المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسيقى النص.. وشعراء المربد



روان أم المثنى
25/10/2008, 11:21 AM
موسيقى النص وشعراء المربد



أحبتي في المربد العزيز.. أسفر الله صباحكم بالمودة وأرخى مساءكم بالسلام..


هذه ومضات صغيرة لمستها وأنا أتجول في (قسم الشعر) في مربدنا العزيز فآثرت أن أفرد لها صفحة خاصة..


فأرجو أن أكون موفقة في اختيارها.. وألا أدفعكم إلى الملل.. وإن حدث.. فأعتذر مقدما..




http://islamic333.jeeran.com/music.GIF



الموسيقى تلعب دورا هاما في الشعر أكثر من غيره من صنوف وأجناس الأدب، بيد أن هذا لا يعني أن الشعر وحده ينعم بهذه الميزة دون غيره، لذلك طاب لي أن أختار عنونة موضوعي بـ "موسيقى النص" بينما أمثل عليها بالشعر لا بغيره..


لأن الشعر – كما هو معلوم- جنس إبداعي سام، تتوافر فيه من البدائع مالا تتوافر في غيره..


والموسيقى بشكل خاص جليّة الوضوح بكل سماتها.. وقد لمحت بعض الظواهر الموسيقية طاب لشعراء المربد توشية قصائدهم بها.. ومنها:




-أولاً-



http://islamic333.jeeran.com/tkrar.GIF



من المعروف أن الموسيقى ترتيب نغم يعلو ويهبط...


و(يتكرر) هذا السلم علوا وهبوطا ليعطي طابع النغم العام.. وهذا يختلف عن اللحن بطبيعة الحال..


لأن اللحن (مصنوع) صناعة من النغم نفسه.. فإذا تكرر صف الأنغام وفق شكل معين سمي لحنا..


والشاعر عادة- بصفة عامة- يحب هذه الظاهرة الموسيقية جدا.. ويلجأ إليها لأغراض متعددة، وظاهرة التكرار تخدمه فعلا.. وتزين قصيدته أيما تزيين..


وهذه الظاهرة ليست بحديثة، بل هي موجودة في الشعر القديم كثيرا.. لكن جدتها تنبع من استخدام الشاعر لها وتوظيفها..


من ذلك مثلا تكرار الضمائر المنفصلة للتودد والحب، وهو تكرار شائع غير أنه جميل تستطيب الأذن سماعه.. كقول الشاعر (فارس الهيتي) :


بغداد أنتِ التي في القلبِ ساكنة
وأنتِ أنتِ التي في العسرِ تؤويني


فأنت هنا ضمير منفصل قصد منه فارس التودد إلى فتاته بغداد وكرر ضمير مخاطبتها بدافع الحنين والشوق.. تكراراً خدم الغرض منه تماما..


وقد يقصد الشاعر بالتكرار إلى جانب التودد والحنين هدفا رقيقا هو الرغبة في الاحتواء.. كما لو كرر فعل الأمر (الطلب) مثل: أحبيني.. احتويني ونحو ذلك.. ومنه قول الشاعر (يوسف أبي سالم) :


تعالي نعيد الحكاية..
..
تعاليْ أحبكِ
والضوء شاردْ
..
تعالي أحبك
نشعلُ نيراننا بالجنون ِ
..
تعالي
لأبني لك الآن عرشا


هنا كرر فعل الطلب (تعالي) ليؤكد معنى طلب الاحتواء بالإضافة إلى التودد.. بينما لو كرر أسلوب النداء لاختلف الغرض تماما.. فإذا كان تعبير فعل الطلب دلالة على الرغبة (التي هي منه) المنعكس أثرها على الشاعر.. فالنداء يعكس أثر (المحبوبة) على الشاعر نفسه.. كقول يوسف في نفس القصيدة:


يا أنثايَ العذبةُ إني
أعشق بوح تفاصيلكْ
..
يا أنثاي العذبة..إني صوتٌ
بعض قرارٍ يتغشاني
..
يا أنثاي العذبة يا سمرائي
ياآخر أحلام العمر ِ
ويا مد الصحراء


والطلب حين يخاطب به الشاعر حبيبته عادة يكون في تكراره الموسيقي معنى (الإلحاح) أو الاستجداء.. وهو من الرهافة والجمال ما يشد به أذن المتلقي ويستحوذ اهتمامه.. فنرى شاعرا كـ (علي صالح الجاسم) يلحّ في الطلب قائلا:


قلها : مللت الصمت في عينيك قلها
ساعتي يئست وطال الانتظارُ
قلها فما زالت هناك قصيدةٌ
هي أجمل النجمات فوق وسادتي
وعلى بريق عيونها طاب الحوارُ
قلها : أحبك مرَّةً في العمر
واتركني أموت معذَّباً


فإذا أنتهى المتلقي من القراءة وجد نفسه بلا شعور يردد مع الشاعر (قلها.. قلها) فهل أجمل من هذا الإلحاح؟


هكذا يستخدم الشاعر التكرار الموسيقى في (تكرار الضمائر) .. (الكلمات) .. (الأساليب التعبيرية) كالنداء الذي رأيناه عند (يوسف أبي سالم) وكذلك الاستفهام عند الشاعر (الناصري) حين يقول:


أيُّ شعرٍ في حياةٍ كلُّ ما فيها .....مقابرْ ... ؟
أيُّ شعرٍ في حياةٍ كلُّ ما فيها مظاهرْ .........؟
أيُّ شعرٍ في حياةٍ يقهرُ المُسْلِمَ كافِرْ..........!
أصبحَ الإنسانُ دُمية..... دمُهُ أصبحَ فاتِرْ ....


هذا الاستفهام المتكرر متحسر الدلالة باكي النبرة يحمل الاستهجان والاستنكار المرير.. فلا عجب أن يلجأ الشاعر إليه ليؤكد هذا المعنى الحزين..


