بوفاتح سبقاق
17/07/2008, 05:17 PM
القانون وضعه الأقوياء ليطبق على الضعفاء وعليه تزدادد القلة ثراءا و يفقر غالبية الناس وهل قدر العدالة
الإجتماعية أن تظل حبيسة أذهان الفلاسفة ؟ ألا يوجد أسلوب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟ أم أن قدر هذا الجيل المأساة و الضياع ، كانت هذه التساؤلات و غيرها تؤرقه كل ليلة ولكنه لا يجد لها تفسير ، يريد أن يعيش مثل كل الناس و أن يكون واحد من الملايين التي تأكل الخبز وتمشي في الأسواق و لكن ثمة طوفان من الأسئلة يتزاحم عند بوابة ذهنه ، أحيانا يصرخ بصوت عالي متسائلا عن وجوده في مفترق معضلات أرهقت كاهل المفكرين و الفلاسفة بل كانت عبئا كبيرا على البشرية تتوارثه الأجيال ، مثل ذالك الكم الهائل من المشاكل الذي يتوارثه المسؤولون عن بعضهم البعض والتي يحرصون على إبقاءها حتى تكون مطية ثانية للعودة الى المنصب .
إنه يدرك أشياءا عديدة ولكنه لا يفهم تداعياتها وثمة إرهاصات داخلية جعلته أسير أطروحات قديمة ، يريد أن
يتحدى الواقع ولكنه يجد نفسه مقيدو محاصر لأنه نتاج لهذه الرداءة الشاملة كلما سعى الى الخروج الى واجهة الحقيقة الناصعة تشده قوى غريبة نحو الأعماق وتحجب عنه الأفق بالعرف والتقاليد والنظام والقانون وإقتنع بضرورة ترك الأمر للأيام وكل ما هو مسطر سوف يأتي في أوانه .
هل ثمة معنى آخر للحياة ؟ ألا يوجد طبعات أخرى مزيدة ومنقحة ؟ عائلته وعشيرته وسكان المدينة يعيشون بدون
إكتراث ، لا يهمهم مسار الكون ، ما يعنيهم هو النوم والأكل ومنصب عمل ، أقصى طموح لأي فرد منهم ، سيارة فخمة
ومنزل على الطراز الفاخر.
الكل كانوا على خطأ ، أهل القمة وأهل الحضيض ، صفوة القوم وحثالتهم ، للحياة معنى آخر لم يدركه السابقون ولن يهتدي إليه اللاحقون وسأكتشفه بمفردي ، سأعتزل الجميع وامكث بغرفتي ، ولكن كيف السبيل الى فهم الحقائق ومعرفة سر هذه الأزمات والكوارث ؟ وهل المعاناة أمرا محتوما على البشرية ؟ وفجأة سطعت في ذهنه فكرة غريبة ، الكتاب هو الذي سأسبر عن طريقه أغوار الفكر الإنساني ومراحل تطور المجتمعات و حقيقة نزعة الإنسان للعنف والأنانية وبالتأكيد سأصل الى حل اللغز الكبير .
في اليوم الموالي نهض مبكرا ليبدأ عمله المميز ألا وهو إقتناء الكتب من كل الأمكنة ، لديه حوالي مائة كتاب سيحصل على الباقي بكل الطرق ، توجه نحو مكتبة البلدية ، لقد كان المشرف سعيدا بهذا القارئ الشغوف فهو لا يدرك طبيعة العمل المقصود ، قاعة المطالعة تشكو قحطا كبيرا ، وما الفائدة من الثقافة ؟ في زمن المشاريع والملاهي الليلية أوفر حظا من هذه القفار ، في هذا الزمن الرديء كل التقدير لأبطال الملاعب و المغنيين الذين رفعوا الأعلام الوطنية في المحافل الدولية .
