المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الضيعة الضائعة - أحمد ديب



طارق شفيق حقي
11/11/2005, 09:46 PM
[align=center:3dedc46e64]الضيعة الضائعة -

أحمد ديب


حدّثنا صاحبُنا بقصّة غريبة ومُبْهرهْ
حدّثنا عمّا رآه وأزاغ بَصَرَهْ
حدّثنا عن ضَيعَةٍ عابثةٍ مستهترهْ
قد ملّتْ مِن سكّانها
وملّها سكّانُها
فأصبحتْ .. وأصبحوا
كخصلة من عنبٍ مبعثرهْ
شبابُها في اللهْوِ قد انعمسوا
وشيخُها نضَّ لنومٍ مئزرَهْ
وأمُّهم .. تخاطبُ المرآةَ إذْ لا غيرَها..
في رأيِها ..
لما لها من الجمالِ مُظْهِرَهْ

حدّثنا عن ضَيعةٍ
سُكّانها كالهررهْ
واحِدُهُم إذا رأى سواهُ في مَهْلَكَةٍ
قالَ : إلهي لك شكري
ثمَّ غضَّ بَصَرَهْ
واحدهمْ تكادُ تلمسُ الغيومُ مِنخَرَهْ
كأنّه خالدٌ أو صلاحُ الدينِ
أو . . تقولُ عنترهْ
يوماً إذا ما اجتمعوا
تراهم الصغيرُ والكبيرُ منهم عندهُ مغامرهْ
أحدُهم يقولُ : قد أذْلَلْتُهُ
وآخرٌ يقولُ : مَنْ مِثلي أنا ؟ ؟
وثالثٌ صنيعُهُ ما أحدٌ مِنْ قبْلِهِ قدْ ذكَرَهْ
ويضحكونَ . . يضحكونَ .. يضحكون
كأنّما قد رجعت ضيعتُهم مُنْتَصِرهْ


حدّثنا صاحبنا عن جارهم في البلدة المجاورهْ
مرتقِبٌ .. وشامتٌ ..
وفَرِحٌ باللحظةِ المُنْتَظَرهْ
يُعِدُّ عدّةَ الزمانِ
والزمانُ .. يا أُخَيَّ دائرهْ

ذات ليلٍ
والظلامُ فيه أخفى قمرَهْ
داهَمَهم جارُهمُ السفّاحُ ..
خلفَ الموتِ ..
يقفو أَثَرَهْ
نَخْلَتَهم أحرقها
وزهرهم قطّعهُ
وحقلهم .. بذَرَهُ بالملحِ والبارودِ
أمّا بيتهم .. فدمّره

حدّثنا صاحبنا بقصّة غريبةٍ ومبهرهْ
حدّثنا عن مجزرهْ
حدّثنا عن عبوة ناسفةٍ
في علبةِ الحليب قد تفجّرتْ
وغيرها في مِبْخَرَهْ
حدّث عن زجاجةِ العطرِ التي إنْ شمّها مَنْ شمّها
تُضيعُ حتّى أَثَرَهْ
حدّثنا عن جثّةٍ قد فارقت عيونَها ..
وشَعرَها ..
وأنْفَها ..
وكفَّها ..
ورِجْلَها
حدَّثنا ...
حتّى التي في قبرِها
قد هربت فزِعةً مستنفِرهْ
حدَّثنا قبل ضَياعِ فمهِ
عن عُصْبةِ الناجينَ منهم
تَحفِرُ الأرضَ
لتبني جُحْرَها
تحتَ ترابِ المقبرهْ ...........[/align:3dedc46e64]