وكما رأينا (فارس الهيتي) يستخدم الضمير المنفصل في التودد، فها نحن أولاء نجد الشاعر (ثروت سليم) يستخدمه ليعبر عن معنى جميل آخر في قوله:


هل أَنتِ أَنتِ أَم اَنَ حُلْماً زارني
وأنَا أنَا أَمْ أنَّ طَيْــفَاً أَقْـدَمَا ؟


كرر (أنا) و (أنت) للتعبير عن الدهشة التي تأخذ العقل، فيوازن بين المعقول الممكن وبين الواقع الجميل الذي ظنّه لا يتحقق.. فعبر بالتكرار الموسيقي هنا عن صورة تمثيلية هز الشاعر فيها رأسه غير مصدق.. أمعقول أنه في الحقيقة لا في الحلم؟!!.. وهو تعبير لطيف رقيق فيه جدة ورهافة..


وضمير الغائب ( هو وهي) .. يحظى من الشعراء بمنزلة أخرى تختلف قليلا عن ضمير المخاطب (انت) لأن ضمير الغائب يعبر عن الإعجاب الشديد والتوحد والتداخل الشعوري في ذات المحبوب وما ينعكس على الشاعر من جرائه، فحين يقول (ثروت سليم) مثلا:


هي الدَفءُ في لَيلِ الشتَاءِ وبَردُهَـا
هي العطرُ والأُنثَى هي المَاءُ والهوَا
هي الشِّعـرُ إلهـامٌ بهَـا وبُحـورُ
هي النَارُ أُزكيهَـا فيـزدادُ وَقْدُهَـا
هي العطرُ والأُنثَى هي المَاءُ والهوَا
هي الشِّعـرُ إلهـامٌ بهَـا وبُحـورُ
هي النَارُ أُزكيهَـا فيـزدادُ وَقْدُهَـا
هي الروحُ والأشواقُ والقَلبُ عِندَها
هي العُمرُ قبلَ العُمرِ وهي حبيبتي


حين يقول ذلك إنما يسقط على الحبيبة كل صفات الطبيعة المؤثرة بردا وحرا وثورة وجموحا وسلاما في نفسه.. تعبير رائق لتقلبات المحب وأعاصير الهوى التي تطوحه يمينا وشمالا..


والعجيب أن الشعراء يطيب لهم أحيانا أن يشفعوا التكرار الموسيقي بتداخل ضمني مع الموسيقى الظاهرة للنص والتي يحققها الوزن العروضي.. ولنأخذ على ذلك مثالا للشاعر (يوسف أبي سالم) حين يقول:


تمهّـلْ....تمهّـلْ
سنقرؤكَ الآنَ
سِفْـراً ...جديدا ..!
..
تمهّلْ
أرى الآن زيتونةً
تذرفُ الزيتَ
في حَضْرةِ الموتِ
أنقى


فتكرار كلمة تمهّل جاء ضمن التفعيلة (فعولن) وهذه التفعيلة تدخل في بحر الطويل التقليدي وبحر المتقارب الراقص.. نغمان مختلفان جدا ..


ولأنها طيّعة في هذا المجال التعبيري الفني فقد استحسن الشاعر هنا استخدامها للتعبير عن نبرة الاستبطاء ساعدها في ذلك الهاء المشددة وكأنها تشدّ أقدام المنادى ليبطئ من خطواته المتسارعة..


ولعل الشواعر من النساء يستخدمن التكرار الموسيقي المتمازج مع العروض استخداما أكثر شفافية وغنجاً.. ويتلاعبن بأنغامه الموسيقية كما لو كنّ يغنين.. فنجد شاعرة رهيفة كـ (هند باخشوين) تصنع للتكرار لحنا بديعا فتقول:


أدري ،، أدري
كم غنَّاه قصيدي
أدري أنِّي نبضُ الحب
حرفُ الحبْ
صوتُ الحبْ
لحــنُ الحبْ
حـــبُّ الحبْ


وتتكيء على كلمة الحب كل مرة وكأنها تهمس به وتغنيه.. والحق أن هذا المقطع لهند في غاية الشفافية..



يتبع.. إن شاء الله تعالى

رزان
25/10/2008, 02:09 PM
http://www.image.gostshare.com/files/a7fdo6khfca98qwc6tob.gif



غاليتي الحبيبة

(( روان يوسف ))

مساء الرياحين

دراستك هذه رائعة جداً واختياراتك ممتازة فعلاً

والحق أنني استمتعت كثيراً بمتابعة هذا الموضوع الشيق

والذي لفت الانتباه إلى مواطن جميلة فعلاً

لم أكن لأتنبه لها لولاكِ ..

لديكِ حس نقدي رائع جداً وذائقة أصيلة غاليتي ..

أشكركِ على إثارة هذا الموضوع الجميل

متابعة لكِ بإذن الله

لكِ أطيب تحياتي


........ رزان محمد


http://www.image.gostshare.com/files/a7fdo6khfca98qwc6tob.gif

الباز
25/10/2008, 06:53 PM
الاخت المبدعة الناقدة المتبصرة روان يوسف
كل مشاركة جديدة لك أتابعها تنسيني بروعتها
و زخمها العلمي و الادبي ما أدهشني و أعجبني في سابقاتها..
لا حرمنا الله من حضورك المتميز .

