المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قفزة ...



نشيد الربيع
16/10/2005, 03:46 PM
ليس هناك خيار آخر إما أن أقفز طائعا مختار أو ألقى ، لا مكان للتردد هنا ، ولا للعصيان وإلا فالكل يعرف أنها محاكمة عسكرية يتحدد معها مصيرك أو ما يبقى من مصيرك .

أنا الذي لم أقفز درجتين من سلم بيتنا أجد نفسي معلقا بين السماء والأرض على ظهري حقيبة وضعوا فيها الدنيا مصغرة وفي قدمي حذاء لو انتعله جمل لما تحرك محتجا على ثقله وفوق رأسي حجر أجوف سموه خوذة وعلى وجهي نظارة تخفيه كله . ووسط هذه الأشياء كلها أقبع أنا لا أعرف توصيفا دقيقا لي إلا أني أشعر كما يشعر الطفل إذا ألقوا عليه عباءة جده فتاه فيها ، فلا يعرف مكانا يخرج منه ، تارة يصل لمكان اليد فتنحشر رقبته ثم يعود ويتوه وهكذا ..

اقفز .

كان هذا الأمر لي . لأنه لم يبق أمامي أحد . حاولت أن أتذكر كل ما علموه لنا متى أفتح المظلة ، كيف أحدد مكان الهبوط ، كيف أصل إلى الأرض . ثم مالي أنا وللوصول إلى الأرض ، اشعر أنني سأموت قبلها . لم أشعر بخوف عند هذا الخاطر ، هذا لأنه لم يكن أمامي احتمال ثان ، وعادة عندما تغلق الأبواب إلا بابا واحدا تكرهه فإن عقلك سيرضى بهذا الباب وسيحبه ويسرع إليه . يكفي أن تعجز أو تقتنع بالعجز وستقبل كل شيء .

(أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) تمتمت بها ثم قفزت ...

هناك لعبة في مدن الملاهي لا أعرف اسمها تصعد إلى السماء بسرعة وتهبط بسرعة .. عندما تهبط تشعر أن قلبك سيخرج من عينيك وأن الدنيا قد احمرت أمامك ، لم تحمر عن حب إنما لأن دمك كله قد تجمع في رأسك ( لذلك قلت إنني سأموت قبل أن أصل – ما الذي يمنع شريانا من رأسي أن ينفجر وأنا في الهواء )

تذكرتها فجأة .. كيف ستتقبل انقطاع رسائلي التي عودتها عليها منذ أن دخلت الجيش ، كنت أكتب لها كل أسبوع ، في فترة التدريب الأولي كان الوضع مريحا ، كنا نسرق الأكل ونخطط لمقالب في زملائنا ونتسارع لنوقع ببعضنا العقاب . كتبت لها عن أول ما شعرت به عندما دخلت هنا ، أحسست أن حريتي سلبت ، أن ابوابا حالت بيني وبين الدنيا كلها وأنا لم أغلق عليّ باب غرفتي يوما .. كنت أحفظ كل شيء يمر علي لأنقله لها ، أعلم أن شيئا من ذلك لم يكن ليعنيها ولكني كنت أريد أحدا من الدنيا التي في الخارج أن يحيى معي حياتي هذه . كنت أحسها بجواري وأنا أكتب ، أحيانا أحس أن عين أمها التي لا تحبني قد أتت معها فأختم الرسالة بالسلام عليها ( أمها ) وأنام .

سمعت صفيرا ملحا فأسرعت وفتحت المظلة ، وتوقفت . نعم توقفت .. بين السماء والأرض أحسست كأن يدا قوية جذبتني لأصعد ، كادت أضلعي تصرخ لكنها أيقنت أن أحدا لن يسمعها ولا حتى أنا فصمتت مرغمة ، انخفاض السرعة المفاجئ هو الذي أشعرني أني توقفت ، شعرت أني كأرواح الموتى ، يقولون إنها تطير حيث شاءت تزور من تحب ، لو كنت روحا الآن لزرت ( ولاء ) لأرى ماذا تصنع ، كم أتمنى أن أراها الآن . ترى أتبكي علي كثيرا إذا علمت بهذا الخبر . إنها قوية تستطيع أن تخفي مشاعرها دائما . كنت أحتار في معنى نظراتها ، وكنت أذهب بهم كل مذهب ومع ذلك لا أجد أنها تحمل معنى . تملؤها اللهفة فألقاها فلا تزيد عن ابتسامة كأني كنت معها بالأمس . ويكاد يعصف بها الغضب فتبتسم ايضا لكن بين هاتين الابتسامتين ما بين السماء والأرض ، أصبحت أزعم أني أعلم رضاها وغضبها وحزنها وفرحها .

بدت لي الارض جميلة وهي تقترب وبدت تتشكل ملامح الأشياء فيها .. رؤية الأرض من مكان مرتفع ظلت حلما يراودني .. ترى كل ما تعده عظيما وأنت على الأرض صغيرا تافها وأنت في السماء ، أما الناس فلن تراهم أبدا .. يكفي أن ترى آثارهم . إن قدمي الآن فوق أعلى رأس من رؤوس الناس على الأرض . لأجل ذلك يحب الحكام أن يبنوا بيوتهم فوق الجبال كأنما ضاقت الأرض بهم .

اقتربت الأرض اكثر وأكثر .... و ..

هبوط كأروع ما يكون وكأني محترف مظلات ..كان زملائي قد وصلوا جميعا .. أديت التحية وسألت أحدهم : ( هما هيطلعونا السما تاني امتى ؟!)

طارق شفيق حقي
16/10/2005, 05:53 PM
[align=center:1f0d86d463]اذن قصة يا نشيد

سنرى كيف سنعود اليك باي كلام وأي تلمظ

تحياتي[/align:1f0d86d463]

طارق شفيق حقي
17/10/2005, 08:57 PM
[align=center:2cbb85ce9b]سلام الله عليك

قفزة مشاعر صادقة وتوصيف لحالة جميلة شعور رائع بين السماء والأرض

قفزة الى النقد

قد يكون للقص حدث يحركهه هنا قد تكون قصة حالة لكن هذه الحالة بقيت ضمن التوصيف لم تصل الى التنامي

أمر اخر الدخول للقصة هذه الرتابة أو الوصف من الخارج حتى الوصول الى الداخل قد تكون أبعد عن هذا العصر أدخل القارىء مبشارة في قلب الحدث ثم أخرجه وأدخله مرة أخرى

وبذلك يتشوق ويبقى معك

الفرق بين الخاطرة والقصة أن القصة لها أدوات كالحدث والتشويق والقفلة المميزة

اعتقد كان هناك مادة قوية يجب ان تستغل في حدث متنامي

تقترب من الخاطرة في بعضها مثل:

هناك لعبة في مدن الملاهي لا أعرف اسمها تصعد إلى السماء بسرعة وتهبط بسرعة .. عندما تهبط تشعر أن قلبك سيخرج من عينيك وأن الدنيا قد احمرت أمامك ، لم تحمر عن حب إنما لأن دمك كله قد تجمع في رأسك ( لذلك قلت إنني سأموت قبل أن أصل – ما الذي يمنع شريانا من رأسي أن ينفجر وأنا في الهواء )



في النهاية تحياتي لك نشيد[/align:2cbb85ce9b]