المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع حجة العرب وأمير البيان



بنت الشهباء
15/08/2008, 10:25 PM
من مكتبتي اخترت لكم
http://www.alrassedu.gov.sa/index/forum/uploaded/3939_01197831882.gif
الزعيم مصطفى كمال :
" سيأتي يوم إذا ذكر فيه الرافعي ، قال الناس : هو الحكمة العالية ، مصوغة في أجمل قالب من البيان"
الأستاذ العقاد :
" إني كتبت عنه ـ أي عن الرافعي ـ أن له أسلوباً جزلاً ، وأن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كتاب العربية المنشئين "
وقال عنه أحمد زكي باشا الملقب بشيخ العروبة:
" لقد جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير، وهوجو كما للفرنسيين هوجو، وجوته كما للألمان جوته".
إنه حامل لواء الأصالة , وأمير القلم واللسان ...
رافع راية البلاغة وإمام البيان ..
المتفرّد في كتابة الرسائل الأدبية التي يفوح منها عبق الحب والسمو والجمال وفصاحة اللسان ..
ولمن أراد أن يعرف هذا العلم الشامخ من أعلام الأدب العربي
فله في مجموعته خير دليل وبرهان
ومن مكتبتي
اخترت لكم من مجموعته الثرّة الغنيّة

http://www.rwafee.com/up/uploads/913248ca81.jpg


أوراق الورد
رسائلها ورسائله
تأليف مصطفى صادق الرافعي
الناشر دار الكتاب العربي
بيروت – لبنان
عدد الصفحات: 260
وقد جاء على لسان محمد سعيد العريان
في مقدمته تحت عنوان
كانت قصة حب
"من أراد أوراق الورد على أنه قصة حب في رسائل لم يجد شيئا , ومن أراده تسلية وإزجاء الفراغ لم يجد شيء , ومن أراده نموذجا من الرسائل يحتذيه في رسائله من يحب لم يجد شيئا , ومن أراده ( قصة قلب ) ينبض بمعانيه على حاليه في الرضى والغضب , ويتحدث بأمانيه على حاليه في الحب والسلوان وجد كل شيء .
إن أوراق الورد منجم من المعاني الذهبية , لو عرفه المتأدبون من شبابنا لوضعوا يدهم على أثمن كنز في العربية في معاني الحب والجمال يكون لهم غذاء ومادة في الشعر والبيان ".
أما ما جاء على لسان أمير البيان
مصطفى صادق الرافعي
في مقدمة الكتاب عن سبب تسميته " أوراق الورد "
"كان معها ذات يوم وردة لا أدري أيتهما تستنشي الأخرى فجعلت لها ساعة من حفاوتها تلمسها مرة صدرها ومرة شفتيها ...
ثم دنت الشاعرة الجميلة فناطت ولادتها إلى عروة صاحبها فقال لها :
وضعتها رقيقة نادية في صدري , ولكن على معان في القلب كأشواكها ..فاستضحكت وقالت :
فإذا كتبت يوما معاني الأشواك فسمها (( أوراق الورد )) وكذلك سماها !..
http://farm3.static.flickr.com/2028/2497400465_9a4eed1e9c.jpg?v=0
وما أحسب حب هذا الشاعر وتلك الشاعرة قد كان في كل حوادثه إلا تأليفا من الأقدار لهذه الرسائل بمعانيها , حتى إذا كسيت المعاني ألفاظها , انبثقت كالنور وصدحت كالنغم وجاءت كإشراق الضحى , لتناسم الأرواح بعبارات صافية من روح قوية فرض عليها أن تحب , فلما أحبت فرض عليها أن تتألم , فلما تألمت فرض عليها أن تعبر , فلما عبرت فرض عليها أن تسلو ..!"
فكانت رسائلها ورسائله التي تحدّث عنها من أرقى وأسمى فن المكاتبات والمراسلات في فلسفة الجمال والحب محاطة بفصول يعجز القارئ على فهم هذا الحب العجيب اليائس الذي كان من طرف واحد .
ونراه ينادي على قلبه ليدوّن لنا التاريخ لغة الحب في أجل معانيها النفيسة بما فيها من
شعل مضطرمة تلتهب بلهيب الشوق , وألم وعذاب الهجر
كان لي قلب , فيا عجبي = ليس في جنبي سوى أثره
ضاع من فابحثوا تجدوا = في ابتسام الحسن أو نظره
ويحه قلبا أعيش على = صفوة عيشي على كدره
يرتقي كالنسر ثم ترى = مرتقاه عين منحدره
*****
ههنا قلب وحامله = ميت الأمن على حذره
ذاب ذوب العطر مذ وقدت = للهوى نار على زهره
ضرّه ما كان منفعة = نفعه ما كان من ضرره
عابس كالليل . ليس به = أمل إلا سنا ( قمره )
*****وكأننا هنا نسمعه يردد أشعر بيت في الغزل من شعر المحدثين لبشار بن برد
أنا والله اشتهي سحر عيني = ك وأخشى مصارع العشاق


أمير البيان في هذا الكتاب الفريد ينثر لنا خواطره ورسائله وهو يسمو بها فوق المادة ولا يأمل إلا أن يسجّل لنا خيالاته المستعرة من وحي الإلهام المنسجم فيما بينهما
وما أجمل ما قاله :
"أنت علمتني بحبك أن هذا الكون على اتساعه موضع خاص بقلبي وحده , فما اتسعت اللغة في مذهب تعبيرها ففي قولك إني أخطأت معنى خاص بي وحدي يا حبيبتي ..
وإذا ابتسمت وقلت إني أخطأت , فتلك ألفاظ مبتسمة من دلالها , وإذا عبست وقلت إني أخطأت , فتلك ألفاظ متعنتة من دلالها , إذن فاعلمي أن في كلمات غضبك معنى كذلك أراه لي وحدي يا حبيبتي ..
وكلام الكبير مع الطفل يكون بلغة واحدة وهو في الحقيقة بلغتين لمعنى عاجز في الطفل , وكلام الحبيب مع المحب بلغة واحدة هو كذلك بلغتين لمعنى قادر في المحب . فالمعنى المفهوم من إحدى اللغتين في قولك إني أخطأت , هو يا حبيبتي لي وحدي وكما أفهمه أنا وحدي ...
وإدلالك عليّ برهان خاصيتك مني , فلم لا يكون اتهامك إياي برهان خاصيتي منك ؟
سأتذلل لك يا حبيبتي وسأرضيك وسأطيعك و... وسأخطئ ...!"
ويختم رسائلها ورسائله بعنوان
والسلام عليها
فيعترف لها بأن الحقائق السامية التي تعشقها روحه وفكره لا يمكن لها أن تدخل عالم النسيان بالرغم من قسوة وألم الهجران ...
" .. ولا أقول إن ما كان في النفس جنونا وعقلا من معاني الحب قد رجع في النسيان كالكلمة المكتوبة على ورقة حبس في الورقة معناها إلى أن يوجد من يقرؤه فيخرجه .
... ولا أقول إنه قد اختفى من ذلك الوجه برهانه الذي كان يقوم بسحره الساحر دليلا مقحما في كل قضايا الحبيبة المتناقضة , فلا تتوافى وهي متناقضة إلا على نتيجة واحدة هي أنها الحبيبة , مهما تأت أو تدع فليس بشيء منها على هوان .
... ولا أقول إن روضة الحب قد انتهت إلى أيامها المقشعرة التي تظهر فيها كل أشجارها حاملة من اليبس والتجرد إعلان آخر الفصل ..
... ولكني أقول ... والسلام عليها !"
فكانت النتيجة أن امتزج الحب مع الأدب في فصول هذا الكتاب الرائع لنشهد تحفة ثمينة من أجمل كنوز الرسائل الأدبية

د.ألق الماضي
20/08/2008, 05:18 PM
عرض مشوق يا أخية...
بورك مدادك...

ثروت سليم
20/08/2008, 08:16 PM
أختي الغالية / أمينة
كم أشعر باختياركِ دائماً
لأدبٍ متأدبٍ بالحكمةِ والجمال
وهمساتٍ صادقةٍ مِن بحر الحقيقة
أحييكِ على هذا الإبداع
مع ودي وتقديري
أخوكِ

بنت الشهباء
20/08/2008, 08:43 PM
عرض مشوق يا أخية...




بورك مدادك...


لك مني خالص الشكر والتقدير
يا أختي ألق الغالية


وهل من أحد يتوه عن أمير البيان , وأمير القلم واللسان
مصطفى صادق الرافعي يا أختي ألق!!؟؟...


سأعمل بإذن الله على عرض مجموعة روائعه في هذه الصفحة

بنت الشهباء
20/08/2008, 08:45 PM
أختي الغالية / أمينة

كم أشعر باختياركِ دائماً
لأدبٍ متأدبٍ بالحكمةِ والجمال
وهمساتٍ صادقةٍ مِن بحر الحقيقة
أحييكِ على هذا الإبداع
مع ودي وتقديري

أخوكِ




الشاعر المتألق
والمرهف الذوّاق
أخي الكريم
ثروت سليم
فوالله حقا إن مثل هذا العلم الشامخ أمير القلم واللسان , وحامل لواء الأصالة في الأدب العربي , ورافع راية البلاغة البيان لهو مكسب لمن أراد أن يتجول في واحة مجموعته التي ستبقى درره وكنوزه ذخرا لنا وللأجيال من بعدنا ..
وإنه لمن فضل الله ونعمه مكتبتي حوت مجموعته الكاملة منذ نعومة أظفاري , فكان المدرسة الأولى التي تمنيت أن أكون جديرة بها وأنا أتجول بين فصولها بكل أنواعها ..
من الرسائل الأدبية , مع تاريخ الأدبي العربي , وإعجاز القرآن ,وتحت راية القرآن , ووحي القلم ..
وما زلت آمل أن أحضن مجموعته وأعيد تلاوتها على مسامعي بين الحين والآخر , ولا أغيب عنها أبدا ...
وشعرت أن من واجبي أن نعيد للأذهان ما سطرّه هذا العلم الشامخ من روائع وكنوز ثمينة ...

