المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خادم



مريم خليل الضاني
06/08/2008, 12:38 PM
( خادم)
رنين حاد لا يفتر يخترق أذنيك .
تستيقظ تارة وتغفو تارة ، تتململ في فراشك ثم تغمغم حانقا : من الذي يهاتفني صبيحة عرسي ! ؟ .
على بعد ذراعين منك تضيء شاشة هاتفك فتبدو لك كفوهة نفق بعيد موحش . تتجاهل رنين الهاتف وتدفن رأسك تحت الوسادة فيتراءى لك وجه أمك العابس وهي واقفة عند باب البيت القديم تناديك:
يا حمار ، لمَ تأخرت في المدرسة ؟ . هيا اذهب واشتري خبزا . إخوتك ينتظرونك.
أجَّجَ ضَحِكُ إخوتك غيظك فصحتَ بكلمات مزّقها البكاء:
دائما ترسلينني لأشتري كل شيء وهم لا يشترون شيئا ! .
كانت دموعك الغزيرة تغطي عينيك كسحابة سوداء كثيفة فلم تر يدها حين هوت على وجهك .
تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، تسبّح ، تأخذك سنة ، تصغي إلى فحيح أنفاسها الحارة التي تلفح رقبتك ، تشم رائحة عرقها ، تتسارع نبضات قلبك بينما تتحسس أصابعها عنقك ثم تطبق عليه ببطء .
تستيقظ مذعورا لاهثا ، تلتصق بعروسك وتمنّي نفسك بالعودة إلى النوم ولكن الهاتف يرن بإلحاح .
تسير متثاقلا صوب الهاتف .
ـ ألو .
ـ تعال بسرعة .
قالت أمك بنبرة تثير القلق .
تشعر بانقباض شديد ، تسير صوب الحمام متماهلا ، تقف ساكنا تحت تيار الماء المتدفق على جسدك مصغيا إلى خرير الماء المتساقط على الأرض ثم تقلّد كلام أمك بصوت نحاسي حاد:
"كلكم أبنائي و لا أفضّل أحدا منكم على أحد " هه ! .

يتناهى إلى سمعك رنين الهاتف كصراخ صادر من أقبية بعيدة .
ماذا تريد أمك منك ؟ ! . تشرد برهة و تداعبك نسمات التفاؤل .
تتراءى لك وهي تجوس في حجرتك ، تارة تقبّل ثيابك وتناجيك وتارة
تقف على حافة النافذة مترقبة سماع أزيز سيارتك أو وقع أقدامك . لعلها مرضت من فرط تأثرها بفراقك وتريدك أن تصطحبها إلى الطبيب .كنتَ أثناء عرسك تراقبها مذهولا وهي تبكي بحرقة .
ـ لا يعرف المرء مدى تعلقه بأحبته إلا بعد أن يفارقوه.
قلتَ وأنت تدعك جسدك بالصابون وتستنشق رائحته فتبث فيك نشوة عارمة .
تقترب من المرآة وتبتسم لنفسك ثم تقول ضاحكا:
مرحبا بالأيام السعيدة ! .
عاد الرنين مرة أخرى . الأمر لابد خطير ! . لابد أنها منهارة تماما الآن ! .
تخرج من الحمام وترتدي ثيابك على عجل . تهم بالذهاب إليها ولكنك تتراجع لتهاتفها .
تمسك الهاتف بأصابع باردة مرتعشة. يخفق قلبك بقوة ، تشنّف أذنيك لسماع نشيجها ، تبتلع ريقك بصعوبة قائلا :
ألو أمي .
ـ هيه يا ولد ! أأصم أنت ؟ ! . اتصلت بك مائة مرة ولكنك لا تجيب ! .
لقد تعب إخوتك البارحة في عرسك و مازالوا نائمين إلى الآن .
أريد أن أتناول إفطاري وقد نفذ الغاز من الأسطوانة. تعال لتملأها.

محمد سرحان
07/08/2008, 02:50 PM
القاصة الأستاذة مريم الضاني




وقفت ُ على بعض مما سالت به قريحتك ِ السردية الجميلة على أديم غير هذا المكان ، وما زال يتعلق بأهداب ذاكرتي تعليق ٌ خاطف على قصتك " بائع الشراريب " .



ومن القراءة السريعة لبعض نتاجك ( بائع الشراريب وهذه القصة ) تولد لدي انطباع يقيني – واعتبره شبه نهائي - بان عنصري المفاجأة المقرونة بالسخرية تتقاطعان لتمكلان دائرة انتاجك القصصي .



