المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بسمة ٌعلى ثغر شتاءٍ حزين



محمد سرحان
31/07/2008, 06:23 PM
مدخل لفهم القصة :


جاء في المأثور :
كن جميلا ترى الوجود جميلا



*********************


باكورة ُيوم ٍتشريني غائم،ٍ السحب ُالكثيفة تبلل ثغر السماء ، وأشعه الشمس تلسع أديم شاطي تلك المدينة الساحلية بين الحين والآخر. ولكن لا شيء يتوقف عن الحركة في المدينة ، فالشوارع ينوء كاهلها بخطوات المارة كما جرت العادة .


ورغم ان هذا أول يوم غائم خلال ثلاثة اشهر من صيف ساخن ، إلا أن حنين سكان المدينة مازال يتوق لايام الصيف الرطبه العطشى .


جلست بشرى في شرفة بيتها ترتشف ُكأسا من القهوة السادة ، ترمق بجمود خيوط شمس ٍ بدأت تسد الافق رويدا رويدا لتعانق جدران المباني، أحست أن ثمة جبلا جاثما على صدرها ، نبضات قلها في ماراثون صاروخي .


بدأت تمارس طقوسها الصباحية في تنظيف البيت ، لم تنس ان تمسح الغبار المتطاير على تلك اللوحة التي تتوسط صالة الشقة، اللوحة عبارة عن طفلة صغيرة دامعة العينين ، كان هذا المنظر يداعب ذائقتها التي تجنح دوما لما هو حزين .


أدارتت قطعة من الموسيقى الحزينة التي تعشقها لتطرد الضجر الذي خمنت أنه وراء تسارع نبضات قلبها ، وعلى تلك الأنغام خلعت ملابسها استعدادا لحمام صباحي قبل التوجه للعمل .


شعرت باسترخاء مؤقت على بخار الماء الساخن الذي يداعب مسامات جلدها . ولكن النبض مازال يتسارع ، بيد أنها لم تعطه مساحة واسعة من التفكير .


نزلت السلم وشقت طريقها الى الشارع. وعيناها لا تكفان عن رفع البصر صوب السماء الغائمة. انه يوم غير عادي في حياتي العادية ! ، ولكن أي غرابة في هذا ، إن هذا أول تشرين ! ، ثم ارتسمت بسمة باهتة على شفتيها .


شقت طريقها باتجاه قطارات الانفاق ، لا تزال تشعر بالثقل على صدرها. جلست في مقدمة المقطورة ، تحدج في تلك الوجوه المألوفة التي اتخذت ملامح موحدة من اللامبالاة، تساءلت ما إذا كانت تلك الكائنات الحيه تحمل أي مشاكل.


كانت متعبة كالعادة عندما وصلت عملها ،سحنتها المليئة بالضجر ، لم تفاجأ دهشة زملائها الذين ألفوا هذا الوجه المفعم بالكآبة ، حدجت الموظفين في المكتب، كما لو كانت تراهم من جديد. هل هوالتغيير؟ مستحيل.إن هذا العِرق البشري لا يمكن أن يتنازل البتة عن إخلاصه لمباديء الكآبة . كان زملائها- في الواقع - يحملون وجهة النظر نفسها تجاهها


أدارت الكرسي صوب نافذة مكتبها ، ترمق ظلال السحب الكثيفة محاولة أيجاد نوع من صلة بين ما يجري في السماء وما يعتور قلبها من ثقل. و ربما كانت الشخص الوحيد في تلك الأثناء من كان يفكر للخروج من النافذة الى السماء.


عادت إلى البيت، حيث أقامت نحو ساعة في الحوض. على ألانغام الحزينة، مخمنة ان حماما دافئا طويلا سينتشلها اخيرا من هذا الشعور ، بيد انها لم تقو تلك الموسيقى ولا الماء الدافئ أو حتى القليل من اليانسون على فعل اي شيء.


خرجت من الحوض ودست نفسها في السرير. كانت ليلة شتائية، جميع النوافذ كانت مغلقة. بقيت في الفراش لساعة ، او ساعتين ، النوم يصفع عينيها والوسادة ترفس رأسها . وغدت محاولة الاضطجاع ضربا من العبث أمام تمنّع هذا النوم .


