المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع جثة



محمد سرحان
21/07/2008, 11:34 AM
حوار مع جثة (قصة قصيرة) (http://moh-sarhan.maktoobblog.com/1170855/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1_%D9%85%D8%B9_%D8%AC%D8%AB %D8%A9_%28%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8 %B1%D8%A9%29)




(1)

انحدرت خيوط الشمس الى الغسق ، الجو ملبد بالغيوم ، وأمطار الغروب تصفع نافذة تلك الغرفة المتواضعة بقسوة ، ضوء الشمعة ينعكس على وجه عبدالودود الجالس بخشوع يرمق والده المريض وهو مسجى على السرير .
اليوم ظفرت بعشرة دنانير ، ألا تسمع صوتها يصطك في جيبي يا والدي ؟!
لقد أكرمني الحظ بسائح أوروبي ذو نعمة ، اختارني لأحمل حقائبه إلى الفندق ، لست أدري لم اختارني أنا بالذات يا والدي ، لقد وقف وصوب أصبعه نحوي قائلا : أنت ، تعال .
ركضت إليه وركضت معي الفرحة على قدمين ، وفي اقل من ثانيتين قلت له : أنا طوع بنانك .

لقد كان انجليزيا لطيفا جدا ، أدهشني بشاشته التي يفتقدها الانجليز من بني ملته، حملت ُ حقائبه وسرنا من الميناء باتجاه فندق الأمل .ادهشتني معرفته العميقة ببلدتنا الساحلية ، كان يشير بأصبعه كلما مررنا في زاوية ،يخاطبني : أتعلم ما تاريخ هذه ؟ وقبل أن أشحذ لسان الإجابة كان صوته يقطع هدير أحرفي ، قائلا : كانت هذه كيت وكيت ....

إنه على ثقافة موسوعية ، وهو على ألفة ببلدتنا يا والدي ، فكثيرا ما زارها كمااخبرني

أوصلت ُ الرجل وظفرت بالثلاثة دنانير يا والدي ، ثم انطلقت الى السيد رابح صاحب البيت .. لقد اقفلت فمه بالدينار الذي كان يطالبنا به ... كم كانت عرائس الحزن ترقص على مسرح عواطفي عندما كان يقف بوقاحة وهو يطالبك بها . كم تمنيت ان يحيل الله تعالى يدي الى مطرقة أهدُّ بها راسه ...

سافرحك بخبر سعيد ، اليوم ذهبت الى أختي فاطمه، وكانت سعيدة جدا برؤيتي ، جلست معها قرابة الساعة في حديث لا يخلو من فكاهة ، إنها فاطمة كما تعلمها يا أبتاه ، لا يمكن ان تجالسها دون ان تطفيء لظى همومك بماء نكتها وفكاهتها .

صحيح لقد نسيت يا أبتاه ، لقد بررت بوعدك وذهبت إلى ضريح والدتي وقرأت عليه الفاتحة ووضعت عليه إكليلا من زهور الياسمين التي تحبها .... لقد آلمني قعود المرض بك من الذهاب إليها ، فآثرت ُ أن أنوب عنك في هذه المهمة ، فانا أدرك حجم معزتك لها - رحمها الله -ونذرك زيارتها كل نهاية أسبوع .

لقد أحضرت في طريق عودتي صفائح العجين باللحمة التي تحبها انت .... كم كنت سعيدا يا والدي عندما وضعت النصف دينار أمام ذلك البائع النتن الذي رفض ذات يوم ان يعطيك بعضا منها على الحساب ...
لقد تسمر الكلام في حلقه ،وحدجني بنظرة سخرية قائلا : مالذي غير الأحوال ؟
لم اسكت له يا والدي ، إن أعظم درس تعلمته منك الا أسكت على ضيم أو من ضعف ، لقد رددت له بكلام جعله كالبلياتشو أمام الحاضرين .

ولكن ابتاه لقد قمت انا بدور المتكلم طيلة هذه الليلة ولم تنبس حضرتك يا والدي ببنت شفه ... آه .. حقا يا لغبائي لقد جوعتك أكثر من اللازم ... آسف يا والدي إن فرحتي بتلك العشرة دنانير أطارت عقلي .

