المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءةفي نصّ مدرسيّ من كتاب البكالوريا



محمد شكري بلحاج
16/10/2008, 09:16 PM
مـقـاربـة نـصّـيّـة الأستاذ المبرّز : محمّد شكري بلحاج


الرّأي قبل شجاعة الشّجعان لأبي الطّيّب المتنبّي


الــــنّـــــصّ

الرّأي قبل شجاعة الشّجعان هو أوّل وهي المَحَلّ الثّاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حُرّة بلغت من العلياء كلّ مكان
ولربّما طعن الفتى أقرانه بالرّأي قبل تطاعن الأقران
لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسان ...
لولا سميّ سيوفه ومضاؤه لمّا سُلِلْنَ لكنّ كالأجفان
خاض الحمام بهنّ حتّى ما درى أَمِنِ احتقار ٍ ذاك أم نسيان
وسعى فقصّر عن مداه في العلى أهل الزّمان وأهل كلّ زمان...
قاد الجياد إلى الطّعان ولم يَقـُد إلاّ إلى العادات والأوطان...
في جحفل ستر العيونَ غبارُهُ فكأنّما يُبصِرْنَ بالآذان
يرمي بها البلدَ البعيدَ مظفّرٌ كلّ ُ البعيد له قريب دان

فكأنّ أرجُلـَها بتربة منبج يطرحن أيديها بحصن الرّان

حتّى عبرن بأرسناس سوابحا ينشرن فيه عمائم الفرسان...
والماء بين عجاجتين مخلّصٌ تتفرّقان به وتلتقيان
ركض الأمير وكاللّجين حبابُهُ وثنى الأعنّة وهو كالعقيان
فتل الحبال من الغدائر فوقه وبنى السّفين له من الصّلبان
وحشاه عادية بغير قوائم عقم البطون حوالك الألوان
تأتي بما سبت الخيول كأنّها تحت الحسان مرابض الغزلان...
يا من يقتّل من أراد بسيفه أصبحتُ من قتلاك بالإحسان
فإذا رأيتك حار دونك ناظري وإذا مدحتك حار فيك لساني

عن الجزءالأوّل من كتاب النّصوص لطلبة البكالوريا التّونسيّة ( الرّابعة آداب)
نقلا عن ديوان المتنبّي شرح العكبري ج4 دار المعرفة بيروت لبنان ص 174
ملاحظة : النّقاط المتتالية في أواخر الأبيات دالّة على أبيات محذوفة تقتضيها ظروف إنجاز الدّرس في مدّته الزّمنيّة المحدّدة


I ــ الأهـــــــــــداف :
*فـنّـيّـا: الـخـصائـص الـفـنّـيّة : الإيقاع (الدّاخليّ ـــ الخارجيّ) // الـنّــسـيـج الـلّـغويّ // الـصّـورة الـفـنّـيّة ( ...)
*مـضـمـونـيّـا:
مـعــانـي الـحــمــاســة : (البطولة ـــ القوّة ــ الفتوّة ...) // العلاقة بين الحماسة و البعد النّفعيّ في الخطاب المدحيّ ...


IIــ الـــتّــمـــهــيـــد :
العقل بغير قوّة أعمى والقوّة بغيرعقل هوجاء ـــ في الثّقافة العربيّة القديمة تكتمل صورة الفتى الفارس متى جمع العقل إلى القوّة
IIIــ الـــتّــقــــديـم :
" الرّأي قبل شجاعة الشّجعان " نصّ مقتطع من قصيدة رائيّة بحرها الكامل
مُـــتــَـفـَـاعِــلـُـنْ مُـــتــَـفـَـاعِــلـُـنْ مُـــتــَـفـَـاعِــلـُـنْ مُـــتــَـفـَــاعِــلـُـنْ مُـــتــَـفـَــاعِــلـُـنْ مُـــتــَـفـَـاعِــلـُـنْ
وردت في الصّفحة (174) من الجزء (4) من الدّيوان الصّادربشرح للعكبريّ عن دارالمعرفة ببيروت بلبنان
IV ــ الـمـــوضــــوع : تغنّي المتنبّي بقوّة الممدوح وبطولته استنادا إلى ثنائيّة العقل والقوّة
V ــ الــتّــقـسـيـم :
يمكن تقسيم النّصّ إلى ثلاثة ( 3 ) أقسام حسب معيار بنية المدحيّة ...
1 ـــ من البيت الأوّل إلى البيت الرّابع ( ب1 ... ب4 ) : الاستهلال الحكميّ ( الرّأي والشّجاعة )
2 ـــ من البيت الخامس إلى البيت السّابع عشر ( ب 5 ... ب 17 ) : التّغنّي ببطولة الممدوح
3 ـــ البقيّة (ب 18 + ب 19): خاتمة فيها بيّن المتنبّي مكانة الممدوح لديه واستحضرالبعد التـّكسّبيّ
VI ــ الـتّـحـلــيـل :
* المقطع الأوّل :الأبيات الأربعة الأولى
1ــ الإيقاع الخارجيّ :
الكامل بحر القصيدةذو تفعيلة واحدة تتكرّر ستّ (6) مرّات وينشأ من ذلك إيقاع رتيب تكراريّ لا تنوّع َ فيه إذ يتكرّر إيقاع التّفعيلة ـــ وهي انتظام مقطعيّ معلوم أو وحدة إيقاعيّة جزئيّة مكوّنة للوحدة الإيقاعيّة الكبرى المتمثّلة في البيت حَسَبَ ما يرى النّقّاد والشّعراء القدامى ـــ
ـ المتـنـبّي يتجاوزهذه الرّتابة كسائرالشّعراء القدامى عموما بظواهـرعروضيّة مثل التـّصريـع والزّحاف والعلّة لإحداث التـّنوّع * التـّصريع :
سنّة شعريّة عربيّة تقليديّة يُـقـْـتـَصَرُ فيها على تقفية الصّدر والعجز في مطلع القصيدة والتزام الرّويّفي الأضرب دون الأعاريض و ينشأ من ذلك ما يمكن اعتباره إعادة هيكلة الوحدة الإيقاعيّة الواحدة المكتملة بذاتها(البيت)وتركيبها من وحدتين إيقاعـيّـتـيـن فرعـيّـتـيـن فكأنّ الصّدر وحدة والعجز وحدة أيضا و قد اقتصرهذا علىالبيت الأوّل= أحد مظاهر إثراء الإيقاع الخارجيّ في مطلع القصيد
* الزّحاف :
أصاب التـّفعيلات التـّالية :الأولى من صدري البيتين الأوّل والثـّاني وعجزي البيتين الـثـّالث والرّابعوالـثـّـانـية من عجز البيت الـثـّاني مع جميع الأعاريضوالأضرب إلاّ ضرب البيت الثـّاني وكانت الأعاريض على وزن مُــتـْـفـَاعِـلـُنْ ( ب2 ــ ب3 ــ ب4)إلاّ فيالمطلع فكان العروض على وزنمُـتـْـفـَاعِـلْ أمّا الأضرب فكانت على وزن مُـتـْـفـَاعِـلْ إلاّ ضرب البيت الثـّاني كان على وزن مُـتـَـفـَاعِـلْ
__اختلاف إيقاع الأعاريض عن إيقاع الأضرب ينشأ منه ما يمكن اعتباره ثنائيّة إيقاعيّة تغلب على المقطع الأوّلوتؤدّي إلى إثراء الإيقاع الخارجيّ أو تجاوز الرّتابة والميل إلى التّنوّع المنتظم
ـــ أصاب الزّحاف جميع أعاريض الأبيات في هذا المقطع الأوّل وغلبت المقاطع الطّويلة المنغلقة(7)على المنفتحة(5):
ß تغليب معنى القوّة على معنى الامتداد أو الانفتاح والانطلاق
ـــ استعمل المتنبّي مقاطع طويلة منغلقة و مقاطع طويلة منفتحة
===> المقاطع الطّويلة المنغلقة تيسّر التّعبيرعن قوّة الإيقاع (الإيقاع القويّ يتلاءم مع مقام الحرب ــ القوّة ــ العنف ــ القتال...)
===> المقاطع الطّويلة المنفتحة تيسّر التّعبير عن الامتداد والانفتاح أو الانطلاق ( الانطلاق يتلاءم مع مقام التـّـأمّل وكذلك مع مقام الحرب لاسيما في نتائجها عند تحقيق النّصر و الاستيلاء على أرض العدوّ )
* الـعــلـّة :
أصابت جميع الأضرب وتمثـّـلـت في حذف المقطع القصير قبل الأخير( مُــتــَــفـَــاعِــلـُـنْ ß مُـتـْــفـَــاعِــلْ )
و اقترنت بالزّحاف في جميع الأضرب إلاّ ضرب البيت الـثـّاني خلا منه ونتج عن ذلك تشكّل هذه الأضرب من مقطعطويل منغلق ومقطعين طويلين منفتحين

