عبد المنعم جبر عيسي
10/10/2008, 10:51 AM
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده .
فإن للإفتاء خطر عظيم ، كبير الموقع .. فالمفتي وارث الأنبياء ، وموقع من رب الأرض والسماء ، وكان السلف الصالح يتورعون عن الفتوي ، ويودون لو أن غيرهم كفاهم خطرها ، ودفع عنهم شأنها .. لذا قال [ ابن عباس ] - رضي الله عنهما - : ( من أفتي في كل ما يسأل فهو مجنون .. ) ، وقال [ سفيان بن عيينة ] - رحمه الله - : ( أجسر الناس علي الفتيا أقلهم علما .. ) ، وقال [ الشعبي ] - رحمه الله - : ( إن أحدكم يفتي في المسألة ؛ لو وردت علي " عمر بن الخطاب " - رضي الله عنه - لجمع لها أهل بدر .. ) .
وروي عن [ ابن المنكدر ] أنه قال : ( العالم يتقدم بين يدي الناس إلي الله تعالي ، فلينظر كيف يدخل بهم .. ) .. ولظهور هذا الأمر ، وانتشار القول علي الله بغير علم ؛ والجرأة علي الفتوي ممن تزبب قبل أن يتحصرم ، وممن تصور قبل أن يتأهل ، كان لزاما علينا أن نبين أقوال العلماء ؛ فيمن يصلح للفتوي ، والأداب التي يجب أن يراعيها المفتي .
وقد صنف في هذا الباب علماء السلف - رحمهم الله - ك [ البغدادي ] و [ ابن الصلاح ] و [النووي ] وغيرهم لأهميته في الدين ، ومنزلته عند رب العالمين .
يقول جل شأنه : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون .. ) " الأعراف - ٣٣ " ، ويقول تبارك وتعالي : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون .. ) " النمل - ١١٦ " .
شروط المفتي :
١ - الإسلام :
وهذا الشرط أجمع عليه العلماء .. إذ أنه يخبر عن الله تعالي ، ويبلغ عن رسوله الأمين صلي الله عليه وسلم .
٢ - التكليف :
أن يكون بالغا عاقلا .. أهلا للفتوي .. فإن الصبي والمجنون لا يجوز لهما أن يتصدرا للفتوي .
٣ - العلم :
وهو شرط أكيد وركن وثيق ، بل هو من أهم الشروط .. قال [ البغدادي ] - رحمه الله - : ( يجب علي المفتي أن يكون عالما بالكتاب ؛ وما به من أحكام .. محكمة ومتشابهة .. عامة وخاصة .. مجملة ومفسرة .. ناسخة ومنسوخة .. ) .. وأن يكون عالما بسنة النبي صلي الله عليه وسلم ، من أقواله وأفعاله وتقريراته وطرق مجيئها في التواتر والآحاد والصحة والفساد ، وما كان منها علي سبب أو إطلاق .. وكذلك معرفة أقوال السلف وإجماعهم فيما أجمعوا عليه ، ومعرفة ما اختلفوا فيه وأسباب الإختلاف .
٤ - العلم بالقياس :
وذلك حتي يتسني له رد الفروع إلي الأصول ، والمقيس علي المقيس عليه ، ومعرفة علة الأحكام ، وأن يكون علي علم باللغة والأشعار ، وما يحتاج إليه في فهم العلم والسنة والقرآن الكريم .
٥ - العدالة في الأقوال والأفعال :
ويتحقق ذلك بأن يكون مستقيما علي دينه ، حافظا لمروءته وعدالته ، محافظا علي الواجبات ، تاركا للمحرمات والمكروهات ، متورعا عن بعض المباحات .
٦ - الورع :
وتجنب الحرام في المأكولات والمشروبات والمطعومات والتورع عن الشبهات .
٧ - الحلم والسكينة والوقار :
فالمفتي يجب أن يتحلي - إلي جانب العلم - بالسكينة والخشية ، والورع والزهد ، فلا يسخر ممن هو دونه ، ولا يهمز من فوقه ، ولا ينظر إلي ما في أيدي الناس ، فهو يستغني عن الناس والناس تحتاج إليه .
٨ - شهادة أهل العلم له :
وفي هذا يقول الإمام [ مالك ] - رحمه الله - : ( ما أفتيت حتي شهد لي سبعون أني أهل لذلك .. ) وقال أيضا : ( لا ينبغي للرجل أن يري نفسه أهلا لشئ ، حتي يسأل من هو أعلم منه .. ) .
الآداب التي يجب أن يتحلي بها المفتي :
بالإضافة إلي الشروط السابقة ، لمن يتصدر للفتوي ، هناك آداب يجب أن يتحلي بها ، وقد بينها العلماء .. يمكن تلخيصها فيما يلي :
١ - أن لا يتشدد فيما يسره الشرع ، ليظهر التمسك بالدين ؛ وغلبة الورع وشدة الفتوي واليقين .