في وقت لاحق من تلك الليلة ، وكنوع من النشاط المضاد لضجر ، قلبت إحدى الكتب التي اهدتها زميلة لها مؤخرا بعنوان "دعوة للسعادة " ، أثار انتباهها عبارة تقول :
" استيقظ وعش " !!


فكرت قليلا : " حسنا ولم َ ؟ إنها نظرية تستحق التجربة "


أدارت قطعة من الموسيقى الكلاسيكية المرحة . ابتسمت وبدأ تسارع نبضاتها يخفت تدريجيا على صوت الموسيقى الهادئة الذي يعانق جدران الشقة. تسلل إليها شعور غريب بالسعادة .


"علي أن أنفذ مهمتي الآن "


حدثت نفسها وهي تنزل تلك اللوحة الدامعة من الصالة ، ثم وضعت مكانها إحدى لوحات كلود مونيت البهيجة .


وفي صباح اليوم التالي كان كل شيء يوحي بالجِدة ، الشمس تتسلق كتف السماء وتعانق اشعتها سهول تلك المدينة بحنو .


كانت بشرى في وضع استثنائي من البهجة ، لاحظت أن الناس كلهم مبتهجون وقد غادرت الكآبة وحوههم ، وصلت لعملها و تلك الابتسامة تغطي تضاريس وجهها . كان الفضول يتصارع على السنة زملائها:
ولكن كيف و لماذا؟

الجمانة
31/07/2008, 07:28 PM
سرد ماتع ..

وفكرة واضحة وضوح الشمس ..

فحياتك من صنع أفكارك ..

سلم لنا بنانك أيها القاص ..

* * * *

طارق شفيق حقي
31/07/2008, 09:18 PM
سلام الله عليك
لغة جميلة وسرد خفيف الظل
وأرى أن القصة لا تحتاج للمدخل
كما لا تحتاج للسطر الأخير( كان الفضول يتصارع على السنة زملائها:
ولكن كيف و لماذا؟ )
هي تحتاج لثقة الكاتب بالقارئ
- من جهة أخرى فالقصة تحمل فلسفة مبنية على التأمل والنفاذ لكنه الأشياء وهي ذي فيما أرى وظيفة الأديب, فالواقعية التي يقدمها والتي يعرفها المتلقي لن تكون فنية بدون غاية
- من جهة أخيرة أرى أن القصة العربية هي ما تلخص بمثل, رغم أن القصة هنا حاولت الدخول بمدخل الشورت ستوري، لكننا سنظل حتى نصل للأسلوب العربي في بناء القصة القصيرة العربية الروح والعربية الأسلوب
لك تحياتي

محمد سرحان
31/07/2008, 10:57 PM
الجمانة


زينت ِ جيد هذه الأقصوصة بعقد من حروف ٍماسية


مودتي وتقديري لك ِ


*************************


الأخ طارق شفيق حقي


دعني أثني أولا على كريم إطرائك الذي وسمتني به


ولكن اسمحلي بهذه الفسحة القصيرة من التعليق على ما جاء في ردك



وأرى أن القصة لا تحتاج للمدخل




كما لا تحتاج للسطر الأخير( كان الفضول يتصارع على السنة زملائها:

ولكن كيف و لماذا؟ )






أنا كويتب يكتب للجميع لا للنخبة ، يسعى أن تصل كلمته متعرية من دِثار الغموض .


فالقراء يتباينون في تلقيهم وفي فهمهم القرائي ، منهم من يصل إلى الفكرة دون كبير عناء ، وهناك طائفة تحتاج إلى دليل أو مفتاح يفك شيفرة المقروء


وأنا أكتب لهؤلاء وهولاء !