[ يقف عبدالودود ليفتح كيس الأكل ، يتناول أصابع العجين باللحمة ، ثم يمد إحداها إلى فم والده المسجى بصمت

( 2 )

اشتدت صفعات المطر لنافذة تلك الغرفة ،، وضوء الشمعة يتقلص ثم يتقلص ثم يتقلص ليطفيء على مشهد جحوظ عيني عبدالودود على صدر والده الميت .
خفت الضوء رويدا رويدا ليطوي الظلام الغرفة !.

يوسف أبوسالم
21/07/2008, 02:19 PM
حوار مع جثة (قصة قصيرة) (http://moh-sarhan.maktoobblog.com/1170855/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1_%D9%85%D8%B9_%D8%AC%D8%AB %D8%A9_%28%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8 %B1%D8%A9%29)






(1)


انحدرت خيوط الشمس الى الغسق ، الجو ملبد بالغيوم ، وأمطار الغروب تصفع نافذة تلك الغرفة المتواضعة بقسوة ، ضوء الشمعة ينعكس على وجه عبدالودود الجالس بخشوع يرمق والده المريض وهو مسجى على السرير .
اليوم ظفرت بعشرة دنانير ، ألا تسمع صوتها يصطك في جيبي يا والدي ؟!
لقد أكرمني الحظ بسائح أوروبي ذو نعمة ، اختارني لأحمل حقائبه إلى الفندق ، لست أدري لم اختارني أنا بالذات يا والدي ، لقد وقف وصوب أصبعه نحوي قائلا : أنت ، تعال .
ركضت إليه وركضت معي الفرحة على قدمين ، وفي اقل من ثانيتين قلت له : أنا طوع بنانك .


لقد كان انجليزيا لطيفا جدا ، أدهشني بشاشته التي يفتقدها الانجليز من بني ملته، حملت ُ حقائبه وسرنا من الميناء باتجاه فندق الأمل .ادهشتني معرفته العميقة ببلدتنا الساحلية ، كان يشير بأصبعه كلما مررنا في زاوية ،يخاطبني : أتعلم ما تاريخ هذه ؟ وقبل أن أشحذ لسان الإجابة كان صوته يقطع هدير أحرفي ، قائلا : كانت هذه كيت وكيت ....


إنه على ثقافة موسوعية ، وهو على ألفة ببلدتنا يا والدي ، فكثيرا ما زارها كمااخبرني


أوصلت ُ الرجل وظفرت بالثلاثة دنانير يا والدي ، ثم انطلقت الى السيد رابح صاحب البيت .. لقد اقفلت فمه بالدينار الذي كان يطالبنا به ... كم كانت عرائس الحزن ترقص على مسرح عواطفي عندما كان يقف بوقاحة وهو يطالبك بها . كم تمنيت ان يحيل الله تعالى يدي الى مطرقة أهدُّ بها راسه ...


سافرحك بخبر سعيد ، اليوم ذهبت الى أختي فاطمه، وكانت سعيدة جدا برؤيتي ، جلست معها قرابة الساعة في حديث لا يخلو من فكاهة ، إنها فاطمة كما تعلمها يا أبتاه ، لا يمكن ان تجالسها دون ان تطفيء لظى همومك بماء نكتها وفكاهتها .


صحيح لقد نسيت يا أبتاه ، لقد بررت بوعدك وذهبت إلى ضريح والدتي وقرأت عليه الفاتحة ووضعت عليه إكليلا من زهور الياسمين التي تحبها .... لقد آلمني قعود المرض بك من الذهاب إليها ، فآثرت ُ أن أنوب عنك في هذه المهمة ، فانا أدرك حجم معزتك لها - رحمها الله -ونذرك زيارتها كل نهاية أسبوع .


لقد أحضرت في طريق عودتي صفائح العجين باللحمة التي تحبها انت .... كم كنت سعيدا يا والدي عندما وضعت النصف دينار أمام ذلك البائع النتن الذي رفض ذات يوم ان يعطيك بعضا منها على الحساب ...
لقد تسمر الكلام في حلقه ،وحدجني بنظرة سخرية قائلا : مالذي غير الأحوال ؟
لم اسكت له يا والدي ، إن أعظم درس تعلمته منك الا أسكت على ضيم أو من ضعف ، لقد رددت له بكلام جعله كالبلياتشو أمام الحاضرين .


ولكن ابتاه لقد قمت انا بدور المتكلم طيلة هذه الليلة ولم تنبس حضرتك يا والدي ببنت شفه ... آه .. حقا يا لغبائي لقد جوعتك أكثر من اللازم ... آسف يا والدي إن فرحتي بتلك العشرة دنانير أطارت عقلي .