ß الجمع بين معنيي القوّة والانفتاح أو الانطلاق والامتداد
===> جمع الإيقاع في المقطع الأوّل بين التّعبيرعن القوّة والانفتاح والحركة من خلال تفعيلات الحشو ( تلاؤم بين الإيقاع
ومقام الحرب وما يقتضيه من سرعة وقوّة ...)
===> تغليب التّعبيرعن القوّة في الأعاريض مع بعض الانفتاحفي الأضرب (تلاؤم مع مقام التـّـأمّـل ومقام الحرب)
ßغلبة التّعبيرعن القوّة = القوّة مهيمنة على الأعاريضوحاضرة في الأضرب وينتج عن ذلك ضيق مجال الانفتاح لاسيما في ما يتّصل بالدّلالة على التـّأمّـل
2 ــ الإيقاع الدّاخليّ :
* الأصوات :
تواتر صوت النّون (20مرّة) والميم (8مرّات)مع بعض الأصوات المجهورة (رـ ج ـ ب ـ د...) ==> تكثيف حضور أحد طرفي الثـّنائيّة (الشّجاعة ) دون الآخر(الرّأي) ß هيمنة معنى القوّة على معنى العقل وتفوّقها عليه
* التـّراكـيـب:
ـــ تواترالتّراكيب الإسناديّة الإسميّة في البيت الأوّل ـــ التـّراكيب اسناديّة الإسميّة تـُوَظَّـفُ غالبا لتقديم الحقائق (التـّعريفات والمفاهيم) أو للوصف ( تحديد ملامح الموصوف) ـــ مع الإطناب الـلـّـفظيّ ßمحاولة إثراء للإيقاع الدّاخليّ أفقيّا
ـــ تقديم العقل على الشـّجاعة في صدرالبيت(قبل)هوالدّلالة المستفادة من التـّركيبيـن الواردين في العجز(أوّل ــ الثـّاني)
ßترتيب تفاضليّ للعقل والقوّة أو للرّأي والشـّجاعة حسب تعبير المتنبّي ذاته وميل إلى بيان القدرة الذّاتيّة على تقليب الحقائق على مختلف أوجهها ربّما دلّ على ضرب من الانسجام بين العناصر الفـنـّـيّـة ( ثراء الإيقاع) والبنية الدّلاليّة (تقديم العقل) لكنّ ثراء الإيقاع تقابله الدّلالة المحدودة (حقيقة ذاتيّة واحدة = تقديم العقل على القوّة)
ـــ حضور الـتـّركيب الـشـّرطيّ في (ب4) متضمّنا لفظة "العقول" ومرتبطا في السّياق (ب1) بالـتـّركيب الإسناديّ المتضمّن لفظة "الـرّأي" ينزّل العقل منزلة الإطار المتحكّم في دلالات هذا المقطع الأوّل أوالمفهوم المركزيّ الـّذي به ترتبط المفاهيم الأخرى ( قوّة ـــ شرف ـــ صراع ـــ سموّ أو رفعة ـــ وجود ـــ موجودات ) ويعكس ضربا من الـتـّدرّج من المجال المحدود إلى المجال الأوسع (من مجال الحرب ----> إلى مجال الوجود ومراتب الموجودات)

ßانتقال يـتـحـقـّـق فيه الانسجام المنطقيّ بين الحقيقتين ويـثـبـت صدق الـمـنـطـلـق الـنـّـظريّ في (ب1) لأنّ لفظة "ضـيـغــم" في (ب4) تفيد معنى القوّة والشـّجاعة وتوسّع مدى المفاضلة لكنّ هذا الانسجام لا يتجاوز ارتباط عناصر الحقيقة الذّاتـيّـة بـعــضها بـبـعـض ويـتـحـقـّـق كذلك الانسجام بين توزيع التــّراكيب والبنية الدّلاليّة في المقطع الأوّل لكنّ نتائج تحليل الإيقاع الخارجيّ (هيمنة معنى القوّة ) تتنافر مع نتائج توزيع الـتـّراكيب وانسجامها مع البنية الدّلاليّة
ß تنافر بين بعض المكوّنات الـفـنـّـيـّـة (الإيقاع / توزيع الـتـّراكيب) في المقطع يضعف المنطلق الـنـّظريّ ويـبـيـّـن أنّ المتنبّي يسكنه هاجس القوّة أساسا
ـــ محاولة توظيف الإطناب لتأكيد الحقيقة الذّاتيّة وتوضيحها = بيان ضرورة اجتماع المفهومين ( الرّأي / الشـّجاعة ) مع تقديم الرّأي = نفي ضمنيّ للتـّناقض بين المفهومين قد يلائم الجمعُ بين المفهومين مقامَ المدح لأنّ الحكمة من أهمّ المعاني المدحيّة ≠ لكنّه قد لا يلائم ما يعكس الإيقاع من القوّة لأنّ الطّرف الثّاني من الـثـّنائيّة مغيّب في البنية الدّلاليّة = الإيقاع يعكس معنى القوّة أمّا الدّلالة اللّغويّة المستفادة من التـّراكيب فتغلّب العقل

ß ضرب من التـّوتّر أو التـّباعد بين عناصرالبنية الفنـّـيّـة ( الإيقاع) والبنية الدّلاليّة
ـــ تواترالتـّراكيب الإسناديّة الفعليّة ( ب2 ــ ب 3 ) ـــوهي ملائمة غالبا لِـنـَقـْـلِ الوقائع أو معـبّـرة عن الحركة ـــ مع اقـترانها بالشـّرط (إذا) والاحتمال أو الشـّكّ ( ربّما ) مدعّما بالتـّأكيد ( لـَـربّما )