أما بخصوص السطر الأخير من مداخلتك فلم أستطع أن أتجاوزه دون أن تتطاير علامات الاستفهام صوبي ، والحقيقة لست أدري ما تقصد ؟


شخصيا أرفض تلك التصنيفات التي تحشر الفن الأدبي - أيا كان نوعه - تحت زمرة أدب غربي أو عربي


إن الأدب تحت كل مسمياته فن إنساني لا يخضع للتقسيمات الجغرافية ولا يعترف بحدودها


والتلاقح الثقافي - على افتراض وجوده في أدبنا - تضرب جذوره في قديم تراثنا العربي منذ الأزل


تحياتي وتقديري

يوسف أبوسالم
01/08/2008, 09:43 AM
مدخل لفهم القصة :


جاء في المأثور :
كن جميلا ترى الوجود جميلا


*********************

باكورة ُيوم ٍتشريني غائم،ٍ السحب ُالكثيفة تبلل ثغر السماء ، وأشعه الشمس تلسع أديم شاطي تلك المدينة الساحلية بين الحين والآخر. ولكن لا شيء يتوقف عن الحركة في المدينة ، فالشوارع ينوء كاهلها بخطوات المارة كما جرت العادة .

ورغم ان هذا أول يوم غائم خلال ثلاثة اشهر من صيف ساخن ، إلا أن حنين سكان المدينة مازال يتوق لايام الصيف الرطبه العطشى .

جلست بشرى في شرفة بيتها ترتشف ُكأسا من القهوة السادة ، ترمق بجمود خيوط شمس ٍ بدأت تسد الافق رويدا رويدا لتعانق جدران المباني، أحست أن ثمة جبلا جاثما على صدرها ، نبضات قلها في ماراثون صاروخي .

بدأت تمارس طقوسها الصباحية في تنظيف البيت ، لم تنس ان تمسح الغبار المتطاير على تلك اللوحة التي تتوسط صالة الشقة، اللوحة عبارة عن طفلة صغيرة دامعة العينين ، كان هذا المنظر يداعب ذائقتها التي تجنح دوما لما هو حزين .

أدارتت قطعة من الموسيقى الحزينة التي تعشقها لتطرد الضجر الذي خمنت أنه وراء تسارع نبضات قلبها ، وعلى تلك الأنغام خلعت ملابسها استعدادا لحمام صباحي قبل التوجه للعمل .

شعرت باسترخاء مؤقت على بخار الماء الساخن الذي يداعب مسامات جلدها . ولكن النبض مازال يتسارع ، بيد أنها لم تعطه مساحة واسعة من التفكير .

نزلت السلم وشقت طريقها الى الشارع. وعيناها لا تكفان عن رفع البصر صوب السماء الغائمة. انه يوم غير عادي في حياتي العادية ! ، ولكن أي غرابة في هذا ، إن هذا أول تشرين ! ، ثم ارتسمت بسمة باهتة على شفتيها .

شقت طريقها باتجاه قطارات الانفاق ، لا تزال تشعر بالثقل على صدرها. جلست في مقدمة المقطورة ، تحدج في تلك الوجوه المألوفة التي اتخذت ملامح موحدة من اللامبالاة، تساءلت ما إذا كانت تلك الكائنات الحيه تحمل أي مشاكل.

كانت متعبة كالعادة عندما وصلت عملها ،سحنتها المليئة بالضجر ، لم تفاجأ دهشة زملائها الذين ألفوا هذا الوجه المفعم بالكآبة ، حدجت الموظفين في المكتب، كما لو كانت تراهم من جديد. هل هوالتغيير؟ مستحيل.إن هذا العِرق البشري لا يمكن أن يتنازل البتة عن إخلاصه لمباديء الكآبة . كان زملائها- في الواقع - يحملون وجهة النظر نفسها تجاهها

أدارت الكرسي صوب نافذة مكتبها ، ترمق ظلال السحب الكثيفة محاولة أيجاد نوع من صلة بين ما يجري في السماء وما يعتور قلبها من ثقل. و ربما كانت الشخص الوحيد في تلك الأثناء من كان يفكر للخروج من النافذة الى السماء.

عادت إلى البيت، حيث أقامت نحو ساعة في الحوض. على ألانغام الحزينة، مخمنة ان حماما دافئا طويلا سينتشلها اخيرا من هذا الشعور ، بيد انها لم تقو تلك الموسيقى ولا الماء الدافئ أو حتى القليل من اليانسون على فعل اي شيء.