بنت الشهباء
20/08/2008, 09:53 PM
ومما اخترته لكم من رسائل الرافعي الأدبية المتوهجة بروح المنى الحالمة التي تأبى إلا أن تحضن أوراق الورد لتنثر لنا عبق أنسامها , ونبض معانيها فيعانقها بلهفة وشغف كل من دخل صفحتها , ويعجب من هذا الشاعر المحبّ الذي استخلص لنفسه هذا الهوى , وبات جزءا لا يتجزأ منه .
قالت وقلت
http://www2.0zz0.com/2008/05/02/20/101715261.jpg
( هذه رسالة تجمع من كلامها وكلامه مما كان يتساقط به الحديث بينهما , وقد دوّنها في مجالس شتى , وكل فصل من هذه الفصول كان يصلح أن تبنى عليه رسالة طالت أو قصرت )
*****
في بعض القصص أن لإحدى الغابات ملكا يحكمها , وكان من شريعتها أن لا يتبوأ عرشها إلا من يذبح الجالس عليه .فالملك فيها أبدًا يقظان منتبه عيناه من سلاحه , ولا يزال السيف في يده مصلتًا ولو أن في كل إصبع من أصابعه سيفًا قاطعًا ثم غفلت عيناه غفلة لما نفعته عشرة أسياف , ولكانت إغماضته الموت لامحالة , ومع هذا الشقاء الحيّ فإنه يأتي إليه من يذبحه ليجلس في موضعه , أي ليتهيأ للذبح !
أما والله إن عاشق بعض النساء ..لكالجالس على هذا العرش كل لذته من بلائه أنه لم يذبح بعد ..!
*****
قالت له : لم أعدك شيئا !
قال : نعم لم تعديني بلسانك , ولكن وعدت بما فيك من الشفقة ما ترين فيّ من الاضطرار!
*****
عندما أراك لا أتمالك أن أطرب وأهتز , أفهناك ألحان من جمالك تنطلق فيّ.
*****
قالت له : كلماتي لا تتم بمعانيها ولكن بفهمك أنت لمعانيها!
*****
إنك تتكلمين ولا تعرفين أنّ وجهك ينقح فيّ معاني كلامك.
*****
العقل يدلّ على نفسه بالنظر في الكون ويعبر عن ذلك بأفكاره .
والقلب يدلّ على نفسه بالنظر في الحبيب ويعبر عن ذلك بأشواقه.
*****
كل كلمة فيها معناها , وحين تكون الكلمة منك يكون فيها من معناها ومنك ..!
**********
قالت : أنا في نفسي كما أنا , ولكني في حبك كما أرى , فأنا أكتشف نفسي الجميلة فيك , وبهذا أجد حبك من عظمتي وسروري َ.
*****
قالت : ينصح علماء القوة والرياضة للرجل القويّ ألا يغضب فيذهب على الأقل نصف قوته , وأنا أنصح لك أن تغضب فتزيد قوتك على الأقل بقدر نصفها ..َ*****
ليس في الحب مسافات , فالمتحابان مجتمعان دائما في فكرة وإن كان أحدهما في المشرق والآخر في المغرب .
*****
قالت له : إذا كنت تريدني سماء تستوحيها وتستنزل منها ملائكة معانيك فلماذا تنكر عليّ أن يكون لي مع أنواري سحاب وظلمة ورعد وبرق !
*****
من تأله الجمال أن الحبيبة لا تريد الحقائق من الطبيعة إليها بل من الطبيعة إلى محبها أول , ثم من المحب إليها بعد .., تريد في حقائق الكون شعور تقديس الله وشعورا آخر بتقديسها هي أيضًا ..! دولة ضعيفة : ولهذا لا يكون معه أبدًا إلا كالمستعمرة ...


http://sl.glitter-graphics.net/pub/6/6061f3bht6jc7i.gif
أوراق الورد
مصطفى صادق الرافعي

بنت الشهباء
13/10/2008, 04:27 PM
أوراق الورد

http://www.rosehost.info/files/ip92x8jvyzow0ll9q1li.jpg
هو
النسيم العليل
لمن أراد أن يتجوّل بين جنبات دوحته الغنّاء
التي لا يمكن إلا وأن تنثر عبيرها الفوّاح بأطايب الكلم لنا وللأجيال من بعدنا لنسعد برقّة حروفها , ونشدو مع عذوبة رقتها أجمل سيمفونية عزف على أوتارها أهل الهوى النظيف والحب ّ.
و مما اخترته لكم ما نثره لنا فارس القلم, وأمير البيان واللسان
مصطفى صادق الرافعي
من كتابه " أوراق الورد "
وزدت أنك أنت
تالله لو جددوا للبدر تسمية = لأعطي اسمك يا من تعشق المقل
كلاكما الحسن فتاناً بصورته = وزدت أنك أنت الحب والغزل
وزدت يا حبيبتي أنكِ أنتِ
وفي نظرات عينيك الساحرتين أرى لمحات منبثة من الإرادة المسيطرة وراء الأشياء , تفعل مثل فعلها الجبار وراء عواطفي .
واليقين الذي دليله الإيمان والتسليم , أحسه إحساساً في نظري إليك وفي نظرك إليّ , كأني أتحول معك إلى إقرار .
والمعنى العجيب الذي يفتن فتنته درية اللؤلؤة الثمينة , ويسحر سحراً نورانياً في الماسة الكريمة النادرة , هو بفتنته وسحره في نسويتك الجذابة , غير أنه اتخذ من أشياء الطبيعة أبدع ما ينظر فيه , واتخذ منك أنت أجمل ما يعقل فيه .
ولو ولد النور لكان وجهك الجميل المشرق , ولو ولدت الكهرباء التي هي سرّ النور لكانت أسرار عينيك , ولو توّلدت القوة التي هي سرّ الكهرباء لكانت فتنة حبك , وكل المعاني التي في نفسي لا تتخذ صورها إلا منك لأنك بجملتك تمثال الشعر .
وفيك المعاني التي تقول : أين كلماتي ؟.
وفيّ أنا الكلمات التي تقول : أنت معاني !..
*****
في نفسي عالم أحلام من خلق عينيكِ الذابلتين ..
وفي نفسك عالم أسرار من خلق أفكاري المعذّبة .
خرجنا كلانا للحب والجمال من حدّ الإنسان إلى حدّ العالم .
وتحوّلنا كلانا بالهوى من حالة شخص إلى حالة عقل .
كيف تجدين ما في وإنك لتعلمين أنك في ؟.
أما أنا فأجد كل ما فيك حلواً حلواً لأنّ طعمه حلو في قلبي !


*****
أنت وحدك أذقتني نشوة الظمأ إلى الأسرار القلبية , بما ذقته من لذّة ظمئي إليك ولهفته . وأريتني جمال الشعر في خيالاتي العطشى الحائمة أبداً على نهر النور من جسمك , وعلى ذلك النبع الأحمر الصغير , نبع الياقوت المتفجّر دائماً بابتسامة شفتيك , وجعلتني من وحي جمالك المتنزّل على قلبي أشعر أن هذا الجمال السماوي أنشأ فيّ صفة ملائكية ترفعني فوق إنسانيتي .
بهذه الصفة أراك في بعض ساعات قلبي تظهرين لي وكأنه سراً من الكون يتجلى بك ويقول لي من عينيك : المسني وانظرني فيها ...!
سرّ هادئ ناعم يتناثر في ألحاظك ألين من تنفس رشاش الأمواج المتطاير إلى بعيد : يكون كالهباء من البحر ومع ذلك فهو أثر قوته وجبروته .
فيك يا حبيبتي من أبدع محاسن الكون , وزدت أنك أنت الحب ...!
http://sl.glitter-graphics.net/pub/123/123943m6dpy81pdg.gif

يوسف أبوسالم
14/10/2008, 09:53 AM
بنت الشهباء
مساء الورد

ما أرق وأعطر هذه الهدية

التي أهديتها للمربد ولنا يا ابنة الشهباء

وما أظننا بمستطيعين الرد

على هذا السفر الثمين بمثله

حقا صدق فيك القول ...

إن الهدايا على مقدار مهديها

وما أظننا بمستطيعين

حتى ولو غمسنا أقلامنا بعد أن فضنناها

بمداد برزخي تبثه ناعورة ضوئية

وحتى لو جمعنا أورادنا وتراويدنا وتواشيحنا

وفككنا تأود أحرفها

وغمسناها بأجنحة ملونة منسوجة من لبوب الوشي

فهذا سحر متألق

وبيان متأنق

وطيبٌ معتق ممشوق

لا باهتٍ ولا مطروق

وهذا فوح من الريحان

وعندلةٌ من شجيّ شقائق النعمان

توضأت معانيه بهمس الأقحوان

سلي يا ابنة الشهباء

ما شئت من ضيوع

وما ترين من أضوء السطوع

فلن تجدي لديها بعض هذه الربوع

بوحٌ شفيف كأنما هو مطلق ريف

واختلاجاتٌ من رفيف

ينشد موّالها بارقٌ من حفيف

فبارك الله انتقائكْ
وحفظ الله شهبائكْ

بنت الشهباء
17/10/2008, 09:03 PM
بنت الشهباء



مساء الورد


ما أرق وأعطر هذه الهدية


التي أهديتها للمربد ولنا يا ابنة الشهباء


وما أظننا بمستطيعين الرد


على هذا السفر الثمين بمثله


حقا صدق فيك القول ...


