المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملعونة ( الجزء الأول )



علي عبدالرحمن
15/10/2008, 07:33 AM
خرج مندفع يرسم الغضب على وجهه منحنيات ودوائر وقطع مستقية ...تنطلق من فيه زفرات ملتهبة كأنه (كير) الحَدَّاد ينفخ في النار لتتوهج أو لتصهر الحديد وتلينه .. ، لكنها كانت وكأنها تذوب في الثلج فتفتته إلى بلورات ثلجية متناهية في الدقة والروعة وقطرات صغيرة من الندى وزعت بعناية و دقة على تلك الأوراق المتفاوتة الخضرة ، لأشجار متباينة في الارتفاع نحو السماء ، تشابكت أغصانها واتحدت لترسم لوحة فنية سبحان من أبدع وصور ..كل شئ كان طبيعياً .. منازل طينية متراصة تنبثق من أسقفها الأشجار العالية ، تضم بين جنباتها أُنَاس ارتوت وترعرعت في نفوسهم الطيبة ، لا يوجد بينهم من لا يعرفون أصله وفصله ، كلاً يعرف الدور المطلوب منه فيؤديه على أكمل وجه ، .. إلا هو !!!؟ فدائما ما تجده يبحث عنها وفقط!!؟ و سريعا ودون عناء يجدها في انتظاره فاتحة ذراعيها لاحتوائه ، ذات يوم وقد خرج غاضباً من البيت إلى ذات المكان الذي اعتاد أن يلقى فيه حبيبته ، ودون أن يكلف نفسه مشقة البحث عنها وجدها أمامه ، فسألها : مالي كلما أتيت إلى هنا وجدتك ؟!! فأجابته ستجدني في أي مكان تذهب إليه . في أي وقت سأكون معك . فلن نفترق أبداً

فقال: أفهم من ذلك انك تحبينني ؟

قالت : بقدر ما تحبني ستجدني أحبك ، ولن تجد على هذه الأرض من يحبك أو يعشقك مثلي ، فأنا مِرآتك التي ترى فيها صورتك ، أنا حٌلمك الجميل ..فلن تجد أوفى مني خليل .

قال: لكني مهموم ولا أجد من يفهمني ويشاركني همي .

ابتسمت قائلة: ألم أقل لك أني أعرف عنك أكثر مما تعرفه أنت ، اعرف كل ما أنت به مشغول ومهموم ، أعرف أن لا أحد في هذه البلدة يحبك . الكل يٌبعد عنك لا تجد من تتكلم معه . لكن يكفيك أنا فستجدني دائما بجوارك أنصحك وأرشدك ... و أعلم أيضا أنك تحب تلك الفتاة الجميلة لكنها تتجاهلك و تفضل عليك أخيك الأصغر

نعم... نعم .. هذا صحيح ولكن ماذا أفعل ؟؟؟؟ دبرينني لو كنت حقا تحبينني ماذا أفعل فلا أحتمل أن تفارقني ويتمتع بها غيري حتى وإن كان أخي .

سأقول لك ما ستقوم به لكن عليك أن تنفذه بدقة حتى لا ينكشف أمرك و تفتضح بين الناس فيرجموك فما من أهل القرية أحداً ألا ويتمنى هلاكك

تلك الفتاة تذهب كل ليلة لمقابلة شقيقك في ذلك المكان بعيد عن أعين الناس والسيناريو المعتاد معروف في البداية يسبقها أخيك وهي تتبعه بعد وقت قصير وما عليك فعله هو أن تتعقبها حتى إذا ما كانت في مكان آمن بعيد عن الناس هجمت عليها فسلبت شرفها ما استطاعت أن تتمنع عليك بعد ذلك وما ترددت في الموافقة على الزواج منك .

ابتسم مهللاً يا لك من ماكرة أنها خطة زكية جداً لكن هل سترافقينني فما أستطيع أفعل شئ من دونك

بالطبع يا حبيبي فلن أترك أبداً لكن عليك أن تلتزم الصمت ولا تحدث أحد عما نفكر فيه حتى لا يفتضح أمرك .أفهمت ؟

وهل جٌننت كي أفضح نفسي هيا ها هو أخي يمر فلنختبئ لحظات وستأتي الفتاة.... علينا الحذر حتى لا تكتشفنا قبل أن ننال ما نتمنى.

وها هي قادمة أنها جميلة حقاً عندك كل الحق فلابد أن تفوز بها . وتتمتع بذلك القوام الفارع والوجه المشرق كالبدر . لا بد وأن تكون من نصيبك لا تدع أخيك يهنأ بها لابد أن تكون لك وحدك.

نعم وأظن هذا هو الوقت المناسب ؟

نعم تحرك الآن حاول أن تلقي بها على الأرض ثم تفعل ما تشاء .

لا أستطيع أنها تقاوم بشراسة سيفتضح أمري دون أن أفعل شئ .

حاول أن تطبق يدك على رقبتها وتجذبها بقوة إلى الأرض .

نعم أنها أخيراً تستسلم... ها هي ممدة على الأرض .. لكن ما هذا ؟؟

أنها لا تتحرك ...يا ويلي .. يبدو إنها ماتت.. يا ويلي لقد هٌلكت ماذا أفعل ؟

مما تخف فلم يراك أحد حاول أن تخفي الجثة واذهب في هدوء للبيت فلن يكُتشف أمرك .

