المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة نقدية لمجموعة ( سرداب التاجوري )



مريم خليل الضاني
01/08/2008, 12:38 AM
القضية/المرأة الشرقية/الهم الإنساني .. في سرداب التاجوري)

للوهلة الأولى ، عندما تقرأ نصا تقف خلفه شخصية فلسطينية ، تقوم بتهيئة نفسك وذهنك لاستقبال نص يتحدث عن القضية الفلسطينية ومشاكلها الكثيرة والمعقدة .
لكن مع مريم الضاني في مجموعتها القصصية (سرداب التاجوري) الصادرة عن دار المفردات عام 1428هـ - 2008م تجد الأمر ليس كما تتوقع وتلوكه في مخيلتك وأنت تقرأ سيرة الكاتبة .
نجد أن الضاني عمدت إلى الولوج إلى الهم الإنساني بجميع جوانبه وخاصة ما يتعلق بالمرأة الشرقية . لذلك نجد أن القضية الفلسطينية لم تأخذ حيزا كبيرا من المجموعة إلا في نص وحيد وهو(طرب وحرب وبرتقال) والمضامين التي أرادت القاصة إيصالها للمتلقي في هذه القصة عمدت إليها من خلال الحياتي/اليومي ، بل كانت صورة الحدث خارج حدود الوطن/القضية وفي تفصيل للممارسات المرتبطة بالقضية وخاصة إهمالها وتهميشها وجعلها قضية منبرية تسّخر في المحافل والمناسبات لكسب قلوب الناس مع قضيتهم الأم .
النص جاء على عجل ، وكأنه مهرولا إلى النهاية مع مرور سريع على اهتمامات وطرق حياتية سائدة في الوقت الحاضر . هذا النوع من طرق التفكير الإبداعي الذي يسعى إلى معالجة قضية كبرى يجد نفسه ينطلق أما من منطلق المؤامرة وتكالب العالم بأسرة عليه ، أو يتجه إلى جلد الذات والقسوة في ذلك وتصوير الوضع بأنه وضع مزري يهتم بتوافه الأمور وصغارها مما جعل القضية تتوارى خلف الستارة .
الضاني عمدت إلى جلد الذات من خلال تصوير حال المجتمع وهو ينشغل عن قضية فلسطين ببرنامج (سوبر ستار) الغنائي أو تتبع أحدث الأغاني كأغنية (البرتقالة) . ولعل القسوة جعلت النص يفر من نفسه ويبحث عن مخرج سريع كمتنفس يتحرر فيه من قبضة الجلاد/الضاني .
وأعتقد أن من عيوب النصوص الأممية أنها تقع في فخ التكرار من جهة ، ومن جهة أخرى أنها شاءت أم أبت ترتطم بسد منيع يجعلها مقيدة بعناصر محددة ولو أضيف عليها نوع من الابتكار النوعي وليس القيمي كون القيم واحدة في مثل هذه المواضيع .
الحنين للوطن كان لابد أن يتواجد في سرد الضاني ، وقد تمثل ذلك في (سرداب التاجوري) وكيفية الصراع الهائل بين العودة للوطن الأم وبين البقاء في وطن المعيشة ، اختيار بطلة القصة ، تلك الطفلة الصغيرة البريئة، للبقاء في وطن المولد والذكريات الحاضرة الجميلة يحاكي سيرة القاصة التي قررت البقاء مجبرة ، فهي لا تود الرحيل عن أرض أحبتها وتعلقت بها . ويتلقفنا هذا التعلق والتأثر بالبيئة في أول قصة في المجموعة (أسبرين) حيث بطلة القصة تبرر لزوجها غياب الأبناء بذهابهم للبر .
ومع شدة هذا التعلق نجد في قصة (عصفور على النافذة ( تقمص دور العصفور ومحاكاته على أنه بشر له وطن يجب أن يحن له ويعود إليه (من أي سماء أتيت ؟! ألا تحن إلى بلادك البعيدة ؟! حلقت بعيدا ثم حططت على مصباح مكسور في زقاق ) .
هذا النص ، ومن خلال الحوار الداخلي/الذاتي ، يكشف عن حقيقة المشاعر وأن هناك ذوبان في جسد العصفور لتحقيق رغبة التحليق فوق سماء الوطن الأصلي بالرغم من الانتماء وحب وطن المولد والمنشئ والذكريات .
ومما يلفت النظر في مجوعة الضاني تصويرها للمرأة والتوغل في قضاياها بطريقة خاصة تلاشت في الأطروحات الأخيرة في عالم السرد .
نجد أولا أن الضاني صورت المرأة بصورة شرقية بحته ، ولم نلمح ملامح تحررية تواكب التيار السائد . بدأ من مظهرها وهندامها وتسريحها لشعرها ، بعد ذلك نجد أن المرأة كما هي في الواقع المعاش تمتهن التدريس كمجال عمل يقره المجتمع ويحفز عليه ، وقد تكرر بشكل بارز في هذه المجموعة كـ (أسبرين – ثلاثة على الطريق ) .