وقد عزز لدي هذا التفكير ما فجرته سطور قصة الخادم من قنابل التشويق امام عيني ، والذي هو - كثمرة متوقعة - نتاج تزاوج ذينك العنصرين .



إن توجهك القصصي – بما فيه هذه القصة - لا يتسامح مع فكرة ألا يكون واقعيا ..



فهذا العمل ينتمي إلى شجرة عائلة المذهب الواقعي .. والواقعية – في أكثر تعريفاها سذاجة - مادتها المجتمع والعلاقات الانسانية بعيدا عن رومنتيكيات وردية وديكورات تجميلية .



إن قضية الأم المتسلطة – موضوع القصة - تميط اللثام لتعري حقيقة مؤلمة يئن تحت وطأتها جمهور واسع من بني البشر ، تلك الأم التي تركب مطية القسوة في تعاملها مع ابنائها .



ولقد حاولت ِ – ضمن أقصى طاقاتك – أن تحتفظي لها بوجه قبيح في قصتك ، جاهدة ً أن ننفض أيدينا من ترقب ولو شبح تبديل قد يطرأ على هذه الشخصية ، إنها المرأة التي لا يمكن ان تتغير .


********


شغفك السردي بالجمل الفعلية يجبر القاريء – أيا كان تصنيفه – أن يمارس طقوس العدو ، ذلك أن طبيعة ومضاته الخاطفة تضعه أمام خيارين :


إما الركض أو الركض !


وهذا جميل ، ويتعذر لغير قاص ماهر ان يلم به .



ولن أغادر هذه النقطة دون أن أثني على الاستخدام الذكي لتقنية الفلاش باك ، عندما يسترجع البطل – بحوار لا يخلو من لذة – ذكريات زمن يتدثر بالقسوة ، يعيش كذبة جميلة وهو يترقب يدين ستضمانه لا لتصفعانه ! .



********



اللغة والنحو


إن البناء اللغوي والفني للنص يكشف حقيقة كاتبة تتعامل مع نصها بصرامة منقطعة النظير ، كاتبة تشبع نصها تشذيبا وتنقيحا ليخرج بحلة قشيبة ، محاولة – ضمن أقصى مهاراتك ِ – أن يكون قلعة ُ حصينة ُ لا ثغرة فيه .



إلا أني أسجل – وفي حالات جد نادرة – ورود بعض الأخطاء اللغوية ومن ذلكم مثلا :



( نفذ الغاز من الاسطوانة ) والصواب نفد بالدال .



ولكن لن أنس أن أصفق لهذا الشغف الجميل والبراعة في هندسة النص وتوظيف علامات الترقيم التي تترجم الانفعالات الداخلية على الورق . خصوصا أن كثيرا من كتابنا – للأسف – يعتبرون الاهتمام بعلامات الترقيم ضربا من فضول الكلام والحشو اللامبرر .





شكرا أ.مريم – من الالف إلى الياء – لتلك الدقائق الجميلة التي جعلتنا نحلق فوق غمام الإبداع .



وبانتظار ابداع استثنائي آخر




مودتي وتقديري

يوسف أبوسالم
07/08/2008, 03:47 PM
الكاتبة المبدعة
مريم الضاني

هذا تسجيل حضور
لكن لي عودة مطولة
إن شاء الله
تحياتي

مريم خليل الضاني
07/08/2008, 03:58 PM
الأديب الفاضل محمد سرحان :
كم أبهجتني قراءتك لنصي هذا ! .
النص جديد وكنت شغوفة بمعرفة ردود القراء عليه وهل وصلت فكرته بوضوح أم لا ولكن تعليقك طمأنني على وصول فكرة القصة إليك .
عرفت الأديب محمد سرحان قاصا واليوم أعرفه ناقدا فهنيئا لك أخي الكريم هاتين الموهبتين وجزاك الله عني خيرا .
بالنسبة لكلمة نفد أنت محق فقد قرأت مؤخرا أن الصحيح نفد وليس نفذ .

مريم خليل الضاني
07/08/2008, 04:00 PM
الكاتبة المبدعة
مريم الضاني

هذا تسجيل حضور
لكن لي عودة مطولة
إن شاء الله
تحياتي




وأنا في انتظار عودتك أخي الكريم .
شكرا جزيلا لك على تثبيت النص .
دمت طيبا .