إن الهدايا على مقدار مهديها


وما أظننا بمستطيعين


حتى ولو غمسنا أقلامنا بعد أن فضنناها


بمداد برزخي تبثه ناعورة ضوئية


وحتى لو جمعنا أورادنا وتراويدنا وتواشيحنا


وفككنا تأود أحرفها


وغمسناها بأجنحة ملونة منسوجة من لبوب الوشي


فهذا سحر متألق


وبيان متأنق


وطيبٌ معتق ممشوق


لا باهتٍ ولا مطروق


وهذا فوح من الريحان


وعندلةٌ من شجيّ شقائق النعمان


توضأت معانيه بهمس الأقحوان


سلي يا ابنة الشهباء


ما شئت من ضيوع


وما ترين من أضوء السطوع


فلن تجدي لديها بعض هذه الربوع


بوحٌ شفيف كأنما هو مطلق ريف


واختلاجاتٌ من رفيف


ينشد موّالها بارقٌ من حفيف


فبارك الله انتقائكْ


وحفظ الله شهبائكْ




أي والله ربي يا أخي الكريم
يوسف أبو سالم
إن ما اخترته لكم لأمير البيان واللسان
لهو سحر متألق , وبيان متأنق لا يمكن لمن دخل دوحة جنته إلا وينعم بعبق أزهاره الفواحة بأطايب الكلم , وبديع البيان الذي ملك ناصيته لينثر لنا دررا وجواهر مضيئة من عذبه السلسبيل , وأحاسيسه ومشاعره المرهفة التي ستبقى ذخرا لنا وللأجيال من بعدنا ...
ولن أتوقف – بإذن الله – عن هذه الصفحة التي كان لي جولات وصولات معها – وما زلت – وكم كنت أتمنى ومنذ نعومة أظفاري أن أصل ولو لجزء يسير مما وصل إليه عملاق الأدب , وأمير القلم واللسان

مصطفى صادق الرافعي , بعد أن قرأت مجموعته الكاملة , ومنّ الله علي بأن تتصدّر مكتبتي لأعود إليها بين الحين والآخر..

بنت الشهباء
13/11/2008, 12:10 PM
الأديب محمد عبد القادر المازني :


كتب عنه غداة وفاته يقول :
http://www.almostaneer.com/files/pics/14_02_07_03_47_03_fa28q12a20.jpg
" لقد كان يوصف في حياته بأنه حجة العرب ، وهذا صحيح وغير قليل من أدب الرافعي سيبقى على الأيام ، ما بقي للأدب ذكر ومقام .. وأحسبني لا أبالغ حين أقول إن له من آثاره ما لا يرقى إليه قلم في القديم أو الحديث ، وإن له صفحات عديدة في كل كتاب له ، يبلغ فيها ذروة البلاغة .. وقد كان رأيي فيه دائماً ، أنه أعلم أهل العربية ، وأوسع أدبائها اطلاعاً على علوم الدين .."
http://z03z.jeeran.com/wawa%20(15).gif
ولمن أراد أن يملك ناصية الإبداع , وموهبة الإنشاء , ويتقن فن الرسائل الأدبية
فما عليه إلا أن يدخل واحة حجة العرب , وأمير البيان
ومما اخترته لكم اليوم
" حديث القمر "
http://www.rwafee.com/up/uploads/62251aa08b.jpg
بقلم
مصطفى صادق الرافعي
لنطوف مع خيالاته و أحلامه , وكيف كان يساهر القمر ويناجيه , ويشدو أعذب وأرق الألحان معه فيذوب طربا مع بلاغته وبديع أٍسلوبه من خلال تجواله مع لألئ وكنوز حروفه , وينثر لنا في مقدمة كتابه الغرض والهدف من هذه الرسالة التي دعته إلى أن يصرف وجه الحديث للقمر ويسامره ..
http://hanoofa88.jeeran.com/hano2006.jpg
(( كتبتها وأنا أرجو أن تكون الطبيعة قد أوحت إليّ بقطعة من مناجاة الأنبياء التي كانت تستهلّ في سكون الليل فيَعيها كأنه ذاكرة الدهر , وأن تكون قد بثت في ألفاظي صدى من تلك النغمات الأولى التي كان يتغنّى بها أطفال الإنسانية فتخرج من أفواههم ممزوجة بحلاوة الإيمان الفطري , وتذهب السماء متهادية كأنها طائرة بروح من اطمئنان قلوبهم , وتسيل في ضوء الصباح وظلّ الشمس ونور القمر كأنها في جمال الطبيعة أفكار طيور مغردّة تدور على ألسنتها ...
....وكتبتها وأنا أطمع أن تكون الطبيعة قد نفخت فيها نسمة الحياة للعواطف الميتة المدرجة في أكفان الحوادث الدنيئة , فإن هموم العيش لا تميت عواطف القلوب إلا تلك التي لا تعرف كيف تستمد الحياة من روح الطبيعة , وإنما يكون استمدادها من مادتها فتحيا بخير وتموت بخير ...
... وكتبتها أتناول ألفاظها من تحت لساني وأكشف من قلبي معانيها وأنفض عليها ألوان الطبيعة التي تصوّر أحلام النفس وخيالاتها , وأنا أرجو أن أكون قد وضعت لطلبة الإنشاء المتطلعين لهذا الأسلوب أمثلة من علم التصوّر الكتابي الذي توضع أمثلته ولا توضع قواعده , لأن هذه القواعد في جملتها إلهام ينتهي إلى الإحساس , وإحساس ينتهي إلى الذوق , وذوق يفيض الإحساس , والإلهام على الكتابة جميعا فيترك فيها حياة كحياة الجمال , لا تداخل الروح حتى تستبد بها , ولا تتصل بالقلب حتى تستحوذ عليه فتكون له كأنها فكرة في ذاته .))
ويتابع أمير البيان مع فصول حديث سمره مع القمر لنشهد معه صفحة السماء كيف طرحت لنا أشعتها , والكون لبس قدسية حسنها حينما أشرق القمر وتربّع على صدرها
((..... والآن وقد رقّت صفحة السماء رقّة المنديل , أبلته قُبَل العاشق في بعاد طويل , أو هجر غير جميل , وتلألأت النجوم كالابتسام الحائر على شفتي الحسناء البخيلة حيرة القطرة من الندى إذ تلمع في نور الضحى بين ورقتين من الورد , وأقبل الفضاء يشرق من أحد جوانبه كالقلب الحزين حين ينبع فيه الأمل , ومرّت النسمات بليلة كأنه قطع رقيقة تناثرت في الهواء من غمامة ممزقة وأقبلت كل نفس شجية ترسل آمالها إلى نفس أخرى كأن الآمال بينها أحلام اليقظة , ونظر الحزين في نفسه , والعاشق في قلبه , ونام قوم قد خلت جنوبهم فليس لهم نفوس ولا قلوب , ولبس الكون تاجه العظيم فأشرق القمر ..))


ونراه في الفصل الثاني يجود علينا بتحفة نفيسة أعظم هداياها صفات الرجل الإلهي الذي لا يهاب ولا يخشى استبداد الملوك والطغاة , ولا يستسلم لأدعياء المنافقين والعملاء ..
(( أفتدري من هو هذا الرجل الإلهي ؟ هو الذي لا تعرفه الحياة ولا يعرفه الموت فلا يذلّ لأحدهما , تتبرّج له الحياة فلا تغرّه , ويتجهّم له الموت فلا يضرّه , ويُبتلى بكل ما يسوءُ ويسرّ فلا يسوؤه ولا يسرّه ...
هذا هو الرجل الإلهي الذي لا ينثني لأنه الحقّ , ولا ينحرف لأنه العدل , ولا يخاف لأنه البأس , ولا يضعف لأنه القوة , ولا يحيف لأنه الإنصاف , ولو تعلّق به أهل الأرض جميعا لمشى بهم مطمئنا لأنه في نفسه كقطعة من نظام السماء الذي يجذب الأرض في فضائها .))
ومن ثم نراه يدرس طبائع الفئة الباغية من الملحدين حينما يعلوها الكبر والغرور , وتفقد سيطرتها على نفسها وتخسر كل ما لديها وكأنها أسراب من الخفافيش لا تبصر الطبيعة بعينها الإلهية لأنها صماء قد أصابها الجنون من حرفة سخافتها فيقول :
(( لله منكِ أيتها الفئة الباغية ! العلم الذي لا يخلق ذبابة ولا أحقر من ذبابة ولكنه يجدها فيتفلسف ويقول لنا : كيف خلقت ؟ هو الذي يريدكم على أن تكذبوا بالخالق .
والعلم الذي ينتهي في كل شيء إلى حدّ من الجهل يريد أن يجعل القلب الذي هو سرّ الإنسان بلا نظام ؟
وقد زعموا أنهم أنشطوا الفكر من عقاله فكان من ذلك ما انتهوا إليه , وكأنهم يقولون : الدين الفلسفي هو في الحقيقة الرجل الحر فما بالهم إذن ينسون أن هذه الكلمة عينها تخرج لهم لو عقلوا أن الحرية هي في الحقيقة فلسفة الدين ؟
إن المتوحشين يقرّون بإله ولكنهم يعملون على أن يكونوا آلهته كما أنه إلههم , ويحاولون في كل شيء أن يتعبدوه بما يخيّل لهم أنه من السحر , والملحدون لا يبتغون ذلك فحسب ولكنهم يريدون أن يمحوه بتّة , أفليس هذا منتهى التوحش في القياس ؟)).
ومع الفصل قبل الأخير نجد أمير البيان وحجة العرب ينادي على القمر بحرقة وألم وهو يصف لنا الشرق المريض الذي طرحه الهم والفرقة والتجزئة , وانقلبت موازين المبادئ والقيم في حسابه , وانصدع الشمل بين الأصدقاء والأهل فنجده يقول :