٢ - أن لا يدل من يستفتيه إلا علي أهل العلم فإنه إن دل علي من لا يحسن الفتوي ، فقد تعاون علي الإثم والعدوان ، فلا بد أن يتحري من يدل عليه .
٣ - يجوز للمفتي أن يجيب سائله بأكثر مما سأل ، إذا تبين له حاجة السائل لذلك .. فإن النبي صلي الله عليه وسلم ، قد أجاب الرجل الذي سأله عن الوضوء من ماء البحر ؟ بأنه : ( الطهور ماؤه الحل ميتته .. ) فأجابه عن الميتة لعلمه بحاجة السائل لذلك ، وربما أشد من حاجته للوضوء .
٤ - الإحجام عن الفتوي إن خفي عليه وجه الصواب .. فالملائكة الأبرار قالوا : ( لا علم لنا إلا ما علمتنا .. ) "البقرة - ٣٢ " .
٥ - أن يكثر من الدعاء والإبتهال لرب الأرض والسماء أن يهديه للصواب وأن يوفقه للسداد .. وأن يكثر من دعاء : ( اللهم رب جبريل ومكائيل وإسرافيل ؛ فاطر السموات والأرض ؛ عالم الغيب والشهادة ؛ أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلي صراط مستقيم ) .
٦ - أن يفتي بالحق ولو أغضب أصحاب الدنيا ، وما موقف الإمام [ أحمد بن حنبل ] - إمام أهل السنة - بخاف علينا ، عندما تحمل الجلد في فتنة خلق القرآن .. فنيل رضا الرحمن في سخط أصحاب الدنيا ؛ أهل البدع والأهواء وأتباع الشيطان .
٧ - أن يرجع عن الخطأ إذا تبين له الصواب .. فهو في الحالتين مأجور إن كانت الفتوي عن اجتهاد ، والرجوع إلي الحق خير من التمادي في الباطل ، حتي لا يعرض نفسه لشديد العقاب .
٨ - أن يختصر الجواب ، ولا يدع الإطالة فيما يحتاج إليه البيان .. ولكل مقام مقال .. والمهتدي من هداه الله إلي الحكمة وفصل الخطاب .
والله الهادي إلي سواء السبيل .
{ منقول - بتصرف يسير }
فإن للإفتاء خطر عظيم ، كبير الموقع .. فالمفتي وارث الأنبياء ، وموقع من رب الأرض والسماء ، وكان السلف الصالح يتورعون عن الفتوي ، ويودون لو أن غيرهم كفاهم خطرها ، ودفع عنهم شأنها .. لذا قال [ ابن عباس ] - رضي الله عنهما - : ( من أفتي في كل ما يسأل فهو مجنون .. ) ، وقال [ سفيان بن عيينة ] - رحمه الله - : ( أجسر الناس علي الفتيا أقلهم علما .. ) ، وقال [ الشعبي ] - رحمه الله - : ( إن أحدكم يفتي في المسألة ؛ لو وردت علي " عمر بن الخطاب " - رضي الله عنه - لجمع لها أهل بدر .. ) .
وروي عن [ ابن المنكدر ] أنه قال : ( العالم يتقدم بين يدي الناس إلي الله تعالي ، فلينظر كيف يدخل بهم .. ) .. ولظهور هذا الأمر ، وانتشار القول علي الله بغير علم ؛ والجرأة علي الفتوي ممن تزبب قبل أن يتحصرم ، وممن تصور قبل أن يتأهل ، كان لزاما علينا أن نبين أقوال العلماء ؛ فيمن يصلح للفتوي ، والأداب التي يجب أن يراعيها المفتي .
وقد صنف في هذا الباب علماء السلف - رحمهم الله - ك [ البغدادي ] و [ ابن الصلاح ] و [النووي ] وغيرهم لأهميته في الدين ، ومنزلته عند رب العالمين .
يقول جل شأنه : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون .. ) " الأعراف - ٣٣ " ، ويقول تبارك وتعالي : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون .. ) " النمل - ١١٦ " .
شروط المفتي :
١ - الإسلام :
وهذا الشرط أجمع عليه العلماء .. إذ أنه يخبر عن الله تعالي ، ويبلغ عن رسوله الأمين صلي الله عليه وسلم .
٢ - التكليف :
أن يكون بالغا عاقلا .. أهلا للفتوي .. فإن الصبي والمجنون لا يجوز لهما أن يتصدرا للفتوي .