وأيضا نجد طريقة تفكير المرأة المحافظة/التقليدية حيث نجد بطلات قصص الضاني يعمدن إلى التفكير السائد في العلاقة بين الرجل والمرأة المتزوجَين ، فقضية الإنجاب حاضرة وتشكل عقبة فاصلة كما في (مارد – ثلاثة على الطريق) وكذلك نجد الحب الشرقي الذي عندما يحضر يجلب معه تراكمات دينية وثقافية واجتماعية ، بينما نجد عكس ذلك عند الغرب أو المتحررين من العرب الذي يرون في الحب حالة جنونية يتخلون فيها من كل أعباء الموروث التي يرون أنها أثقلت كاهلهم .
نجد الحب في قصة (مارد) متوقد وملتهب ولكن كل هذا عبر قطيعة بين الطرفين ، حيث ترفض المرأة الانصياع للرغبة والنزوة وهي في حضن رجل آخر/زوجها حتى ولو كان حبيبها هو زوجها السابق (العقيم) لذلك تبقى القصة تدور في فلك الاحتراق الذي يسلم بضرورة الإطفاء أولا وأخيرا .
أما مواضيع المرأة التي ولجت إليها الضاني نجد أن بعضها قضايا شرقية بحته لا تحدث في غيرها .
فنرى قضية الشرف/البكارة وكيف هي لحظات حاسمة تشخص من أجلها الأبصار وتلمع من أجلها الأعين بدموع الفرح/الحزن كما في قصة (صباح الدم) وإن كان هذا النص جميل في لغته ومضامينه إلا أن العنوان كشف عن عقدته بشكل أفقد القارئ/ــه الحصيف من تلقي الصدمة بتفاعل أكبر .
ونجد أيضا موضوع تعدد الزوجات وقبول الزوجة الأولى بذلك كما في (أسبرين) . أيضا يقابلنا موضوع الخيانة الزوجية وإحساس المرأة بذلك أولا عبر الأحلام أو الظنون والهواجس ، ثم نجد هذه المرأة ترى مشهد الخيانة أمامها في عش الزوجية فبدلا من اتخاذ موقف حاسم في تلك اللحظة تقبل الخضوع والانسحاب بهدوء مراعية في ذلك الأعراف والتقاليد والمجتمع ، بل قد يكون مرد ذلك إلى التربية الاجتماعية التي تقيد انفجار المرأة في وجه زوجها حتى لو كان ذلك في مواطن الخيانة والظلم .
في ختام موضوع المرأة يوجهنا نص مختلف عن كل ما سبق ، سواء في طريقة التفكير أو الموضوع ، حيث نجد في قصة (علاقة) خروج عن سياق المرأة التقليدية الذي سارت عليه الضاني في جميع قصصها التي طرقت فيها موضوع المرأة .
نجد في هذا النص الذي إذا سعينا إلى تفكيك رموزه عبر الإيحاءات الموجودة في النص ، وعنوانه أيضا ، نجد أن النص يتحدث عن علاقة عبثية ماجنة بين رجل وامرأة تم الوقوع فيها بالمحظور بعد محاولات عدة كانت تحوم حول الحمى ولكنها لا تصب الهدف من (إنها مجرد لعبة أجد المتعة في ممارستها) ثم نجد وصف شعور التجربة (سرت في جسدها تلك الرعدة المعتادة ، تصبب العرق منها غزيرا) وتختم القصة بـ (الدم ظل يتدفق من الشريان المقطوع( .
ولا يخفى على قارئ/ـة هذه المجموعة القصصية الهم الإنساني الذي كان حاضرا ويلامس المشاعر التي تتأثر بما ترى وتسمع من قضايا ، لذلك نجد تنوع في القضايا المطروحة في محاولة من قبل القاصة إلى إبراز أكبر قدر ممكن من المعاناة الإنسانية .
نلاحظ المعاقين حاضرين من خلال نص (خطوات ميتة) في حدث تقابلي قائم على الحوار المشبع بالتنفيس وتفريغ أحاديث النفس المكبوتة . أيضا هناك نص آخر يدور في محور المعاقين (انتظار) وتم من خلاله رصد أدق التفاصيل عن حياة المعاق وسط أسرته .
ولعل قضية بر الوالدين شكلت خط إنساني اعتمدت عليه القاصة ، فطرقته من عدة طرق مختلفة كما في (على بابه – مثل ما أحب أمي) .
خلاصة القول في هذه النقطة ، أن الضاني ملتصقة بالمجتمع وتسعى إلى تلمس همومه عبر الإعاقة وعقوق الوالدين ، وترسم شخصياتها دائما في حالة الانكسار والضعف وبعد ذلك تقتحم المجتمع من هذه الزاوية .

قراءة نقدية بقلم القاص السعودي عبدالله الدحيلان

د.ألق الماضي
13/09/2008, 01:42 AM
قراءة واعية طوفت بالمجموعة...
وسبرت أغوارها...
مريم...
هنيئا لك هذه القراءات...
ولعل هذا النجاح يكون مقدمة لنجاحات أكبر...

مريم خليل الضاني
20/01/2009, 08:45 PM
صديقتي الحبيبة ألق :
ألف شكر لك على كلماتك المضيئة المشجعة وعذرا على تأخري في الرد .
دمت لأختك المحبة .