ربّوا لذا الشرق يا قومي ممرّضة = تحنو عليه بإحساس ووجدان
تطبّه روحها مما ألمّ به = إذ تلعّب أهلوه بالأديان
ربوا له الأمّ يا قومي فلو وُجدت = في الشرق ما طاح في ذلّ ولا هوان
تلك التي ترفع الدنيا وتخفضها = بطفلها فهو والدنيا , بميزان
http://sl.glitter-graphics.net/pub/193/193359a7wuonb9i4.gif
يا بانياًً بقلوب الناس يجعلها = قصر الحياة , تبصّر أيها الباني
أسس على الحب , لا تلق القلوب سدى = وضعْ لكل فؤاد شكله الثاني
فلست تبني سوى دار إذا خربت = أركانها خربت من كل عمران
ونراه يختم فصول حديثه مع القمر الجانح إلى المغيب مع أرق نسمات الفجر العليل في طلعته البهية وهو يهمس لنا أجمل وأعذب سيمفونية عرفها تاريخ المحبين فيرسم لنا أجلّ صور الحب التي لا يمكن أن يعرفها إلا من استلت روحه كل جوانبها ..
(( أيها القمر الذي هو تاريخ النور على الأرض والذي يشرق على الطبيعة بجلال وهيبة وكأنه يرسل إلى هذه الأرض في كل شعاع نظرة ملك من الملائكة لتعزية قلب من القلوب المتألمة المحزونة .
أيها القمر الجانح إلى المغيب في نسمات الفجر كأنه جناح الحب يخفق به في الفضاء على هواء عليل من الزفرات والتنهد .
أيها القمر ! أيها القمر ! ليس شيء أقوى من الحق , ولكن الشريعة في يد الظالم تجعل الباطل أقوى منه , وليس شيء أعنف من البغض , ولكن الجمال الذي يتولاه اصطلاح الناس يجعل الحب أقسى منه .
فبالله كم تحلم قوة الإنسان بالحرية وكم يحلم شبابه بالحب ثم يستيقظ الإنسان لطالعة من الحوادث فلا يجد من نفسه وقلبه إلا ما يحدّه ويصفه أهل التشريع وأهل التشريح , وتغيب تلك الأحلام الإلهية كلها بغياب الوجه الجميل الذي بعث فيه القوة من عينيه والشباب في فمه , كما تغيب الآن كل أحلام السعداء معك أيها القمر بعد أن طلع عليها الصبح كأنه أشعة الحياة التي جمعها الليل من أعين النائمين !)).
http://z03z.jeeran.com/wawa%20(15).gif


من إعداد وتقديم : أمينة أحمد خشفة
بنت الشهباء

بنت الشهباء
18/11/2008, 06:05 PM
وما زلنا مع
حديث القمر
http://zoom.maktoob.com/showImage.php?setID=&groupID=&showPrivate=&ImageID=182095&size=500
مقتطفات من روائع حجة العرب وأمير البيان
ومما اخترته لكم من الفصل السادس وهو ينثر لنا درره عن معاني الطبيعة الفاتنة الخلاّبة التي أحالت محاسنها ليبدو لنا وجهها أضوأ من القمر فتبدو وكأنها حورية فاتنة انثنى جمال الكون أمام بابها ليهنأ ويسعد به كل من دخل معبدها ..
ونراه يعجب من جماعة الملحدين الذين لا يرون فتنة الطبيعة وجمالها فيقول :
(( يقول الملحدون إن الطبيعة الجميلة تغضب وتحنَق ، لأنهم لا يريدونها إلا خادمة فلا ينظرون إلى جمالها ، بل إلى أفعالها ، ويقول المؤمنون الذين لا يرون في كل شيء مظهرا للإيمان ، إن غضب الجميل نوع من جماله ، فلتغضب الطبيعة ولتتورد الوجنات وليتطاير السّحر من اللحظات ولينبعث الصوتُ الصارخ الرهيب من الروح بدون أن يصفيه القلب ، ليكن ذلك وما أشبه ذلك من روعة الغضب ، فإننا نريد أن نبصر الحسن كيف يتحول في غضبه جليلاً بديعاً ، كما رأيناه في الرضى ليناً وديعاً ، وكيف تظهر فيه الروح قلقةً لا تطمئن ، كما ظهر فيه القلب يتأوه أو يَئن ، ونريد أن نرى ولو مرة واحدة انطباق صفتين جميلتين لم يفارقهما الابتسام ، فإن ذلك منهما ولا غرْو ابتسامٌ جديد .))
ومن ثم نراه يفرد لنا تفسيرا لمصطلح الجمال ، ويبين لنا وصفا رائعا له :
(( الطبيعة جميلة ، بل هي فوق أن تكون جميلة ، لأن هذه اللفظة ( الجمال )واحدة من الاصطلاحات المبهمة التي تمثل قصور الإنسان اللغوي ، فقد تعاون أفراد هذا الإنسان الضعيف على أن يخلقوا الطبيعة خلقة معنوية فصوّروها باللغة وضبطوها على عِظمها كما يضبط تاجر اللؤلؤ حساب ما في حقيبته الصغيرة لا حساب ما في البحار ، وجَروَا في أكثر المعاني السامية هذا المجرى . فربّ معنى تجده ملءَ السموات والأرض وما تجد له صفة تحدّ إلا وهي حدّ لصفة أخرى ، ومع ذلك تراهم يدمجونه في لفظة واحدة مقتضبة لا ليعرف بها معرفة صحيحة تصفُه كما هو ! ولكن ليؤثر التأثير الذي يقوم في الإنسان مقام المعرفة الصحيحة ، فإن الناس يعيشون بهذا التأثير في معظم أمورهم ويعتدّونه علما وإحاطة .وهذه اللغة الناقصة التي تصوّر الطبيعة وتحدّها ، هي في ذلك كالعين التي ترى الطبيعة لتصفها باللغة – وما اللغة في الحقيقة إلا نظر عقلي بل هي ألفاظ النظر – وما العين من الطبيعة إلا كالمرآة التي تقابلك بالشيء كما هو لتفهمه أنت كما تريد .))
وما أجلّ ما أتى به وهو يخاطب الإنسان ليرى جمال الطبيعة كما هي :
(( إذا أردت أيها الإنسان أن ترى جمال شيء من الطبيعة فاجعل عينيك أقرب إليه من فكرك ، بل انزع فكرك هذا ، إلا الخفيف منه كما تنضو ثيابك إذا طلبت السباحة في البحر ، وإلا الطاهر منه كما تخلع نعليك إذا أردت الصلاة في المسجد ، وإلا الصافي منه كما تخلع نعليك إذا أردت الصلاة في المسجد ، وإلا الصافي منه كما تطرح شغل قلبك إذا وقفت بين يدي الله ، فإن أنت سبحت بثيابك فإنها تمثل الإلحاد ، وإن واجهت ربك وأنت مشغول بنفسك عنه فإنما تمثل نفاق الشيطان ، وإن نظرت إلى الطبيعة من فكرك الماديّ فإنما تمثل العَمى الطبيعي ..))
وبعدها نراه يبين لنا قيمة الجمال من خلال النفوس التي لا تعرف في قاموسها إلا الحب والخير
(( فلولا النفوس التي تدرك قيمة الجمال ما وجدت على الأرض نفوس تدرك قيمة الخير ، وهل الخير إ‘لا بعض من جمال النفس ؟
لله أنت أيتها الطبيعة الجميلة ، ولله جمالك الفتان الذي يترك من حسنه بقية في كل عين تحدّق إليه فتجعل كل شيء تصادفه جميلا ، كما يثبت المرء عينه في ساطع من النور هنيهة ثم يلتفت يمنة ويسرة فإذا كل شيء فيه شعاع من ذلك النور .
ولله ابتسامتك الذي ترتوي منه النفوس ويخلق منه الحب والخير ، وأراه في كل زهرة تفوح , وفي كل نجم يلوح ، وفي هذا القمر الذي يتصبى الروح كأنه طلعة حبيبة الروح ، وأراه في غير ذلك من صفات الجمال التي تفيض عليها هذه النعمة السماوية لتنطق منها بأبلغ ما تفهمه النفوس من المعاني كما تنطق الحسناء حين تبتسم وهي لم تتكلم .
ولكن آه أيها القمر ! إن لهذا الابتسام روحا هي الخالص النقي منه ، بل الذي لا يقال في غيره خالص أو نقي ، فإذا أردت أن تشهد روح الابتسام يتلألأ في غرّتك فانظر إلى تلك التي لم تلبس من حريرك الأبيض غانية أجمل منها في ليلة من ليالي الحب ، وتأمل بربك أيها القمر كيف تتحرك بروح الابتسام في شفتيها الرقيقتين حياة الهوى .))
http://www.rwafee.com/up/uploads/cd94c17959.gif