[ يقف عبدالودود ليفتح كيس الأكل ، يتناول أصابع العجين باللحمة ، ثم يمد إحداها إلى فم والده المسجى بصمت


( 2 )


اشتدت صفعات المطر لنافذة تلك الغرفة ،، وضوء الشمعة يتقلص ثم يتقلص ثم يتقلص ليطفيء على مشهد جحوظ عيني عبدالودود على صدر والده الميت .
خفت الضوء رويدا رويدا ليطوي الظلام الغرفة !.




أخي محمد سرحان
أهلا بك وسهلا

قصة جميلة
سرد جذاب سلس
لايخلو من شجون
رسم للشخصيات رائع
وخصوصا شخصية الإبن وانفعالاته الداخلية
التي بدأ يظهر صداها من خلال البوح
تتراقص الحروف فرحا مع فرح الإبن
وتجدها تغضب كلما صار السرد غاضبا
الإشارة بكلمة ( المسجى ) ممتازة
لأنها كانت إشارة قبل أن يبلغنا القاص أن الرجل مات
فمسجى هذه دائما ترتبط بأجساد الموتى
هذا فضلا عن لغة قوية
لا يعتورها ضعف أو حشو أو هشاشة
لكني أخي
كنت أفضل حذف الجزء الثاني من القصة تحت رقم 2
لأنه تقريري مباشر يبلغنا بوفاة الأب
وكان على المتلقي اكتشاف ذلك
لو تم إضافة كلمة واحدة فقط مثلا
( يقف عبد الودود ( متسمراً ) وهو يفتح كيس الأكل ).........
شكرا لك وسلمت

محمد سرحان
21/07/2008, 03:02 PM
الأستاذ يوسف أبو سالم


لا يمكن ان أكتب ردا عليك دون أن تتطاير منه عواطف الإمتنان لموضوعية نقدكم .فشكرا لك أخي


أما بخصوص تعليقكم الكريم على الجزء الثاني ... فلا بد من أن أهتك ستار الغموض بخصوص نقطة قد تبدو مبهمة للقاريء :


إن ذينك السطرين في ذاك الجزء ينعيان للقاريء العتال البسيط عبدالودود ، الذي أسلم الروح على صدر والده الميت .
ولذلك استخدمت ُ - عن سبق اصرار وترصد - تعبير " جحوظ عيني " لتنقل خبر الوفاة إلى القاريء .


لقد جاء هذا التركيب ليساعد -مع وصف ذاك المشهد - في نقل تلك النهاية المأساوية


فالعبارات في القسم الأخير كانت مانشيتا عريضا تخبرنا أن عبدالودود قد لفظ أنفاسه الأخيرة !


مودتي وتقديري أخي

ابو مريم
21/07/2008, 05:21 PM
حوار مع جثة (قصة قصيرة) (http://moh-sarhan.maktoobblog.com/1170855/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1_%D9%85%D8%B9_%D8%AC%D8%AB %D8%A9_%28%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8 %B1%D8%A9%29)






(1)


انحدرت خيوط الشمس الى الغسق ، الجو ملبد بالغيوم ، وأمطار الغروب تصفع نافذة تلك الغرفة المتواضعة بقسوة ، ضوء الشمعة ينعكس على وجه عبدالودود الجالس بخشوع يرمق والده المريض وهو مسجى على السرير .
اليوم ظفرت بعشرة دنانير ، ألا تسمع صوتها يصطك في جيبي يا والدي ؟!
لقد أكرمني الحظ بسائح أوروبي ذو نعمة ، اختارني لأحمل حقائبه إلى الفندق ، لست أدري لم اختارني أنا بالذات يا والدي ، لقد وقف وصوب أصبعه نحوي قائلا : أنت ، تعال .
ركضت إليه وركضت معي الفرحة على قدمين ، وفي اقل من ثانيتين قلت له : أنا طوع بنانك .


لقد كان انجليزيا لطيفا جدا ، أدهشني بشاشته التي يفتقدها الانجليز من بني ملته، حملت ُ حقائبه وسرنا من الميناء باتجاه فندق الأمل .ادهشتني معرفته العميقة ببلدتنا الساحلية ، كان يشير بأصبعه كلما مررنا في زاوية ،يخاطبني : أتعلم ما تاريخ هذه ؟ وقبل أن أشحذ لسان الإجابة كان صوته يقطع هدير أحرفي ، قائلا : كانت هذه كيت وكيت ....


