يَرَاعْ
13/11/2008, 05:03 AM
الأغْنِيَاتْ المَيّتَةْ
\
\
\
\
(1)
في الكلام الميت,قتلى وجثث وفي الكلمات مالم يقدر الكلام ان يدونه , اشرعة الموت في كل زاوية وخطوات الحياة لا أثر لها , يشق القمر رب الدماء , يعبر خارج من الثلاجة عيناه ابنية وكتابته خطوط متعرجة ,يكسر ركبته وتلوي عنقه مدينة خائفة, في أوله سر وآخره لا نهاية له وتحته وخز وحوله نار بلهب بارد قاس, يا من تنحت صدري وفي فؤادي كوخك المهدوم هل احسست بالرخام وهو يجثم على فمك وشعرت بالله في لسانك وخرجت مريم من عينك تنزف , هل فقأ احد رسغك وقتلك طبيب واحرقت عصفورة رحيلك , هل مت يوما ً بلا جثة !.
\
\
\
\
(2)
تغزوك بدر وتأسرك , ليلى تصبح مغنية وتبادل الشوارع ابوابها , قيس يترك الشعر ويتاجر بالاسلحة , ويغير دجلة مساره ويتجه الى الصين , مكة تغادر الاودية وبيت المقدس يتجول في حانات لشبونة , تتغير الصلاة ويصوم الناس في ديسمبر , وانت لا تجد في كل يوم جريدتك ولا تنزع كبدك أخبار المساء, تسقط اسنانك وعينك يغطيها العنكبوت , ويستل الرئة ليلك الذي غسقه مر واوسطه محرق وآخره وفاة , يغرز في سقفه السهر اذنه وينسج الغراب بيوتاً في انحاءه ولا تنتهي سكرات الهوى الا وهو قد اثقل الشرايين وانهك الاوردة وقذف في كل عرقٍ قتيلا ً .
\
\
\
\
(3)
من هذا الذي ينادي , ارى الله لا يتركني وحدي , من هذا الذي يطلق الرصاص , من هذا الذي يحاول ان يعرفني ويتقن الجهل بي ويتنكر لاول يوم في القصة , من هذا الذي سرق اوراقي وتركني لا احد يعرفني , من هذا الذي يختم جوازي كل ليلة ويرحل , من يكون ذلك الذي يسألني عني ويرشدني إلي ويدلني علي ويأخذني عني ويبعدني مني ويرميني , لا اعرف احدا ولا خريطة عندي ولا اسماء لي ولا صفات , كأنني اله اضاعه العباد او صنم يسجد له الاغبياء , لا اريد ان أكون قبل الحديقة ولا بعد الناصية ولا في آخر الشارع, .. ولا في أوله.
\
\
\
\
(4)
لاوجود للاولى , حاول العشق بتر الحقيقة , انتابت الدفة ارتعاشه , مال النشيد وقال الثرى وتفتحت اغصان الصراط , انهالت الارجوحة بالقبلات , اخرج موسى يده ولم تكن بيضاء , عيسى قتل بالسكين , ومحمد لم يهاجر من مكة , تخدر السم وشربت الحمامة خمر العش , كان في زاوية الشمس ثقب بلا لون , وكان الدليل الى السماء الاولى شيطان , في النجوم التي تشرق سجون الملائكة , في الشرفات الكثير من الساقطات , في القهوة اربعة اطفال لقطاء ولعبة قديمة لا تنتهي , وايضا ً كان في الحكاية منعطف خطر, حيث مقتل الراوي .
\
\
\
\
(5)
اخبريني , كيف كان يومكِ ؟ هل كنت على لسانك وفي فمك وعند قلبك . هل كان لي لون في شفق الصبح و بارق في خطوط الشمس ورائحة في نسيم الفجر , هل كانت البارحة تعج بي وتمتلىء بي وتصرخ بي وتشتاق بي , اخبريني هل كان الليل يسأل عني ويقول لك عني ويتكلم عني ويحدثك عني , اخبريني هل كانت الاحلام - الاحلام - تغزوني وتأسرني وتقتلني وتفتك بي , لا اظن , لا أظن ابدا ً ولا اظن اني كنت في النهار ولا كنت بعد النهار ولا كنت قبل النهار , لم اكن هناك ولا وجدتني ولا رأيتني لم اكن هناك لاني لم اكن , لم أكن.
