المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عفوا سيدي .. حـبـيـبـتـك تلك كانت عمياء



سليـمـكم
10/09/2004, 05:25 PM
عفوا سيدي .. حـبـيـبـتـك تلك كانت عمياء
طال انتظاري عند موقف الحافلات... الحر يشتد والريح لهيب. تمنيت وصول الباص في لمح البصر, لكن أمنيتي تحدتني فضاعفت مرات ومرات لحظات الإنتظار, وحين سئمت, قررت المشي راجلا, لكن أمنيتي عاودت سخريتها مني, فتوقف الباص خلفي ثوان بعد أن تحركت... جريت صوبه ثم تنفست عميقا ذاك الهواء الساخن الذي يزمهر غليانا بين أنفاس الركاب.
أمسكت مقبضا خلف مقعد السائق وأمنيتي الجديدة أن اجد مكانا أجلس فيه.. وقفت للحظات أنتهز فرصة قيام احد الراكبين أنقض على كرسيه فأملأه.. كنت مرهقا جدا, وكم كنت متعبا في الموقف قبل وبعد ذاك الإنتظار.. وإذ ذاك لمحت شيخا يهم بالوقوف, تحركت من تلقاء نفسي نحو مكانه, لقد نزل .. وأخيرا سوف أرتاح للحظات .. سوف أرتاح.
جلستُ وحين جلست, اضطرمت في أعيني معارك منتفضة من الريبة والإرتباك, ترنحت وترنحت لكي أستقر لكنني لم أهنأ بعد بجلستي المترددة... كانت عيونا ثائرة , منتصبة مهيبة , تمتص إحساسي وتنهش وجداني بكل قسوة.. أمامي مباشرة كانت تجلس تلك الفتاة الناعمة, مستغرقة في التفكير, تمسك بأصابعها طرفا من خمارها الأبيض الجميل, ذاك المنسدل فوق صدرها بكل وقار.. كانت كلها تحفة من سكون يخيل إليك بسكينتها أنها تمثال آية ببياضه في الصفاء, آية في الحشمة, أعجوبة في الهدوء... ظلت تحملق عبر زجاج النافذة في الأفق البحري بشغف ونهم, أحداقها صامتة, لا تتحرك أبدا, لم يرتد طرفها إليَّ قدر أنملة وكأنما لم تشعر بوجودي قط..
كنت أرقب الموج عبر الطريق البحري بلا اهتمام على غير العادة, وبين ثانية وثانية , أسترق النظر إلى مقلتيها, أختلس منهما صورة لأحللها بين زرقة السماء واخضرار البحر.. كنت أغرق بنظري الذي صار أحولا من كثرة اجتذابها لعيوني الحائرة, لكن عيونها الغرقى في لجج الأفق كانت أكثر حيرة من عيوني.. معلقة جفونها لا تهتز ولو قليلا, وكان البؤبؤ في قلب عينيها شاسعا جدا, تشدني شاعريته إلى اعماقها شدا عنيفا, كشد الثقوب الغامضة السوداء لشهب الكون... لم تـُشح ببصرها مذ جلست مقابلها, وكأنها تقول لي بكل ثقة: اسرح مثلما شئت في جمالي, فإنني يا سيدي لا ولن أبالي ..

هجرتُ الموج, وتركت البحر, ورحت أسبح في عالم محظور, عالم كله زرقة تعانق الإخضرار , وعشق حياتي كلها, حديقة خضراء تعانق كل يوم موجا أزرق.. أحداقها لم تكن مسيجة بالشباك, كانت جنة فسيحة خضراء تتسرب بين ثناياها حياض البحر, نظراتها العميقة جدا جدا, تعطيك انطباع المغامر في سراديب الكهوف العجيبة.. تنهدتُ عميقا دون أن أصدر زفرة واحدة, علها تسمعني فتغمض عينيها فأصير بدونهما ضريرا, نسيت كل من حولي وفقدت كل أبعاد الزمان والمكان, لم أشعر قط بشخير المحرك في الحافلة.. خفت ان أزعجها بجنون انظاري الخفية, فرحت أترنح من جديد بعد دهر من الجمود علها تحس بي فتستجيب, لكن ...
ما أغرب هدوءها, أما صمت عيونها فشيء أفظع من عجيب...
سألت نفسي ملايين الأسئلة, مالها تتجاهلني؟ هل صوت اعماقي شحيح صداه إلى هذه الدرجة؟
كم كان سحر تلك العيون المخضرة الزرقاء ثقيلا ضربُه فوق أوتاري..
كم كانت تلك الزرقة الهادئة فوق أحداقها الجامحة تسلبني كل دمي , وتسرق كل انفاسي, فأشعر بالفراغ وأنتفض له من الوجد والحنين.. صرت أحلم وانا الغريق بأن امتطي السحاب فنطير معا.. نبحر معا.. حيث لا يوجد غير الحب..والصفاء .. والأمان .. وهذا البحر , وهي وأنا ..

