل للحظات ، أحست بقلق عنذما رأت سيارة بيضاء تسير ببطء علي البعد ، اقتربت منها بسرعتها الكبيرة ، حاولت تجاوزها لكن سائقها لم يسمح لها بذلك ، ثم ضعطت مكابح سيارتها بكل قوة وعنف ، لتقف علي بعد أمتار قليلة منها ، بعد أن توقفت السيارة بشكل مفاجئ أمامها ، وقفت مكانها في صمت لثوان ، قررت أن تعود أدراجها بالسيارة إلي الخلف ، لكن سيارة أخري - لم تدر من أين خرجت - قطعت عليها الطريق لتمنعها من تنفيذ فكرتها ، فوقفت مكانها لا تلوي علي شئ .
رأت أشخاصا يهبطون من السيارتين ، كان منظرهم مرعبا وهم يحيطون بسيارتها ، بدوا كوحوش آدمية لا رادع لهم .. وسرعان ما بدأت محاولاتهم لفتح أبواب السيارة ، كانت الدكتورة ( أمل ) خائفة ، ترتجف كل ذرة من جسدها رعبا ، مدت يدها إلي حقيبة يدها تبحث عن تليفونها ، أمسكت به بيد مرتعشة ، طلبت رقما تعرفه جيدا .. قالت في جزع :
- النجدة ..؟ أدركوني .. هناك من يهاجمونني .. !
ثم صرخت في رعب هائل ، وقد أحست بزجاج السيارة من خلفها يتهشم ، نجحوا في فتح أحد الأبواب .. أخرجوها .. قاومت بكل قوتها ، لكن ضربة عنيفة علي مؤخرة رأسها أفقدتها وعيها .
أفاقت بعد وقت لتجد نفسها بينهم ، سمعت أحدهم يقول :
- إنها رائعة الجمال !
جاء صوت آخر بدا صارما :
- ست الحسن والجمال ، أخرجي ما معك من مال وذهب !
دارت رأسها ، أوقعها سوء حظها بأيدي لصوص ، قطاع طريق .. قالت :
- ليس معي أي مال !
جاء الصوت الصارم أشد صرامة :
- من الواضح أنك ستتعبيننا .. لكن يجب عليك التضحية ببعض المال والذهب .. إذا أردت النجاة بنفسك .
تأملت الدنيا من حولها ، كان الظلام حالكا شديد السواد .. جذبها أحدهم من يدها بعنف فصرخت ، فكمّ آخر فاها .. جاء صوتها مستعطفا :
- صدقني .. ليس معي الآن .. لكن .. يمكنني أن أحضر لكم ما تشاءون من مال وذهب إذا سمحتم بعودتي إلي البيت .
فجاء صوت أحدهم ضاحكا :
- البيت ؟ إنها تقول البيت !
ثم رن هاتفها بحقيبة يدها ، جذبها منها أحدهم ، أخرجوا الهاتف ، ضعطوا زرا به .. جاء صوت علي الطرف الآخر :
- آلو .. معك الرائد حسام فوزي من ادارة شرطة العاصمة .. من فضلك نحتاج بعض التفاصيل .. يجري حاليا تتبع هاتفك بمعرفتنا .. آلو .. آلو .. آ .
صرخت دكتورة ( أمل ) بكل ما أوتيت من قوة :
- أغيثوني !
ضغطوا الهاتف بعنف وألقوا به بعيدا .. قال صاحب الصوت الصارم :
- يجب مغادرة المكان فورا .
أسندت دكتورة ( أمل ) رأسها للحائط .. تتمطي .. تتحسس جبهتها بأطراف أصابعها ، يجتاحها الإرهاق والتعب ، تشعر بالصداع يكاد يفتك برأسها .. لا تكاد تصدق بأن العمل مع استاذها الدكتور ( مصطفي ) استغرقها كل هذه الساعات المضنية ، تنظر في ساعة يدها غير مصدقة ، انها الثانية صباحا ..
يا الله ..
لم تفعل بي هذا يا دكتور ( مصطفي ) ؟ تدرك جيدا أنها كانت حالة إنسانية ؛ وجراحة عاجلة لا تحتمل التأجيل ، وهي لم تكن لتتخلف عن استاذها عندما يحتاج لمساعدتها ، خاصة وأنه لا يبخل عليها بعلمه وخبرته .. تبتسم وهي تتذكر آخر تعليقات الدكتور ( مصطفي ) علي جدها واجتهادها في عملها ، قال معجبا بمهارتها الطبية :
- دكتورة ( أمل ) هذه ثروة قومية ؛ يجب الحفاط عليها .
أيعقل .. كل هذا الوقت مر ولم تشعر به ، كيف ستعود إلي البيت الآن ؟ ارتسم هذا السؤال أمام مخيلتها كبيرا مرعبا .. إن المسافة إلي بيتها كبيرة وهي متعبة جدا .. فكرت في أن تصطحب أحد زملاء العمل ليقود بها سيارتها ، وهي التي تتمتع بحب الجميع وتقديرهم ؛ ليس لجمالها الأخاذ .. ولكن لحسن خلقها ورقة مشاعرها ، وتفوقها العلمي اللافت للأنظار .. لكنها استبعدت الفكرة لإنشغال الجميع الشديد ، وتحرجها من أن تطلب ذلك .. لذلك آثرت أن تنسحب في هدوء مغادرة المستشفي النائية .