بنت الشهباء
22/11/2008, 02:30 PM
ومرة ثالثة أعود إلى
http://www.rwafee.com/up/uploads/62251aa08b.jpg
حديث القمر
ومع الفصل الرابع لحجة العرب وأمير البيان وهو ما زال يسامره ، ويرصد لنا سحر جمال الطبيعة ليبين لنا
وجه الاختلاف ما بين الشاعر الصحيح وهو يطلق عليه أجل الأسماء وأسماها فيصفه بـ" رجل الكمال الإنساني " ذلك لأنه يستلّ جمال شعره من الطبيعة الفاتنة التي تفيض بنور الفجر ، وبهاء الحكمة ، وألحان الملائكة ، ومناغاة وشدو الطيور ..وبين الشاعر الزائف الذي أصابه جنون العظمة ، وطيش الكلمة التي اصطبغ لونها بالغرور والكبر فانحدرت يمنة ويسرة لتزيين الباطل وتزويقه ، وذمّ الحق وتقبيحه ولم يع هذا المغرور أن كلمته ستكون وبالا عليه بعد أن زاغ بصره ، وتاه عن مهمة أداء وواجب رسالته ...
لنسمع معا ما قاله أمير البيان " مصطفى صادق الرافعي " :
http://www.alrassedu.gov.sa/index/forum/uploaded/3939_01197831882.gif
(( أنت يا قمري الجميل راية السلام الإلهية البيضاء ، لا ترفع للنهار حتى يُغمِد حسامَ الضياء في جفنه الأسود ، وتسكن غمغمة الحرب التي يتقاتل أهلها على الحياة ، وتنطبق أجفان الناس فكأن كل جفنين إنما يمثلان حياة امرئ زمّت شفتيها كيلا تنزعج ملائكة السماء بهذه الأصوات الوحشية المنكرة التي تنبعث من فم النهار فتُقبل على التسبيح لله ، وتقبل الطيور وهي ملائكة الطبيعة على المناغاة ، ويقبل العشاق وهم ملائكة الناس على الفكر والنجوى ، ويقبل الشعراء من وراء أولئك جميعاً فينظمون الشعر الإلهي الذي تمتزج فيه ألحان الملائكة بأنغام الطيور وآهات العشاق ، فيمتلئ من أسرار الفكر والعاطفة والقلب ويكاد يُخلق منه العقل ، وترى فيه الروح باباً من أبواب السماء كأنه الطهارة ، وكِنّاً من أكنان الطبيعة كأنه القناعة ، ومنفذاً من منافذ القلوب كأنه الحبّ فإذا هي بالسماء والأرض بين كلمات ، وإذا كلمات تملأ بين السماء والأرض ، ثم ترى الفكر الإنساني قد استحال إلى أمواج من الخيال ويجري فيها القلب كأنه زورق من الزوارق فتثيب إليه وما هو إلا أن يحتويها حتى تتناول مِجدافه البديع المصنوع من جواهر العواطف والذي لا يبرح ملتصقاً به كأنه يد الحسناء على قلب عاشقها ، ومن ثم يجري بها في بحر الجمال الذي تشبه السماء كلها موجة من أمواجه الأبدية ، الذي لا ساحل له إلا نور الفجر والذي يخيّل إليّ أنك أنت أيها القمر جزيرة تلوح فيه على بعد .
لا كهذا الشعر البارد الثقيل الذي تفرغه ...أفواه بعض شعرائنا ..المشهورين ...وكأنّ ألفاظه قضقضة الأسنان من شدّة البرد ، وكأنّ معانيه العذبة ماء يستساغ على الريق ، وإذا بلغت به الحماسة المنطقية ....رأيته فاتراً كأنّما يتثاءبون به ، وإذا أراد أحدهم أن يضع روحه في بيت من الأبيات ولو انطرح بعده جثة باردة ....خرج هذا البيت رغم أنفك حارّاً كما شاء وانصرف عن أنفك وأنت تتنسم كأنّ ما فيه من روح إنما خرج إليه من تحت إبطه ..
http://www.jaralqamr.com/smiles/smile_files/smile2_data/1021.gif
الشاعر الصحيح رجل الكمال السماوي ، لأن الشعر إذا لم يكن مع الشرائع كان عليها ، وفي ذلك فساد كبير ، والشعراء أنفسهم كالشرائع تكون لمن يشاء أن تكون لها ، وهم يحكمون النفوس بالحب ...
http://www.jaralqamr.com/smiles/smile_files/smile2_data/1021.gif
فالشاعر الزائف كالدينار الزائف : كلاهما لا يجوز على أحد إلا مع الغفلة ، وكلاهما رذيلة في نفسه بالغش ومصيبة على غيره بالخسارة .
وإنّ الذباب ليقع على الزهر كما يقع النحل ليجني العسل ، وإنه ليطّنُ في الروض كما تغرّد الطيور لترقيص قلوبها الصغيرة ، ثم يطير عن الزهرة ذباباً كما وقع ويسكت ذباباً كما طنّ ، وكيفما نظرت إليه لا تراه إلا ذباباً ، ولكنه من الطير ، ولكنهم من الشعراء !.
http://www.jaralqamr.com/smiles/smile_files/smile2_data/1021.gif
وإني كما أغمض عيني حين يوجهني الإعصار الأحمق الذي ينفض بساط الأرض في وجه السابلة أراني منذ الساعة قد أغمضت عيناً في قلبي تطلّع على الحقيقة ، فإنّي لم أكد أرفع كأس الحكمة المعسولة لأحتسيها ولم تكد تقارب شفتيّ حتى تهافت عليها ذباب تلك الأخلاق ، فأحرزتها جانباً لتسكن نفسي بعد أن خبُثت من منظر هذه الظلال السوداء التي هي أجسام نفسِها وظلالها معاً.
فاحمل إليّ أيّها القمر قطرة من ندى الروح الجميلة الذي ينسكب في أنفاس تلك الحبيبة وأرسلها إلى كأسي في قناة من أشعتك السحرية حتى تمنزج بالحكمة على شفتي فكأني أتناول هذه الحكمة من ثغرها البسّام .
http://www.jaralqamr.com/smiles/smile_files/smile2_data/1021.gif

بنت الشهباء
20/02/2009, 06:03 PM
ومن روائع أمير القلم واللسان اخترت لكم
قطعة فريدة
http://up.arab-x.com/pic/D9d53684.jpg
من التاريخ الغزلي
في فنها البديع تترجم لنا ما تملّك قلب صديقه العاشق من لجام الهجر ولوعة مرارته ، والتي أوحت إليه بهذه الرسائل الأدبية البديعة والمزدانة بأسلوب رائع ورصين لتكون منارة مضيئة لمن أراد أن يفهم أسرار هذا الفن ويتمكن من سلامة صنعة القلم فيملك جمال بيانه ومعجزة بلاغته ...
وإن من يقف أمام محراب كلماته وأسلوب سجعه وروعة بيانه ، ويعرف ويتذوق بلاغة لغة روحه يدرك أنه أمام رائد من أئمة الفكر العربي الذي لا يمكن أن ينال منه نائل مهما بلغ مبلغه من فنون الأدب ..
ومع رسائل الأحزان هذه نجد الرافعي - رحمه الله - كان حريصا أن يحافظ على اللغة وأصالتها بأسلوب بلاغي منقطع النظير وهو يروي لنا نفحات الحبّ التي خطفت روحه ؛ وكأنها تاريخ حزن ألبسه بعض بعضه بعد أن وصل به العمر لعقد الأربعين فيزداد حكمة وإنسانية ، ويعترف بأن مصيبة كل رجل ما علم أنه كان طفلاَ كما جاء في مقدمة كتابه :
قال لي هذا الصديق يوما : إني قد بلغت أربعة عقود ولكنها فيما عانيت كأنما تضاعفت إلى أربعين عقدا ؛ وقد انتهيت من دهري إلى السنّ التي ينقلب فيها الآدميّ من وَفرة قوة الحكمة ليثاً ويرجع من قوة الحكمة نبيّاً ويعود من تمام العقل إنساناً . غير أن هذه الأربعين بما تَعَاوَرتْ عليّ قد هدم فيّ بعضها بعضاً ، فإن أكن بناءً فذلك صرْحٌ ممرّد عمل فيه أربعون مِعولاَ فما أبقت حجراً على حجر ؛ وإن أكن حومة فقد اعترك فيها للأقدار جيشاً فما تؤرّخ بنصر ولا هزيمة . يا ويلتا من هذه الدنيا . إنّ مصيبة كل رجل فيها حين يصير رجلا أنه كان فيها طفلاً وما علم أنه كان طفلاً .
http://fawaz518.jeeran.com/فاصل4.gif
ومن ثم يتابع في مقدمة رائعة رسائل الأحزان ليبيّن لنا تجربة صديقه في الحب فيستمطر سحب مشاعره الجيّاشة ، وعواطفه الملتهبة التي أقامت لها صرحا شامخا في قلبه لتبني بعض أركانه المتهدمة ، ومن ثم مرة أخرى تعود فتهدم ما بقي منه فيحار في وصف سحرها ويعترف بأن ثلاث صفات ألبسه حبه لها :
هدمت الأقدار هذا الصديق حتى انحط ما فيه من العزم والقوة فجاءت (هي) تبنيه وتشدّ منه وترمّم بعض نواحيه المتداعية وتقيمه بسحرها بناءً جديداً وتحفتْ به عنايتها زمناً حتى صَلُحَ على ذلك شيئاً فأيسرت روحه من فقرها إلى الجمال والحبّ . ويقول صديقي :
(( إنه ليس على الأرض من يشعر كيف ولدته أمه ولكني رأيت بنفسي كيف ولدت تلك الحبيبة نفسي ؛ مرّت بيديها على أركاني المتهدمة وأعانتها الأقدار على إقامتي وبنائي ، غير أن هذه الأقدار لم تدعها تبني إلا لتعود هي نفسها بعد ذلك فتهدمني مرة أخرى )) .
يصف حبيبته في هذه الرسائل كأنه مسحور بها فيجيء بكلام عُلوي مشرق كتسبيح الملائكة يمازجه أحياناً شيء يحار فيه الفهم لأن أحدنا إنما يرسل فكره وراء قلمه ، أما هو فيرسل نفسه وراء فكره ويستمد قلمه منهما . فمنزلته أن يكتب ثلاث كلمات ومنزلتنا أن نفهم كلمتين ، والإنسان منا كاتب مفكر ؛ أما هو فقد زاد بصاحبته فكان كاتباً مفكراً وملهَماً .
http://fawaz518.jeeran.com/فاصل4.gif
وأجمل ما كان في خاتمة مقدمة كتابه حينما أوجد لصديقه العاشق صنفين من النساء ليختم قوله بأجمل وأعظم الكلم :
يا صديقي المسكين لا يحزُنْكَ فإن آخر الحبّ آخرٌ لأشياء كثيرة .. وأن من بين النساء نساءٌ أولّهن كالشباب وآخرهن من أشياء كالهرم والضجر والضعف والموت .
ويا جمال النساء إن كان في الأشياء ما هو أحسن وأجمل فإن في الأشياء ما هو أنفع وأجدى ، وقد تكون الجدوى والمنفعة من الجمال في بغضه أحياناً أكثر مما تكون في حبّه .
ويارحمة الله من فوق سبع سماواته لقد علمّتنا بما نجده فيسرّنا ، وما ننساه فلا يضرّنا ، أن لا نيأس منكِ أبداً ولو كنا من الهمّ تحت سبع أراضيه.
http://fawaz518.jeeran.com/فاصل4.gif

بنت الشهباء
26/02/2009, 09:33 PM
ومع نفحات الحب وإشراقات روحه التي أوحت إلى أمير البيان الرافعي – رحمه الله – رسائل الأحزان
اخترت لكم من الرسالة الثالثة رائعة من روائع الغزل العفيف وهو يصف لنا حيلة نظراتها الفتّانة التي أخذت بمجموعه ، وهتكت من عزمه حينما نظر لحسنها وفرط جمالها ليتأوه ويتألّم من صدّها وحيلة مرآتها ...
أراد لنا أن يترجم تاريخ قلب عُهد إليه أن يحيا مع شجونه وأحزانه وهو يأمل أن يسمعها وهي تقول : (( رضيتُ عنه )) ......