محمد سرحان
07/08/2008, 09:10 PM
الأديب الفاضل محمد سرحان :
ولكن تعليقك طمأنني على وصول فكرة القصة إليك .
عرفت الأديب محمد سرحان قاصا واليوم أعرفه ناقدا فهنيئا لك أخي الكريم هاتين الموهبتين وجزاك الله عني خيرا .
.

القاصة الكريمة أنا لست بأديب ...

لكِ ان تقذفيني - وبكل اطمئنان - في ذيل طابور هواة الكتابة ليس أكثر

كما اني لست بناقد ... ليست القضية أكثر من تسجيل ملاحظات شخصية بعد القراءة ..

في الواقع لا أحمل نظرة ًتجاه قلمي أكثر من هذا التصور ...

أما بخصوص وصول فكرتك لي أو لغيري .. فهي لا تحتاج لكبير جهد ؛ فلغتك ِ الانسيابية طبعت قصتك بميسم الوضوح ... وهذه نقطة ترفع من الرسم البياني لدرجة تقبل الآخرين لما تكتبين ..

تحياتي لك ِ مرة أخرى أستاذة مريم المبدعة

وعواطفي تشاركك شعور الانتظار بما سيذهلنا به قلم الأخ الأستاذ يوسف بقراءته التي بلا شك ستكون متفردة وتحمل طعما آخر ...

الى اللقاء :)

ابو مريم
08/08/2008, 06:56 PM
( خادم)
رنين حاد لا يفتر يخترق أذنيك .
تستيقظ تارة وتغفو تارة ، تتململ في فراشك ثم تغمغم حانقا : من الذي يهاتفني صبيحة عرسي ! ؟ .
على بعد ذراعين منك تضيء شاشة هاتفك فتبدو لك كفوهة نفق بعيد موحش . تتجاهل رنين الهاتف وتدفن رأسك تحت الوسادة فيتراءى لك وجه أمك العابس وهي واقفة عند باب البيت القديم تناديك:
يا حمار ، لمَ تأخرت في المدرسة ؟ . هيا اذهب واشتري خبزا . إخوتك ينتظرونك.
أجَّجَ ضَحِكُ إخوتك غيظك فصحتَ بكلمات مزّقها البكاء:
دائما ترسلينني لأشتري كل شيء وهم لا يشترون شيئا ! .
كانت دموعك الغزيرة تغطي عينيك كسحابة سوداء كثيفة فلم تر يدها حين هوت على وجهك .
تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، تسبّح ، تأخذك سنة ، تصغي إلى فحيح أنفاسها الحارة التي تلفح رقبتك ، تشم رائحة عرقها ، تتسارع نبضات قلبك بينما تتحسس أصابعها عنقك ثم تطبق عليه ببطء .
تستيقظ مذعورا لاهثا ، تلتصق بعروسك وتمنّي نفسك بالعودة إلى النوم ولكن الهاتف يرن بإلحاح .
تسير متثاقلا صوب الهاتف .
ـ ألو .
ـ تعال بسرعة .
قالت أمك بنبرة تثير القلق .
تشعر بانقباض شديد ، تسير صوب الحمام متماهلا ، تقف ساكنا تحت تيار الماء المتدفق على جسدك مصغيا إلى خرير الماء المتساقط على الأرض ثم تقلّد كلام أمك بصوت نحاسي حاد:
"كلكم أبنائي و لا أفضّل أحدا منكم على أحد " هه ! .

يتناهى إلى سمعك رنين الهاتف كصراخ صادر من أقبية بعيدة .
ماذا تريد أمك منك ؟ ! . تشرد برهة و تداعبك نسمات التفاؤل .
تتراءى لك وهي تجوس في حجرتك ، تارة تقبّل ثيابك وتناجيك وتارة
تقف على حافة النافذة مترقبة سماع أزيز سيارتك أو وقع أقدامك . لعلها مرضت من فرط تأثرها بفراقك وتريدك أن تصطحبها إلى الطبيب .كنتَ أثناء عرسك تراقبها مذهولا وهي تبكي بحرقة .
ـ لا يعرف المرء مدى تعلقه بأحبته إلا بعد أن يفارقوه.
قلتَ وأنت تدعك جسدك بالصابون وتستنشق رائحته فتبث فيك نشوة عارمة .
تقترب من المرآة وتبتسم لنفسك ثم تقول ضاحكا:
مرحبا بالأيام السعيدة ! .
عاد الرنين مرة أخرى . الأمر لابد خطير ! . لابد أنها منهارة تماما الآن ! .
تخرج من الحمام وترتدي ثيابك على عجل . تهم بالذهاب إليها ولكنك تتراجع لتهاتفها .
تمسك الهاتف بأصابع باردة مرتعشة. يخفق قلبك بقوة ، تشنّف أذنيك لسماع نشيجها ، تبتلع ريقك بصعوبة قائلا :
ألو أمي .
ـ هيه يا ولد ! أأصم أنت ؟ ! . اتصلت بك مائة مرة ولكنك لا تجيب ! .
لقد تعب إخوتك البارحة في عرسك و مازالوا نائمين إلى الآن .
أريد أن أتناول إفطاري وقد نفذ الغاز من الأسطوانة. تعال لتملأها.
استمتعت بكتابتك أختي مريم ،كانت ستكون القصة أجمل لو أسندتها الى ضمير الغائب
مودتي