إنه على ثقافة موسوعية ، وهو على ألفة ببلدتنا يا والدي ، فكثيرا ما زارها كمااخبرني


أوصلت ُ الرجل وظفرت بالثلاثة دنانير يا والدي ، ثم انطلقت الى السيد رابح صاحب البيت .. لقد اقفلت فمه بالدينار الذي كان يطالبنا به ... كم كانت عرائس الحزن ترقص على مسرح عواطفي عندما كان يقف بوقاحة وهو يطالبك بها . كم تمنيت ان يحيل الله تعالى يدي الى مطرقة أهدُّ بها راسه ...


سافرحك بخبر سعيد ، اليوم ذهبت الى أختي فاطمه، وكانت سعيدة جدا برؤيتي ، جلست معها قرابة الساعة في حديث لا يخلو من فكاهة ، إنها فاطمة كما تعلمها يا أبتاه ، لا يمكن ان تجالسها دون ان تطفيء لظى همومك بماء نكتها وفكاهتها .


صحيح لقد نسيت يا أبتاه ، لقد بررت بوعدك وذهبت إلى ضريح والدتي وقرأت عليه الفاتحة ووضعت عليه إكليلا من زهور الياسمين التي تحبها .... لقد آلمني قعود المرض بك من الذهاب إليها ، فآثرت ُ أن أنوب عنك في هذه المهمة ، فانا أدرك حجم معزتك لها - رحمها الله -ونذرك زيارتها كل نهاية أسبوع .


لقد أحضرت في طريق عودتي صفائح العجين باللحمة التي تحبها انت .... كم كنت سعيدا يا والدي عندما وضعت النصف دينار أمام ذلك البائع النتن الذي رفض ذات يوم ان يعطيك بعضا منها على الحساب ...
لقد تسمر الكلام في حلقه ،وحدجني بنظرة سخرية قائلا : مالذي غير الأحوال ؟
لم اسكت له يا والدي ، إن أعظم درس تعلمته منك الا أسكت على ضيم أو من ضعف ، لقد رددت له بكلام جعله كالبلياتشو أمام الحاضرين .


ولكن ابتاه لقد قمت انا بدور المتكلم طيلة هذه الليلة ولم تنبس حضرتك يا والدي ببنت شفه ... آه .. حقا يا لغبائي لقد جوعتك أكثر من اللازم ... آسف يا والدي إن فرحتي بتلك العشرة دنانير أطارت عقلي .


[ يقف عبدالودود ليفتح كيس الأكل ، يتناول أصابع العجين باللحمة ، ثم يمد إحداها إلى فم والده المسجى بصمت


( 2 )


اشتدت صفعات المطر لنافذة تلك الغرفة ،، وضوء الشمعة يتقلص ثم يتقلص ثم يتقلص ليطفيء على مشهد جحوظ عيني عبدالودود على صدر والده الميت .
خفت الضوء رويدا رويدا ليطوي الظلام الغرفة !.



نص جميل ،يتضمن صورا بديعة بأسلوب جيد ومتين ، يتناول البر بالوالد والإحسان
إليه ..
واصل وفقك الله.
أبو مريم.

محمد المهدي فارس
22/07/2008, 12:02 AM
حوار مع جثة (قصة قصيرة) (http://moh-sarhan.maktoobblog.com/1170855/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1_%D9%85%D8%B9_%D8%AC%D8%AB %D8%A9_%28%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8 %B1%D8%A9%29)






(1)


انحدرت خيوط الشمس الى الغسق ، الجو ملبد بالغيوم ، وأمطار الغروب تصفع نافذة تلك الغرفة المتواضعة بقسوة ، ضوء الشمعة ينعكس على وجه عبدالودود الجالس بخشوع يرمق والده المريض وهو مسجى على السرير .
اليوم ظفرت بعشرة دنانير ، ألا تسمع صوتها يصطك في جيبي يا والدي ؟!
لقد أكرمني الحظ بسائح أوروبي ذو نعمة ، اختارني لأحمل حقائبه إلى الفندق ، لست أدري لم اختارني أنا بالذات يا والدي ، لقد وقف وصوب أصبعه نحوي قائلا : أنت ، تعال .
ركضت إليه وركضت معي الفرحة على قدمين ، وفي اقل من ثانيتين قلت له : أنا طوع بنانك .