الرسالة الثالثة
(( حيلة مرآتها ))
حسناءُ خالقها أتمّ جمالها = سألته معجزة الهوى فأنالها
لما حَباها الله جلّ جلاله = بالحسن منفرداً أجلّ جلالها
تُضْني المحبّ كأنما أجفانها = ألقت عليه فُتورها ومَلالَها
هيفاءُ قد حسب النسيمُ قوامها = غصناً فإن خطر النسيم أمالَها
سيّالة الإعطاف أين ترنّحت = تطلق لكهربة الهوى سيّالها
طلبوا لها شَبَهاً يضيئ ضياءها = لهوى النواظر أو يدلّ دلالها
أما السما فَجَلتْ عليهم بدرها = والأرض قد عرضت لذلك غزالها..
لكنها نظرت فأخجلت الظّبا = وتلفّتتْ للبدر فاستحْيى لها
هم يطلبون مِثالَها فليرقبوا = مرآتها يجدوا هناك مِثالَها
******
وقفت لها يوماً قألقتْ نظرةً = حيرى تُشابه وعدها ومِطالها
نظرتْ بلحظ نافذ لو أنه = لقي الإرادة نفسها لاغتالها
نظًراتِ حواءً التي أوهتْ بها = عَزمَاتِ آدمَ يوم ضلّ ضلالَها
فرأت على المرآة وجهاً ، ظُنّهُ ملكَ الجمال يحاول استقبالها
راع المليحة منه فرطُ جماله = أم راعها أن لا يكون جمالها ؟
فرَنَتْ بنظرتها لو رَجَفا عليك تراجفت = كرةُ الفؤاد فزلزلت زلزالها
******
نظرت لها حسناً إذا ما احتلّ في = دوَل النهي سلب النهى استقلالها
ورأت لسحر جفونها ما راعها = ورأت لفتك لحاظها ما هالَها
فتذكرت شمس الجمال متيّماً = تركته من فرط النحول (( هلالَها ))
ما زال يشكو (( الصدّ )) حتى بغّضت = في نفسه (( صاد )) الحروف (( ودالَها ))
جزعت له يُعنى العناية كلّها = وتريه كلّ ثوابه إهمالها
حالان خيرهما وشرّهما سوى = ومن المنافع ما يجرّ وبالها
جهد المقامر أن يحاول حيلة = ولكم أضرّت حيلة محتالها
والعمر آمالٌ وما جلب الشقا = إلا ابتغاء الطامعين مُحَالها
إن الذي أعطى النفوس عقولها = جعل القناعة للنفوس عِقالها
*****
جرت الخواطر بالمليحة لحظةً = شغلت بأحزان المتيّم بالَها
فبدا عليها بعض ما قد ناله = وبدا على المرآة ما قد نالّها
ورأت لها وجهاً تغشّاه الأسى = والحسن قد منع الأسى أمثالها
كادت تقول (( رضيتُ عنه )) فأمسكت = ومضت على عجل لتخفي حالها
أوّاه لو مرآتها نجحت .. ولو = فمها تبسّم عند ذاك (( وقالَها ))


****

حكمت الجاسم
12/03/2009, 09:26 AM
ترى هل اسقطتِ ورقة ً من ورود مكتبتك على أجسادنا التواقة للعلم والأدب
أم أنّكِ زرعتِ حقلاً من الحبّ في قلوبنا المحتاجة للهيام والشغف
أحياناً أتردد في الرد على هذه المقالة لكثرة ما قرأتها فهي تحوي بين طياتها أسماءً يثقلُ على لساني ذكرها لعظمة أصحابها وغنى أفكارهم
رائعٌ والله هذا الجهد تستحقين عليه كلّ الثناء وأرق الحمد
دمتِ ثرية ً بالعلم وغنية ً بالحب وملهمة ً بالإبداع
تلميذكِ الضائع بين حروفِك
والمتفاني ليقرأ بعض كلمك :p
حكمت الجاسم

محمد عبدالله
13/03/2009, 08:05 AM
هكذا يتمثل الحب والوفاء وعشق الآخر على يديك الكريمتين بألقاء الضوء على النفيس والثمين فى دنيا الأدب كى تضاء الفلوب بنور الفكر وتنهل العقول من ينبوع الأدب ..
نعم ايتها الأخت الكريمة الباحثة عن متعةالآخرين الباحثة بحب هن كل مايفيد الآخر حقا هو أمير البيان والله فد قرأت له ( بلاغة القران فى أدب الرافعى) لمؤلفه الدكتور فتحى عبد القادر قريد كتاب والله الساكن صفحاته متعة للعين وبصيرة للقلب .
الأخت الكبيرة فكرا وقلما .. بنت الشهباء
خالص الشكر والتقدير لجهودك الرائعة التى أراها دائما تسكب بغزارة فى وعاء الجمع بعيدا عن االفردية . والله اراك قد أحسنت الينا كما أحسن الله عليك .. تقدير واحترام

محمد عبدالله
14/03/2009, 06:55 PM
أستاذتى الكبيرة فكرا وقلما الأخت الكريمة / بنت الشهباء
سلام الله عليك ورحمه وبركاته .. وبعد .........
فى الماضى القريب وليس البعيد كا ن يسكن الساحة العربية كتاب وأدباء أجلاء كانت لهم صولات وجولات وكانت لهم اليد العليا فى رفعة أوطانهم والرقى بها كما كان لمعظمهم الفضل الكبير فى تحرير اوطانهم من مخالب الأستعمار وكذلك أعادة عملية مسح الغبار العالق بأفكار أفراد شعوبهم أثر المحتل الأجنبى وأعادة تنظيمه وترتيبه كى يسير بخطا ثابتة على الطريق السليم ..
وحاليا أرى بعين وبصيرة القارىء العادى أنه حاليا وفى وقتنا هذا كتاب وأدباء كبار يمتلكون أقلام زاخرة بالعلم والمعرفة وكذلك كما فى الماضى أراهم أيضا لايبخلون بدفاترهم واقلامهم بل أرى أكثر من ذلك قد أمتلئت دفاترهم وفاض من مخزونها واراهم ايضا خطوا بأقلامهم كل مايثير ويبعث الحمية فى القلوب وكل مايفيق الهمم الخامدة ويثرى القلوب الفاترة .. فأين المشكلة ؟؟؟
مقصد كلامى ان كتاب الحاضر اراهم لاينقصون شيئا عن كتاب الماضى الجميل بل أرى أكثر من ذلك فنحن وفى مطلع القرن الواحد والعشرين الزاخر بالكثير من نظم العيش الحديثة وتضاعف المترابطات التقنية والتواصل بين العقول وسرعة وصول الحدث والمعلومة وصل الى زروته وذلك أثر أختراق كوكبنا بالشبكة العنكبوتية وشبكات الفاكس والهواتف النقالة مما زاد وأضاف لغة التناغم الحياتى بين أفراد شعوبنا ومع كل هذا نسقط ونهوى .... فلماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
وهنا أرى أن العيب يسكن افراد الشعب فمازال عدم فهمنا للآخر هو سيد الوقت والزمان حتى أصبح هو العملة السائدة والمتداولة بين أفراد سكان هذا الوطن ....... فمارأيك أيتها الأخت الكريمة ؟؟
أعتذر عن الأطالة ولكن كان لابد من وضع حد لتلك الحيرة حتى أتأكد ان العيب يسكننا
خالص التقدير والاحترام

بنت الشهباء
15/03/2009, 02:18 PM
ترى هل اسقطتِ ورقة ً من ورود مكتبتك على أجسادنا التواقة للعلم والأدب
أم أنّكِ زرعتِ حقلاً من الحبّ في قلوبنا المحتاجة للهيام والشغف
أحياناً أتردد في الرد على هذه المقالة لكثرة ما قرأتها فهي تحوي بين طياتها أسماءً يثقلُ على لساني ذكرها لعظمة أصحابها وغنى أفكارهم
رائعٌ والله هذا الجهد تستحقين عليه كلّ الثناء وأرق الحمد
دمتِ ثرية ً بالعلم وغنية ً بالحب وملهمة ً بالإبداع
تلميذكِ الضائع بين حروفِك
والمتفاني ليقرأ بعض كلمك :p
حكمت الجاسم


أخي الكريم
حكمت الجاسم
لا أكتم عليك بأنني دائما أعود إلى روائع أمير البيان واللسان وأجد روحي تهفو لسماع كل كلمة من حروفها ،وأنا آمل أن أنهل من روائعها وغزير علمها ودرر أدبها ..
فمثل هذا العملاق الكبير لا يمكن والله إلا أن يكون أميرا للبيان والبديع وأمير اللسان والقلم ، وسيبقى ذخرا لنا وللأجيال من بعدنا ..
لك من أختك جزيل الشكر والتقدير والاحترام على هذا الإطراء الذي أكرمتني به ، وأتمنى من الله العلي القدير أن أكون له أهلا مدى العمر
ودمت بألف خير

بنت الشهباء
15/03/2009, 02:21 PM
أستاذتى الكبيرة فكرا وقلما الأخت الكريمة / بنت الشهباء
سلام الله عليك ورحمه وبركاته .. وبعد .........
فى الماضى القريب وليس البعيد كا ن يسكن الساحة العربية كتاب وأدباء أجلاء كانت لهم صولات وجولات وكانت لهم اليد العليا فى رفعة أوطانهم والرقى بها كما كان لمعظمهم الفضل الكبير فى تحرير اوطانهم من مخالب الأستعمار وكذلك أعادة عملية مسح الغبار العالق بأفكار أفراد شعوبهم أثر المحتل الأجنبى وأعادة تنظيمه وترتيبه كى يسير بخطا ثابتة على الطريق السليم ..
وحاليا أرى بعين وبصيرة القارىء العادى أنه حاليا وفى وقتنا هذا كتاب وأدباء كبار يمتلكون أقلام زاخرة بالعلم والمعرفة وكذلك كما فى الماضى أراهم أيضا لايبخلون بدفاترهم واقلامهم بل أرى أكثر من ذلك قد أمتلئت دفاترهم وفاض من مخزونها واراهم ايضا خطوا بأقلامهم كل مايثير ويبعث الحمية فى القلوب وكل مايفيق الهمم الخامدة ويثرى القلوب الفاترة .. فأين المشكلة ؟؟؟
مقصد كلامى ان كتاب الحاضر اراهم لاينقصون شيئا عن كتاب الماضى الجميل بل أرى أكثر من ذلك فنحن وفى مطلع القرن الواحد والعشرين الزاخر بالكثير من نظم العيش الحديثة وتضاعف المترابطات التقنية والتواصل بين العقول وسرعة وصول الحدث والمعلومة وصل الى زروته وذلك أثر أختراق كوكبنا بالشبكة العنكبوتية وشبكات الفاكس والهواتف النقالة مما زاد وأضاف لغة التناغم الحياتى بين أفراد شعوبنا ومع كل هذا نسقط ونهوى .... فلماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
وهنا أرى أن العيب يسكن افراد الشعب فمازال عدم فهمنا للآخر هو سيد الوقت والزمان حتى أصبح هو العملة السائدة والمتداولة بين أفراد سكان هذا الوطن ....... فمارأيك أيتها الأخت الكريمة ؟؟
أعتذر عن الأطالة ولكن كان لابد من وضع حد لتلك الحيرة حتى أتأكد ان العيب يسكننا
خالص التقدير والاحترام


