المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حفلة رعب



محمد سرحان
03/08/2008, 03:47 AM
شَطَرَتْ دقات الثانية عشرة مساء ً نِصفَي تلك الليلة الحالكة الظلمة ، السماء ترعد وتزبد غضبا لتلطم قطراتها معطف رضوان القرمزي ، وتصفع - دون رقة - كيسا يحمله بيديه .

كانت خطواته تعانق طرف شارع قروي بتؤدة ٍ تلفت النظر أول الأمر، ثمة خيال يتبعه كظله من جهة اليمين ، استدارت عيناه ببطء – دون أن يحرك عنقه - لتلمحان شبح ذلك الظل الذي يسايره حذو النعل بالنعل .


" تبا لهذا القلب الذي تضور جوعا ليخرجني في هذه الليلة الكئيبة لأحضر بعض المعلبات ، هل كان ذلك مبررا كافيا يغري قدماي بالخروج ؟
لماذا لم أدُسَّ رأسي تحت الفراش لتنتهي القضية وأنام ؟"


كان صراخ المطر وحفيف الاشجار الجنائزي على جانبي الطريق عاملان أساسيان عززا ارتفاع منسوب الرعب في داخله ، هرول قليلا ، والظل يتبعه


" ترى من هذا الذي يلاحقني ؟
نعم لا بد أنه قاطع طريق
ولكن هل انا – بكل ما أمتلكه من بساطة واضحة – فريسة ٌمغرية ٌ لقاطع طريق ؟
وعلى افتراض أن هذا اللص الأحمق قد خمن أن معي شيئا يستحق السرقة ، فلم َ يعذبني حتى اللحظة ؟
لماذا لا يدس خنجره في ظهري ويريحني قبل أن يريح نفسه ! "


كان لسانه حلبة ً تتصارع عليها هذه الأسئلة وهو يغذ السير مسرعا وقد ظهرت على ملامحه بوادر نفاد الصبر ، وعيناه تعكسان احساسا بالذعر .


بلغ مجهودا خرافيا للتغلب على ضعفه ثم توقف مرة واحدة ، نظر بطرف العين ليجد شبح الظل منتصبا بجانبه ،
تسمرت قدماه وكانما قدتا من رصاص فتملكه ضعف هائل ، ولكنه تمالك نفسه بجهد خارق ثم أطلق ساقيه للريح ، أخذ يعدو ويعدو تلفت يمنة ليجد الظل يتبعه .


أدرك أنه بات أقرب إلى الجنون مما جعله يفتقر في تلك اللحظات للوعي الكافي لتحليل الموقف


" إن التمسك بهذا الكيس – مطمح ذلك اللص - تفكيرٌ يتسم بالغباء لرجل يريد أن يحافظ على حياته مثلي ، إذن لا خيار أمامي سأرمي لذاك الكلب هذه العظمة من يدي "


قذف رضوان الكيس وهو يعدو ثم أزاح يعينه دون أن يحرك رأسه ليجد الظل متشبثا بمطاردته


"اللعنة إذن يريد حياتي ! "



كان تفكير رضوان يتركز في كيفية اجتياز تلك الأمتار البسيطة للوصول إلى باب شقته ، كانت تلك الأمتار العشرة بحجم قارة تتحدى عدو قدميه اللتان عَقـََل الرعبُ القاتلُ حركتهما


وصل البيت ، ووارب الباب بحركة سريعة وبدت عيناه الحادتان تلتمعان وسط الظلام الحالك الذي يطوي الشقة ، تسابقت أنامله لتديرا مصباح الضوء


"الآن أنا هنا فلتذهب إلى الجحيم أيها الوغد! "


كانت عنقه تتخذ وضعا ثابتا دون حراك ، حاول أن يثنيها ليتأكد أنها مازالت تؤدي وظيفتها ، التفت يمنة لتتسمر عيناه على منظر الظل !


كان ظل المعطف !