يوسف أبوسالم
12/08/2008, 06:58 PM
( خادم)
رنين حاد لا يفتر يخترق أذنيك .
تستيقظ تارة وتغفو تارة ، تتململ في فراشك ثم تغمغم حانقا : من الذي يهاتفني صبيحة عرسي ! ؟ .
على بعد ذراعين منك تضيء شاشة هاتفك فتبدو لك كفوهة نفق بعيد موحش . تتجاهل رنين الهاتف وتدفن رأسك تحت الوسادة فيتراءى لك وجه أمك العابس وهي واقفة عند باب البيت القديم تناديك:
يا حمار ، لمَ تأخرت في المدرسة ؟ . هيا اذهب واشتري خبزا . إخوتك ينتظرونك.
أجَّجَ ضَحِكُ إخوتك غيظك فصحتَ بكلمات مزّقها البكاء:
دائما ترسلينني لأشتري كل شيء وهم لا يشترون شيئا ! .
كانت دموعك الغزيرة تغطي عينيك كسحابة سوداء كثيفة فلم تر يدها حين هوت على وجهك .
تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، تسبّح ، تأخذك سنة ، تصغي إلى فحيح أنفاسها الحارة التي تلفح رقبتك ، تشم رائحة عرقها ، تتسارع نبضات قلبك بينما تتحسس أصابعها عنقك ثم تطبق عليه ببطء .
تستيقظ مذعورا لاهثا ، تلتصق بعروسك وتمنّي نفسك بالعودة إلى النوم ولكن الهاتف يرن بإلحاح .
تسير متثاقلا صوب الهاتف .
ـ ألو .
ـ تعال بسرعة .
قالت أمك بنبرة تثير القلق .
تشعر بانقباض شديد ، تسير صوب الحمام متماهلا ، تقف ساكنا تحت تيار الماء المتدفق على جسدك مصغيا إلى خرير الماء المتساقط على الأرض ثم تقلّد كلام أمك بصوت نحاسي حاد:
"كلكم أبنائي و لا أفضّل أحدا منكم على أحد " هه ! .

يتناهى إلى سمعك رنين الهاتف كصراخ صادر من أقبية بعيدة .
ماذا تريد أمك منك ؟ ! . تشرد برهة و تداعبك نسمات التفاؤل .
تتراءى لك وهي تجوس في حجرتك ، تارة تقبّل ثيابك وتناجيك وتارة
تقف على حافة النافذة مترقبة سماع أزيز سيارتك أو وقع أقدامك . لعلها مرضت من فرط تأثرها بفراقك وتريدك أن تصطحبها إلى الطبيب .كنتَ أثناء عرسك تراقبها مذهولا وهي تبكي بحرقة .
ـ لا يعرف المرء مدى تعلقه بأحبته إلا بعد أن يفارقوه.
قلتَ وأنت تدعك جسدك بالصابون وتستنشق رائحته فتبث فيك نشوة عارمة .
تقترب من المرآة وتبتسم لنفسك ثم تقول ضاحكا:
مرحبا بالأيام السعيدة ! .
عاد الرنين مرة أخرى . الأمر لابد خطير ! . لابد أنها منهارة تماما الآن ! .
تخرج من الحمام وترتدي ثيابك على عجل . تهم بالذهاب إليها ولكنك تتراجع لتهاتفها .
تمسك الهاتف بأصابع باردة مرتعشة. يخفق قلبك بقوة ، تشنّف أذنيك لسماع نشيجها ، تبتلع ريقك بصعوبة قائلا :
ألو أمي .
ـ هيه يا ولد ! أأصم أنت ؟ ! . اتصلت بك مائة مرة ولكنك لا تجيب ! .
لقد تعب إخوتك البارحة في عرسك و مازالوا نائمين إلى الآن .
أريد أن أتناول إفطاري وقد نفذ الغاز من الأسطوانة. تعال لتملأها.