وإنني أرى يا أخي الكريم محمد
أن هناك كثير ممن يرتادون المنتديات والساحات الأدبية المختلفة نجد أقلامهم لا كما تفضلت بالأقلام الزاخرة بالأدب ، وسلامة اللغة العربية كما كان عليها في السابق أعمدة الأدب العربي ..بل هي مليئة بالأخطاء النحوية واللكنات اللغوية التي دفعت بالجيل إلى أن تكون لغته العربية في المرتبة الأخيرة ، ولم يعد خبيرا بأصولها ومبادئها وثوابتها كما كان عليه من قبل أجدادنا ...
فكيف إذا بعد هذا السقوط المريع للغة العربية نقول بأننا لسنا بحاجة للعودة إلى عمالقة الأدب العربي لنتعلم وننهل من جواهر كنوزها ، ومناهل علومها وآدابها وقد أكرمنا الله وأنزله كتابه الكريم باسمها !!!؟؟؟...

محمد عبدالله
15/03/2009, 03:30 PM
والله ايتها الأخت الكريمة أنا مثلك تماما لاأجد غير عظماء الماضى كى أنهل من بحورهم الزاخرة بالنفيس والثمين ولكن يبدو أننى لاأجيد فن التعبير ..
لذلك أعود مرة أخرى هذا بعد أذنك طبعا ..
سأوضح لك ماذهبت اليه فى مداخلتى السابقة كان هناك فى الماضى على سبيل المثال وليس الحصر قلم مثل قلم أمير البيان كان يخط السطور فتترك كلماته أثر بليغ فى القلوب ونجد لها صدى لدى كل من يتلقاها فتثير الهمم الفاترة والقلوب الجامدة فتجدث ثورات وثورات على اثرها تتحرر الأمم كان هناك مصطفى كامل يخطب فى الناس فتنصاع الناس لكلماته وتذهب لتقارع المحتل بصبر حتى تتحرر من قيد المحتل الأجنبى .. وهذا مقصد مداخلتى لماذا لم يعد هناك صدى لدى الأفراد التى تسكن وتنعم بالعيش على أرض هذا الوطن فى ظل التاغم الحياتى بين افراده وفى ظل هذا الكم الكبير وزحمة الأقلام التى تنادى بأعادة الأمة الى سابق عهدها غض النظر عن الأخطاء اللغوية فالرسالة واحدة والمطلب واحد والمضمون ايضا واحد فهل زحمة المشاكل المطروحة على الساحة العربية وما أكثرها من نهب وفساد هى السبب فى عدم سماع سكان الوطن لتلك الأقلام .
الأخت الكريمة .. بنت الشهباء اعتذر جدا ان كنت ازعجتك
خالص تقديرى واحترامى لشخصك الكريم
عاشق تراب الوطن .. محمد عبدالله ابو كريم

بنت الشهباء
30/03/2009, 07:53 PM
لذلك يا أخي الكريم محمد
سيبقى هؤلاء هم عمالقة في الأدب والتاريخ والفكر والسياسة ، وما أجدرنا أن نستقي من مناهل وغزير علومهم لنعود كما كنا إلى سابق عهدنا أمة دانت لها العالمين ....
كما أننا من واجبنا يا أخي أن نحافظ على سلامة وفصاحة لغتنا ، ولا نتهاون بثوابتها وأصولها الذي أكرمنا الله به ..
ولك مني جزيل الشكر على مرورك الطيب

بنت الشهباء
30/03/2009, 07:59 PM
ومع الرسالة السادسة
لأمير البيان في مجموعته رسائل الأحزان
نجد بأن
http://thawra.alwehda.gov.sy/images/NEWS2%5CM04%5CD19%5C13-6.jpg
شيخ اللغة العربية الرافعي – رحمه الله -
قد أبدع في وصف فتنة جاذبيتها ، ورقة أنوثتها التي لا يمكن لمن وقف أمام محراب جنتها إلا ويسحره قوّة جذبها وصبابة ريّانها ؛ ويهلك بسهم لحاظها .....
أما إنها فتنة خلقت امرأة فإذا نظرت إليك نظرتها الفاترة فإنما تقول لقلبك إذا لم تأت إليّ فأنا آتية إليك ؛ خلقت مقدّرة تقديراً كأن كل شيء فيها وضع قبل خلقه في ميزان الجمال ووُزن هناك بأهواء القلوب ومحابّها . وكأنها بعد أن تم تكوينها أرسلت الملائكة في دمها نقطة عطر فهي تنفح على القلوب برائحة الجنة . وهي أبداً تشعر أن في دمها شيئاً لا يوصف ولا يسمّى ولكنه يجذب ويفتن فلا نراها إلا على حالة من هذين حتى ليظنها كلّ من حادثها أنها تحبه وما بها إلا أنها تفتتنه .
رشيقة جذابة تأخذك أخذ السحر لأن عطر قلبها ينفذ إلى قلبك من الهواء ؛ فإذا تنفسّت أمامها فقد عشقتَها .
وتراها ساكنة وادعةً أمام عينيك ولكن قلبك يشعر أنها تهتز فيه وتضطرب فلا يزال قَلِقاً نافراً يتململ .
أما أنوثتها فأسلوبٌ في الجمال على حِدة ؛ فإذا لقيتها لا تلبث ترى عينيك تبحثان في عينيها عن سرّ هذا الأسلوب البديع فلا تعثر فيهما بالسر ولكن بالحب . وإذا كنت ذكياً فأضافت إلى ما فيها من بواعث الهوى إعجابها بك فقد أحكمت لك العقدة التي لا حلّ لها

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com58.gif
وهنا نجده في هذا المقطع الفريد يرسم لنا ملامح أنوثتها وسمت ضعف قوّتها وكأنها ظبية متمرّدة في دلالها ؛ وأحيانا يلبسها كبرياء الأسد لتفترس قلب من هَامَ بها ، وتزيد من نار حبه ولاعج شوقه فيرتمي طائعا أمام محراب صيدها ...

وهي في لونها ذات بياض أسمر محمرّ وضيء يَغْتَرِقُ العين حسناً ؛ وكأن ائتلاف الألوان الثلاثة فيها جملةٌ مركّبة من لغة النور والهواء والحرارة ، معناها الجمال القويّ الصحيح . هيفاءُ ملتفّةٌ لم يهبط جسمها ولم يرْبُ تملأ قلبها كما تملأ ثوبها . وتتمايل أعطافها فلو خلق غصن البان امرأةً لمشى يتهادى في مثل مشيتها . وتنظر نظرة الغزال المذعور أُلهِمَ أنه جميل ظريف فلا يزال مُسْتَوْفزاً يتوجّس في كل حركة صائداً يطلبه ... وتنفجر لعينيك في حركاتها وكلماتها كما يتفجر أمام الظمآن ينبوع الماء العذب . وما رأيتها مرة إلا أحسستُ نفسي تُصوّرها تصويراً كأن الشمس والقمر قد صنعاها في الحسن صنعة جديدة . وتنتحل هذه الظبية أحيانا كبرياء الأسد فيكون ذلك منها في باب الدلال مخاشنةً بين طبعي وطبعها تبثّ بها في الحب قوةً الافتراس في أسد جريح .
تريد الهوى وتعرفه وتنفح في ناره وتُذكي ضِرامها بما لا يخمد ولا ينطفئ ولكن ... ولكن لترى من كل ذلك كيف أحترق .

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com58.gif

بنت الشهباء
03/05/2009, 09:09 PM
عود على بدء
ومع الرسالة الأولى
من رائعة شيخ اللغة العربية
رسائل الأحزان
مصطفى صادق الرافعي – رحمه الله –
نعود
لنتلو على أسماعنا ما ينثره لنا إمام البيان واللغة ، وكيف يبحر في أعماق فلسفة الحب ، ويسهب في تحليل متناقضات ومتشابهات الحياة من خلال رؤى اجتمعت لها مجموع طهر الصفات الإنسانية والفطرة البشرية لتقرّ بأن هذه الفلسفة قد ألبسته عقلين اجتمعا معا في عقل واحد ؛ فكان مَثَله كمثل النهر وهو يتدفق بين موج البحر الهائجة ....
http://hajisqssu.jeeran.com/v103.gif
"لم تحيّرني المتناقضات ولا المتشابهات ولا ضقت بأسباب الفكر فيها فإن ذلك الحب جعل فيَّ عقلين لا عقلا واحدا ؛ أحدهما يقرّني في هذه الدنيا والآخر ينقلني إلى ثانية ؛ دنيا الناس جميعا ودنيا امرأة واحدة ؛ دنيا السموات والأرض ودنيا قلبي .
في العقل الأول تنحلّ كل المشكلات ، وفي الثاني تتعقّد كل (( البسائط )) ... أحدهما قوي فلو اجتمعت عقول أعدائه في عاصفة واحدة لكان وحده عاصفة تلفّ بها لفّا . والآخر ضعيف ضعيف تُمرضه الابتسامة الواحدة مرضا طويلا . ذلك يكسر النفس ويرضّها رضّ الهشيم ويَزَعُها من جمحاتها ؛ وهذا ؟ كان الله له لا يشبه إلا الفضاء ما نُسب إلى شيء ولا حسب في شيء ..
الأول جبّار يلد المحنة ويميتها ، فهو عقل ما ينقطع له من الحيلة مدد ؛ والثاني خوّار يمتحن بالنظرة الفاترة المتهالكة دلالا فتحمل هذه المحنة وتلد في طريقها إليه فلا تصل حتى تكون محنتين ...وأنا بين هذين العقلين كأني عالم عجيب حقائقه هي خرافاته ، وما مَثلي إلا مَثل النهر الطامي يتدفق إلى البحر وقد فار فائره "....
http://hajisqssu.jeeran.com/v103.gif
وهنا نراه يعترف بأن هذين العقلين في كلا الحالتين أفقده صوابه بعدما التوى الهوى به من أثر طعنة مدية دلاله ؛ فيقع صريعا مستسلما لوَله الحب وجنونه دون النظر إلى هامات العزائم والتعقّل ...


