المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سي السيء ( نزف قلم : محمد سنجر )



محمد سنجر
14/11/2008, 05:38 AM
جالس أنا بأحد الزوايا هناك ، رائحة البنزين تملأ المكان ،
جاءني ولد صغير يحمل كوبا من الشاي ، قال ببراءة )
ـ الأسطى بيمسي .
ـ ألف شكر يا أسطى جمال .
ـ ده إنت منورنا و الله يا أستاذ .
ـ منور بيكم يا أسطى عثمان .
( قالها الأسطى عثمان و هو يتواري ببشرته الجنوبية السمراء خلف غطاء المحرك الأبيض ،
كان يحاول جاهدا فك أحد المسامير الصدئة ،
بينما تمدد الأسطى جمال أسفل السيارة يفك ( طبة الزيت ) و قد توارت بشرته الناصعة البياض خلف بعض البقع الزيتية السوداء ،
منذ قليل طلبا مني الحضور بعد ساعتين لاستلام السيارة ،
و لكنني وجدتها فرصة للبقاء مع نفسي بعض الوقت ،
أخذتني الأفكار فوق جناحيها ،
حطت بي هناك ،
مازال صوت أمي و أختي الكبرى يتردد بمسامعي )
ـ أعدم عيني إن ما طلقتها لا أنت ابني و لا أعرفك .
ـ قلت لك أنا شفتها بعيني اللي ها يكلها الدود و هو نازل من عندها .
ـ طلقها و أنا من بكرة أجوزك ست ستها ، على الأقل جايز ربنا يكرمك بحتة عيل .

( تساؤل أحد الصبية أعادني ثانية إلى رائحة البنزين )
ـ الشاي مظبوط يا أستاذ ؟ مش عاوز سكر ؟
ـ لا ، ده مية مية .

( لفت نظري الشبه الكبير بين الصبي و بين والده الأسطى جمال ،
فولة و انقسمت نصفين ،
نفس البشرة ناصعة البياض ، نفس قصة الشعر حتى لونه ، سبحان الله )
ـ ربنا يخلي لك ابنك يا أسطى جمال .
( رد بمنتهى البرود )
ـ لأ مش ابني ، ده ابن الأسطى عثمان .
( عندها دارت بي الدنيا ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ، كيف ؟
لا يمكن . هل يعقل أن يكون هذا الصبي صاحب البشرة شاهقة البياض ابنا للأسطى عثمان صاحب هذه البشرة السمراء ؟؟؟؟؟
أي كلام هذا ؟
خطفتني غربان سوء الظن ، حلقت بي عاليا ،
اثنان كان الشيطان ثالثهما ، جذبهما ، غاص بهما إلى ظلمات أعماق الرذيلة و الدناءة،
سلبهما الشيطان ضميرهما فضيعا الأمانة ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ،
ألهذه الدرجة انحطت الأخلاق في سنواتنا العجاف هذه ؟
ألهذه الصورة وصلت بنا النخوة ؟ أين أبسط مقومات الرجولة ؟
كيف ضاعت منا أسمى معاني الصداقة و الزمالة ؟
أخذت أنظر إليهما ، أتمتم )
ـ شوف يا أخي الجبروت ، و لا كأنه عمل أي شيء ، و الخنزير ده كمان ، و لا هو هنا ،
هي الدنيا جرى فيها إيه ؟
لا بص بص ، و بيكلموا بعض عادي جدا ، و لا كأن فيه حاجة خالص .
شوف البجاحة يا أخي ؟
قادرين يحطوا عينهم في عنين بعض إزاي بس ؟ نفسي أفهم ،
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، دي القيامة ها تقوم خلاص يا جدعان ،
حسبي الله و نعم الوكيل .
( في هذه الأثناء ذهب الصبي إلى الأب المخدوع )
ـ الشاي يا با .
( رد الأسطى عثمان )
ـ لا ، الشاي ده بتاع خالك ، أنا طالب قهوة .
( عندها تعلق نظري بالصبي و هو يمشي الهوينى حاملا كوب الشاي ،
يناوله بكل براءة إلى خاله ، الأسطى جمال )