المقدمة لإبن خلدون سيكون له سند قوي في فهم كيفية تطور المجتمعات و العمران وهذه الكتب الصوفية و الدينية
وأشعار الجاهلية وتاريخ القرون الوسطى و الوجيز في الإقتصاد والطب الحديث و كيف تصبح مليونيرا؟ وكيف تتعلم
الأنجليزية في أسبوع ؟ ودليل المسلم الحزين ومعالم على الطريق و الفكر المادي الجدلي ونهاية التاريخ ونهاية رجل
شجاع و ماجدولين الأيام وغادة أم القرى وحياتنا الجنسية والمرث والرعن والتفكك والحلزون العنيد وما ذنب المسمار يا خشبة والشهداء يعودون هذا الأسبوع والحوات والقصر والولي الطاهر يعود الى مقامه الزكي ، الموسوعة الرياضية والشيخ والبحر وذاكرة جسد وشباب إمرأة والطاعون والغريب، لقد كان مسرورا بما حصل عليه ولكن لحد الساعة
العدد غير كافي ، وضع ما في حوزته بالبيت ثم واصل مشواره الغريب وفي طريقه أخد يتأمل المارة ، الذين لا يدركون ما سيقدم عليه ، ليس لديهم أية رسالة في هذه الحياة ، يعيشون في ظلال ويعتقدون بأنهم على صواب .
بدت مكتبة دار الثقافة أقل قحطا حيث تراءى له في أركانها بعض المطالعين ولكنهم في الغالب مراهقين يجدون هنا الإطار الشرعي للقاءتهم الغرامية ، سيستطيع أخد أكبر عدد من الكتب لأن مسؤول المكتبة يعتبر صديقا قديما له .
تبدو الأمور أكثر تنظيما فهناك فهارس خاصة ، هذه لإدارة الأعمال وتلك للإسلاميات وأخرى للتاريخ والجغرافيا وكتب
مختلفة العناوين والمشارب ، الفتنة الكبرى ، لمن تقرع الأجراس أحدب نوتردام ، عائد الى حيفا ، الحرب والسلم ، دعاة لا قضاة ، الجهاد في الإسلام ، أحكام المواريث ، فقه السنة ، حادثة الإفك ، الخلفاء الراشدون ، الإمامة في الإسلام ، أحكام النكاح .
لابد من معرفة حقيقة هذا الدين الذي يتخده البعض وسيلة لتحقبق أغراضه ، وما كثرة الطوائف والشيع إلا تجسيدا لإختلاف القراءات و إعتماد كل طرف على ما يتناسب مع أهدافه .
- لقد إخترت عناوين متباعدة العناوين
- و ما الغريب في الأمر ؟ فأنا بصدد إعداد موسوعة الحياة
- أنا في خدمة كل المثقفين
- شكرا رضوان ،- لن أنسى لك هذا العمل ،- إنه فعلا موقف تاريخي ذالك اليوم كان أقصر الأيام التي عاشها في المدة الأخيرة ، لقد أدرك بان النشاط والحيوية يجعلان الوقت يمر دون أن يشعر به المرء أما البطالة والفراغ فيجعلان اليوم دهرا كاملا .
غرفته على إتساعها بدت ضيقة بالنظر الى هذه الكتب المتراكمة هنا وهناك ولكن ما زال أمامه الكثير ، لابد من إيجاد مصادر أخرى ، وجد كتاب في أحد أغراضه المهملة ، كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فيهم؟ بعد لحظات وقف منبهرا
بفكرته الجديدة ، سيعد قائمة بأسماء كل أصدقاءه ومعارفه ويتصل بهم جميعا ، حتى وإن توقف الكثيرون عن المطالعة لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع ولكن البعض يحتفظون بالكتب ولو على سبيل التباهي أمام الضيوف والزوار ، لابد من الإحتفال بإنجازه العظيم ، أراد إرتشاف ما تبقى من كأس الشاي الذي لم يغادر مكانه منذ أيام ولكنه فوجئ بعنوان يقتحم مجال رؤيته ، قواعد الإستهلاك الصحي ، فوضع الكأس جانبا وإستلقى على فراشه وهو يفكر في الغد السعيد وطوال الليل كانت تتراءى له نجوم في سماء ذهنه ، توحي بمفاجأة كبرى فكان يستعجل بزوغ الفجر وتذكر ماضيه الممل و إدمانه على النوم الى غاية منتصف النهار .
نهض مبكرا على غير عادته ، ليواصل جهوده لتحقيق حلمه الكبير ، أفراد عائلته حيارى ولم يفهموا سر التغير و الإنقلاب الغير متوقع وبالرغم من ذالك فهم سعداء بالحيوية التي أضحت تسكنه .
توجه الى منزل صديقه ،جاره ورفيق دربه المظلم ، من المؤكد بأنه ما زال يملك العديد من الكتب ، كل طلاب
الثانوية كانوا يشهدون له بحب المطالعة ، مهما أنهكته الأيام بسبب البطالة فهو الأقل ما زال يحتفظ بخير جليس .