"أين العقل في الحب والبغض وبخاصة إذا أفرطت عليك أسبابهما ؟ أما إن كان كل طريق لينفذُ فيه الإنسان على بصيرة إلا هذين فإن أحدهما احتواك لم يفلتكَ وأصبحت فيه كالذي يطاف به الدنيا ويداه في قيد ، فمهما سوغ من الحركة والاضطراب ومهما انفسخت له الآفاق فإن قدر ذراع من وثاق حريته الذي يشدّ يديه هو قياس دنياه في طولها وعرضها ما بلغت . فأنا على ما كنت أشعر من أن لي عقلين كنت أراني في ذلك الحب كأني بلا عقل ، بل كأنني مجنون من ناحيتين "...
http://hajisqssu.jeeran.com/v103.gif

ممدوح المتولي
30/12/2009, 03:34 PM
شكرا لك أخت أمينة هذا الاختيار ، فأنا ممن يقفون أمام لغة الرافعي كثيرا ، وأذكر فيما مضى من الأيام يوم اكتشافي لهذا الرجل ، يومها أصبت بدوار لا يغرق بل يحمل الذي يصاب به إلى شواطىء الدهشة ، ومن يومها وأنا أحمل لهذا الرجل قدره في نفسي وروحي .
شكرا لك أختي الكريمة

بنت الشهباء
16/06/2010, 11:24 PM
أستاذنا الفاضل

ممدوح المتولي

ومن لا يصيبه شواطئ الدهشة وهو يقف أمام علم كبير من أعلام اللغة والأدب العربي أمير القلم واللسان مصطفى صادق الرافعي – رحمه الله - ؟؟؟...

لغة الرافعي وجمال أسلوبه لا يمكن لمن دخل واحته إلا ويشعر أنه أمام فارس من فرسان اللغة العربية أبدع في توظيف لغتنا العربية والتواصل معها ليترك لنا ذخرا من الأدب الرصين والجاد يفخر به كل من قرأه ...

بنت الشهباء
09/11/2010, 07:40 PM
رائد النهضة الأدبية ، وأمير الرومانسية

مصطفى صادق الرافعي – رحمه الله –

قمة سامقة في البلاغة العربية الأصيلة يعلو بها بشغف كل من أراد أن يتبيّن أرقى وأسمى فنون النثر العربي الذي يعرف باسم " الرسالة الأدبية " ليحفظ له التاريخ أنصع الصفحات التي تسترعي الانتباه ، وتشدّ الاهتمام إلى هذا الفنّ النثري الذي لم يسبقه إليه أحد من الأدباء العرب ...

قدّم لنا مجموعة روائعه " أوراق الورد ، رسائل الأحزان ، السحاب الأحمر ....

ليرسم لنا بدقة وشفافية ، ويختار أجمل الألوان العاطفية والرومانسية في رائعته السحاب الأحمر

http://www.almaktaba-alassrya.com/Book/Seen/al%20sa7ab%20al%20a7mar.jpg

التي تجلّت فيها :

فلسفة الحبّ والبغض ؛ فساد الرأي في الهوى ؛ طبيعة المرأة وأصنافها ؛ طيشها ولؤمها ودلالها وكبريائها ؛ لينثر خواطره وأحاسيسه وكأنها ذؤابة نور ملتهبة بحرقة الألم ، وسحابًا ممزوجًا بالدمع والدم ......

السحاب الأحمر الذي تراءى له كما قال لصاحبه

" محمد سعيد العريان "

((كنت مع الرافعي مرة في مكتبه وبيننا هذا الكتاب يقرأ لي بعض فصوله, فاستمهلته عند فقرة مما يقرأ ليجيبني عن سؤال يكشف عن شيء من خبرها ومن خبره, فوضع الكتاب إلى جانبه وحدّق فيّ طويلًا, ثم سكت, وسبحت خواطره إلى عالم بعيد، وراحت أصابعه تعبث بما على المكتب من أشيائه, ثم قال:

"أرأيت القلم الذي تراءى لي السحاب الأحمر في نصابه بين عينيّ والمصباح?".

ثم دسّ يده في درج المكتب فأخرجه إليّ وهو يقول:

"ضع النصاب بين عينيك والمصباح وانظر. ألست ترى سحابًا يترقرق بالدم كأن قلبًا جريحًا ينزف? في شعاعة هذا النور تراءت لي هذه الخواطر التي تقرؤها في السحاب الأحمر".

ثم عاد إلى الصمت ولم أعد إلى السؤال! )).



أراد الرافعي أن يترجم لنا في رائعته

http://farm3.static.flickr.com/2784/4369013105_ec18c1b653_m.jpg

السحاب الأحمر بعد رسائل الأحزان لغة القلوب التي أوقعته مع امرأة معقدة استحال الرجوع إليها بعدما ضربه الحبّ بقشة جرحه ...



الفصل الأول من كتابه " السحاب الأحمر "



يحدثنا عن الفتاة التي عرفها ،وأيقظت عنده لغة البغض للنساء التي لم تكن لولا طيشها وغرورها الذي دفع به أن يثور ويصيح بملء فاه :

" إنني أبغضك أيتها ... المحبوبة "

إنها المرأة التي

(( عرفها قديما في ربوة من لبنان ، ينتهي الوصف إلى جمالها ثم يقف ! ))

فلا تلبث أن تجد الجواب في الأسطر الأخيرة من هذا الفصل :

(( إن من النساء ما يُفْهَم ثم يعلو في معانيه الجميلة إلى أن يمتنع ، ومن النساء ما يُفْهَم ثم يَسفل في معانيه الخسيسة إلى أن يُبتذل ...))

(( إن من المرأة ما يحب إلى أن يلتحق بالإيمان ، ومن المرأة ما يكره إلى أن يلتحق بالكفر ))

http://www.mamarocks.com/so32.gif



الفصل الثاني كان بعنوان " النجمة الهاوية "



بعدما أيقن لا أمل منها ولا رجاء عندها وهو يعترف أنّ:

(( أشأم النساء على نفسها من لا تحبّ ولا تبغض ، وأشأمهن على الناس من إذا عدّت مبغضيها لا تعدّ إلا الذين أحبّوها ...))

http://www.mamarocks.com/so32.gif



الفصل الثالث وقصة السجين



ذلك الرجل والزوج المحبّ الذي منحه الله القوة السليمة في الشجاعة والبسالة ، وتلك الزوجة الودود الوفية التي خلق الله فيها الضعف الأنثوي السليم ؛ ليرسم لنا انكسار قلبها وهي تشهد صورة الإنسانية الظالمة التي أبعدت زوجها عنها لتحيا مع طفلها الرضيع اليتم والضياع والفقر بعدما غرزت زبانية الجلاد في السجن شوكتها لتقتل بوحشيتها رفيق عمرها .....

http://www.mamarocks.com/so32.gif



الفصلين الرابع والخامس حديثه كان عن



(( تجارة الحبّ ، وعن المنافق ؛ فتلمح من وراء حديثه معنى لا يريد أن يفصح عنه ؛ وإنه لسبب مما كان بينه وبين صاحبته ؛ أفتراه يشير إلى شيء من أسباب القطيعة ))

http://www.mamarocks.com/so32.gif



الفصل السادس يروي لنا قصة الحب الطفولي ،

وسعادة الإنسانية العليا في قلب الأم الرؤوم التي لا تحتمل ضياع فلذة كبدها بعدما ضلّ طفليها عنها .....

http://www.mamarocks.com/so32.gif



الفصول الأخيرة أراد بها أن يروي لنا قصة عظمة الرجال



وقد عرفهم بحكمتهم ونباهتهم

" الشيخ علي " الرجل الذي كان يعظه بألا يعدو وراء شيطان هواه ، وأن الحب والجنون كلاهما من أم واحدة حتى ولو اختلف أبواهما ....

وصديق نشأته ورفيق شبابه ابن عمه الأستاذ المرحوم الشيخ أحمد الرافعي الذي عرفه قلبًا كبيرًا لايتسع للحقد ، والصديق القرين الذي يشاركه أحزانه وهمومه ....

والشيخ محمد عبده الذي لو نظرت إليه العين لما رأت إلا رهبة الأسد تكسو وجهه ....

(( فيحاورهم ويحارونه ، فتستمع في هذا الحوار إلى النجوى بينه وبين نفسه ، إلى الصراع بين عقله وهواه .)).

http://www.mamarocks.com/so32.gif



وأقول هنا :

(( إن السحاب الأحمر كتاب كامل ؛ احذف منه فصلًا أو فصلين في أوله ، وشيئًا من فضول القول في سائره ، تجد فنًّا في العربية لا يقدر عليه إلا الرافعي ؛ فجردّه من قصته أو انسبْه إليها ، فإنك واجدٌ فيه أدبًا يستحق الخلود ، وبيانًا يُزهى على البيان ، وشعرًا وحكمة ما زال الأدباء يدورون عليهما حتى وجدوهما في أدب الرافعي )).(1)



تنويه

(1) كل ما جاء بين القوسين مصدره من

مقدمة الطبعة الثانية للسحاب الأحمر

بقلم :محمد سعيد العريان





من إعداد وتقديم :

أمينة أحمد خشفة

بنت الشهباء