ßمحاولة الاستدلال على صدق الحقيقة الذّاتيّة بالحجّة الافتراضيّة والحجّة الافتراضيّة إذا لم تدعّمها حجج أخرى أو حجّة الوجود ( أقوى حجّة ) تـُبْـقـِي حقيقة أفضليّة العقل أو تقديمه في حدود عالم الإمكان فـَيَـضْعُــفُ عندئذ الاستدلال وينفتح لـلـقـوّة مجال لـلـتـّـفـوّق على الـعـقـل ويَـنـْهَـارُ الـمنـطـلقُ الـنّـَظريّ
* الظّـواهر البلاغـيّـة :
وردتالاستعارة في البيت الـثـّـالث ( الطّعن بالرّأي) مركّبة من طرف معنويّ مجرّد ( الرّأي ) وآخر حسّيّ لأنّ الشّجاعة في هذا السّياق لاتدلّ على ماهو نفسيّ بقدر دلالتها على ما هو حسّيّ ( القوّة المادّيّة ) ثمّ إنّها انبنت على إقامة الرّأي مقام السّيف في المواجهة = صار الرّأي يؤدّي وظيفة السّيف القتاليّة وهذا يقتضي منطقيّا اكتسابه خصائصه
ßالقوّة تخترق العقل وتكسبه خصائصها وتعكس بذلك هيمنتها هي لا هيمنة العقل
* الرّؤية التـّـأليفيّة :
ـــ مجال العقل معرفيّ حكميّ يقتضي الرّصانة والموضوعيّة والتزام مقتضيات الحجّة واليقين

ßالمتـنبـّي يبدو مسكونا بهاجس القوّة وإن صرّح بتقديمه العقل عليها = توتّر بين المصرّح به وما تعكسه البنية الفـنّـيّة من خلفيّات نظريّة ثاوية في المخزون النّظريّ المتحكّم في المنظومة الفكريّة الذّاتيّة (عشق القوّة ) وهو اضطراب ذاتيّ داخل كيان المتنبّي الّذي يوهم في هذا السّياق بتقديم الرّأي ويغلّب القوّة في سياقات أخرى
أفليس هو القائل :
آلْخَيْلُ وَ آلـلَّـيْـلُ وَ آلْـبَيْدَاءُ تـَعْــِرفـُـنِي وَآلسّـَـيْـفُ وَآلــرّ ُمْـحُ وَآلْــقِــرْطَاسُ وَآلْــقــَــــلـَـــمُ
والقائل : أَعَزّ ُ مَـكـَانٍ فـِي آلدّ ُنـَى سَـرْجُ سَـابـِحٍ وَخـَيْـرُ جَـلِـيسٍ فـِي آلـزّ َمـَـانِ كـِــتـَــابُ
فإن عارض هذا الموقفَ من يستند إلى دلالة الواو على مطلق الجمع بغير ترتيب ــ ونحن نسلّم بوجاهة هذا الاعتراض ــ فإنّنا نلفت آنتباهه إلى عدد الألفاظ الدّالّة على القوّة (5) و عدد الألفاظ الأخرى الدّالّة على العقل ( 2 ) والاختلال في التّوازن العدديّ في هذا السّياق دالّ على مكانة القوّة لدى المتنبّي وإذا كان المتنبّي ساوى في الأفضليّة بين سرج السّابح والكتاب فإنّـه بدأ الكلام بالسّرج لا بالكتاب لكأنّ المُحِيلَ على معنى القوّة أولى بالتـّقديم من المُحِيلِ على المعرفة أو العقل والحكمة
ـــ يـبـدو المتنبّي أقرب إلى عدم التزام منطلقه النّظريّ وهو في موضع تتجاذبه فيه منظومته الفكريّة الذّاتيّة والمنظومة الفكريّة الـثـّـقـافـيّـة العربيّة الممجّدة للقوّة وكذلك المنظومة الفكريّة الإنسانيّة العامّة الّتي تقرّ أفـضلـيّـة العـقـل ومركزيّـتـه
* المقطع الــثــّـانـــي :
* الرّبط بين المقطعين الأوّل والـثـّـاني :
ـــالتّطابق بين التـّركيبين الشـّرطيّـيـن في آخر بيت من المقطع الأوّل (ب4) وأوّل بيت من المقطع الثـّاني (ب5){ لـَوْلا َ... لـَكـَانَ ...}={ لـَوْلا َ... لـَكـُنّ َ...} لأنّ كِلـَيْـهـِـمَـا قائم على العلاقة بين الامتناع والوجوب إذ يمتنع فيهما الجزاء لوجوب الشّرط (وجوب الشّرط هو المحدّد لامتناع الجزاء) وهذا قالـب شكليّ يمكن أن تندرج فيه المفاهيم على اختلافها
ـــ الاشتراك في مـفهـوم التـّفـاضل اشتراكا شكـلـيّـا لاخـتـلاف طرفـيه (إنسان ≠ ضيغم أو حيوان عموما) في (ب4) عـن طرفـيه (سيوف ≠ أغماد ) في (ب5) واختلاف شكل حضوره ـــ حضرصراحة في (ب4) (اسم الـتّـفـضيـل"أدنى"يـتـكرّرمرّتـيـن في الصّدروالعجز) ويُسْتـَدَلّ ُعليه استدلالا في (ب5) ذلك أنّ دورَسميِّ السّيوفِ في إكسابها صفة الحدّة والقطع يُنـَزِّلـُهُ منزلة َالمعيارِ والمعيارُ أرقى ما يعـكـس المـفهـوم ويحـدّد حـقـيـقـتـه ==> سيـف الدّولة أحـدّ من السّيـوف بل منه حَـصْرًا تـَكـْتـَسِـبُ حـدّتـهـا ـــ