بعد إنتظار طويل خرج إليه صديقه القديم في ثوب جديد ، شخص نحيف ، كثيف الشعر تعلو وجهه مسحة من الخوف والتشاؤم ويبتسم محاولا التظاهر بأنه بخير ، بعد مجموعة من التحيات المألوفة ، دخل مباشرة في الموضوع وبدون مقدمات .
- آسف ليس لدي أي كتاب
- كيف تخليت عن هوايتك ؟ لقد كانوا يطلقون عليك أبو المطالعة
- كان فعل ماضي ناقص ،- لقد زلزلتني الحياة وفقدت الأمل فيها وفي لحظة غضب جمعت كل كل كتبي وأحرقتها ،- حتى الكتب المدرسية لم تنجو من المصير المحتوم و حاليا ينادونني أبو النكسات .
- سبحان مغير الأحوال ،- كن مؤمنا ولا تقنط من رحمة الله وتفاءل فالدنيا ما زالت بخير ستتجاوز مشاكلك هذه بمزيد من الإرادة .
- عجيب أمرك ،- حسب معلوماتي فانت ما زلت بطالا محترفا أم أنك تحولت الى كاتب مختص في النهايات السعيدة
- ليس الأمر كما تتصور ،- أظن بأن مستوى العلاقة الذي بيننا هو الذي دفعني الى مساعدتك ولو بالكلمة الطيبة ،-
فانا بالرغم من حالة البطالة التي أعيشها فقد وجدت شيئا أقوم به
- هل أدمجوك في الشبكة الإجتماعية
- كلا بل أدمجت نفسي في الشبكة الفكرية
- يبدو أنك في أقصى درجات الضياع و يكفيني ما أعانيه ولست بحاجة الى نقاش فلسفي
فحتى الخلايا الفكرية لدي تعيش البطالة .
بعد حوالي أسبوعين إستطاع أن يجمع ما يفوق العدد المطلوب وقام بتحديد برنامج يومي مكثف للمطالعة ، وهكذا بدأ في تطبيق إعتكافه ولا يخرج من سجنه الفكري إلا للضرورة القصوى وأول ما بدأ به هو الكتاب الأعظم وهو القرآن
الكريم ، حجة الله على العباد والكائنات ، كتاب ترفع عن الناشرين والموزعين والمطابع ورقم إيداعه في قلوب المؤمنين وعجزت كل جهات الرقابة عن منعه أو تحريفه لأنه محفوظ بقدرة ربانية ، مع إقتناعه بأنه لن يكون مفسرا ولا فقيها ولكنه سيجعل آيات الخالق مصباحا ينير به غياهب الجهل ويصحح به أخطاء الإنسان .
مع مرور الأيام أخد ينزع عن نفسه شيئافشيئا الضباب الكثيف الذي يحجب عنه حقيقة الحياة عرف معنى الحق والعدالة والطموح والفضيلة وعرف ماهيةالوجود على هذه الخليقة ، وهل ثمة خطأ في فهم الناس لهذا
الدين وما فائدة القوانين الوضعية المجحفة؟ ولماذا يعيش العالم هذه القلاقل والحروب؟ ولماذا يضرب البؤس بجناحيه علىالأطفال والأبرياء؟وفي صبيحة اليوم التاسع عشر نهض من فراشه ثم توقف أمام المرآة ، أحس بأنه بمواجهة شخص لا يعرفه يختفي وراء لحية كثيفة ، أراد التخلص منها ولكنه فضل الإقتداء بالسنة الحميدة ، يشعر بأنه يمتلك الوصفة الكاملة الشافية للإنسان ليتخلص من كل أنواع الأمراض البشرية التي جعلت الأخ يقتل أخاه ، وفيما هو منشغل بأهدافه الجديدة إذ بأمه تهرع إليه وبيدها برقية مستعجلة .
- لقد قرأها أبوك ،- إستدعاء من إحدى شركات النفط بالجنوب ،- مبروك يابني فتحت لك أبواب السعد ولا تضيع
هذه الفرصة .
في اليوم الموالي غادر بلدته قاصدا منصبه الجديد وأوصى بإعادة الكتب الى أصحابها ، لقد كانت العائلة مسرورة جدا
بعودة إبنها الى الحياة الحقيقية أما هذا الأخير فلم يفهم سر ما ماحدث له في الأيام الماضية ، هل الأمر مجرد تخاريف ؟ أم حكاية رجل إقترب كثيرا من الخيط الرفيع الذي يفصل بين العبقرية والجنون .