لقد كان انجليزيا لطيفا جدا ، أدهشني بشاشته التي يفتقدها الانجليز من بني ملته، حملت ُ حقائبه وسرنا من الميناء باتجاه فندق الأمل .ادهشتني معرفته العميقة ببلدتنا الساحلية ، كان يشير بأصبعه كلما مررنا في زاوية ،يخاطبني : أتعلم ما تاريخ هذه ؟ وقبل أن أشحذ لسان الإجابة كان صوته يقطع هدير أحرفي ، قائلا : كانت هذه كيت وكيت ....


إنه على ثقافة موسوعية ، وهو على ألفة ببلدتنا يا والدي ، فكثيرا ما زارها كمااخبرني


أوصلت ُ الرجل وظفرت بالثلاثة دنانير يا والدي ، ثم انطلقت الى السيد رابح صاحب البيت .. لقد اقفلت فمه بالدينار الذي كان يطالبنا به ... كم كانت عرائس الحزن ترقص على مسرح عواطفي عندما كان يقف بوقاحة وهو يطالبك بها . كم تمنيت ان يحيل الله تعالى يدي الى مطرقة أهدُّ بها راسه ...


سافرحك بخبر سعيد ، اليوم ذهبت الى أختي فاطمه، وكانت سعيدة جدا برؤيتي ، جلست معها قرابة الساعة في حديث لا يخلو من فكاهة ، إنها فاطمة كما تعلمها يا أبتاه ، لا يمكن ان تجالسها دون ان تطفيء لظى همومك بماء نكتها وفكاهتها .


صحيح لقد نسيت يا أبتاه ، لقد بررت بوعدك وذهبت إلى ضريح والدتي وقرأت عليه الفاتحة ووضعت عليه إكليلا من زهور الياسمين التي تحبها .... لقد آلمني قعود المرض بك من الذهاب إليها ، فآثرت ُ أن أنوب عنك في هذه المهمة ، فانا أدرك حجم معزتك لها - رحمها الله -ونذرك زيارتها كل نهاية أسبوع .


لقد أحضرت في طريق عودتي صفائح العجين باللحمة التي تحبها انت .... كم كنت سعيدا يا والدي عندما وضعت النصف دينار أمام ذلك البائع النتن الذي رفض ذات يوم ان يعطيك بعضا منها على الحساب ...
لقد تسمر الكلام في حلقه ،وحدجني بنظرة سخرية قائلا : مالذي غير الأحوال ؟
لم اسكت له يا والدي ، إن أعظم درس تعلمته منك الا أسكت على ضيم أو من ضعف ، لقد رددت له بكلام جعله كالبلياتشو أمام الحاضرين .


ولكن ابتاه لقد قمت انا بدور المتكلم طيلة هذه الليلة ولم تنبس حضرتك يا والدي ببنت شفه ... آه .. حقا يا لغبائي لقد جوعتك أكثر من اللازم ... آسف يا والدي إن فرحتي بتلك العشرة دنانير أطارت عقلي .


[ يقف عبدالودود ليفتح كيس الأكل ، يتناول أصابع العجين باللحمة ، ثم يمد إحداها إلى فم والده المسجى بصمت


( 2 )


اشتدت صفعات المطر لنافذة تلك الغرفة ،، وضوء الشمعة يتقلص ثم يتقلص ثم يتقلص ليطفيء على مشهد جحوظ عيني عبدالودود على صدر والده الميت .
خفت الضوء رويدا رويدا ليطوي الظلام الغرفة !.



مناجاة وعفوية خلقت إبداعا متميزا وهادفا...

د.ألق الماضي
22/07/2008, 01:03 AM
أخي محمد...
لم يدع لنا الكريم يوسف ما يمكن أن يقال...كما أنك أتيت بمفاجأة أخرى حين ذكرت موت عبدالودود على صدر والده...
قصة تنبع من واقع ما زال الأكثرية يعانون منه...
سلم مدادك...

محمد سرحان
22/07/2008, 11:47 AM
لقد أشعل عظيم ردكم - على هذا النص المتواضع - شرارات الدهشة منه بهذه الشهادات التي تزين خاصرته هاهنا أيها السادة
وإني لأنصت ُ الآن – وأنا ألفظ أنفاسي- لصهيل سيوف أحرف الشكر وهي تصطك اصطكاكا على أديم مشاعري.

بورتكم إخواني