ßالعقل معيار التّفاضل بين الموجودات(الإنسان/الحيوان)في(ب4)وسيف الدّولة معيارالتّفاضل بين السّيوف والأغماد في(ب5)
=>مجالان مختلفان للتـّفاضل أحدهما واسع(مجال الوجود والموجودات)في(ب4) والآخر محدود(مجال الحرب)في (ب5)
ـــ الانتقال من صيغة الجمع(العقول)في(ب4)إلى صيغة المفرد(سميّ سيوفه أي سيف الدّولة وهوذات فرديّة)هو انتقالمن العامّ إلى الخاصّ يعكس اتّجاه المسار الـّذي سلكه المتنبّي في المقطع الأوّل (من المجال المحدود إلى المجال الأوسع) و يـتحقـّـق به العدول عن الدّلالة الحافـّة بالعامّ (التـّجريد وهو ملائم لأفضليّة العقل) إلى الدّلالة الحافـّة بالخاصّ (الـتـّعـيّـن أوالتجسّم وهو أقرب إلى ملاءمة أفضليّة القوّة لارتباطها بعالم المحسوس)
ـــ هذا الانتقال نفسه قد يُعْـتَـبَرُ انتقالا من الكلّ (العقول) إلى الجزء (سميّ سيوفه = سيف الدّولة) فيوهم بأفضليّة العقل معيارا محدّدا لمراتب الموجودات ـــوذلك تـَوَهّـُمٌ لإمكان اندراج الجزء في الكلّ في هذا السّياق ـــ لكنّ أفضليّة سيف الدّولة مرجعُها إلى تمييز القوّة من الضّعـف ومدارُها على أفضليّة القوّة فيتحقـّق عندئذ الـتّـقابل بين المنطلق النّظريّ في الاستهلال الحكميّ ودلالة أفضليّة سيف الدّولة في بداية المقطع الـثـّاني على أفضليّة القـوّة الـّتي تـُـفـضَّـل بها السّـيـوف الـقـاطـعـة على الأغـماد الـلـّـيّـنـة (ممثـّلة في رمزها سيف الدّولة) ßالـتّـنافر بين بنية المقطع الأوّل الدّلاليّة ونظيرتها في المقطع الثـّاني = عدم التزام المتنبّي منطلقه النّظريّ
1ــ الإيقاع الخارجيّ :
يتطابق شكليّا مع توجّه الشـّاعر الّذي حدّد إيقاع المقطع الأوّل وسعى إلى تركيب الوحدة الإيقاعيّة الواحدة الّتي يمثـّـلها البيت من ثنائيّة بإيراد وزن الأعاريض على غير وزن الأضرب مع المحافظة على ذلك غالبا فيؤكّد عندئذ اطّراده بشكليه الأفقيّ (توزيع التـّـفعـيلات في البيت الواحد) والعموديّ (توزيع الـتـّـفـعـيلات والأعاريض والأضرب في جميع الأبيات)
* الزّحاف :
ـــ أورد الشّاعر الأعـاريض على وزن مُـتـَـفـَـاعِـلُنْ إلا ّ في البيتين السّادس والسّابع (ب6 ـــ ب7) فقد كانت تفعيلتا العروض فيهما على وزن مُـتـْفـَاعِـلُنْ وبذلك يغيّر الشّاعرموضع تكثيف الزّحاف فينقله إلى التـّفعـيلات الأولى من الحشو في صدورالأبيات (ب5 ــ ب6 ــ ب8 ــ ب9 ــ ب10 ــ ب12 ــ ب13 ــ ب17) بعد تركيزه على الأعاريض في المقطع الأوّل ولم يَرِد الزّحاف إلا ّ في تفعيلتين فحسب من أعاريض المقطع الثـّاني (ب6ــ ب7) وطغى وروده في صدور الأبيات المذكورة مرّة واحدة إلا ّ في (ب6) فقد ورد مرّتين {التـّـفعيلة الأولى (ت1) ـــ التـّـفعيلة الـثـّالثة أي تفعيلة العروض (ت3)} وخلت منه ثلاثة أبيات متتالية في أواخرهذا المقطع الثـّاني (ب14 ــ ب15 ــ ب16)
ßميلٌ إلى تركيز معنى القوّة في أوائل الصّدور ودفع ما بعدها إلى التـّعبير عن الحركة لكثرةِ المقاطع القصيرة واطّرادِ تناوبـِها مع المقاطع الطّويلة
ß ميلٌ إلى الجمع بين معنيي القوّة والحركة في صدور أبيات المقطع الـثـّاني يُبرز الـتـّـناسق بين الإيقاع والدّلالات المرتبطة بمقامِ الحرب أو بـِـنـَـقـْـل ِوقائِعِها ( مقام الحرب يتلاءم مع القوّة والحركة ) وعندئذ يزول ما ظهر في المقطع الأوّل من توتـّر بين بعض عناصر البنية الـفـنـّـيـّـة وعناصر البنية الدّلاليّة
ـــ تتطابق الأعجاز في المقطع الـثـّاني مع الصّدور في مجال تكثيف الزّحاف في الـتـّـفعيلات الأولى من الحشو (ب5 ــ ب7 ــ ب8 ــ ب 10 ــ ب11 ــ ب12 ــ ب16 ــ ب17) فيكون عدد الـتـّـفـعـيـلات الّتي أصابها الزّحاف ثمانية (8) من ثـَـلاَثَ عَشْرَة َ فـتـتـساوى الصّدور والأعجاز في عدد تواتره وإن اختلفت مواقـعـه فيها أحيانا (ب6 ــ ب7 ــ ب9 ــ ب11 ــ ب13 ــ ب16) مع ملاحظة كثرة المقاطع الطّويلة المنغلقة البديلة من المقاطع القصيرة ( مُـتـْــــــفـَـاعـِلُنْ بَدَلا ً من مُـتـَــــــفـَـاعـِلُنْ )
ـــ تختلف الأعجاز عن الصّدور في : • ظهور الزّحاف في ثلاث ٍ (3) من التـّـفعيلات الثـّانية في الأعجاز(ب 6 ــ ب8 ــ ب9)وغيابه عن هذا الموضع في الصّدور غيابا تامّا
• تكثيف الزّحاف في الأضرب ( ب5 ــ ب6 ــ ب8 ــ ب9 ــ ب10 ــ ب11 ــ ب12 ــ ب14 ــ ب15 ــ ب16 ــ ب17) وظهوره مرّتين فحسب في الصّدور (ب6 ــ ب7)
• كثافةحضور الزّحاففي أوائل الحشو دون الأعاريض في الصّدور وكثافته في أوائل الحشو والأضرب معا في الأعجاز
* الـعــلـّة :
أصابت جميع الأضرب وتمثـّـلـت في حذف المقطع القصير قبل الأخير( مُــتــَــفـَــاعِــلـُـنْ ß مُـتـْــفـَــاعِــلْ ) واقترنت بالزّحاف في جميع الأضرب إلاّ ضرب البيتين السّابِعِ (7) والـثـّـالثَ عَشـَرَ (13) وتتفوّق نسبة اقترانها به في المقطع الـثـّـاني{إحدى عَشـْـرَة َ تفعيلة (11) من ثَلاَثَ عَشـْـرَة َ(13) نسبتها المائويّة (% 84.6)}على نظيرتها في المقطع الأوّل{ثـَـلاَثَ تفعيلات (3) من أربعٍ (4) نسبتها المائويّة (%75)} تفوّقا محدودا لكنّـه يعكس ميلا إلى استحضارٍ أكثرَ كثافة ًلمعنى القوّة لورود مواضع الزّحاف مقاطع طويلة منغلقة
ßميلٌ إلى تركيز كثافة الـتـّعـبـيـر عن معنى القوّة في أوائل الأبيات وأواسطها (الـتـّـفـعـيلات الأولى في حشو الأعجاز)وأواخرها (الأضرب) وفسح المجال لـلـتـّعـبـيـر عن معنى الحركة في ما بين ذلك
ß تلاؤمٌ واضحٌ بين الإيقاع الخارجيّ والبنية الدّلاليّة الّتي تعكسها مقتضيات مقام الحرب ( القوّة ــ الحركة ) تـَمَيّـَزَ به المقطع الـثـّاني غاب عن المقطع الأوّل ــ حسب نتائج قراءتـنـا ــ ومكانة ٌمركزيّة ٌ لمفهوم الـقـوّة الـّذي ترتبط به بقيّة المفاهيم وتدورفي فلكه فهوعـنـدئـذ مركز الاستقطاب في البنية الدّلاليّة وبذلك يـتـأ كّـد لدينا أنّ المتنبّي في هذا النـّصّ يسكنه هاجس القوّة لاهاجس المعرفة والحكمة الـّذي يُوهِمُ به منطلقـُهُ الـنـّـظريّ ُ في الاستهلال
2 ــ الإيقاع الدّاخليّ :
* الأصوات :
تواترت الأصوات المجهورة (ب ــ د ــ ج ...) وكذلك الشـّديدة ( ق ــ ك ــ ب ــ ج ــ د ــ ض ...)والخيشوميّة (ن ــ م)

ß قوّة الإيقاع وتناسقه مع مقام الحرب و دويّها وهولها ( الانسجام بين البنية الفـنـّـيّـة والبنية الدّلاليّة ) وفي هذا يختلف المقطع الثـّاني عن الأوّل ( ضعف الانسجام بين البنيتين الـفـنـّـيّة والدّلاليّة في المقطع الأوّل و ومتانة ُالارتباط بينهما وتناسقــُـهُمَا في المقطع الـثـّاني

ß ميل ٌ إلى الاحتفال بالقوّة والـتـّغـنـّي بها وتـأكيد آخر لمكانتها وغيابٌ للعقل المفضّل ِفي الاستهلال ( عدم انسجام بين المنطلق النّظريّ و الممارسة المجسّمة في القصيد = تركيز المدح على معاني الحماسة أو القوّة والبطولة بدلا من العقل والحكمة )
* التـّراكـيـب:
ـــ انبنى المقطع على مراوحة بين الـتـّـراكيب الإسناديّة الفعليّة والـتـّراكيب الإسناديّة الإسميّة