الإجتماعية أن تظل حبيسة أذهان الفلاسفة ؟ ألا يوجد أسلوب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟ أم أن قدر هذا الجيل المأساة و الضياع ، كانت هذه التساؤلات و غيرها تؤرقه كل ليلة ولكنه لا يجد لها تفسير ، يريد أن يعيش مثل كل الناس و أن يكون واحد من الملايين التي تأكل الخبز وتمشي في الأسواق و لكن ثمة طوفان من الأسئلة يتزاحم عند بوابة ذهنه ، أحيانا يصرخ بصوت عالي متسائلا عن وجوده في مفترق معضلات أرهقت كاهل المفكرين و الفلاسفة بل كانت عبئا كبيرا على البشرية تتوارثه الأجيال ، مثل ذالك الكم الهائل من المشاكل الذي يتوارثه المسؤولون عن بعضهم البعض والتي يحرصون على إبقاءها حتى تكون مطية ثانية للعودة الى المنصب .
إنه يدرك أشياءا عديدة ولكنه لا يفهم تداعياتها وثمة إرهاصات داخلية جعلته أسير أطروحات قديمة ، يريد أن
يتحدى الواقع ولكنه يجد نفسه مقيدو محاصر لأنه نتاج لهذه الرداءة الشاملة كلما سعى الى الخروج الى واجهة الحقيقة الناصعة تشده قوى غريبة نحو الأعماق وتحجب عنه الأفق بالعرف والتقاليد والنظام والقانون وإقتنع بضرورة ترك الأمر للأيام وكل ما هو مسطر سوف يأتي في أوانه .
هل ثمة معنى آخر للحياة ؟ ألا يوجد طبعات أخرى مزيدة ومنقحة ؟ عائلته وعشيرته وسكان المدينة يعيشون بدون
إكتراث ، لا يهمهم مسار الكون ، ما يعنيهم هو النوم والأكل ومنصب عمل ، أقصى طموح لأي فرد منهم ، سيارة فخمة
ومنزل على الطراز الفاخر.
الكل كانوا على خطأ ، أهل القمة وأهل الحضيض ، صفوة القوم وحثالتهم ، للحياة معنى آخر لم يدركه السابقون ولن يهتدي إليه اللاحقون وسأكتشفه بمفردي ، سأعتزل الجميع وامكث بغرفتي ، ولكن كيف السبيل الى فهم الحقائق ومعرفة سر هذه الأزمات والكوارث ؟ وهل المعاناة أمرا محتوما على البشرية ؟ وفجأة سطعت في ذهنه فكرة غريبة ، الكتاب هو الذي سأسبر عن طريقه أغوار الفكر الإنساني ومراحل تطور المجتمعات و حقيقة نزعة الإنسان للعنف والأنانية وبالتأكيد سأصل الى حل اللغز الكبير .
في اليوم الموالي نهض مبكرا ليبدأ عمله المميز ألا وهو إقتناء الكتب من كل الأمكنة ، لديه حوالي مائة كتاب سيحصل على الباقي بكل الطرق ، توجه نحو مكتبة البلدية ، لقد كان المشرف سعيدا بهذا القارئ الشغوف فهو لا يدرك طبيعة العمل المقصود ، قاعة المطالعة تشكو قحطا كبيرا ، وما الفائدة من الثقافة ؟ في زمن المشاريع والملاهي الليلية أوفر حظا من هذه القفار ، في هذا الزمن الرديء كل التقدير لأبطال الملاعب و المغنيين الذين رفعوا الأعلام الوطنية في المحافل الدولية .
المقدمة لإبن خلدون سيكون له سند قوي في فهم كيفية تطور المجتمعات و العمران وهذه الكتب الصوفية و الدينية
وأشعار الجاهلية وتاريخ القرون الوسطى و الوجيز في الإقتصاد والطب الحديث و كيف تصبح مليونيرا؟ وكيف تتعلم
الأنجليزية في أسبوع ؟ ودليل المسلم الحزين ومعالم على الطريق و الفكر المادي الجدلي ونهاية التاريخ ونهاية رجل
شجاع و ماجدولين الأيام وغادة أم القرى وحياتنا الجنسية والمرث والرعن والتفكك والحلزون العنيد وما ذنب المسمار يا خشبة والشهداء يعودون هذا الأسبوع والحوات والقصر والولي الطاهر يعود الى مقامه الزكي ، الموسوعة الرياضية والشيخ والبحر وذاكرة جسد وشباب إمرأة والطاعون والغريب، لقد كان مسرورا بما حصل عليه ولكن لحد الساعة
العدد غير كافي ، وضع ما في حوزته بالبيت ثم واصل مشواره الغريب وفي طريقه أخد يتأمل المارة ، الذين لا يدركون ما سيقدم عليه ، ليس لديهم أية رسالة في هذه الحياة ، يعيشون في ظلال ويعتقدون بأنهم على صواب .