٣ - العلم :
وهو شرط أكيد وركن وثيق ، بل هو من أهم الشروط .. قال [ البغدادي ] - رحمه الله - : ( يجب علي المفتي أن يكون عالما بالكتاب ؛ وما به من أحكام .. محكمة ومتشابهة .. عامة وخاصة .. مجملة ومفسرة .. ناسخة ومنسوخة .. ) .. وأن يكون عالما بسنة النبي صلي الله عليه وسلم ، من أقواله وأفعاله وتقريراته وطرق مجيئها في التواتر والآحاد والصحة والفساد ، وما كان منها علي سبب أو إطلاق .. وكذلك معرفة أقوال السلف وإجماعهم فيما أجمعوا عليه ، ومعرفة ما اختلفوا فيه وأسباب الإختلاف .
٤ - العلم بالقياس :
وذلك حتي يتسني له رد الفروع إلي الأصول ، والمقيس علي المقيس عليه ، ومعرفة علة الأحكام ، وأن يكون علي علم باللغة والأشعار ، وما يحتاج إليه في فهم العلم والسنة والقرآن الكريم .
٥ - العدالة في الأقوال والأفعال :
ويتحقق ذلك بأن يكون مستقيما علي دينه ، حافظا لمروءته وعدالته ، محافظا علي الواجبات ، تاركا للمحرمات والمكروهات ، متورعا عن بعض المباحات .
٦ - الورع :
وتجنب الحرام في المأكولات والمشروبات والمطعومات والتورع عن الشبهات .
٧ - الحلم والسكينة والوقار :
فالمفتي يجب أن يتحلي - إلي جانب العلم - بالسكينة والخشية ، والورع والزهد ، فلا يسخر ممن هو دونه ، ولا يهمز من فوقه ، ولا ينظر إلي ما في أيدي الناس ، فهو يستغني عن الناس والناس تحتاج إليه .
٨ - شهادة أهل العلم له :
وفي هذا يقول الإمام [ مالك ] - رحمه الله - : ( ما أفتيت حتي شهد لي سبعون أني أهل لذلك .. ) وقال أيضا : ( لا ينبغي للرجل أن يري نفسه أهلا لشئ ، حتي يسأل من هو أعلم منه .. ) .
الآداب التي يجب أن يتحلي بها المفتي :
بالإضافة إلي الشروط السابقة ، لمن يتصدر للفتوي ، هناك آداب يجب أن يتحلي بها ، وقد بينها العلماء .. يمكن تلخيصها فيما يلي :
١ - أن لا يتشدد فيما يسره الشرع ، ليظهر التمسك بالدين ؛ وغلبة الورع وشدة الفتوي واليقين .
٢ - أن لا يدل من يستفتيه إلا علي أهل العلم فإنه إن دل علي من لا يحسن الفتوي ، فقد تعاون علي الإثم والعدوان ، فلا بد أن يتحري من يدل عليه .
٣ - يجوز للمفتي أن يجيب سائله بأكثر مما سأل ، إذا تبين له حاجة السائل لذلك .. فإن النبي صلي الله عليه وسلم ، قد أجاب الرجل الذي سأله عن الوضوء من ماء البحر ؟ بأنه : ( الطهور ماؤه الحل ميتته .. ) فأجابه عن الميتة لعلمه بحاجة السائل لذلك ، وربما أشد من حاجته للوضوء .
٤ - الإحجام عن الفتوي إن خفي عليه وجه الصواب .. فالملائكة الأبرار قالوا : ( لا علم لنا إلا ما علمتنا .. ) "البقرة - ٣٢ " .
٥ - أن يكثر من الدعاء والإبتهال لرب الأرض والسماء أن يهديه للصواب وأن يوفقه للسداد .. وأن يكثر من دعاء : ( اللهم رب جبريل ومكائيل وإسرافيل ؛ فاطر السموات والأرض ؛ عالم الغيب والشهادة ؛ أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلي صراط مستقيم ) .
٦ - أن يفتي بالحق ولو أغضب أصحاب الدنيا ، وما موقف الإمام [ أحمد بن حنبل ] - إمام أهل السنة - بخاف علينا ، عندما تحمل الجلد في فتنة خلق القرآن .. فنيل رضا الرحمن في سخط أصحاب الدنيا ؛ أهل البدع والأهواء وأتباع الشيطان .
٧ - أن يرجع عن الخطأ إذا تبين له الصواب .. فهو في الحالتين مأجور إن كانت الفتوي عن اجتهاد ، والرجوع إلي الحق خير من التمادي في الباطل ، حتي لا يعرض نفسه لشديد العقاب .
٨ - أن يختصر الجواب ، ولا يدع الإطالة فيما يحتاج إليه البيان .. ولكل مقام مقال .. والمهتدي من هداه الله إلي الحكمة وفصل الخطاب .
والله الهادي إلي سواء السبيل .
{ منقول - بتصرف يسير }