ß إثراء الإيقاع الدّاخليّ
☻أفــقــيّـــــا :
بتوزيع الـتـّراكيب في البيت الواحد :
• (ب14 مكوّن من فعل+ فاعل+مركّب بواو الحال اسميّ في الصّدر ومن فعل + فاعل (ضمير مستتر"هو")+ مفعول به + مركّب بواو الحال اسميّ ) =تركيب فعليّ في الصّدرومثله في العجز
• ( ب 15 مكوّن من فعل +فاعل (ضمير مستتر "هو") +مركّب تمييزيّ + مفعول فيه للمكان في الصّدر ومن فعل + فاعل (ضمير مستتر"هو") + مفعول به + مفعول لأجله + مركّب تمييزيّ في العجز )=تركيب فعليّ في الصّدرومثله في العجز
☻ عـــمــــوديّـــــا :
بتوزيع الـتـّراكيب في أبيات المقطع كلّها أو بعضها ( تواتر حضور الـتـّراكيب الفعليّة في الأبيات (6 ــ 7 ــ 8 ــ 9 ــ 10 ــ 14 ــ 15 ــ 16 ــ 17) وحضور تركيبٍ إسناديّ ٍ إسميّ ٍ في (ب11)
ـــ كـثـافـة التـّراكيب الإسناديّـة الـفعـلـيّـة وورود بعض الـتـّراكيب الإسناديّة الإسميّة مكـوّنات لها تـحـدّد خصائص إطارالمعـركة (ب 13 ــ ب 14 ــ ب 17) أو بعض صفات الفتى الفارس ( العجزفي ب10) مع ورود الـتـّراكيب الفعليّة مكوّنات للـتـّراكيب الإسميّة أحيانا ( العجز في ب 11 ــ العجز في ب 13 ) في موضع خبر للنـّاسخ أو نعت للنّكرة فإذا كانت الوقائع أحداثا منجزة مـتـعـيّـنة في المكان والزّمان فإنّها تقتضي قوّة لتحقيقها أو تجسيمها في عالم الحسّ وعندئذ تكون الـتـّراكيب الفعليّة الواردة مكوّنات ٍ للـتـّراكيب الإسميّة بتعبيرها عن تلك الوقائع مُـفـْصِحة ًضمنيّا عن القوّة الضّروريّة لإنجاز الأحداث مُبْعـِدة ً بذلك الـتـّراكيبَ الإسميّة َعن تقديم الحقائق النـّظريّة أو رسم ملامح الموصوف مُدْنـِـيّة ً إيّـَاها في الوقت نفسه من التـّعـبـيـر عن الأحداث ومن خلالها عن القوّة
ßتطويع الـتـّراكيب لأداء الوظائف الـّتي تؤدّيها الأخرى أو الـّتي يريدها المتنبّي ذاته بشكل يعكس قدرته الفـنـّيّة وسعيه إلى الارتقاء بخطابه لأداء الوظيفة الـفـنّـيّة الجمـاليّة ( أحد مظاهر حضور ذاتـيّـتـه أو عشقه القوّة في القصيد)
ßحضور بعض الـتـّراكيب الإسناديّة الإسميّة مكـوّنات للتـّراكيب الإسناديّـة الـفعـلـيّـة اقترن بتجرّدها من الدّلالة على الزّمان المحدّد فأفادت طابع الثـّبات المميّز لفضائل البطل الممدوح ودوام َهيمنتِهِ على المحيط عموما ( كلّ البعيد له قريب دان)
ßالجمع بين تقديم الحقائق أو تحديد الصّفات ونـقـل الوقائع وهذا يلائم مقـام الحـرب الـّذي تبرز فيه ذات الفتى الفارس البطل وتـتجلـّى خصائصها من خلال وقائعها و يعكس الانسجام بين الـتـّراكيب(أحد مكوّنات البنية الفـنـّيّة ) والبنية الدّلاليّة (مساهمة ُ التـّراكيبِ ونظام ِ توزيعها في المقطع الثـّاني في تحقيق الانسجام المذكور) و يؤكّد التـّنافـر بين المقطعين الأوّل والثـّاني في مجال الانسجام بين البنية الـفـنـّيّـة والبنية الدّلاليّة لتوفـّره في أحدهما (المقطع الثـّاني) دون الآخر( المقطع الأوّل)
* الــضّــمــائــر :
ـــ هيمنة ضمير المفرد الغائب المذكّر "هو"على المقطع الثـّاني في تراكيبه الفعليّة والإسميّة = هيمنة الذ ّات الفرديّة على المجموعة وإبراز لصورة الفتى الفارس
ـــ حضورالضّمائرالأخرى تابعة للذ ّات الفرديّة (هنّ ــ هي) ــ مع ميل إلى التّعبيرعن غيرالعاقل بضميرالعاقل أحيانا ــ وتركـيـزها على تعداد أدوات القتال ( الخيل ــ السّفن ــ السّيوف)
ßمركزيّة الـذ ّات الفرديّة و انقياد المجموعة تمجيد واضح للفتى الفرد الفارس وبأسه وبطولته وتفوّقه وحصرٌ لمعاني الحماسة في ذاته الفرديّة
ßتعظيم غير العاقل (أدوات القتال) مرجعه استمداد الأدوات عظمتها من عظمة الفتى البطل + تعظيم للبطل ذاته
ßتمجيدُ الذ ّات الفرديّة يعكس تنزيلَ المتنبّي خطابَهُ المدحيّ َالحماسيّ َ في فضاء ثقافيّ عربيّ قديم قوامه صورة الفتى ومركزيّة القوّة والـفـتـوّ ة أساسا مع استحضار البعد العقديّ (ب15) ممتزجا بالبعد الثـّـقافيّ الجاهليّ ( فتل الحبال من غدائر النـّساء أي من خصلات شعورهنّ إمعان في إذلال العدوّ لارتباط المرأة في الثـّـقافة الجاهليّة بالعـرض المهتوك والشـّرف المدوس في هذا السّياق ـــ بناء ُ السّفـن من الصّلبان قهرٌ عقديّ للعدوّ وانتصار للـتـّوحيد على الشّرك لكنّ هذا البعد العقديّ الدّينيّ يكاد ينطمس في سياق هيمنة البعد الثـّـقافيّ العربيّ الجاهليّ القديم )
* الـصّيغ الـفـعـلـيّـة :
ـــ تكـثـّـفـت صيغ الماضي مقترنة ً بذات الفتى البطل ( خاض ــ درى ــ سعى ــ قـاد ــ ركض ــ ثنى ــ فـتـل ــ بنى ــ حشا ) واقترن بعضها بغيره (قصّر ــ ستر ــ عبرن ــ سَـبَتْ ) لكنّ ذاته تظلّ حاضرة ضمنيّـا فالسّتر والعبور والسّبي أفعال صادرة عن أدوات القتال الـّتي يحرّكها هو بفعل القيادة ( غبار الجيش ــ الخيل ) أمّا التـّـقــصـيـر فمنسوب إلى أهل زمان الفتى وأهل كلّ زمان في إطار مقابلة بين قدرته على السّموّ وإنـفـاذ الإرادة الذ ّاتـيّـة وعجز الآخرين جميعا عن بلوغ مداه
ـــ وردت بعض صيغ المضارع (لم يـَقـُـدْ ــ يبصرن ــ يرمي ــ يطرحن ــ ينشرن ــ تتفرّقان ــ تلتقيان ــ تأتي ) في سياق هيمنت عليه الدّلالة على الزّمان الماضي وتحقـّـقت فيه المراوحة بين الدّلالة على الانقضاء وعدم الانقضاء جامعة بين اكتمال إنجاز بعض الأفعال واستـمـرار إنجاز البعض الآخر مع اقتران معظمها بأدوات القتال واقتصار نصيب الفتى منها على فعلين مع حضوره ضمنيّا محرّكا لأدوات القتال