تقديري

روان أم المثنى
25/10/2008, 07:12 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif


أختي الحبيبة الغالية

((رزان))

أسعدني أن يعجبك الموضوع

ويرقى إلى ذائقتك الرائعة

أما مواطن الجمال تلك

فهي ليست لي ولا من صنعي

إنما هي من صنع شعراء المربد الذي أبهروني بهذه الظواهر الموسيقية الجميلة

في قصائدهم.. فالشكر لهم أولا وآخرا

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif


الأستاذ الشاعر

((الصــقر))

أشكرك على الإطراء الكبير

ويسرني اعجابك .. إعجاب الشاعر المبحر في عالم موسيقى الشعر الخالب

ولا حرمني الله متابعتكم جميعا وتشجيعكم الطيب


لكم خالص الود والاحترام


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif

روان أم المثنى
25/10/2008, 07:22 PM
http://islamic333.jeeran.com/music.GIF




نستمر في الحديث عن الظواهر الموسيقية الفنية في تنغيم النص والشعري خاصة، وأحب التنبيه أنني لست بصدد الحديث عن الموسيقى الشعرية الظاهرة (العروض)، فلا شك أن الوزن العروضي هو موسيقى في الحقيقة.. لكن الظواهر الجميلة التي لمستها عند شعراء المربد وأحسست أنهم استخدموها- في الغالب- بشكل جميل هي ظواهر قلّما يهتم بها الشعراء من حيث الشكل ويحرصون في العادة على نقاء الوزن وسلامته وعدم اللجوء- ما أمكن- إلى الزحاف والعلل التي قد تربك الموسيقى الظاهرة أحيانا..




http://islamic333.jeeran.com/gunna.GIF




الغنة نغم شجي جميل رنان.. يستحوذ جماله على الأذن ويصدر من الخيشوم.. وقد زخرت آيات كتاب الله تعالى بهذا النغم وجوّدته التلاوة وحرص علم التجويد على إخراجه من مخرجه صحيحا بدرجاته الصوتية الخمس..


ومن غير شك أن النغم الجميل يكون له من الشعراء خاص جل الاهتمام.. لأن الشعر في الأصل كلام صيغ موسيقيا ومعنويا بشكل أرقى من الكلام العادي.. لذا فلا عجب أن شاعرا مثل جرير يستخدم الغنة ويترنم بنونها عوضا عن التنوين حين يقول:


أقلّي اللوم عاذل والعتابن
وقولي إن أصبت لقد أصابن



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif


والغنة يستخدمها الشاعر غالبا لغرضين لا يكاد يخرج عنهما (الشجن و التطريب).. ولها مراتب خمس أعلاها النون والميم المشددتان..


وبهذه المرتبة الصوتية العليا من الغنة ترنّم الشاعر (ثروت سليم) قائلا:



تَمنَيْتُ إِبناً سَيحمِلُ هَمي
ويمَسحُ دَمعي
إذا ما بَكيْتْ
تَمنيــتُهُ أن يرافِـقَ قلـبي
بـِـكُلِ صلَاةٍ...
تَمنيتُ لَيْتَ التمني يُغَنِّي
ولَكِنْ مُحَالٌ..
وعينُ المُحالِ



فكلمة تمنّيت- تمنيته- التمني- يغني.. كلها تعتمد على النون المشددة في الترنم، استخدمها ثروت سليم هنا ليعبر عن معنى الشجن والأسى الذي لائم النص ووافق غرضه.. وهو حرص من الشاعر ملحوظ..


ولعل جمالية الأبيات السابقة هو ذلك التتابع البديع بين درجات الغنة (النون المشددة) ثم (النون الساكنة) التي هي أقل درجة من الأولى في تنوين (صلاة) ونون (أن يرافق) ونون (لكن)




http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif


بينما نرى توافقا آخر جميلا عن الشاعر (أحمد عبد الحميد ديب) في تركيزه على مرافقة حرفي النون والميم بدرجات مختلفة من الغنة..



ودَمْعي يَحِنُّ إلى وَجْنَتَيّا
نَفونِيَ عنِّي
وذَنْبيَ أنّي
خُلِقْتُ أَبِيّا



وها هنا رغم أن الشاعر أحمد عبد الحميد اختار الغنة في مقطع (الدمع) الشجي إلا أنه أضاف التطريب في اختيار الحروف ذات المخارج الصوتية المتباينة لتظهر الغنة واضحة بين حروف فخمة الصوت كالباء والقاف والجيم..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وهذه الطريقة ذاتها يستخدمها (يوسف أبو سالم) في موقف دامع كذلك لكنه يضيف نون التنوين إلى النون والميم ولا ينسى أن يطرب السامع بتباين الحروف حتى تظهر الغنة واضحة في قوله:



لقد كنتَ طفلا شقيا
ولكن كل الدموع
التي شيّعَتكَ
وكل الجموع التي حملتكَ
وكل نشيج المواويلِ
وهي تواريكَ
أشقى...!



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



بينما نجد شاعرة رقيقة كـ (هند باخشوين) تستخدم صوت النون الساكنة ونون التنوين لتضيف تماثلا صوتيا مكررا يتكئ على النون مطربا متفاعلا ليؤكد المعنى الذي أرادته موضوعا لقصيدتها (صدق) حين تقول:


لكن ـ صدِّقْ ـ
قسمًا صدِّقْ
أنِّي من قبلك
ما أحببتْ


هذا واضح في النغمين (لكن صدق) ثم بعد هنيهة صمت تقول (قسما صدق) لتعادل بصوت التنوين صوت النون الأولى.. وواضح أن هذا تغنّ قصدته الشاعرة .. وهو مقصد موفق..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وقد يفضل الشاعر أن يستخدم الغنة لغرض الحزن دون التطريب، وهذا ما فعله (ناجي حسين) حين قال:


أساطيرُ أَرضٍْ تلُّفُ عباءَتَها‏
موكبٌ أبيضُ الأفَقْ مثل الكفَنْ.‏
لماذا نشُّدُ خيُولَ النشيد إلى‏
خرقةٍ من ثيابِ المَحنْ.‏
سألقنُ عُمريْ.. وكُل السنينَ‏
التي دفَنَتْ سرّهَا في‏
زوايا الشَجَنْ