الكاتبة المبدعة مريم
مساء الخزامى


حين تجتمع لغة قوية وسرد منساب معبر وفكرة واقعية
وقلم مرهف
فماذا نتوقع إلا إبداعا خالصا
وأحلى ما في القصة قدرتها على إثارة زوايا رؤى مختلفة
لكنها جميعا لا تخرج عن فكرة القصة الرئيسية
وإذا كانت الأم متسلطة فأنا أراها بعين أخرى
أن الولد الأكبرأقرب إليها من الآخرين
وأن الولد يظل بعين أمه ولدا مهما كبر
وحين يفقد الأب يكون الولد الأكبر هو البديل الإجتماعي
وأنه لها أي للأم وليس لأي امرأة أخرى


وتظل القيم لدينا كمجتمع عربي راسخة فطاعة الأم واجبة حتى في ليلة كهذه
فرغم أنه في ليلة عرسه ..ظل على طاعة أمه ..وعلى تصوير أيامها

أنها الأيام السعيدة
والأهم تلك العبارة اللافتة
لا يعرف المرء مدى تعلقه بأحبائه إلا بعد أن يفارقوه
هذا هو تماما ...تلك الكهرباء التي تشحن فينا منذ الصغر
تجاه آبائنا وأمهاتنا وأحبتنا
فمهما قسوا علينا ما إن نغادرهم حتى تهطل الدموع ..
ولكن إذا فقدنا أي منهم نشعر بفراغ كبير كأنه الضياع
الأم والأب رمز كبير كبير
إنهما صورة مجسدة للوطن ذاته
بل إننا لا نشعر بحميمية الوطن إلا من خلالهما
أما عن السرد
فأنا أعتبره إبداعا آخر ..إنه سردٌ مختلف
يخلط الحاضر بالفلاش باك بالمخاطب
وبذلك لم يكن سردا تقليديا
لكن كلمة واحدة قليلة الحروف أبدعت مريم في سردها أيما إبداع وهي
رد البطل على مقولة أمه


كلكم أبنائي ولا أفضل أحدكم على الآخر
ماذا كان رده ...( هه...!!؟؟)
هذه ال( هه...) لخصت بعضا من معاناته واعتقاده أن أمه تتسلط عليه دون الآخرين
لكن الملفت تلك اللمحات الجميلة والحميمية في السرد ..


فرغم قسوتها السابقة وهو صغير فيما يظن لنقرأ كيف يتذكر أمه
تتراءى لك وهي تجوس في حجرتك ..تارة تقبل ثيابك وتناجيك وتارة ترقبك من النافذة حال سماعها أزيز سيارتك
ونقرأ ماذا يحدث نفسه
لعلها مرضت من فرط تأثرها بفراقك
كنت أثناء عرسك تراقبها مذهولا وهي تبكي بحرقة لفراقك
أتدرين يا مريم
بعد أن فرغت من قراءة قصتك مرتين وثلاثة
وجدت نفسي
في دارنا العتيقة ذات الفناء الواسع
تتوسطها شجرة الليمون ..وتعرش على فراغ فنائها دالية
دانية القطوف ...نترنم كلما هب نسيم من وجد حميم
بألحان عذاب من موسيقى حفيف أوراقها الذي يمتزج بالسواليف حينا
وبالنكات حينا آخر وبصوت الأب الغليظ
وزقزقات الضحكات من الأولاد والبنات كلما امتدح الوالد أمهم ....!؟
قصتك يا مريم هذه ليست قصة عادية
إنها دار عتيقة حميمة ...
فشكرا لك ولقلمك الذي أعادنا إلى
تلك الأيام السعيدة

مريم خليل الضاني
13/08/2008, 09:27 PM
استمتعت بكتابتك أختي مريم ،كانت ستكون القصة أجمل لو أسندتها الى ضمير الغائب
مودتي
ربما تكون محقا أخي الفاضل .
دمت بخير .