ـــ غلبة الطّابع الحسّيّ على الصّيغ الفعليّة ينزّلها في عالم الحركة الحسّـيّـة الـّذي يقتضي القوّة ليتحقـّـق الإنجاز ويضفى ذلك على الفتى طابع الواقعيّة لكأنّه بجميع ما نـَسَبََ المتنبّي إليه لا يتجاوز الحقيقة الواقعة إلى الصّورة المبالغ فيها ( تفضيله على أهل زمانه ؟! وأهل كلّ زمان ؟! ) ويدعّم ذلك ما ذ ُكِـرَ في الـنّـصّ من الأمكنة (منبج ــ حصن الرّان ــ نهرأرسناس) لمحاولة الإيهام بأنّ صورة الفتى المتخيّلة المرسومة هي من صميم الواقع ومزيد السّموّ بمكانته وتمجيده
ßالجمع بين صيغ الماضي والمضارع في المقطع الثـّاني يعكس صفة الحسم المميّزة لإرادة البطل وصفة الدّيمومة المميّزة لأفعاله الحربيّة مع محاولة المـتـنـبّي استرجاع بـعـض لحظات القتال بصيغ المضارع التـذاذا بأمجاد البـطولة والنّـصر(يرمي ... مظـفـّـر...)
* الـسّـــجـــلا ّت :
ـــ تعدّدت السّـجـلا ّت في المقطع الثـّاني (الحرب ــ الغزل ــ الطّبيعة ــ الثـّقافة والقيم ــ الوجدان ــ الدّين) وائتلفت لخدمة مجموعة من الثـّنائيّات ( القوّة /العجز ــ العزّة / الذ ّلّ ــ النـّصر /الهزيمة ــ المنشود / الموجود ــ الإشراق / القتامة ...)
ßتنشأ بتعدّدها شبكة من الدّلالات بها يتنزّل النـّصّ في فضاء ثقافة عربيّة جاهليّة (مفاهيم الفتى والحرب ...) وأخرى إسلاميّة ( التـّوحيد ≠ الشّـرك ) و فضاء الثـّقافة الإنسانيّة تمتدّ عبر التـّاريخ يردّد صداها صوت اليونان محدّدا ماهية الإنسان ( الإنسان حيوان ناطق) لهج به المتنبّي توقا إلى الجمع بين الحكمة والقوّة في إطار ثقافيّ حضاريّ تاريخيّ فيه كادت ذات الفتى العربيّ تضمحلّ وتصدّى لمدح كلّ من يجسّم بعض معالمها عـسـاها تنبعث وتستردّ أمجادها من الأعاجم
* مـــلاحـــظـــة :
استعملنا عبارة" الـسّجلا ّت " في مـجـال اطّرد ت فيه عبارة " المعجم " لأنّنا نراها أقرب إلى التـّعبيرعن المقصود فالمعجم يتـّصل بالاشتقاق وهو أوسع مدى من السّـجـلّ وقد أفردنا الصّيغ الفعليّة بقسم من الشّرح وهي لارتباطها بالاشتقاق ذات صلة وثيقة بالمعجم ولاداعي إلى الفصل بينها وبين السّجلا ّت لو استعملنا عبارة " المعجم " بدلا من عبارة " السّجـلّ" وهو لدينا مجموعة الألفاظ الـّتي تنتظم في إطار حقل دلاليّ واحد يجمع بينها
* الـــصّــــورة الــفــنـّـيّـة :
ـــ تعدّدت الظّواهر البلاغيّة ( المجاز ــ الكناية ــ الاستعارة ــ التّشبيه) في المقطع الثـّاني وهيمن التـّشبيه عليها{( ب5 ــ ب9 ــ ب10 ــ ب11 ــ ب14 ــ ب17)/الاستعارة (ب6 ــ ب16)/المجاز( ب8)/الكناية } وتميّزت بتركـيـبها من عـناصر حسّـيّـة مستمدّة من المحيط الطّـبـيعيّ والنـّمط الثـّـقافيّ الاجتماعيّ والـمرجعـيّـة الـدّيـنـيّـة (السّيوف = الأجفان // الماء = الـلـّـجـيـن ...//الحبال ــ الغدائر// السّفن ــ الصّلبان// الحمام<=>ساحة المعركة // السّـفـن<=> العادية = الخيل // سيف الدّولة <=> سميّ سيوفه // // الفرسان <=> عمائم الفرسان...)
ـــ أنشأت هذه الظّـواهـر عالما مـتـخـيّـلا من الحركة الدّائبة تنتقل من فضاء الحرب وحقلها الدّلاليّ ( بأس ــ شدّة ــ قتل ــ نصر أو ظَــفـَـرــ الفتى الفـارس ــ البطولة...) إلى فضاءات أخرى { ( الغزل = الحسان ــ الغزلان ــ الغدائر ــ الـلـّجين ــ العقيان ... ) // ( القيم والعقيدة = العادات والأوطان ــ الصّـلـبـان ... ) // الـبناء و العـمران = فتل الحبال ــ بنى السّـفـيـن ... ) // الطّـبـيـعـة و تغـيّـرهـا إلى الأحسن = تحوّل الماء عن لون الفضّة إلى لون الذ ّهـب في ب 14 ) } وهذا الانتقال تحكمه مجموعة الـثـّـنـائـيّـات الـّـتي أشرنا إلى بعضها في سياق النّظر في الـسّـجـلا ّت ( القوّة /العجز ــ العزّة / الذ ّلّ ــ النـّصر /الهزيمة ــ المنشود / الموجود ــ الإشراق / القتامة ...)
&#223;نقلت هذه الظّـواهـر لغة الـنـّصّ من الوظيفة الإخباريّة إلى الوظيفة الإنشائيّـة ( الـتـّغـنّي بالقوّة والتـّفـنـّن في إجلاء مظاهـرها ورمـزها لا مجرّد الإخبار أو نقل الوقـائـع الحربيّـة ) وعكست تفاعل المتنبّي الذ ّاتيّ مع أفعال الفتى الممدوح وسعيه إلى تحسين صورة الحرب ومظهرها القاتم بصورة مشرقة مرجعها منظومتـُه ُالفكريّة ُالذ ّاتيّة ُ(عشقه القوّة والفروسيّة والبطولة)والمنظومة ُ الثـّـقـافــيّـة ُ العـربـيّـة ُ وفسّـرت انسياقـَه ُإلى الإشادة بالقوّة وتمجيدها وتغـافـُلـَهُ عن منطلقه النـّظريّ
&#223;التـّراوح بين المتعيِّن والمـتخيّـَل = مبالغة المتنبّي في تفضيل الفتى البطل وتصويرهول الحرب (الحمام) وبَاهـِرِنتائجها ( فتل الحبال من غدائر السّبايا // تغيير صورة الخيل من خيل الحرب إلى مرابض الغزلان ...) تدفع الوقائع وصورة الفتى معا نحو الخيال بما تحـقـّـقه الاستعارة والـتـّشابيه من مجاوزة للحقيقة المتعـيـّنة نحو المُتـَخَـيّـَـلِ استنادا إلى علاقة المشابهة أمّا نثرالألفاظ في هذا المقطع على سبيل الحقيقة ( الجياد ــ العبور ــ الأمكنة ــ القيادة العسكريّة ــ الحسان ) فـتـشدّ الوقائعَ وصورة َ الفتى البطل إلى الواقع المتعـيّـن فإذا أمكن للمتخيّـَـل أن يتعيّن تضاعفت قيمة الواقعة وازداد الفتى سموّا ورفعة
&#223;ربط الفعل الحربيّ بفعل البناء أو العمران مع بيان تغيير الطّبيعة إلى الأحسن يجرّد الصّورة من القتامة ويضفي عليها طابع الإشراق لأنّ لون الماء المُغـَيّـَرَ إلى الذ ّهب فيه قتامة شديدة ( كثرة الدّماء والقتلى ) فإذا شبّه بلون الذ ّهب زالت عنه تلك القتامة واكتسب بريق الذ ّهب وتجاوز وحشيّة الحرب إلى رقّة الوجدان والغـزل وكذلك فتل الحبال وبناء السّفن إذ في قصّ شعور السّبايا ذلّ ومهانة وفي الصلبان هدم وتقويض لأركان عقيدة العدوّ فإذا صارت الشّعور حبالا والصّلبان سفنا تغيّرت الصّورة واكتسبت إشراق فـعـل البناء