فـ (الكفن) و (المحن) و (الشجن) ترتكز على النون الساكنة في اتكائية مريرة تعبر عن الأسى وكأنه أراد بتسكين النون انتهاء الحياة التي هي حياة بعد تلك النون كنقطة في آخر السطر الذي يستحق القراءة..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وهكذا نرى أن الغنة بدرجاتها الصوتية (عليا) هي المشددة وتليها (غنة الإدغام وغنة الإخفاء) وهما مشهورتان في تلاوة كتاب الله، ثم تليها (غنة النون والميم الساكنة) ، وهذه الأخيرة والأولى غنتان محببتان جدا للشعراء.. بقيت درجة هي أقل الدرجات من الغنة وهي النون والميم المتحركة بالفتحة.. وهذه النغمة إذا استخدمها الشاعر في القافية-خاصة- تضيف موسيقى رقيقة هادئة كما فعل الشاعر (يوسف أبو سالم) حين قال في ترويدته:



فافْرِدْ جناحَكَ ضُمَّنا
كي نكتسي ذَوْبَ السَّنا
فالكونُ والدُّنيا لنا



وقد أحسن الشاعر في اختيار هذه الدرجة ليناسب الصور البديعة التي رسمها في ثنايا هذه الأبيات الثلاثة..




يتبع إن شاء الله تعالى



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif

يوسف أبوسالم
25/10/2008, 07:37 PM
روان يوسف
مساء الإبداع

هذه زيارة خاطفة أولى لبحثك الرائع هذا
ويحسن بي أن أرد عليه بما يستحقه
وخصوصا أنه تناول شعراء المربد
وهي لفتة جميلة جدا يا روان
وكذلك لأنني لمست من خلا ل الإطلاع السريع أن هناك جزءا آخر للدراسة
لذا سنرد كما يجب أن نرد عند اكتمال الدراسة
وألف شكر مقدما على هذا البحث الرائع
تحيالتي

(منال)
25/10/2008, 09:26 PM
عزيزتي الغالية الفراشة المتألقة :

روان يوسف

ما أعذب حرفك وأنقى تفكيرك وأبدع نقدك ، تابعت موضوعك بكل شوق وتأمل وتبتل ، بهذا الإختيارات البديعة التي تدل على ارتقاء وسمو ذائقتك الأدبية العالية ، وأنا دوما اتعلم من ترانيم كلماتك ورقرقة موج إبداعتك وهطول قطرات روائعك .

في إنتظار المزيد من هذه الدراسة الشيقة العبقة بشذى ومواطن الجمال عبر موسيقى الكلمات من شعراء المربد الكرام .


دمت بخير ..

ثروت سليم
26/10/2008, 05:19 AM
روان : حروفٌ وألحان
ورَوعةٌ ومَعان
حفظكِ الرحمَن
قرأت لكِ هنا نبض الشِّعر
وجمالَ السِحر
وشذى العطر
لو كتبتُ في روعتكِ:
ديواناً مِن الشِّعر لا يكفي
تقديري
وتحيتي
واحترامي
أخوكِ

عماد ابو رياض
26/10/2008, 05:17 PM
الاخت روان .. موضوع جميل جدا ( نص موسيقي ) وحقا ( موسيقي النص ) تعلمت منه الكثير ، جزاك
الله خيرا أختي العزيزه .

روان أم المثنى
26/10/2008, 05:43 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif


الأستاذ الشاعر سيد البيان


يوسف أبو سالم


أسعدني تواجدك الجميل


ولا شك أن قراءة الشعراء لها من البهاء والرهبة ما لها


أمام نصوصنا المنثورة المبعثرة


تقبل خالص الاحترام



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif



الغالية الحبيبة



(منال)



وما أضوع عطر مرورك


ونسائم كلماتك اللطيفة المنسابة كحرير اسمك ورقة حضورك


يسعدني أن ينال الموضوع إعجاب المنال


ويحظى بجمال متابعتها


تقبلي خالص الود غاليتي


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif

روان أم المثنى
26/10/2008, 05:52 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif


الأستاذ الشاعر الرقراق


صاحب الموسيقى الشعرية الخالبة


ثروت سليم


الحقيقة يا أستاذنا الفاضل


أنني من استمتع بمتابعة موسيقاك


وأدهشني منها ظواهر وسمات ما ظننتها تجتمع لشاعر واحد


غير أني في المربد وجدتها عندك وعند الشاعر يوسف أبو سالم


بشكل زاخر غني


وهذه دلالة على حرصكما الشديد على التنغيم


وربما لو قدّر لي أن أقرأ لك المزيد أستاذنا


لوجدت- لاشك- ما هو أعمق وأغنى وأحلى


لكنكم- معشر الشعراء- تضنون بمثل تلك الروائع علينا


فليس أمامنا من وسيلة سوى الحث بمثل هذه الاضاءات البسيطة


التي إن حسنت فإنما حسن مقالتكم أساسها


وتجويد أنغامكم ومعانيكم مادتها الخام


فهل استحث مثل هذا نغما جديدا ننعم به فيما هو آت؟


...


لك خالص الاحترام



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif


الأخ الكريم المتذوق للجمال


عماد أبو رياض



شرّف الله مقدارك


إنما نحن التلاميذ


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com20.gif

روان أم المثنى
30/10/2008, 12:04 PM
http://islamic333.jeeran.com/music.GIF




عودة إلى موسيقى النص لشعراء المربد الكرام.. الذين رصعوا قسم الشعر في المربد بالدر والياقوت.. لنتابع جمال إبداعهم وفنونهم..