\
\
\
\
(6)
قال لي هدهد الله ان الثوب اكبر مني , ان الراية اعلى مني ان النفق اضيق مني , قال لي مأمور السجن لن يزورك احد الى ان تبعث ترابا ً , وجدت في صدري بجانب الرئة ضربة , وجدت ايضا شقا في حلقي , وجدت ثلاث ابر مخدرة في ساعدي , شجرتي قطعت , الرمان مات عليها , العنب لا اراه كل يوم قبل خروجي , وجدت الباب تغير والمفتاح اصبح سريا ً والقفل مكتوب عليه - هذا الطريق لا يؤدي الى اي مكان - ,وجدت سنارة مقتولة ولم اجد بطاقة دعوة الى حفلة اخر الليل , قيل لي اني يجب ان أكون في فراشي لا هنا .
\
\
\
\
(7)
ربما في الاخره , حيث الناس كلهم عراة ولا يحملون هواتفا ً , حيث الكتب ملونة والدفاتر كبيرة والازدحام شديد , ربما في الاخره , حيث الناس يسحبون على وجوههم ويلقون في الحفر المشتعلة , حيث الاشرار يقيدون والاخيار يشربون العصير , ربما في الاخره , سيكون لي وقت لكي افتش عن الخمر والعب العاب الشمس , سيكون لي وقت لكي اضيعه في الحفر في الجليد وتمزيق الكتب واقتياد الريحان , بلاشك سأجد واحة فيها حيتان وعصافير لا تهرب واسرة من فخار حيث القي برأسي واقرأ سورة الفاتحة والمعوذات ولا يشغلني الغد .
\
\
\
\
(8)
لن اعتاد على الرمال واجتاز هذا البحر بلا عين , لن يقبل قتيل الخطيئة بتوبة الذنوب ولن يرضى صريع الهاوية بمنزلة اقل من قاع السقوط , في المنتصف كل شيء له وجه الرحمة وظهر الفتك وبراهين المقصلة كثيرة , هنا السراج لا اجنحة له ولا فراشات في اخر الطريق , هنا شرك العذاب وشباك اللهفة , هنا المشتاقون في الجليد يسكنون والمرتابون في غرف من حديد , هنا العاشق يمزقه الف سياف في اللحظة , هنا لا احد هنا من هنا كل من هنا هناك ولا هنا الا من ليس وجود له ولا يوجد هنا الا الفراغ تكتبه اليد المقطوعة .. اليد المقطوعة.
\
\
_________________
يَرَاعْ
\
\
\
\
(1)
في الكلام الميت,قتلى وجثث وفي الكلمات مالم يقدر الكلام ان يدونه , اشرعة الموت في كل زاوية وخطوات الحياة لا أثر لها , يشق القمر رب الدماء , يعبر خارج من الثلاجة عيناه ابنية وكتابته خطوط متعرجة ,يكسر ركبته وتلوي عنقه مدينة خائفة, في أوله سر وآخره لا نهاية له وتحته وخز وحوله نار بلهب بارد قاس, يا من تنحت صدري وفي فؤادي كوخك المهدوم هل احسست بالرخام وهو يجثم على فمك وشعرت بالله في لسانك وخرجت مريم من عينك تنزف , هل فقأ احد رسغك وقتلك طبيب واحرقت عصفورة رحيلك , هل مت يوما ً بلا جثة !.
\
\
\
\
(2)
تغزوك بدر وتأسرك , ليلى تصبح مغنية وتبادل الشوارع ابوابها , قيس يترك الشعر ويتاجر بالاسلحة , ويغير دجلة مساره ويتجه الى الصين , مكة تغادر الاودية وبيت المقدس يتجول في حانات لشبونة , تتغير الصلاة ويصوم الناس في ديسمبر , وانت لا تجد في كل يوم جريدتك ولا تنزع كبدك أخبار المساء, تسقط اسنانك وعينك يغطيها العنكبوت , ويستل الرئة ليلك الذي غسقه مر واوسطه محرق وآخره وفاة , يغرز في سقفه السهر اذنه وينسج الغراب بيوتاً في انحاءه ولا تنتهي سكرات الهوى الا وهو قد اثقل الشرايين وانهك الاوردة وقذف في كل عرقٍ قتيلا ً .
\
\
\
\
(3)
من هذا الذي ينادي , ارى الله لا يتركني وحدي , من هذا الذي يطلق الرصاص , من هذا الذي يحاول ان يعرفني ويتقن الجهل بي ويتنكر لاول يوم في القصة , من هذا الذي سرق اوراقي وتركني لا احد يعرفني , من هذا الذي يختم جوازي كل ليلة ويرحل , من يكون ذلك الذي يسألني عني ويرشدني إلي ويدلني علي ويأخذني عني ويبعدني مني ويرميني , لا اعرف احدا ولا خريطة عندي ولا اسماء لي ولا صفات , كأنني اله اضاعه العباد او صنم يسجد له الاغبياء , لا اريد ان أكون قبل الحديقة ولا بعد الناصية ولا في آخر الشارع, .. ولا في أوله.