بدت مكتبة دار الثقافة أقل قحطا حيث تراءى له في أركانها بعض المطالعين ولكنهم في الغالب مراهقين يجدون هنا الإطار الشرعي للقاءتهم الغرامية ، سيستطيع أخد أكبر عدد من الكتب لأن مسؤول المكتبة يعتبر صديقا قديما له .
تبدو الأمور أكثر تنظيما فهناك فهارس خاصة ، هذه لإدارة الأعمال وتلك للإسلاميات وأخرى للتاريخ والجغرافيا وكتب
مختلفة العناوين والمشارب ، الفتنة الكبرى ، لمن تقرع الأجراس أحدب نوتردام ، عائد الى حيفا ، الحرب والسلم ، دعاة لا قضاة ، الجهاد في الإسلام ، أحكام المواريث ، فقه السنة ، حادثة الإفك ، الخلفاء الراشدون ، الإمامة في الإسلام ، أحكام النكاح .
لابد من معرفة حقيقة هذا الدين الذي يتخده البعض وسيلة لتحقبق أغراضه ، وما كثرة الطوائف والشيع إلا تجسيدا لإختلاف القراءات و إعتماد كل طرف على ما يتناسب مع أهدافه .
- لقد إخترت عناوين متباعدة العناوين
- و ما الغريب في الأمر ؟ فأنا بصدد إعداد موسوعة الحياة
- أنا في خدمة كل المثقفين
- شكرا رضوان ،- لن أنسى لك هذا العمل ،- إنه فعلا موقف تاريخي ذالك اليوم كان أقصر الأيام التي عاشها في المدة الأخيرة ، لقد أدرك بان النشاط والحيوية يجعلان الوقت يمر دون أن يشعر به المرء أما البطالة والفراغ فيجعلان اليوم دهرا كاملا .
غرفته على إتساعها بدت ضيقة بالنظر الى هذه الكتب المتراكمة هنا وهناك ولكن ما زال أمامه الكثير ، لابد من إيجاد مصادر أخرى ، وجد كتاب في أحد أغراضه المهملة ، كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فيهم؟ بعد لحظات وقف منبهرا
بفكرته الجديدة ، سيعد قائمة بأسماء كل أصدقاءه ومعارفه ويتصل بهم جميعا ، حتى وإن توقف الكثيرون عن المطالعة لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع ولكن البعض يحتفظون بالكتب ولو على سبيل التباهي أمام الضيوف والزوار ، لابد من الإحتفال بإنجازه العظيم ، أراد إرتشاف ما تبقى من كأس الشاي الذي لم يغادر مكانه منذ أيام ولكنه فوجئ بعنوان يقتحم مجال رؤيته ، قواعد الإستهلاك الصحي ، فوضع الكأس جانبا وإستلقى على فراشه وهو يفكر في الغد السعيد وطوال الليل كانت تتراءى له نجوم في سماء ذهنه ، توحي بمفاجأة كبرى فكان يستعجل بزوغ الفجر وتذكر ماضيه الممل و إدمانه على النوم الى غاية منتصف النهار .
نهض مبكرا على غير عادته ، ليواصل جهوده لتحقيق حلمه الكبير ، أفراد عائلته حيارى ولم يفهموا سر التغير و الإنقلاب الغير متوقع وبالرغم من ذالك فهم سعداء بالحيوية التي أضحت تسكنه .
توجه الى منزل صديقه ،جاره ورفيق دربه المظلم ، من المؤكد بأنه ما زال يملك العديد من الكتب ، كل طلاب
الثانوية كانوا يشهدون له بحب المطالعة ، مهما أنهكته الأيام بسبب البطالة فهو الأقل ما زال يحتفظ بخير جليس .