&#223; أهمّ من هذه الدّلالات أنّ الفتى الفارس البطل اخـتـرق كيان العـدوّ وسلبه بعـض ممتـلكاته (الصّلبان ــ شعور الـنّــسـاء )

ثمّ حـوّلها إلى أدوات يُوَظِّـفــُهَـا في قتاله( حبال لقيادة الخيل أو لشدّ أشرعة السّفن وكذلك الصّلبان تبنى بها السّـفـن )

===> ما كان لدى العدوّ رمزا لقداسة المعتقد والعرض أصبح أسلحة يقاتله بها هذا البطل الفارس


* الرّؤية التـّـأليفيّة :
ــــ الـمـتـنـبّـي يسكنه عشقُ القوّة ويدفعه إلى الإبداع وإظهار براعته وإمكاناته فيستعيد خطابه الشّعريّ الانسجامبين البنيتين الفنّيّةوالدّلاليّة وتتعدّد عندئذ وظائف اللـّغة فيه إخـبـارا أو تأثيرا نفسيّا في المتلقـّي أو ترجمة عن المخزون الـنّـفـسيّ أو إنشاء فـنّـيـا جمـالـيّـا ...
ــــ طغى البعد الثـّـقـافيّ العربيّ الجاهليّ على البعد العقديّ الدّينيّ ودلّ على دوران الشّعر لديه في فلك الفضاء العربيّ وإن أوهم بالانطلاق نحو رحابة الإنسانيّـة (تفضيل الممدوح على أهل كلّ زمان) والانفتاح عليها (أفضليّة العقل وأصولها اليونانيّة القديمة )
* المقطع الــثّــالـــث :
1ــ الإيقاع الخارجيّ :
* الرّبط بين المقطعين الـثـّـاني والـثـّـالـث :
إذا ضعف الرّبط بين المقطعين (1 ــ 2) دلاليّا واكتفى فيه المتنبّي بالرّبط الشّـكـليّفإنّـه تحقـّـق بين المقطعين (2 ــ 3 ) مقترنا بانتقال أسلوبيّ بلاغيّ من الخبر إلى الإنشاء(النّـداء) ومن الإخبار إلى الخطاب لكـنّـنـا نلفت الانتباه إلى أنّ الـتـّصرّف في القصيد بالحذف لإدراج هذين البيتين الأخيرين (في القصيد وفي نصّ الكتاب المدرسيّ معا ) قد أحدث بعض الخلل بتغـييب توظيف المتنبّي صورة الخيل عليها الحسان (مرابض الغزلان ) للانتقال من كثرة سبايا الحرب وامتداد صورتهنّ على الخيل أفقيّا إلى صورة البحر ودلالاته ( العظمة ــ الاتّساع ــ الجود ...) استنادا إلى تمـاثـل الامتدادين فكانت هذه الصّورة كاشفة لنـُظُـم الرّبط الفنّـيّـة النّاشئة من الاشتراك في بعض خصائص الصّور( تماثل امتداد صورة السّبايا و صورة البحر أفقيّـا) تدعّمها نـُظُـمُ الرّبط الدّلاليّة استنادا إلى الطّاقـة الإيحائـيّة فكثرة السّبايا توحي بثراء الممدوح المماثل لثراء البحر واشتراكهما في الجود اشتراكا ييسّـر للمتنبّي استحضار البعد التـّـكـسّـبيّ وذلك ما يغيّبه التّصرّف بالحذف ويعكسه القصيد
* الزّحاف :
ـــ حضوره مكـثـّف في (ب 18) لكن دون توازن بين الصّدر ( مرّة واحدة ) والعجز ( جميع تفعيلاته) وقد خلا منه (ب 19) تماما فينشأ من ذلك تفاوت في توزيع الزّحاف بين صدر البيت وعجزه ( في البيت الواحد أي في الوحدة الإيقاعيّة الواحدة ) وتفاوت آخر في توزيعه بين بيتي المقطع الـثـّالـث (ب 18 ــ ب 19 ) واقترن ذلك بغلبة طفيفة للمقاطع الطّويلة المنفتحة (16)على المنغلقة (12) مع توازن نسبيّ بين المقاطع الطّويلة (28) والمقاطع القصيرة (26)
ـــ اختلال توزيع الزّحاف يقابله توازن نسبيّ بين حضوره وغيابه في بَـيْـتـَيْ هذا المقطع
&#223;اتّجاه المتنبّي نحو إحداث التـّـوازن في الإيقاع في هذا المقطع إذا نظرنا في عدد المقاطع ونسبة بعضها إلى بعض لكن إذا نظرنا في توزيعها تبيّـنّا تكثيفه المقاطع المنغلقة في سياق التّعبير عن تحوّله إلى قتيل فيتلاءم الانغلاق في هذا الموضع مع معنى القوّة ومعنى الأسـر ثمّ يفسح المجال بعد ذلك إلى المقاطع القصيرة والمقاطع الطّويلة المنفتحة ليعكس انطلاق الشّـاعـر وراء هذه الذ ّات الـّتي تفلت من الإدراك وتستعصي عليه
2 ــ الإيقاع الدّاخليّ :
* التـّراكـيـب:
ـــ يتوّج التّوازن التـّـركيبيّ القصيد بحضوره في البيت الأخير { تشكّل الصّدر من تركيب شرطيّ تلازميّ (إذا رأيتك ...حار...) وتشكّل العجز مِـنْ مثلِهِِ إذا مدحتك ... حار ...) } مع استحضار للـتـّركيب الإسميّ في عجز(ب 18) واقترانه بناسخ فعليّ (أصبح) وحضور تركيبين فعليّين في موضع صلة الاسم الموصول في صدر (ب18) فتنتشر بذلك التـّراكيب الفعلـيّة في المقـطع وتـثـري الإيقاع الدّاخليّ أفـقـيّـا وعـمـوديّـا
&#223;تـلاؤم بـيـن تـوازن الـبنـية الـفـنّـيّـة في مكوّنـاتهـا الـتّـركـيـبـيّـة و نـظـيـره في الـبـنـية الـدّلالـيّة المتـعـلـّـقـة بصورة الممدوح ( القتل بالسّيف // القتل بالإحسان) لكـنّ هذا تـوازنٌ بين مفهومي القوّة والقيم ( القوّة <==> القيمة الأخلاقيّة = الكرم) وهما ثنائيّة تختلف عن تلك الـّـتي شـكّـلـت منطلقا نظريّا للمتنبّي في المقطع الأوّل ( العقل / القوّة )في طرفيها وفي نوع العلاقة بينهما فثنائيّة المقطع الأوّل مفاضلة وثنائيّة المقطع الـثـّالـث معادلة ويكون المتنبّي بذلك قد اتّجه في مسار القصيد نحو الـتـّوازن بعد الانطلاق من الاختلال واستبدل أحد طرفي الـثـّـنـائـيّـة (العقل) بطرف آخر (القيمة الأخلاقيّة = الكرم) وأبقى على مفهوم القوّة في جميع المقاطع و بـوّأهــا المكانة المركزيّـة ثمّ إنّـه يُضَافُ إلى ذلك كـُـلـِّـهِ توازنٌ آخرُ يُغـري الممدوحَ تجتمع به في ذات المتنبّي حيرة النّاظر وحيرة الـلـّـسـان و مثلُ هذه الحيرة حَـسَـبَ ما نعلم لا يعكس حضور العقل بل ضعفه أو غيابه لأنّ الممدوح يستعصي على قريحة المتنبّي استعصاءه على الأعداء في ساحة المعـركة
* الـصّيغ الـفـعـلـيّـة :
ـــ غلبت صيغ الماضي ( أراد ــ أصبحت ــ رأيت ــ حار ــ مدحت ــ حار ) وحضرت صيغة واحدة من المضارع أفادت عدم انقضاء فعل التـّـقـتـيـل الدّالّ على المبالغة وبذلك اجتمعت الدّلالة على الاستمرار و الدّيمومة (يُـقـتـّـل) مع الدّلالة على الحسم واكتمال الإنجاز (أراد)
&#223; إرادة الممدوح حاسمة وفعله مستمرّ متـنوّع يجمع بين الأضداد المحـبّـذة ( تقتيل الأعداء ≠ إكرام الشّـاعر وغيره )
&#223;انتقلت الحركة بخصائصها ( اضطراب ــ سرعة ــ قوّة ــ احتفال ...) من مجال الحرب إلى العلاقات بين رمز الفكر و رمز السّلطة (رمز العقل هو قتيل إحسان رمز السّلطة) وتلك علاقة تعكس تفوّق القوّة (السّلطة) على العقل (الشّعـر) و عندئذ يبرز الـتـّناقـض بين هذه الـنّـتـيـجـة و المنطلق النّظـري الوارد في المقطع الأوّل