لم تكن تخشي الطريق المرعب ، الذي اشتهر باسم ( طريق الموت ) ، لكنها لم تكن تحبه .. لديها سيارتها الحديثة القوية ، التي يمكنها قطع المسافة إلي بيتها في أقل من ساعة ، ركبت سيارتها .. أحكمت إغلاق نوافذها من الداخل ، قادت في صمت .. لتعبر هذا الطريق الموحش ، كان قلبها ينقبض منه في قلب النهار ، وهو طريق قديم يتشائم منه الناس ؛ لكثرة الحوادث التي تقع فيه ، لكم سمعت عنه الحكايات من الزملاء ، لم تكن تصدق معظمها ، لكنها كانت تحرص علي عدم عبوره ليلا .. وبدأت أفكارها تذهب بها بعيدا ..
تقترب الآن من طريق الموت ، تشعر بانقباض قلبها يضاعف إحساسها بالتعب والإجهاد ، تشعر بالرؤي تتداخل أمام ناظريها ، والصداع تشتد ضراوته في مهاجمتة لرأسها الجميل ، تحس بنفسها تترنح في جلستها أمام مقود السيارة ، تحاول تمالك نفسها والسيطرة علي مشاعرها ، تفتح عينيها علي اتساعهما ، كان الطريق مظلما موحشا ، تحفظ معالمه عن ظهر قلب .. وهي تعبره ذهابا وإيابا في كل يوم ، لم تتصوره بهذه البشاعة ليلا ، زادت من سرعة سيارتها لتعبره في أقصي سرعة ؛ وأقل وقت وأدني حد من المعاناة ، وتضاعف بذلك إحساسها بالخوف .. حتي صور لها خيالها أن هناك أشباحا تعبر الطريق أمامها عن بعد ، فغرت فاها رعبا وهي تري أحد هذه الأشباح يتواري بين الأشجار في جانب الطريق الضيق ، لم تدر ما تفعل للحظات ، أحست بقلق عنذما رأت سيارة بيضاء تسير ببطء علي البعد ، اقتربت منها بسرعتها الكبيرة ، حاولت تجاوزها لكن سائقها لم يسمح لها بذلك ، ثم ضعطت مكابح سيارتها بكل قوة وعنف ، لتقف علي بعد أمتار قليلة منها ، بعد أن توقفت السيارة بشكل مفاجئ أمامها ، وقفت مكانها في صمت لثوان ، قررت أن تعود أدراجها بالسيارة إلي الخلف ، لكن سيارة أخري - لم تدر من أين خرجت - قطعت عليها الطريق لتمنعها من تنفيذ فكرتها ، فوقفت مكانها لا تلوي علي شئ .
رأت أشخاصا يهبطون من السيارتين ، كان منظرهم مرعبا وهم يحيطون بسيارتها ، بدوا كوحوش آدمية لا رادع لهم .. وسرعان ما بدأت محاولاتهم لفتح أبواب السيارة ، كانت الدكتورة ( أمل ) خائفة ، ترتجف كل ذرة من جسدها رعبا ، مدت يدها إلي حقيبة يدها تبحث عن تليفونها ، أمسكت به بيد مرتعشة ، طلبت رقما تعرفه جيدا .. قالت في جزع :
- النجدة ..؟ أدركوني .. هناك من يهاجمونني .. !
ثم صرخت في رعب هائل ، وقد أحست بزجاج السيارة من خلفها يتهشم ، نجحوا في فتح أحد الأبواب .. أخرجوها .. قاومت بكل قوتها ، لكن ضربة عنيفة علي مؤخرة رأسها أفقدتها وعيها .
أفاقت بعد وقت لتجد نفسها بينهم ، سمعت أحدهم يقول :
- إنها رائعة الجمال !
جاء صوت آخر بدا صارما :
- ست الحسن والجمال ، أخرجي ما معك من مال وذهب !
دارت رأسها ، أوقعها سوء حظها بأيدي لصوص ، قطاع طريق .. قالت :
- ليس معي أي مال !
جاء الصوت الصارم أشد صرامة :
- من الواضح أنك ستتعبيننا .. لكن يجب عليك التضحية ببعض المال والذهب .. إذا أردت النجاة بنفسك .
تأملت الدنيا من حولها ، كان الظلام حالكا شديد السواد .. جذبها أحدهم من يدها بعنف فصرخت ، فكمّ آخر فاها .. جاء صوتها مستعطفا :
- صدقني .. ليس معي الآن .. لكن .. يمكنني أن أحضر لكم ما تشاءون من مال وذهب إذا سمحتم بعودتي إلي البيت .
فجاء صوت أحدهم ضاحكا :
- البيت ؟ إنها تقول البيت !
ثم رن هاتفها بحقيبة يدها ، جذبها منها أحدهم ، أخرجوا الهاتف ، ضعطوا زرا به .. جاء صوت علي الطرف الآخر :
- آلو .. معك الرائد حسام فوزي من ادارة شرطة العاصمة .. من فضلك نحتاج بعض التفاصيل .. يجري حاليا تتبع هاتفك بمعرفتنا .. آلو .. آلو .. آ .
صرخت دكتورة ( أمل ) بكل ما أوتيت من قوة :
- أغيثوني !
ضغطوا الهاتف بعنف وألقوا به بعيدا .. قال صاحب الصوت الصارم :
- يجب مغادرة المكان فورا .