نعم ولكن من هذا القادم نحونا إنه أخي لقد افتضح الأمر ما عساي أفعل الآن ؟

يجب أن تتخلص منه هو الآخر ..

لكنه أخي !!!!

نعم لكنه سيتسبب في هلاكك ثم إنك لم تكن تحبه.

وكيف لي أن أتخلص منه ؟

إنه أقل منك قوة ما عليك إلا أن تقوم بخنقه وتذهب في أمان .

ها هو وقد ارتمى بجوار حبيبته .. لكن ما هذا أنظر !! هناك رجل من القرية يرقٌبٌنا .. إنه يجري نحو البلدة .. لقد انتهى أمري .. أشيري عليّ.... ألست ِ أنتِ من ورطني في كل ذلك؟

نعم تمهل واهدأ ولا ترتبك حتى نتصرف بحزر .

أنتِ من ورطني في كل ذلك ليتني لم استمع لك أو أسير على هواك .

يا لك من أحمق حتماً سنجد مخرج من هذا الأمر لكن عليك أن تهدأ .

ما هذا ....؟!!! أرى كم من المشاعل تتجه نحونا .. أنهم أهل البلدة ، لقد افتضح أمرنا لبد سيفتكون بي ، أين أستطيع الهرب الآن ؟ ....بلدتنا يحيطها البحر من كل جانب . إني هالك لا محالة .. لماذا لا ترشديني ؟.. ماذا أفعل؟ .. أين المفر ؟ أما من حل لتلك الورطة ؟

أم إنك ستتركينني وحدي الآن ؟.

يا لك من أحمق ألم أقل لك إننا لن نفترق أبداً ..أنظر.. هناك شجرة عالية كثيفة الأوراق لابد أن تصعد إليها فلن يراك أحد أو يشك أنك في ذلك المكان .

نعم..نعم.. تلك فكرة شيطانية يا لك من ماكرة !!!

لكِ كل الحق فهذا المكان مرتفع وكثيف الأوراق ولن يتمكن من اكتشافنا أحد

أنظري لقد تجمعوا حول الجثتين ... لكن بعض ممن يحملون المشاعل يفتشون عني في كل مكان .

لكن !! أتعرف تلك المرأة هناك التي انكبت على جثة أخيك تقبله في كل موضع من جسده الهامد ؟

نعم إنها أمي

هل أنت حزين من أجلها؟

نعم فلا تنسي إنها أمي .. ليتني ما أقدمت على فعل ذلك بأخي.

أكنت تود أن يفتضح أمرك و يقتلوك كما فعلت بتلك الفتاه؟ ثم هل لو كنت أنت مكان أخيك تُرى أكانت والدتك ستحزن عليك كل هذا الحزن كما فعلت على أخيك ؟

بالطبع... أليست أمي كما هي أمه

كيف ؟ ألم تكن تفضله عليك باستمرار؟

لكنه كان دائما مطيع لهما هي وأبي عكسي تماماً فكنت دائما أفعل عكس ما يقلون .

المهم وقد حدث ما حدث إن كنت تريد أن تذهب إليهم فافعل ويكون الفراق بيننا فلابد سيقيمون عليك الحد وتقتل خنقا كما تنص الأعراف والتقاليد ..

لا ..لا أريد أن أفارقك .

إذاً عليك أن تهدأ لنبحث عن مخرج من تلك الورطة .

نعم ولكن كيف يكون المخرج ؟

لكن ما هذا !!!؟ استمع لذلك الشيخ و بماذا يصيح بين الناس ؟

يا ويلي....

لقد أهدر دمي ويقول إن أيا من أهل البلدة وجدني في أي مكان لا يتردد في قتلي دون الرجوع لأحد.

إذاً..... أصبحت مُطارد من الجميع ؟

نعم .. هلا استخدمتِ ذكائك في وجود مخرج؟

لا تكترث إذاً مادمت تعترف بذكائي الفذ ..كل ما عليك أن تهدأ حتى لا يشعر بك أحد.

ها هم يحملون الجثتين متجهين لمنازلهم.

لكن مجموعة كبيرة من الرجال لا يكفون في البحث عني بين الزراعات ... كما أني لا أستطيع المكوث هنا مدة طويلة فقد أتعبني التشبث بذلك الغصن .

لابد أن تقاوم فهم أيضا سيتعبون من البحث عنك ولابد سيذهبون كي يستريحو1 .. وها هم بالفعل بدءوا يتجمعوا ..كي يذهبوا

نعم لكنهم سيعودون في الصباح..وأنا اشعر الآن بجوع شديد..

بعد أن يذهبوا جميعا عليك النزول فما أكثر أشجار البلدة المثمرة بأطيب الثمار.

نعم .. فكثيراً ما كنت أحلم أن أحوز أكبر مساحة من تلك الأراضي ويكون عندي خدم من أهل القرية وأكون أنا الآمر الناهي فيها.

ليس هذا بالأمر الصعب.

ماذا.......!!!!!!؟

أقول أن حلمك من السهل جداً أن يتحقق .

لكن كيف.....!!!؟

الأمر غاية في البساطة وهو ضرب عصفورين بحجر واحد .

فكل أهل القرية متربصون لك الكل يريد أن يكون البطل بعد سفك دمك.

هذا صحيح وأعرفه .... لكن ما هو الجديد في فكرتك ؟

الجديد أن تتخلص أنت من كل أهل القرية .

ماذا......!!!؟

إلى اللقاء في الجزء الثاني و النهاية

علي عبد الرحمن