خرجت من الحوض ودست نفسها في السرير. كانت ليلة شتائية، جميع النوافذ كانت مغلقة. بقيت في الفراش لساعة ، او ساعتين ، النوم يصفع عينيها والوسادة ترفس رأسها . وغدت محاولة الاضطجاع ضربا من العبث أمام تمنّع هذا النوم .

في وقت لاحق من تلك الليلة ، وكنوع من النشاط المضاد لضجر ، قلبت إحدى الكتب التي اهدتها زميلة لها مؤخرا بعنوان "دعوة للسعادة " ، أثار انتباهها عبارة تقول :
" استيقظ وعش " !!

فكرت قليلا : " حسنا ولم َ ؟ إنها نظرية تستحق التجربة "

أدارت قطعة من الموسيقى الكلاسيكية المرحة . ابتسمت وبدأ تسارع نبضاتها يخفت تدريجيا على صوت الموسيقى الهادئة الذي يعانق جدران الشقة. تسلل إليها شعور غريب بالسعادة .

"علي أن أنفذ مهمتي الآن "

حدثت نفسها وهي تنزل تلك اللوحة الدامعة من الصالة ، ثم وضعت مكانها إحدى لوحات كلود مونيت البهيجة .

وفي صباح اليوم التالي كان كل شيء يوحي بالجِدة ، الشمس تتسلق كتف السماء وتعانق اشعتها سهول تلك المدينة بحنو .

كانت بشرى في وضع استثنائي من البهجة ، لاحظت أن الناس كلهم مبتهجون وقد غادرت الكآبة وحوههم ، وصلت لعملها و تلك الابتسامة تغطي تضاريس وجهها . كان الفضول يتصارع على السنة زملائها:


ولكن كيف و لماذا؟


أخي محمد سرحان
مساء الخيرات

أعجبتني فكرة القصة الداعية إلى التفاؤل
لكنني رغم توضيحك لأخي طارق
لست مع وضع هذا المدخل لفهم القصة
فعلى المتلقي أن يبذل بعض الجهد في الفهم
أيا كان مستواه الثقافي
لكنني رغم إعجابي بالقصة وفكرتها
اسمح لي أن أشير لبعض التفصيلات الصغيرة
لم تفاجأ .....لم تفاجىء
كان زملائها ....كان زملاؤها
والأهم من هذا
السؤال
ولكن كيف ولماذا ...!!؟
ولو كنت أحد زملائها لتساءلت بنفس الدهشة
هل يحدث التغير دون مقدمات تنبىء بحدوثه
هل يأتي فجأة هكذا كما حدث لبطلة القصة
ألا يجب أن ترتبط المقدمات بنتائج منطقية
ألا ترى معي أن البناء الدرامي لتطور الشخصية
انتابه بعض الخلل
وأن مجرد رؤية عنوان ليس مبررا لكل هذا التغيير الشامل
وخصوصا أنك نقلتها من حالة إدمان الكآبة إلى ( وضع اسنثتائي من البهجة )
لو أنها وقعت في حالة حب مثلا أو صادفت نجاحا ملموسا بالعمل أو ..أو...
لا أدري مع أنني مع الطرح بصفة عامة
لكن كل هذا لا يقلل من جمالية القصة ولا من سلاسة السرد
تحياتي

محمد سرحان
01/08/2008, 11:04 AM
نعم !


هذه هي الأقلام التي تلقي عواطف المجاملة الرخيصة وراء ظهرها لتكمل لبنة في العمل الإبداعي


يوسف أبو سالم


فلتسمح لي أن ألقي قبعتي احتراما لهذا التناول الموضوعي لمفردات تلك القصة سردا وحبكة ً وأخطاءً إملائية ... والتي سأحاول - وأؤكد لنفسي قبلكم - تلافيها فيما يأتي من كتابات .


بورك فيك أخي ... فهذا ما أريده ...


ولكن !