مريم خليل الضاني
13/08/2008, 09:29 PM
الكاتبة المبدعة مريم

مساء الخزامى


حين تجتمع لغة قوية وسرد منساب معبر وفكرة واقعية
وقلم مرهف
فماذا نتوقع إلا إبداعا خالصا
وأحلى ما في القصة قدرتها على إثارة زوايا رؤى مختلفة
لكنها جميعا لا تخرج عن فكرة القصة الرئيسية
وإذا كانت الأم متسلطة فأنا أراها بعين أخرى
أن الولد الأكبرأقرب إليها من الآخرين
وأن الولد يظل بعين أمه ولدا مهما كبر
وحين يفقد الأب يكون الولد الأكبر هو البديل الإجتماعي
وأنه لها أي للأم وليس لأي امرأة أخرى


وتظل القيم لدينا كمجتمع عربي راسخة فطاعة الأم واجبة حتى في ليلة كهذه
فرغم أنه في ليلة عرسه ..ظل على طاعة أمه ..وعلى تصوير أيامها


أنها الأيام السعيدة
والأهم تلك العبارة اللافتة
لا يعرف المرء مدى تعلقه بأحبائه إلا بعد أن يفارقوه
هذا هو تماما ...تلك الكهرباء التي تشحن فينا منذ الصغر
تجاه آبائنا وأمهاتنا وأحبتنا
فمهما قسوا علينا ما إن نغادرهم حتى تهطل الدموع ..
ولكن إذا فقدنا أي منهم نشعر بفراغ كبير كأنه الضياع
الأم والأب رمز كبير كبير
إنهما صورة مجسدة للوطن ذاته
بل إننا لا نشعر بحميمية الوطن إلا من خلالهما
أما عن السرد
فأنا أعتبره إبداعا آخر ..إنه سردٌ مختلف
يخلط الحاضر بالفلاش باك بالمخاطب
وبذلك لم يكن سردا تقليديا
لكن كلمة واحدة قليلة الحروف أبدعت مريم في سردها أيما إبداع وهي
رد البطل على مقولة أمه


كلكم أبنائي ولا أفضل أحدكم على الآخر
ماذا كان رده ...( هه...!!؟؟)
هذه ال( هه...) لخصت بعضا من معاناته واعتقاده أن أمه تتسلط عليه دون الآخرين
لكن الملفت تلك اللمحات الجميلة والحميمية في السرد ..


فرغم قسوتها السابقة وهو صغير فيما يظن لنقرأ كيف يتذكر أمه
تتراءى لك وهي تجوس في حجرتك ..تارة تقبل ثيابك وتناجيك وتارة ترقبك من النافذة حال سماعها أزيز سيارتك
ونقرأ ماذا يحدث نفسه
لعلها مرضت من فرط تأثرها بفراقك
كنت أثناء عرسك تراقبها مذهولا وهي تبكي بحرقة لفراقك
أتدرين يا مريم
بعد أن فرغت من قراءة قصتك مرتين وثلاثة
وجدت نفسي
في دارنا العتيقة ذات الفناء الواسع
تتوسطها شجرة الليمون ..وتعرش على فراغ فنائها دالية
دانية القطوف ...نترنم كلما هب نسيم من وجد حميم
بألحان عذاب من موسيقى حفيف أوراقها الذي يمتزج بالسواليف حينا
وبالنكات حينا آخر وبصوت الأب الغليظ
وزقزقات الضحكات من الأولاد والبنات كلما امتدح الوالد أمهم ....!؟
قصتك يا مريم هذه ليست قصة عادية
إنها دار عتيقة حميمة ...
فشكرا لك ولقلمك الذي أعادنا إلى

تلك الأيام السعيدة


يحق لي أن أتباهى بهذه القراءة للقصة والتي أشعر أنها أجمل من القصة ذاتها ! .
جزاك الله عني خيرا .

عبد المنعم جبر عيسي
23/08/2008, 01:10 PM
شكرا جزيلا للزملاء الأعزاء ، الذين سبقوني بالرد ، ولا أري - حقيقة - ثمة خلاف يمكن أن نقف عنده .. القصة جميلة .. والقاصة واعدة .. تمتلك أدواتها .. نجحت بالفعل في إقناعنا بصدق موهبتها ، وقوة نصها ..
تمنياتي بدوام التوفيق .

مريم خليل الضاني
24/08/2008, 02:44 PM
شكرا جزيلا لك يا أستاذ عبد المنعم .
رأيك في القصة شهادة أعتز بها . دمت بخير .