والكلمة مكونة من حروف لكن الأصل في الحروف هو الصوت.. واللغة العربية لكل حرف فيها سمات تميز صوته.. وقد يطرأ على صوت الحرف تغيير بحسب ما قبله وما بعده.. وهذا في اللغة العربية أكثر وضوحا من غيرها من اللغات ..




http://islamic333.jeeran.com/ma5arej.GIF




اختار بعض شعراء المربد أن يزينوا كثيرا من المقاطع في قصائدهم بأصوات مميزة تتباين حينا وتتشابه أحيانا لتعبر عن الحالة الشعورية المطلوبة في القصيدة..


فنجد شاعرا كـ (فارس الهيتي) يستخدم حروفا مفخمة صفتها القلقة فيكررها دون أن يظهر في ذلك التكرار ثقل أو تردد في النغم.. بل العكس من ذلك.. نجد حرف (القاف) مثلا يتكرر- على فخامته- سلسا مستساغ الصوت كما في قوله:


رَميتُ قلبي فكـادَ الحـبّ يقتلنـي
بين القوافي فضاع القوس والرامي


وهي ظاهرة أحب (فارس) أن ينغمها على قوة الصوت وترداده، فيستغل قوة حرف (الجيم) ليؤكد معنى الاستنكار والحيرة حين يقول:


ماذا أَصابكِ هلْ جَفّت جداولكِ
وأنتِ شمس الضحى يا نفحةَ الطيبِ


فقوله: (هل جفت جداولك) تركيز على الجيم، حيث الحروف (ق ط ب ج د ) هي حروف قوية الترداد تضطرب إذا جهر بها..


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



في حين أن الشاعر (كريم محسن) له رأي يختلف قليلا.. فلا يعبر بقوة الحرف عن الحيرة، إنما هي الحسرة القابعة في الدال التي سبقها مد باكٍ:


لا تسألي عني . حدود ملامحـــي ـ
رملٌ و أخيلة الرحيل حـــــــــدود ُ
الحب ُّ يحتمل ُ الهزائمَ والشكـوك ـ
براعمٌ للعابرين وللعناق ِ بريــــد ُ
هذا غبارُ هزائمي , والملح ُ فـي
عيني . وظلي في الرمال ِ شريد ُ



فهنا نجد أنفسنا نتغنى بـ (حدودُ- بريدُ- شريدُ) مع كريم محسن.. الذي اختار تلك القافية ركيزة كررها في قصيدته (من بيت من) كأنما يترنّم بمقام اللامي الحزين.. مفضلا أن تكون الدال المضطربة نطقة استقرار ذلك المقام المتناوب..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif


وذاك كان شأن الحروف ذات الفخامة، بينما حرف (الحاء) الظاهر سمعا، والمنطوق في غير مشقة، يربطه الشاعر (يوسف أبو سالم) بمعنى العويل والبكاء عندما يكرره ساكنا في قوله:



فأنتَ الجموحُ
الذي اندلع اليومَ
حين تركتَ الحصان َ
وحيدا ..
وأنت الجروحُ
التي انفتقتْ
وهي تشخُبُ في ضفّتيها
ورودا ...!
وأنتَ الطموحُ
الذي ولدتكَ
طيورٌ من الرعْدِ
حتى تعودا ...!!؟؟


فما بين الطموح والجموح والجروح سكون ينوح يحاول تصوير مرارة الفقد.. صوت خدم الغرض من النص بأجمل شكل..


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وبطريقة رائعة يعالج الشاعر (ثروت سليم) قصائده الرقاق ويخدم غرضه الغزلي اللطيف حين يستخدم حروف الليـن.. وحرفا اللين هما (و - ي) إذا سبقهما فتح.. فيقول:



أما آنَ بعدَ إنتظارٍ وشوقٍ
وقلبي على البابِ كم ينتظرْ
لقد ذابَ قلبي بغيمِ السماءِ
فهل تَسْمعينَ لصوتِ القمرْ؟
سَيلتَمِسُ الدِفءِ عندَ الشتاءِ
بواحاتِ عَينيكِ بعدَ السفرْ



تلك الرقة المتناهية تصدر من حسن اختيار الكلمات وأصواتها فلم يخلُ بين من اللين والرهافة: (شوق- غيم- صوت- عينيك).. وهو توافق جميل صاحب الايقاع واستمد منه رقته...


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وقد يميل الشاعر إلى تجنيس فاء ولام الأفعال.. وهو ما يسمى بالتضعيف.. فيضيف إلى إيقاع الصوت الأصلي إيقاعه الصرفي.. كقول الشاعر (يوسف أبي سالم) :



إذا فَجَّ فيها رَنيمُ الصًّباحِ
وهَسهَسَ طيرُ المُنى الغَـرِدُ
يُدَغدِغُ هَمسُ الضُّحَى العَتَبَاتِ
ويُصغي لِوَقعِ النَهـــارِ الغَــدُ
وتَسْهَرُ فيها ليالي الشِّتـاءِ
فَيَهطُلُ مِن والِــدٍ وَلَـــدُ..!!
يُرَفرِفُ إن أزْهَرَ الأُقحُوانُ
كـــأَنَّ مَلاكـاً بِـهِ يَسجُــــدُ
يُهدهِدُ بالذكرياتِ الكُرومَ
فَيَقطُرُهُ صَمتُها السَّرمَــدُ



(هسهس) – (يدغدغ) كلمتان مختلفتا الصوت تماما، فالأولى صائتة لسينها صفير ولهائها خفة هامسة، بينما الثانية مضطربة قوية النغم... لكن الشاعر هنا أراد الاستفادة من النغم الصرفي لا النغم الصوتي لصفة الحرف، كي يعطي معنى التتالي لصوت تغريد الطائر وهمس الضحى بشكل متتابع مستمر وخاصة حين استخدم صيغ المضارعة في (يدغدغ- يرفرف- يهدهد)..