عبد المنعم جبر عيسي
14/11/2008, 11:21 AM
جالس أنا بأحد الزوايا هناك ، رائحة البنزين تملأ المكان ،

جاءني ولد صغير يحمل كوبا من الشاي ، قال ببراءة )
ـ الأسطى بيمسي .
ـ ألف شكر يا أسطى جمال .
ـ ده إنت منورنا و الله يا أستاذ .
ـ منور بيكم يا أسطى عثمان .
( قالها الأسطى عثمان و هو يتواري ببشرته الجنوبية السمراء خلف غطاء المحرك الأبيض ،
كان يحاول جاهدا فك أحد المسامير الصدئة ،
بينما تمدد الأسطى جمال أسفل السيارة يفك ( طبة الزيت ) و قد توارت بشرته الناصعة البياض خلف بعض البقع الزيتية السوداء ،
منذ قليل طلبا مني الحضور بعد ساعتين لاستلام السيارة ،
و لكنني وجدتها فرصة للبقاء مع نفسي بعض الوقت ،
أخذتني الأفكار فوق جناحيها ،
حطت بي هناك ،
مازال صوت أمي و أختي الكبرى يتردد بمسامعي )
ـ أعدم عيني إن ما طلقتها لا أنت ابني و لا أعرفك .
ـ قلت لك أنا شفتها بعيني اللي ها يكلها الدود و هو نازل من عندها .
ـ طلقها و أنا من بكرة أجوزك ست ستها ، على الأقل جايز ربنا يكرمك بحتة عيل .

( تساؤل أحد الصبية أعادني ثانية إلى رائحة البنزين )
ـ الشاي مظبوط يا أستاذ ؟ مش عاوز سكر ؟
ـ لا ، ده مية مية .

( لفت نظري الشبه الكبير بين الصبي و بين والده الأسطى جمال ،
فولة و انقسمت نصفين ،
نفس البشرة ناصعة البياض ، نفس قصة الشعر حتى لونه ، سبحان الله )
ـ ربنا يخلي لك ابنك يا أسطى جمال .
( رد بمنتهى البرود )
ـ لأ مش ابني ، ده ابن الأسطى عثمان .
( عندها دارت بي الدنيا ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ، كيف ؟
لا يمكن . هل يعقل أن يكون هذا الصبي صاحب البشرة شاهقة البياض ابنا للأسطى عثمان صاحب هذه البشرة السمراء ؟؟؟؟؟
أي كلام هذا ؟
خطفتني غربان سوء الظن ، حلقت بي عاليا ،
اثنان كان الشيطان ثالثهما ، جذبهما ، غاص بهما إلى ظلمات أعماق الرذيلة و الدناءة،
سلبهما الشيطان ضميرهما فضيعا الأمانة ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ،
ألهذه الدرجة انحطت الأخلاق في سنواتنا العجاف هذه ؟
ألهذه الصورة وصلت بنا النخوة ؟ أين أبسط مقومات الرجولة ؟
كيف ضاعت منا أسمى معاني الصداقة و الزمالة ؟
أخذت أنظر إليهما ، أتمتم )
ـ شوف يا أخي الجبروت ، و لا كأنه عمل أي شيء ، و الخنزير ده كمان ، و لا هو هنا ،
هي الدنيا جرى فيها إيه ؟
لا بص بص ، و بيكلموا بعض عادي جدا ، و لا كأن فيه حاجة خالص .
شوف البجاحة يا أخي ؟
قادرين يحطوا عينهم في عنين بعض إزاي بس ؟ نفسي أفهم ،
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، دي القيامة ها تقوم خلاص يا جدعان ،
حسبي الله و نعم الوكيل .
( في هذه الأثناء ذهب الصبي إلى الأب المخدوع )
ـ الشاي يا با .
( رد الأسطى عثمان )
ـ لا ، الشاي ده بتاع خالك ، أنا طالب قهوة .
( عندها تعلق نظري بالصبي و هو يمشي الهوينى حاملا كوب الشاي ،

