المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( طرب وحرب وبرتقال ) من مجموعتي



مريم خليل الضاني
08/08/2008, 06:22 PM
( طرب وحرب وبرتقال )
أوقف سيارته أمام السوبر ماركت الذي يبيع نوع سجائره المفضل ثم ترجل من السيارة ،
المكان مكتظ بالناس . ثمة ضجيج وأغاني متنوعة تنبعث من هواتف المتسوقين .شرع يتسكع في الممرات و يحاول أن يتتبع كلمات أغنية ما يعرفها ويتذكر بقية الأغنية ، لكن تلك الأغنية ما تلبث أن تنقطع فيصغي إلى أغنية أخرى .أرهف السمع إلى مغنٍ يغني باللهجة العراقية : ـ
يا البرتقالة .....يا البرتقالة .
التفت نحو الصوت الذي بدا قريبا منه جدا ، تأمّل الحسناء التي انبعثت تلك الأغنية من هاتفها ، أخذ علبة السجائر وغادر المكان بتثاقل ، ركب سيارته ، أشعل سيجارة وأخذ نفسا عميقا ،أدار مفتاح الراديو يبحث عن نشرة أخبار ، علا صوت ذلك المغني وهو يردد : ـ
يا البرتقالة ... يا البرتقالة .
نفث دخان سيجارته منفعلا و طفق يبحث عن محطة أخرى . المذيع يقرأ نشرة الأخبار : ـ
انفجار جديد في سوق شعبي في بغداد . بلغت حصيلة القتلى ستين قتيلا وعشرات الجرحى .
كأن يدا تعتصر قلبه ، بدأ إحساس بالضيق يتنامى في نفسه ، عاد يعبث بمفتاح الراديو .كان صوت المذيع صافيا هادئا وهو يقدم محاضرة في إذاعة القرآن الكريم : ـ
الإمام أبو حنيفة : هو أحد أئمة المذاهب الأربعة ، وهو إمام أهل الرأي في العراق . لم يطق أن يصغي إلى بقية المحاضرة . عاد يبحث بين المحطات عن شيء لا يعلم كنهه ، إلا أن تلك الأغنية صفعت أذنيه تارة أخرى: ـ
يا البرتقالة ... يا البرتقالة .

أطفأ سيجارته وفكّ أزرار قميصه العلوية ثم فتح نافذة سيارته . انتابته رغبة جامحة في البكاء ولكن دموعه استعصت عليه ، حاول أن يتذكر آخر مرة بكى فيها فلم يفلح . لم يتبق أمامه سوى مسافة قصيرة تفصله عن بيته .
هناك مذيع يقرأ خبرا عاجلا : ـ
قبل قليل أغارت القوات الإسرائيلية على حي الزيتون في مدينة غزة ، وقد سقط على إثر الغارة العديد من القتلى والجرحى .ما تزال الغارة مستمرة حتى هذه اللحظة . هذا ما وصل إلينا حتى الآن ، وسنوافيكم بالتفاصيل في النشرة القادمة
إن شاء الله.
خرج من السيارة وهو في حالة من الذهول والانفعال الشديد، أخذ يهذي ويضرب رأسه بيديه : ـ
أمي وأبي ! ، غارة ! ، حي الزيتون! ... يا الله .. يا الله .... يارب استر ..يارب الطف بهم .
أحس أن أطرافه قطع من الثلج . قدماه الثقيلتان بالكاد أوصلتاه إلى باب بيته . طرق الباب فانفرج عن زوجته التي بدت متوترة وفي عجلة من أمرها ، تهاوى على أقرب مقعد. كان أبناؤه الخمسة وزوجته متحلقين حول التلفاز ، يتابعون بشغف شديد الحلقة الأخيرة من برنامج ( سوبر ستار العرب ) .
جاهد ليخرج صوته من صدره ، هزّ يده بما تبقى من قوته وقال بصوت ضعيف متقطع : ـ
يا أولاد ، انتبهوا إليّ ، إصغوا إليّ ، إسرائيل تقصف حي الزيتون في غزة الآن ! . أريد أن أشاهد نشرة الأخبار .
لم يتنبه إليه إلا ابنه الأصغر ، إذ التفت صوبه قائلا باستعطاف: ـ
أرجوك يا أبي انتظر . لم يتبق سوى دقائق على اختيار سوبر ستار العرب .
منذ أشهر ونحن ننتظر هذه اللحظة .
أخرج الأب هاتفه من جيبه ، إلا أنه فوجئ بأن الهاتف ليس مشحونا ، فقذفه باتجاه الحائط . صرخ في أبنائه وهو يضرب بيده بقوة على طاولة أمامه : ـ
ليعطني أحدكم هاتفه . أريد أن أطمئن على والديّ .

لم يصغ إليه أحد منهم . كانوا في تلك الأثناء يمسكون بهواتفهم ويرسلون رسائل لانتخاب نجمهم المفضل ، في اللحظات الأخيرة التي يسمح فيها للمشاهدين بالتصويت لاختيار ( سوبر ستار العرب ) .

محمدذيب علي بكار
08/08/2008, 06:42 PM
الاخت الكريمة هذا هو حل الامة هذا هو الغزو الثقافي ابدعت والابداع قليل لغة جميلة وسرد رائع وانتقال اروع انه عمل متكامل لقد اصبحت بشوق اكبر ان اقرأ مجموعتك انا لست ناقدا اني قارئ متواضع وهذا انطباعي والى مجموعة قادمة من الابداع اخوك محمد

مريم خليل الضاني
09/08/2008, 12:22 AM
الاخت الكريمة هذا هو حل الامة هذا هو الغزو الثقافي ابدعت والابداع قليل لغة جميلة وسرد رائع وانتقال اروع انه عمل متكامل لقد اصبحت بشوق اكبر ان اقرأ مجموعتك انا لست ناقدا اني قارئ متواضع وهذا انطباعي والى مجموعة قادمة من الابداع اخوك محمد

وأنا أيضا كاتبة متواضعة أتعلم من أقلام الزملاء والزميلات جمال الكتابة .
شكرا أخي الكريم على تعليقك العاطر .