محمدذيب علي بكار
03/08/2008, 06:30 AM
الكاتب المبدع لقد استوفت كل مكونات القصة القصيرة من حيث البناء الفني ومن حيث سلاسة اللغة الاان الفكرة مطروقة من قبل اكثر من مرة والفكرة هي ذاتها قد يقال انه توارد افكار واسمح لي ان اقول ان الفكرة مستهلكة .لقد قرأت لك من قبل وجدت عندك افكار رائعة اخي الكريم ان العمل الابداعي هو من يدافع عن نفسه الى مزيد من الابداع اخوك محمد

محمد سرحان
03/08/2008, 01:46 PM
أخي الأستاذ الفاضل محمد

لا بد لي من أن أثني أولا على كريم تعليقك ، وطيب مشاعرك في تقبل هذ الكتابات المتواضعة
فكل الشكر المقرون بالعرفان لك عزيزي .

*******
يقول حبر العربية الأكبر أبو عثمان الجاحظ بما معناه :

" إن المعاني مطروحة في الطريق وتأتي مهمة الكاتب في إلباسها مفرداته الخاصة "

وانا أطبق نفس النظرية الجاحظية !

ولذا فسوف لن أتنصل من حقيقة أن موضوع قصتي قد سال به الحبر من قبل ، ولكن علها محاولة شخصية لعرض وجهة نظر خاصة


موتي وتقديري

يوسف أبوسالم
03/08/2008, 05:11 PM
شَطَرَتْ دقات الثانية عشرة مساء ً نِصفَي تلك الليلة الحالكة الظلمة ، السماء ترعد وتزبد غضبا لتلطم قطراتها معطف رضوان القرمزي ، وتصفع - دون رقة - كيسا يحمله بيديه .



كانت خطواته تعانق طرف شارع قروي بتؤدة ٍ تلفت النظر أول الأمر، ثمة خيال يتبعه كظله من جهة اليمين ، استدارت عيناه ببطء – دون أن يحرك عنقه - لتلمحان شبح ذلك الظل الذي يسايره حذو النعل بالنعل .


" تبا لهذا القلب الذي تضور جوعا ليخرجني في هذه الليلة الكئيبة لأحضر بعض المعلبات ، هل كان ذلك مبررا كافيا يغري قدماي بالخروج ؟
لماذا لم أدُسَّ رأسي تحت الفراش لتنتهي القضية وأنام ؟"


كان صراخ المطر وحفيف الاشجار الجنائزي على جانبي الطريق عاملان أساسيان عززا ارتفاع منسوب الرعب في داخله ، هرول قليلا ، والظل يتبعه


" ترى من هذا الذي يلاحقني ؟
نعم لا بد أنه قاطع طريق
ولكن هل انا – بكل ما أمتلكه من بساطة واضحة – فريسة ٌمغرية ٌ لقاطع طريق ؟
وعلى افتراض أن هذا اللص الأحمق قد خمن أن معي شيئا يستحق السرقة ، فلم َ يعذبني حتى اللحظة ؟
لماذا لا يدس خنجره في ظهري ويريحني قبل أن يريح نفسه ! "


كان لسانه حلبة ً تتصارع عليها هذه الأسئلة وهو يغذ السير مسرعا وقد ظهرت على ملامحه بوادر نفاد الصبر ، وعيناه تعكسان احساسا بالذعر .


بلغ مجهودا خرافيا للتغلب على ضعفه ثم توقف مرة واحدة ، نظر بطرف العين ليجد شبح الظل منتصبا بجانبه ،
تسمرت قدماه وكانما قدتا من رصاص فتملكه ضعف هائل ، ولكنه تمالك نفسه بجهد خارق ثم أطلق ساقيه للريح ، أخذ يعدو ويعدو تلفت يمنة ليجد الظل يتبعه .


أدرك أنه بات أقرب إلى الجنون مما جعله يفتقر في تلك اللحظات للوعي الكافي لتحليل الموقف


" إن التمسك بهذا الكيس – مطمح ذلك اللص - تفكيرٌ يتسم بالغباء لرجل يريد أن يحافظ على حياته مثلي ، إذن لا خيار أمامي سأرمي لذاك الكلب هذه العظمة من يدي "


قذف رضوان الكيس وهو يعدو ثم أزاح يعينه دون أن يحرك رأسه ليجد الظل متشبثا بمطاردته


"اللعنة إذن يريد حياتي ! "



كان تفكير رضوان يتركز في كيفية اجتياز تلك الأمتار البسيطة للوصول إلى باب شقته ، كانت تلك الأمتار العشرة بحجم قارة تتحدى عدو قدميه اللتان عَقـََل الرعبُ القاتلُ حركتهما


وصل البيت ، ووارب الباب بحركة سريعة وبدت عيناه الحادتان تلتمعان وسط الظلام الحالك الذي يطوي الشقة ، تسابقت أنامله لتديرا مصباح الضوء


"الآن أنا هنا فلتذهب إلى الجحيم أيها الوغد! "


كانت عنقه تتخذ وضعا ثابتا دون حراك ، حاول أن يثنيها ليتأكد أنها مازالت تؤدي وظيفتها ، التفت يمنة لتتسمر عيناه على منظر الظل !