سوف لن تمنعني ارتشاف لذة المناقشة مع شخص كريم مثلك يمتلك حسا قرائيا عاليا :)




والأهم من هذا
السؤال
ولكن كيف ولماذا ...!!؟
ولو كنت أحد زملائها لتساءلت بنفس الدهشة
هل يحدث التغير دون مقدمات تنبىء بحدوثه
هل يأتي فجأة هكذا كما حدث لبطلة القصة
ألا يجب أن ترتبط المقدمات بنتائج منطقية
ألا ترى معي أن البناء الدرامي لتطور الشخصية
انتابه بعض الخلل





فكرت ُ كثيرا .. وكثيرا جدا - أخي يوسف- في أي خاتمة ستطوي بها عين القاريء القصة !
وأدركت ُ أن ثمة مثلبا يعتور النهاية ،بيد أنها كانت أفضل ما وضعته امامي طاولة الاقتراحات عند نهاية القصة وتشذيبها ... .


لم أشأ أن أكثف السرد.. لفهمي لطبيعة القاريء العربي الذي يأنف التطويل والتكثيف أحيانا ، ولأن القصة وفكرتها البسيطة لا تحتمل التطويل أيضا .


ربما كان هناك تقصير ، ولكنها تصنف محاولة


مودتي وتقديري

يوسف أبوسالم
01/08/2008, 11:15 AM
أخي محمد
مساء الورد

أنا مدين لتواضعك
وموضوعيتك وتفاعلك
حين أعثر على كاتب مثلك أفرح لأنه
لا يشخصن الأمور
وهكذا بمثل هذه الروح يمكننا أن نبني حسا نقديا
عاليا..
وأن نبتعد عن مجاملات لا تسمن ولا تغني من جوع
سلمت أخي أسعدتني والله
فشكرا

طارق شفيق حقي
05/08/2008, 01:20 PM
أنا كويتب يكتب للجميع لا للنخبة ، يسعى أن تصل كلمته متعرية من دِثار الغموض .

لا يوجد ما يسمى نخبة في التلقي اللهم إلا حديثاً في مصطلحات الحداثة التي تبرر استغلاق نصوصها بعدم ثقافة المتلقي، لذا فهي تتوجه للنخبة ومشاكلهم بين بعضهم أشد كذلك،أما عن دثار الغموض، لنميز بين الغموض و الاستغلاق الهجين
فالغموض هو غموض الغابة الجميل، وهو غموض أخاذ ساحر يستلب الألباب ويضمها حتى الوصول
لذا لا عيب في الغموض إلا إذا كان غموضاً غير فني أو غموضاً مراد لغاية الغموض




فالقراء يتباينون في تلقيهم وفي فهمهم القرائي ، منهم من يصل إلى الفكرة دون كبير عناء ، وهناك طائفة تحتاج إلى دليل أو مفتاح يفك شيفرة المقروء

وأنا أكتب لهؤلاء وهولاء !


نظرية التلقي متشعبة الجوانب لن أخوض في تفاصيل كثيرة وحسبي أن أذكر وجهة نظري المقتنع بها حتى الآن
وهي أن النص الجميل يؤثر في كل الناس، لكنه قد يفهم لطبقة دون غيرها بشكل أعمق، نستثني من ذلك سوء التلقي ومن ذكرهم ابن طباطبا في كتابه عيار الشعر
وبالطبع الكتابة الفنية هي من تلقي المفاتيح لفهم النص، لكنها مفاتيح لماحة بليغة الأثر في النفس.


أما بخصوص السطر الأخير من مداخلتك فلم أستطع أن أتجاوزه دون أن تتطاير علامات الاستفهام صوبي ، والحقيقة لست أدري ما تقصد ؟

شخصيا أرفض تلك التصنيفات التي تحشر الفن الأدبي - أيا كان نوعه - تحت زمرة أدب غربي أو عربي إن الأدب تحت كل مسمياته فن إنساني لا يخضع للتقسيمات الجغرافية ولا يعترف بحدودها

والتلاقح الثقافي - على افتراض وجوده في أدبنا - تضرب جذوره في قديم تراثنا العربي منذ الأزل

تحياتي وتقديري

لنتكلم أولاً عن المثاقفة ، والتي يستشهد بها البعض رداً عن المدافعين عن الشكل العربي الناظم للأجناس الأدبية