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وعند شاعر مثل (أحمد عبد الحميد ديب) هل هو من قبيل الصدفة استخدام تلك الصافرة الهامسة وتكرارها في قوله:



فلا هَمَساتي
ولا بَسَماتي
ولا أُغْنِياتي...
ستنْظُمُ حَرْفاً
وتَنْسُجُ لغْزاً
وتُنْشِدُ لَحْنَ وَداعٍ شَجِيّا
ولا كَلِماتي..
ولا كَفْكَفاتي الدموعَ الغوالي
على وَجْنَتَيْكِ
تعودُ لِتَمْسَحَ دَمْعاً سَخِيّا
وأمَّا دموعي...
ونَوحُ ضلوعي...
سأحْبِسُها في سجونِ فؤادي



لاشك أنكم لمحتم هذا الهمس اللطيف في أذن سامعته.. هذا الهمس الذي تولد عن صوت السين هو استخدام خادم للنص على نحو من الحسن بديع..






http://islamic333.jeeran.com/maddd.GIF




الشعراء عادة يتغلغلون في أعماق نصوصهم.. ويعيشون معها حالات خاصة من التوحد والسكنى.. فإذا ما تراءى لهم كتابة بيت، استحضروا شعورهم فكان هو الذي يكتب لا الأقلام...


لهذا فليس من العجيب أن نشاهد لديهم هذا التوافق بين صفات الأصوات وحسن اختيارهم لها في التعبير عما يشعرون...


تقول شاعرتنا الرقيقة (هند باخشوين) :


و أصغِ مليًّــا لنبض الحنايــــــا
تجدْه يدندن عذب اللحــــــــــون
وطـالعْ بشـــوق جميع المرايـا
ستسأل حتمًـــا أهذي عيوني ؟



قولها : (الحنايا- المرايا) و (اللحونِ- عيوني) هي استطالة لصوتي الألف والواو، حيث تمد الشاعرة نَفَسها لتعبر عن امتداد الشعور الداخلي الذي ملك عليها حناياها أجمعها.. ومد وضوع الهوى والحب في عينيها أينما اتجهت وحيثما نظرت.. وحول الأفق يمينه وشاله إلى مرايا فاضحة..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



وهذا المد يستحضر أيضا امتداد الصوت الذي يرتد صداه في المكان الخاوي الموحش عندي الشاعر (أحمد عبد الحميد ديب) حين يقول:



وصِرتُ بعيداً...
حُطامٌ...
رُكامٌ...
ظَلامٌ ثَقيلٌ...
ورُعْبٌ يُزَمْجِرُ في مَسْمَعَيّا



فإذا بنا حين نسمعه يطيل النفس بالكلمات (حطـــام- ركـــام- ظــــــلام- ثقــــــيل) نصاب نحن أيضا برعب الوحشة.. ونحس بخواء المكان..



يتبع إن شاء الله تعالى



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif

يوسف أبوسالم
30/10/2008, 12:23 PM
روان يوسف
مساء الورد

دراسة ممتازة ....لعلك لم تبق لنا شيئا نقوله
ها أنت تأتين على كثير من تفاصيل الإيقاعات المتنوعة التي يوظفها الشعراء
لمطابقة الصورة مع حالاتهم الشعورية
وربما يقوم الشعراء بذلك وهم لا يعون ذلك تماما
( وهذا موضوع بحد ذاته )
وفي كل الأحوال
فإن هذه الدراسة واحدة من أعمق دراسات الإيقاع
وهي بحاجة إلى وقفات كثيرة
عند اكتمال البحث

تحياتي

الناصري
06/11/2008, 07:46 PM
.
.
.
موضوع خطير ومتميز..........
.
.
وجهدٌ غير مسبوق فاجأتنا به روان بعد جهدٍ كبيرٍ بذلته فشكرا لها شكرا
.
.
.

مروان قدري عثمان مكانسي
06/11/2008, 08:01 PM
الأخت روان
السلام عليك ورحمة الله
دراستك غاية في الجمال والكمال
شكراً لك جهدك الطيب .

روان أم المثنى
08/11/2008, 10:27 AM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com64.gif


سيد البيان


الشاعر الكبير


يوسف أبو سالم


يسعدني ان دراستي المتواضعة أعجبتك


أما عن كوني لم أبق شيئا


فلست ها هنا إلا تلميذة صغيرة أمام روائع لشعراء


فأنا أتعلم منكم كيف يكون جمال الكلم ورونق الابداع


تقبل خالص شكري على إطرائك اللطيف


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com64.gif


الأستاذ الشاعر


الناصري


صاحب القلم الذهبي


أشكرك على قراءتك اللطيفة


التي أسعدتني بحق



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com64.gif


الأستاذ الكبير


مروان قدري


وعليك السلام والرحمات والبركات


سرني هذا التشجيع الطيب


والمرور العبق


دمت بكل الخير والسعادة
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com64.gif

روان أم المثنى
08/11/2008, 10:48 AM
http://islamic333.jeeran.com/music.GIF




الأحبة في مربدنا الغالي.. يتواصل جمال موسيقى شعرائنا بأشكال متنوعة وغاية في الرقة.. وحديثنا هذه المرة عن:




http://islamic333.jeeran.com/eqa3.GIF




الإيقاع كما هو معلوم، مكون من صوت (أو حركة) وصمت (أو سكون) والإيقاع الذي يهمنا هنا ليس إيقاع الوزن العروضي، مع أنه إيقاع كذلك، لكن الشاعر الحقيقي من يضيف إلى إيقاع الوزن إيقاعا خاصا ينشأ من لفظه ومصاف حروفه وتنغيم مفرداته.. وهو أمر قد لا يتعمده الشاعر، وقد يفعل.. وأجمل الجمال ما جاء عفوا.. سهلا ممتنعا.. كقول الشاعرة الرقيقة (هند باخشوين) :