كان ظل المعطف !


المبدع محمد سرحان
أمران استوقفاني في قصتك هذه
الأول ....السرد الممتاز
والثاني الحوار الداخلي
وفي هذا أقول
بدأ السرد بانزعاجه من اضطراره للخروج وعبر عن ذلك تماما
بالحوار الداخلي الذي ظل يتنامى دراميا متماهيا مع الحالة النفسية للبطل
كان يحدث نفسه بنوع من الإطمئنان أنه إذا كان المطلوب الكيس فالأمر هين
ولكن اقرأوا معي كيف تحولت حدة السرد حين ظل الظل يلاحقه رغم رميه للكيس
اللعنة إذن يريد حياتي...!
وصارت الأمتار القليلة التي تفصله عن منزله بحجم قارة
ووارب الباب بسرعة ثم ..............
الآن أنا هنا ( الشعور بالأمان والتخلص من هاجس الظل والنجاة بحياته )
وأيضا لم يكتف بذلك فقد عبر عن سخطه وغضبه وقلة حيلته أمام الظل المطارِدْ فماذا قال
فلتذهب إلى الجحيم أيها الوغد
تماما حين كنا أطفالا ونتخانق مع أقراننا كنا إذا رأينا أبا أو أخا كبيرا أو وصلنا قرب المنزل ننطلق بالسباب والشتائم التي لم نكن نتفوه بها أثناء الهروب .....!!!!
كنا نستقوي بالقرب من المنزل أو بوجود الأخ أو الأب
وهكذا فعل بطلنا
وهكذا تفعل دولنا العربية التي تلعن الفساد والظلم يوميا بكل أخبارها الرسمية
ولكنها لم تلاحق أو تحاكم فاسدا واحدا .....
أما عن الفكرة فأنا أوافق الكاتب أن كل منا يمكنه أن يتناولها من زاويته الخاصة ولكن بشرط بسيط
وهو الإشارة إلى الفكرة الأصلية ....
وهذا هو نفس رأينا تماما الذي وجهناه لأحد المبدعين بالمربد بضرورة الإشارة لمصدر الفكرة الأصيلة
أخي محمد
شكرا لك

محمد سرحان
03/08/2008, 05:24 PM
الأستاذ الناقد يوسف أبو سالم
ومرة أخرى
هاهو نصي المتواضع يطأطيء رأسه احتراما أمام حبرك النقدي الموضوعي

إن النص يحتاج قارئا استثنائيا يسبر غوره ... وتلك الاستثنائية تجسدت في تلقيكم الكريم الذي يتسم بدرجة عالية من الوعي

فما أسعدني إذ تتلقف يداك الكريمتان كل مرة ما يسيل به مدادي المتواضع

شكرا لقنديلك النقدي إذ سلط ضاءاته المميزة على تلك الأسطر

ولكن أرجو ان تعذرني فأنا لا أعرف من كان قد كتب في نفس الفكرة من قبل ... لقد كان وحي لحظة

مودي وتقديري

مريم خليل الضاني
05/08/2008, 03:00 PM
الأستاذ الفاضل محمد سرحان :
قصة جميلة ومشوقة . حبست أنفاسي وأنا أتابع حركة البطل وركضه إلى النهاية .
دمت طيبا .

محمد سرحان
05/08/2008, 09:01 PM
الأخت الكريمة شكرا لتعليقك الرقيق وبارك الله فيك ِ

مودتي وتقديري

الجمانة
05/08/2008, 09:10 PM
أحيي قلمك ولغتك الرصينة ..

أجدت في السرد الذاتي ووصف شعور البطل ..

تحية لقلمك ..

نبيل جواد
06/04/2011, 12:06 PM
شكرا للاخ الكريم اوافق اساتذتي بان الفكرة مطروقة في روايات متعدد وافلام سينمائية ؟ لكن لغتك سلسة وجميلة
صيغة بطريقة حكائية منمقة