فالمثاقفة في المعنى الحقيقي هي المثاقفة بالسيف
وبالمعنى الاصطلاحي هي المثاقفة بين الحضارات والشعوب

لكن المثاقفة بالسيف لا تعني البتة تركك لسيفك
بل يقويها ضربك الشديد واستخدامك لفنون السيف
فيقوى الخصم ويزيدم فنوناً وبالتالي تزداد الفنون مهارة

وانسحاباً للمعنى الاصطلاحي
فالمثاقفة بين الشرق والغرب لا تعني أن نكتب القصة وفق الشكل الغربي ونقول هي المثقافة
بالتأكيد استخدام المصلطح كان بشكل خاطىء
أما عن التعبير الإنساني
فهل نقول إننا نقدر أن نعبر عن خلجات قلوبنا وأفئدتنا بشكل غربي

أنا شخصياً أقول : لا
لأن أليات التعبير التي ولدت فينا كان نتاج انصهار عوامل كثيرة
وكانت الخلاصة التي تشربتها عقولنا وأقلامنا
لا شك أننا نفيد من كل العلوم الإنسانية والنصوص الأدبية
لكننا نتقبل ما يناسبنا بل ونصوغه وفق أليتنا التعبيرية واللغوية وفق عوامل الانصهار المذكورة

بالطبع هذا الكلام الذي نخوض فيه قد يكون بديهي وربما كل الأقوام والشعوب تفعل هذا الفعل في وجدانها الحاكم لطرائق تعبيريها الإنساني

نزولاً نحو مقصدنا
وهو أن القصة العربية فقدت أسلوبها العربي
وهي تكتب وفق الشكل الغربي الذي اختطه موبسان
لا شك أن هناك محاولات عربية عديدة طورت هذا الأسلوب وصاغته وفق الحاجة النفسية العربية
لكني أزعم أن ما بني على تقليد ، فقد مكانته لدى الشعب بعامته

وهذا حال الفنون الأدبية كالشعر والقصة
فقدت جمهورها
وترانا نبحث اليوم عن المجرم
هي جريمة أدبية بكل المقاييس
ونحن بحاجة لنعيد لفنونا شكلها العربي ونطورها حتماً وفق معاصرتنا
وهذا ما أرمي إليه وأجد البداية تكون من الاصلاح النقدي بداية مع المصطلح لخلق أجواء تساهم في خلق قصة عربية التعبير عربية الشكل

أرجو أن أكون قد أبنت والكلام بالتأكيد متشعب وذو شجون

لك تحياتي

محمد سرحان
05/08/2008, 09:38 PM
أخي الكريم


أسعد الله مساءك ، وفرحك بما يطمح إليه بالك


كنت ُ أؤثر - ولعلك تشاطرني الرأي - أن نفصل نقاشنا حول الحداثة والمثاقفة والقديم والجديد في موضوع منفصل كيما لا ندير النظرات عن هذه الأقصوصة .. وإني لأرجو أن يتم هذا في أقرب فرصة متى ما سمح بذلك وقتك .


عموما سأدير ظهري عن تتبع جذور المصطلحات وردها إلى أصلها وزج هذه في تلك وتلك في هذه ؛ لأني أرفض تصنيف نفسي في قائمة ضيقة من المصطلحات النقدية من قبيل حداثي وغير حداثي الخ .


وكما صرحت سابقا ، أنا كويتب أكتب للجميع ، ورغم رفضك لنظرية طبيعة المتلقي أخي ؛ فإنك لن تستطيع إنكار الفروقات الفردية بين القراء من حيث طبيعة تلقيهم .

×××××××××××××

بخصوص التأثر والتأثير
***************
أولا وقبل كل شيء
لا مناص من الاعتراف أن القصة - بشكلها وهيكلها وبنائها الفني - منتج غربي !.


عربيا ... أول رواية تحمل ملامح القصة والسرد هي رواية زينب لهيكل ، كتبت بعد 150 أو مئتي سنة من ظهور القصة على مسرح الأجناس الأدبية ...


لذا أجد من غير الحكمة - وهذا على الأقل ما أؤمن به - أن أعلق يافطات الرفض إزاء ظاهرة المؤثرات الغربية التي تتسرب في نسيج القصة العربية في زمننا هذا ، وحتى فيما سبقه من زمن رغم عمرها القصير !.