* الـسّـــجـــلا ّت :
ـــ حضرت سجـلاّت الحرب ( الـتـّـقـتـيل ــ سيف ــ قتلاك ) والقيم ( الإحسان) والمعرفة أو الإدراك بمجاليه الحسّيّ والمجرّد
( ناظر ــ لسان ــ حيرة ــ مدح ) وأنشأت مجموعة من الـثـّـنـائـيّـات أشرنا إلى بعضها في المواضع السّابقة من الشّـرح ونهتمّ منها بـثـنائـيّـة القوّة والعقل
ـــ حضور القوّة صريح واضح يعكس تفوّقهـا وسموّ مـكـانـتـهـا لارتباطهـا بإرادة حاسمة وفعل مستمرّ غير مُنـْـقـَـضٍ أمّـا العقل فقد بدا في هذا السّياق تائهـا حائـرا عاجزا عن إدراك حقيقـة رمز القوّة فهل بعد استعصائهـا عليه وإفلاتهـا من إدراكه من دليل على الـتـّنـاقض بين هذه الـنّـتـائـج ومنطلق المتنبّي في الاستهلال ؟ أفـَلـَمْ يكن العقل (المتنبّي الشـّاعـر) في هذا المقطع مستجديا القوّة ( سيف الدّولة رمز السّـلطـة والـقـوّة) ؟ أ َوَ لا َ نرى أنّ المتنبّي تدرّج من منطلقه ( أفضليّـة العقل في المقطع الأوّل) إلى مركزيّـة القوّة مغيّبا العقل في المقطع الـثـّـاني ثمّ نزل به إلى منزلة المستجدي ؟ ومتى كان الأفضل يستجدي من هو دونه مرتبة؟
&#223;أثبتنا فيما سبق تميّز هذا المقطع (وكذلك المقطع الـثـّـاني) بالميل إلى الـتـّـوازن وحسن الانسجام بين البنيتين الفـنّـيّـة والدّلاليّة لكنّ السّجلاّت قد كشفت من الدّلالات ما يخالف ذلك فـالـثـّـنـائـيّـة الوحيدة الـّـتي أحدثت الاضطراب في النّصّ هي ثـنـائـيّـة العقل والقوّة و ليس أدلّ على ذلك من استحضار المتنبّي رمز القوّة (سيف الدّولة) في مقام إصدار الخطاب ( يدلّ على ذلك توجّهه بالنـّـداء إلى سيف الدّولة ومخاطبته مباشرة حَسَبَ مقتضيات النّـظام الـلـّغـويّ ) و تواريه هو رمز الفكر أو العقل (المتنبّي الشّاعـر) وراء ناظره ولسانه يـنـيـبـهـما عنه لعلّهما يفلحان في تمجيد القوّة ومدح رمزها المستعصي عليهما لكنّهـما تـتملـّكـهــا الحيرة فـأيّ الـمـفـهـومـيـن أفـضـل عندئذ؟
* الرّؤية التـّـأليفيّة :
ــــ يجمع النّصّ بين إظهارِ المتنبّي براعته في إنشاء الصّور والارتقاء برمز ٍللقوّة ربّما جسّم صورة ًمثاليّة ً للفارس العربيّ
(سيف الدّولة) ظلّت تسكنه طيلة حياته و ضعفِ التزام ِالمنطلقاتِ الـنّـظـريّةِ
ــــ يكشفالنّصّ مكانة ًمركزيّة ً لمعاني الحماسة لدى المتنبّي بيد أنّـه يكشف في الوقت نفسه صورة ثـنائـيّة سِمَـتـُهَـا الـتـّنـا قـض
فهذا الـّذي حار لسانـُه ُهُوَ نـَفـْسُهُ الـّّذي نظر الأعمى إلى أدبه وأسمعت كلماتـُه من به صمم أو هُوَ الـّـذي ينام ملء جفونه عن شواردها " ويَسْهَـرُ آلـْـخـَـلـْـقُ جَـرَّاهَـا وَيَـخـْـتـَـصِـمُ "
* مـــلاحــــظـــــة : هذا العمل نتقدّم به إلى زملائنا الأعزّاء الأكارم آملين أن يدفع إلى النّقاش والنّظر في ما يمكن توظيفه من رصيد معـرفيّ ووسائل بيداغوجيّة لتحريك الأذهان وتعميم الفائدة وهو تخطيط سجّلنا فيه مانراه جديرا بالاهتمام حسب ما تقتضيه أهداف البرنامج الرّسميّ ( المقرّر في مصطلحات الشّرق العربيّ) لعلّنا بذلك ندفع دراسة الأدب العربيّ نحو قراءة نقديّة موضوعيّة (أوأقرب إلى الموضوعيّة ) ونحمل الطّلبة على تجاوز الوقوف عند الانطباع الأوّل إلى إجهاد الفكر ففي ذلك متعة لايدركها إلاّ من يمارس مثل هذا النّقد

طارق شفيق حقي
16/10/2008, 09:46 PM
جهد رائع
قد نحتاجه في المربد التعليمي