عابر سبيل
09/08/2008, 02:40 AM
رائعة أنت دائما ...
لن أشيد بالقصة ولا بلغة احتضنتها ولا بثقافة بلورتها
ولا بقلم كتب كلماتها ولا بأصابع التفت حول قلمٍ صاغها ....
فهي ليست بحاجة لإشادتي ...
سأشيد بوطنية أصيلة ليس لها حدود ، تلامس جراح الأمة وتصور مآسيها ..

دمتي و دام نجاحك .... تحياتي العاطرة عابر سبيل

محمد الكبيسي
09/08/2008, 11:30 AM
الأخت الاكريمه مريم خليل
القصه وفكرتها جميله جدا
وكثيرا ما استفزتني اغنية البرتقاله السيئة الصيت
شعور نبيل لصاحبة الحرف الماسي
دام العطاء المتميز ياصاحبة الكلمه الحره الثائره
تقبلي شكري وتقديري
دمت بخير

عماد ابو رياض
09/08/2008, 12:37 PM
كنت متفائلا واردد إن في الامة خير وهذا حالنا !!!
السكوت خير .. وتكفيني الدموع
تحياتي لك اخت مريم على هذا الاهتمام وجزاك الله
خيــــــــــــــــرا

يوسف أبوسالم
10/08/2008, 01:23 PM
في سرد مشوق منهمر
تكمن بين ثنايا حروفه سخرية
شديدة الإيحاء
وينبعث منه قهر شديد وألم أشد
تروي لنا المبدعة مريم الضاني
بحروفها الذهبية ...حكاية الأجيال وما عصف بها من تحولات
ولعل أهمية هذه القصة أنها تعيدنا تماما إلى واقعنا الحزين البائس
الذي كدنا ننساه لفرط معايشتنا له
كأن مريم تريد أن تقول لنا
انتبهوا فالأجيال في خطر شديد
وتكاد تذروهم رياح العصر وعولمته
هذا الجيل الذي نعقد عليه الآمال في تحريرنا من واقعنا المؤلم
ولكن رغم سخرية مريم وحزنها وندائها ومناشدتها المنخفية بين سطور القصة
فإن هذا الجيل هو ذاته الذي خرج منه جيل الإنتفاضة
إنني أعتقد يا مريم أن التشوه المفترض في أجيالنا
لم ينل من أعماقهم
فما أن يعاد تأهيلهم أو يتم انتخاءهم لنجدة أوطانهم حتى يهبوا كالصقور
لأن أرواحهم ما زالت نقية وطاهرة ونظيفة لم تلوث
وستظل كذلك......رغم يأسنا ورغم تهافت الحكومات العربية وتخاذلها
لا أدري إذا كانت المبدعة مريم قصدت عن عمد أن تجعل
الطفل الصغير ينتبه لكلام ومناشدة والده ولا يهملها
وهذه برأيي إشارة من طفل صغير أنه انتبه وسمع وفهم ما يريد والده ولكنه يرجوه أن يكمل برنامجه
لقد رأيت وفهمت من ذلك أن روح الطفل لم تشوه وأن الأمل لا يزال مضيئا
شكرا يا أخت مريم
دائما تهطلين علينا بإبداعات مميزة

مريم خليل الضاني
11/08/2008, 08:53 PM
الأستاذ الفاضل يوسف أبو سالم :
لئن كانت قصتي مثقلة باليأس فإن تعليقك مفعم بالأمل فلك التحية والتقدير .

مريم خليل الضاني
11/08/2008, 08:54 PM
رائعة أنت دائما ...
لن أشيد بالقصة ولا بلغة احتضنتها ولا بثقافة بلورتها
ولا بقلم كتب كلماتها ولا بأصابع التفت حول قلمٍ صاغها ....
فهي ليست بحاجة لإشادتي ...
سأشيد بوطنية أصيلة ليس لها حدود ، تلامس جراح الأمة وتصور مآسيها ..

دمتي و دام نجاحك .... تحياتي العاطرة عابر سبيل
شكرا أخي الكريم على هذا الثناء الذي أجده كثيرا على هاوية تتعلم الكتابة .

مريم خليل الضاني
11/08/2008, 08:56 PM
الأخت الاكريمه مريم خليل

القصه وفكرتها جميله جدا
وكثيرا ما استفزتني اغنية البرتقاله السيئة الصيت
شعور نبيل لصاحبة الحرف الماسي
دام العطاء المتميز ياصاحبة الكلمه الحره الثائره
تقبلي شكري وتقديري

دمت بخير


تعليقك يشحن قلمي بمداد الحماس لكتابة راقية هادفة.

تقبل احترامي وتقديري .

مريم خليل الضاني
11/08/2008, 08:59 PM
كنت متفائلا واردد إن في الامة خير وهذا حالنا !!!
السكوت خير .. وتكفيني الدموع
تحياتي لك اخت مريم على هذا الاهتمام وجزاك الله
خيــــــــــــــــرا
بالطبع مازال في أمتنا الخير ولكن لعل الكتابة عن الجوانب السلبية في الأسرة والمجتمع تساعدنا على تحديد الجرح والتماس الدواء المناسب له لنوقظ الخير النائم في أرواحنا .
دمت طيبا .