\
\
\
\
(4)
لاوجود للاولى , حاول العشق بتر الحقيقة , انتابت الدفة ارتعاشه , مال النشيد وقال الثرى وتفتحت اغصان الصراط , انهالت الارجوحة بالقبلات , اخرج موسى يده ولم تكن بيضاء , عيسى قتل بالسكين , ومحمد لم يهاجر من مكة , تخدر السم وشربت الحمامة خمر العش , كان في زاوية الشمس ثقب بلا لون , وكان الدليل الى السماء الاولى شيطان , في النجوم التي تشرق سجون الملائكة , في الشرفات الكثير من الساقطات , في القهوة اربعة اطفال لقطاء ولعبة قديمة لا تنتهي , وايضا ً كان في الحكاية منعطف خطر, حيث مقتل الراوي .
\
\
\
\
(5)
اخبريني , كيف كان يومكِ ؟ هل كنت على لسانك وفي فمك وعند قلبك . هل كان لي لون في شفق الصبح و بارق في خطوط الشمس ورائحة في نسيم الفجر , هل كانت البارحة تعج بي وتمتلىء بي وتصرخ بي وتشتاق بي , اخبريني هل كان الليل يسأل عني ويقول لك عني ويتكلم عني ويحدثك عني , اخبريني هل كانت الاحلام - الاحلام - تغزوني وتأسرني وتقتلني وتفتك بي , لا اظن , لا أظن ابدا ً ولا اظن اني كنت في النهار ولا كنت بعد النهار ولا كنت قبل النهار , لم اكن هناك ولا وجدتني ولا رأيتني لم اكن هناك لاني لم اكن , لم أكن.
\
\
\
\
(6)
قال لي هدهد الله ان الثوب اكبر مني , ان الراية اعلى مني ان النفق اضيق مني , قال لي مأمور السجن لن يزورك احد الى ان تبعث ترابا ً , وجدت في صدري بجانب الرئة ضربة , وجدت ايضا شقا في حلقي , وجدت ثلاث ابر مخدرة في ساعدي , شجرتي قطعت , الرمان مات عليها , العنب لا اراه كل يوم قبل خروجي , وجدت الباب تغير والمفتاح اصبح سريا ً والقفل مكتوب عليه - هذا الطريق لا يؤدي الى اي مكان - ,وجدت سنارة مقتولة ولم اجد بطاقة دعوة الى حفلة اخر الليل , قيل لي اني يجب ان أكون في فراشي لا هنا .
\
\
\
\
(7)
ربما في الاخره , حيث الناس كلهم عراة ولا يحملون هواتفا ً , حيث الكتب ملونة والدفاتر كبيرة والازدحام شديد , ربما في الاخره , حيث الناس يسحبون على وجوههم ويلقون في الحفر المشتعلة , حيث الاشرار يقيدون والاخيار يشربون العصير , ربما في الاخره , سيكون لي وقت لكي افتش عن الخمر والعب العاب الشمس , سيكون لي وقت لكي اضيعه في الحفر في الجليد وتمزيق الكتب واقتياد الريحان , بلاشك سأجد واحة فيها حيتان وعصافير لا تهرب واسرة من فخار حيث القي برأسي واقرأ سورة الفاتحة والمعوذات ولا يشغلني الغد .
\
\
\
\
(8)
لن اعتاد على الرمال واجتاز هذا البحر بلا عين , لن يقبل قتيل الخطيئة بتوبة الذنوب ولن يرضى صريع الهاوية بمنزلة اقل من قاع السقوط , في المنتصف كل شيء له وجه الرحمة وظهر الفتك وبراهين المقصلة كثيرة , هنا السراج لا اجنحة له ولا فراشات في اخر الطريق , هنا شرك العذاب وشباك اللهفة , هنا المشتاقون في الجليد يسكنون والمرتابون في غرف من حديد , هنا العاشق يمزقه الف سياف في اللحظة , هنا لا احد هنا من هنا كل من هنا هناك ولا هنا الا من ليس وجود له ولا يوجد هنا الا الفراغ تكتبه اليد المقطوعة .. اليد المقطوعة.
\
\
_________________
يَرَاعْ