أجيبي ـ بربِّك ـ ماذا جرى لي؟
لقلبي؟ لعقلي؟ لكلِّ شـــؤوني؟


وقولها:


وعــــرَّضتُ ثلج دماك لوجدي
لشِعري ، لشوقي ، لوهج أتوني



ففي عجزي البيتين استخدمت هند تقسيما لطيفا لقلبي- لعقلي- لكل شؤوني- لشعري- لشوقي- لوهج أتوني.. وقد جاء عفوا كأن الشاعرة لم تقصدة- وإن قصدته- فقد نغمت مفرداتها لترقص مع الوزن الراقص في الأصل، لتزيد الخطوات رشاقة فريدة..




http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif




وشاعرة أخرى رائعة هي (أحلام الحميد) تقول:



خُذْ سُكُوني، خُذْ شُجُوني،مُهْجَتي
خُذْ لُحُوني، وتَرَانيمي صَـــدَى


خُذْ سَمَائِي،خُذْ طُيوري، فرحتي
فَأَنَا وحدي سَأَحْــــــيَا الكَمَــــدَا



الشاعرة أحلام لم تكتف بنتغيم صدور الأبيات بل ملأت أبياتها تماما بإيقاع متتالي تضيفه إلى إيقاع بحر الرمل الجميل.. وبحر الرمل متميز النغم يطغى على البيت ويظهر مهما خالفته المخارج والكلمات.. ولم يكن لأحلام حاجة إلى إضفاء إيقاع جديد.. لكنها فعلت ذلك لغرض شعري جلي، وهو الإلحاح في التنازل عن السكون والفرح والبهجة بل والشجن والترانيم كذلك.. إلحاح شعوري حزين مليء بالكبرياء.. مجسد لأنفة الأنثى وشموخها الراقي البديع.. وشاعرة مثل أحلام، لن يفوتها أن تلفت الأنظار إلى هذا المقطع الجمالي بالتركيز على الإيقاع الداخلي الفني..


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



ونجد هذا التقسيم الإيقاعي يأخذ شكل السجع غير التكلف، سجع جاء هادئا لطيفا عن (ثروت سليم) :


وأنتِ الظنونُ وأنتِ الجنونُ
وأنتِ الفُـنونُ وأنتِ الوَتَرْ
وأنتِ البلاَغَـةُ عندَ الكلامِ
وفي الصمتِ أقرأُ فيكِ الخَبرْ



أنت الظنون، أنت الجنون، أنت الفنون.. سجع يكرر فيه ضمير المخاطب (أنت) فلماذا؟ ولماذا النون هكذا ممتدة؟ ثم يسكن بشكل مفاجئ قائلا (وأنت الوترْ) .. هذا الإيقاع اللطيف هو تعبير عن جنون.. عن موج هادر من الدهشة.. دهشة حب يجتاح العقل.. حتى يثوب العقل إلى رشده فجأة- عن سكون راء الوتر- كناية عن انتهاء معزوفة صاخبة ثائرة.. ليأتي العقل والبيان وجمال الكلم عند قوله (وأنت البلاغة عند الكلام) ..




مستحيل ذلك التعبير.. لو أراد فنان صياغة صورة تعبيرية جميلة بهذا القدر من الكلمات البسيطة لما تأتى له عشر معشارها.. لكن ثروت سليم فعل ذلك..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



ولعل إضفاء لمسة إيقاعية على الأبيات لا يتضح بتقسيم المفردات إلى كلمات منفصلة تتفق مع الوزن، بل إن إشباع الحركات هو إيقاع جميل وفريد قد يعمد إليه الشاعر، كما فعل (فارس الهيتي) في قوله:



خُذُوني إليهِ فَروحِي لَدِيهِ
أَخَافُ عَلَيهِ إِذا زَادَ عَطفِي !!



إليه- لديه- عليه.. هذه الكلمات جاءت مشبعة الكسر، حتى يضطر القارئ إلى الوقوف على هذه الحركة المشبعة وكأنما أراد الشاعر لفت الأنظار إلى منزلة الغائب في قلبه ومدى حنينه المستعر إليه..



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif




بينما يلجأ (يوسف أبو سالم) إلى التلاعب بالإيقاع لأن شعر التفعيلة صعب في التركيز على الإيقاع، فالشعر العمودي دون شك ظاهر تساعده عمودية الشكل، بينما لا يحدث هذا في شعر التفعيلة، والشاعر المتمرس لن يجد صعوبة في تنغيم القصيدة فيضفي عليها إيقاعا خاصا من السكنات والمفردات والحركات والتشاكيل المتنافرة والمتناسقة أيضا.. كقول أبي سالم:



لمن أبقيتِ
حبّات الندى ...تسكرْ
لمن تُمْطِـرْ
لِمَنْ أبقيتِ....
ليلاتِ على شرفاتها....
تَسهرْ



فالإيقاع في هذا المقطع قفز جريئا جدا (الندى تسكر- لمن تمطر- لمن أبقيت- تسهر) تلاعب بديع يركز على الضرب على وتر السكون في الراء الساكنة، والسكون بشكل عام إيقاع فني طبيعي تندر فيه الصنعة، وكان أبو سالم موفقا في اختياره أيما توفيق..


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



والتجانس اللفظي وتكرار المفردات وإن كان واضح الصنعة إلا أنه يحقق نوعا من الإيقاع الكلاسيكي التقليدي الذي يذكرنا بأبيات ابن خفاجة الأندلسي وابن الرومي.. ومنه الجناس والتكرار اللطيف في قول (ثروت سليم) :



فأَغدو كعُصفُورٍ وتَغـدو يَمَامَـة ً
تَحِـنُّ إذا مَـا زَقْـزَقَ العُصفـورُ
أَرَتِّلُها شَوْقَـاً فَينسَـابُ هَمْسُهَـا
حريراً وفي هَمْسِ الحريـرِ عَبيـرُ
سُرورٌ بأحلامي وسَرْوَى بيَقْظَتـي
كأنـي بِهَـا مُتَـمَـرِّدٌ مَـغـرورُ



ها هنا (كعصفور- العصفور) و (همسها- همس) و (حريرا- حرير) و (سرور – سروى) ورغم التكرار الكثير لم يطرأ على الأبيات ثقل ولم تتلكأ في الانسياب عجيبة لطيفة كأنما سينها وصادها زقزقة عصفور بالفعل.