هذه المؤثرات - إن عددناها تهمة حسب رؤيتك أخي - فإن على ثلاثة أرباع القاصين العرب أن يزجوا خلف قضبان التقليد


فمن يترأ من تلك التهمة ؟!

عبد المنعم جبر عيسي
23/08/2008, 02:21 PM
مع رغبتي - صديقي - في الوصول بجمال نصك إلي الكمال ، تتعانق من خلاله ارتباط النص الجميل مع رمز المحتوي .. أجدني مشدودا للوقوف مطولا أمام العنوان ( بسمة علي ثغر شتاء حزين ) .. فمع طوله الواضح ؛ جاء بعيدا نوعا عن مضمون النص .. حيث إن هناك مسافة شاسعة تفصل بين ( الحزن ) كشعور وقتي سرعان ما يزول ، وبين ( الكآبة ) كمرض يبدو لي أن بطلة قصتنا عانت منه لسنوات ..
تقبل مروري

طارق شفيق حقي
29/08/2008, 06:26 PM
أخي الكريم




أسعد الله مساءك ، وفرحك بما يطمح إليه بالك


كنت ُ أؤثر - ولعلك تشاطرني الرأي - أن نفصل نقاشنا حول الحداثة والمثاقفة والقديم والجديد في موضوع منفصل كيما لا ندير النظرات عن هذه الأقصوصة .. وإني لأرجو أن يتم هذا في أقرب فرصة متى ما سمح بذلك وقتك .


عموما سأدير ظهري عن تتبع جذور المصطلحات وردها إلى أصلها وزج هذه في تلك وتلك في هذه ؛ لأني أرفض تصنيف نفسي في قائمة ضيقة من المصطلحات النقدية من قبيل حداثي وغير حداثي الخ .


وكما صرحت سابقا ، أنا كويتب أكتب للجميع ، ورغم رفضك لنظرية طبيعة المتلقي أخي ؛ فإنك لن تستطيع إنكار الفروقات الفردية بين القراء من حيث طبيعة تلقيهم .

×××××××××××××

بخصوص التأثر والتأثير
***************
أولا وقبل كل شيء
لا مناص من الاعتراف أن القصة - بشكلها وهيكلها وبنائها الفني - منتج غربي !.


عربيا ... أول رواية تحمل ملامح القصة والسرد هي رواية زينب لهيكل ، كتبت بعد 150 أو مئتي سنة من ظهور القصة على مسرح الأجناس الأدبية ...


لذا أجد من غير الحكمة - وهذا على الأقل ما أؤمن به - أن أعلق يافطات الرفض إزاء ظاهرة المؤثرات الغربية التي تتسرب في نسيج القصة العربية في زمننا هذا ، وحتى فيما سبقه من زمن رغم عمرها القصير !.


هذه المؤثرات - إن عددناها تهمة حسب رؤيتك أخي - فإن على ثلاثة أرباع القاصين العرب أن يزجوا خلف قضبان التقليد



فمن يترأ من تلك التهمة ؟!



ربما بالفعل نحن بحاجة لحوار بعيد عن هذه القصة في ما ذكرناه


لأن ما ذكرته هنا أجده بعيداً عن ما أعرفه
لذا كان لا بد من التوضيح


لن ألومك فيما ذكرت لأنني أجد عدداً واسعاً من الأكادميين يؤكدون ذلك


لذا كان علينا الحوار في موضوع مستقل


على كل أنا جاهز متى أردت
حياك الله

احمد ال رشراش
19/09/2008, 03:50 PM
الاستاذ ........... محمد سرحان

تحية عطرة

وبــــــــــعد

بعيدا عما قيل عن القصة وبعيدا عما قمت بالرد عليه

قرات القصة

واستقرات ما فيها

العنوان وحده اكثر من رائع

قصة جميلة و اعجبتني كثيرا

سرد رائع

وانا اميل لفلسفتها اكثر من قرائتها كقصة عادية

تقبل مني احترامي وتقديري

دمت اخا غاليا

اخوك احمد ال رشراش