بعد إنتظار طويل خرج إليه صديقه القديم في ثوب جديد ، شخص نحيف ، كثيف الشعر تعلو وجهه مسحة من الخوف والتشاؤم ويبتسم محاولا التظاهر بأنه بخير ، بعد مجموعة من التحيات المألوفة ، دخل مباشرة في الموضوع وبدون مقدمات .
- آسف ليس لدي أي كتاب
- كيف تخليت عن هوايتك ؟ لقد كانوا يطلقون عليك أبو المطالعة
- كان فعل ماضي ناقص ،- لقد زلزلتني الحياة وفقدت الأمل فيها وفي لحظة غضب جمعت كل كل كتبي وأحرقتها ،- حتى الكتب المدرسية لم تنجو من المصير المحتوم و حاليا ينادونني أبو النكسات .
- سبحان مغير الأحوال ،- كن مؤمنا ولا تقنط من رحمة الله وتفاءل فالدنيا ما زالت بخير ستتجاوز مشاكلك هذه بمزيد من الإرادة .
- عجيب أمرك ،- حسب معلوماتي فانت ما زلت بطالا محترفا أم أنك تحولت الى كاتب مختص في النهايات السعيدة
- ليس الأمر كما تتصور ،- أظن بأن مستوى العلاقة الذي بيننا هو الذي دفعني الى مساعدتك ولو بالكلمة الطيبة ،-
فانا بالرغم من حالة البطالة التي أعيشها فقد وجدت شيئا أقوم به
- هل أدمجوك في الشبكة الإجتماعية
- كلا بل أدمجت نفسي في الشبكة الفكرية
- يبدو أنك في أقصى درجات الضياع و يكفيني ما أعانيه ولست بحاجة الى نقاش فلسفي
فحتى الخلايا الفكرية لدي تعيش البطالة .
بعد حوالي أسبوعين إستطاع أن يجمع ما يفوق العدد المطلوب وقام بتحديد برنامج يومي مكثف للمطالعة ، وهكذا بدأ في تطبيق إعتكافه ولا يخرج من سجنه الفكري إلا للضرورة القصوى وأول ما بدأ به هو الكتاب الأعظم وهو القرآن
الكريم ، حجة الله على العباد والكائنات ، كتاب ترفع عن الناشرين والموزعين والمطابع ورقم إيداعه في قلوب المؤمنين وعجزت كل جهات الرقابة عن منعه أو تحريفه لأنه محفوظ بقدرة ربانية ، مع إقتناعه بأنه لن يكون مفسرا ولا فقيها ولكنه سيجعل آيات الخالق مصباحا ينير به غياهب الجهل ويصحح به أخطاء الإنسان .
مع مرور الأيام أخد ينزع عن نفسه شيئافشيئا الضباب الكثيف الذي يحجب عنه حقيقة الحياة عرف معنى الحق والعدالة والطموح والفضيلة وعرف ماهيةالوجود على هذه الخليقة ، وهل ثمة خطأ في فهم الناس لهذا
الدين وما فائدة القوانين الوضعية المجحفة؟ ولماذا يعيش العالم هذه القلاقل والحروب؟ ولماذا يضرب البؤس بجناحيه علىالأطفال والأبرياء؟وفي صبيحة اليوم التاسع عشر نهض من فراشه ثم توقف أمام المرآة ، أحس بأنه بمواجهة شخص لا يعرفه يختفي وراء لحية كثيفة ، أراد التخلص منها ولكنه فضل الإقتداء بالسنة الحميدة ، يشعر بأنه يمتلك الوصفة الكاملة الشافية للإنسان ليتخلص من كل أنواع الأمراض البشرية التي جعلت الأخ يقتل أخاه ، وفيما هو منشغل بأهدافه الجديدة إذ بأمه تهرع إليه وبيدها برقية مستعجلة .
- لقد قرأها أبوك ،- إستدعاء من إحدى شركات النفط بالجنوب ،- مبروك يابني فتحت لك أبواب السعد ولا تضيع
هذه الفرصة .
في اليوم الموالي غادر بلدته قاصدا منصبه الجديد وأوصى بإعادة الكتب الى أصحابها ، لقد كانت العائلة مسرورة جدا
بعودة إبنها الى الحياة الحقيقية أما هذا الأخير فلم يفهم سر ما ماحدث له في الأيام الماضية ، هل الأمر مجرد تخاريف ؟ أم حكاية رجل إقترب كثيرا من الخيط الرفيع الذي يفصل بين العبقرية والجنون .