يناوله بكل براءة إلى خاله ، الأسطى جمال )



عمل أدبي راق شديد الخصوصية .
وقصة رائعة نجح الكاتب في الربط بين أحداثها ، وخدمة فكرتها .. شدة ( مصرية ) لغتها لا يعيبها بل يزينها ويجملها ويتطلبه مستوي الطبقة الإجتماعية لأبطال العمل ، والبطل في هذه القصة تحيره المرأة وتؤرق فكره .. وقد تصدم مشاعره .. وهي تتمثل في الزوجة ، وما قد يحيط بالحياة الزوجية من خلافات ومشكلات ومكائد .. ترتبط في معظمها بسوء الظن الذي ينبني علي غير أساس سليم ، نجح الكاتب في التنبيه بخطورة هذا الأمر والتحذير من الوقوع فيه ووجه بحرفية إلي كيفية التعامل معه .. كما نجح في ضبط ( مكان ) القصة وبيئتها الشعبية من خلال اللغة مع رسمه الدقيق لشخوصه .. ووصفه الرائع للبيئة الشعبية بكل تعقيداتها .. وإن كنت أعتب علي الأستاذ الكاتب وضعها هنا ، فمكانها الحقيقي منتدي القصة القصيرة .. وأتمني لو تفضلت الأستاذة المشرفة بنقلها إلي هذا القسم .
تحياتي للأديب المبدع .
أخوك .

محمد سنجر
15/11/2008, 05:18 AM
عمل أدبي راق شديد الخصوصية .
وقصة رائعة نجح الكاتب في الربط بين أحداثها ، وخدمة فكرتها .. شدة ( مصرية ) لغتها لا يعيبها بل يزينها ويجملها ويتطلبه مستوي الطبقة الإجتماعية لأبطال العمل ، والبطل في هذه القصة تحيره المرأة وتؤرق فكره .. وقد تصدم مشاعره .. وهي تتمثل في الزوجة ، وما قد يحيط بالحياة الزوجية من خلافات ومشكلات ومكائد .. ترتبط في معظمها بسوء الظن الذي ينبني علي غير أساس سليم ، نجح الكاتب في التنبيه بخطورة هذا الأمر والتحذير من الوقوع فيه ووجه بحرفية إلي كيفية التعامل معه .. كما نجح في ضبط ( مكان ) القصة وبيئتها الشعبية من خلال اللغة مع رسمه الدقيق لشخوصه .. ووصفه الرائع للبيئة الشعبية بكل تعقيداتها .. وإن كنت أعتب علي الأستاذ الكاتب وضعها هنا ، فمكانها الحقيقي منتدي القصة القصيرة .. وأتمني لو تفضلت الأستاذة المشرفة بنقلها إلي هذا القسم .
تحياتي للأديب المبدع .
أخوك .[/CENTER]

أستاذنا الفاضل
عبد المنعم جبر عيسى
أولا : أعتذر على نزول القصة بالخطأ في غير محلها
فأرجو أن تتقبلوا عذري

أولا أيضا : شهادة تقدير نثرتها هنا لتطيب متصفحي بعبق ردك
شهادة تقدير أثبتها بين حنايا القلب
دمتم بحفظ الرحمن

يؤخذ علي من خلال الأخوة على المنتديات كتابتي الحوار بالعامية المصرية
و كانت دائما محل خلاف و اعتراض من البعض
و لكنني مصمم على نقل الحوار بلغة شخوص القصة
مهما كان الاعتراض

جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل
دمتم بحفظ الرحمن