يتبع إن شاء الله تعالى



http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif

روان أم المثنى
06/12/2008, 03:26 PM
http://islamic333.jeeran.com/music.GIF


أحبتي الكرام

أعتذر عن طول غيابي عن هذه الصفحة

فأنا كلما هممت بالكتابة حول الموسيقى يندهش خاطري وأظل مترقبة دوما

لنص شجي جديد جميل أمتع به صفحتي

بأنغام شعراء المربد الكرام، الذين لمت بين أحاسيسهم أجمل لحن وأعذب تنغيم


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif


يطيب لي هذه المرة أن أقاسمهم النغم

وأتحرى إمكان الإصابة فيما كتبت وذهبت إليه من تفسير أو تسليط ضوء

يقول شاعرنا الكبير ثروت سليم


أرَتِّلُها شَوْقَـاً فَينسَـابُ هَمْسُهَـا
حريراً وفي هَمْسِ الحريـرِ عَبيـرُ
سُرورٌ بأحلامي وسَرْوَى بيَقْظَتـي
كأنـي بِهَـا مُتَـمَـرِّدٌ مَـغـرورُ

لماذا اختار ثروت سليم تشكيلة الحروف والأصوات

(السين- الصاد) ذات الصفير ولماذا تتبع الراء ذات الرنين

في قوله (متمرد- مغرور)

هل تعمّد سليم أن يصور لنا صوت التغريد؟ وهل جعل التمرد والغرور

دلالة معنوية لحرية التغريد؟ فلماذا؟

وفي قوله:

وأنتِ الظنونُ وأنتِ الجنونُ
وأنتِ الفُـنونُ وأنتِ الوَتَرْ
وأنتِ البلاَغَـةُ عندَ الكلامِ
وفي الصمتِ أقرأُ فيكِ الخَبرْ

هنا في هذه المقطوعة بالذات يخطر ببالي سؤال:

هل يقوم ثروت سليم بالغناء بينه وبين نفسه مدندنا بالقصيدة قبل كتابتها؟

فكما لا يخفى أن إيقاع المقطع هاهنا ظاهر لطيف كأنما صيغ لحنا قبل أن يصاغ لفظا


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif



يقول الفنان الشاعر يوسف أبو سالم:

حروفي ..من سلاف النار والسكر
وقافيتي وقد فجرتها ...تهدر
وأنمو ...فيكِ
أنمو في خلاس الشعرْ
وأسقى من خوابٍ بِكْرْ
رحيق الثغرْ

وهذه ملحوظة وجدتها عند أبي سالم كثيرا

وهو تركيزه على قافية الساكنين

وخصوصا الراء الساكنة وقبلها ساكن

شعْر- بكْر- ثغْر

فما هو السبب يا ترى؟

كما ان هذا المقطع بالذات في تلاعب نغمي إيقاعي مطرب

فالراء الأولى ساكنة كذلك لكن قبلها متحرك

سكر - تهدر

فهل أراد يوسف أبو سالم أن يجعلها أشبه بلحن طربي ينتقل فيه

من قرار إلى جواب ومن مقام لآخر ليعبر عن فنية لفظية دلالية؟

هذه تساؤلات أحببت أن أجد عليها إجابات من الشعراء أنفسهم

وبإذن الله لنا متابعة

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com84.gif

فارس الهيتي
12/12/2008, 05:29 PM
الصدفة حملتني الى هنا وما أجملها من صدفة..
من المواضيع المتميزة التي تجبر قارئها الى تكملة الموضوع حتى نهايته..
موضوع جديد في اسلوب طرحه وترابط أحداثه وعلميته الواضحة...
استمتعت واستفدت ...
أسجل إعجابي وعذرا لتأخري في الرد
مودتي وتقديري

روان أم المثنى
13/12/2008, 06:04 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com14.gif

الشاعر المتميز الأستاذ

فارس الهيتي

حياك الله أستاذنا الكريم

وأنت لم تتأخر

فنحن ما زلنا نناقش جماليات الموسيقى لدى شعراء المربد

وأرجو أن تخبرنا رأيك فيما نوهنا إليه من موسيقى في مقطوعات اخترناها من قصائدك

وأتمنى تنبيهي إلى أي خطأ قد يحدث في قراءتي البسيطة

تقبل خالص الاحترام





http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com14.gif

فارس الهيتي
13/12/2008, 10:05 PM
الماجدة القديرة الرقيقة
روان يوسف
شكرا لذوقك..
واختياراتك لأبيات شعراء المربد كانت موفقة الى حد كبير..
نحن بانتظارك وسنشاركك إن شاء الله تعالى...

أراك بخير وعز دائم

الامير الصيادي
15/04/2009, 07:31 PM
الأخت روان
والله أنت مميزة في هذه الدراسة
واختيارك هذا الموضوع جد موفق وإن دل إنما يدل على ذوق رفيع جداً جداً جداً
وأنا أحث جميع الأخوة الشعراء أن يتابعوا وبدراية كل ما كتبت عن الموسيقى في الشعر
حيث أن الشاعر إن لم يقو على إدهاشنا بالفكرة أوبالرؤية فلعله يدهشنا بموسيقى النص
كل الشكر لك أخت روان وأنا بانتظار المزيد