صاح القابض ناقرا الجرس على حديدة صغيرة .. " المحطة الأخيرة .. المحطة الأخيرة " ..
تحرك الطفل قربي, ومد يده إلى الفتاة قائلا: " خالتي .. هيا لقد وصلنا.."
مدت الأميرة الساحرة يدها إلى الحقيبة في حجرها وسحبت بلطف نظارتها السوداء, ارتدتها وقامت تتحسس بيدها المقعد ثم الباب, بينما يدها الأخرى ممدودة على كتف الصغير الذي كان يقودها خلفه بكل بحذر..
تسمرتُ مكاني, واستحالت كل تلك الزرقة إلى سواد, وانقلب الاخضرار إلى عمى..
تقرب القابض مني, هزني من كتفي ثم قال : سيدي ..لقد وصلنا.
وقفت فزعا شاحبا, باهتا مشذوها .. لأنني لم أسمع منه شيئا إلا عيونه التي كانت تقول: " عفوا سيدي .. حـبـيـبـتـك تلك .. كانت عمياء" .. عمياء..عمياء
---------------------------------- سليم مكي سليم / يوليو2004

طارق شفيق حقي
11/09/2004, 11:18 AM
سأحجز المقعد الاول للنقد

فاستعد عزيزي
واربط الاحزمة
لكن بقليل من الوقت
اذ تدري
ماذا لدي
سلمت يداك

سليـمـكم
11/09/2004, 12:06 PM
ههههههه
غريب امر هذا المنتدى
كل مرة سأعود .. سأعود
لماذا تشوقني هكذا يا أخي طارق
:roll:
رد فورا ...ههههه شوقتني لنقدك
:wink:

طارق شفيق حقي
15/09/2004, 10:32 PM
النقد

والتشريح

ربما حين أريد أن انقدا نقدا مستفيضا احضر أدواتي
واه لو احضرتها
المبضع حاد جدا

أولا.....
افصل بين طارق القاص وطارق الناقد

ثانيا ...تحضر لاستقبال المبضع...



بسم الله الرحمن الرحيم

بالرغم من أني أعاني من الم في راسي
لكن سنحاول ان ننقد في ظروف صعبة


اه من التي أحببتها

يقولون الحب اعمى

واذ الحبيبة عمياء

بداية القصة دخول سريع وهو جميل في القصة

لكنك ماطلت في الوصف مما يدخل قليلا من الملل الى المتابع
أرى في الدخول فنا عجيبا يميز خبرة الكاتب
حيوية الاسلوب جمال وفن متالق يجذبك فلا يدعك تفلت حرفا

التشويق موجود كذلك المفاجأة
وذلك صميم القصة التي تعرفها رائجة الان
وللقصة انواع
ومن انواعها القصة الشعرية
والقصة العربية الاصيلة التي تقترب من شعرية النص
دون أن تخلط الاجناس
والمقصود بالاقتراب هو التكثيف
والتكثيف اداة عجيبة تاخذك في دوامة فتعيد النص في ذهنك اذ ضمن النص بكثافته
الدخول لعقل القارىء ثم الدخول لقلبه
ماذا نقول المح لمحا
الى العودة للنص أكثر من مرة واستخدام المقص دون خوف وقص الجمل المترهلة والمعادة.
المح في سردك ذخيرة لغوية تستمد منها فكرك
لحظة الالتقاط في القصة هي تماما عين القاص
وتراني أراك جالسا في النقل الداخلي
تتأمل الأشجار من حولك
تراقب بتامل من حولك يبدأ عقلك يفكر ثو يولد الابداع

أحييك

زاهر جميل قط
18/09/2004, 09:24 PM
الحبيبة
اهل هو الحب من النظرة الاولى

كلماتجميلة وقصة تجعلك تحزن
عليك بالنقد اعلاه

شكرلك

سليـمـكم
19/09/2004, 04:48 PM
بعض من الماضي نترجمه في كلمات
ولكن الذي يؤلمني يا سادتي
هو اننا لا نذكر من الماضي إلا الأنات
لست أدري ان كانت تلك متعة لنا أو مأساة

الحبيبة ..
شيء يبقى القلب يفتش عنه بين أمواج البحر
وفي الصحاري قرب الواحات
الحبيبة بعض من الماضي ان افتقدناها
وحلم المستقبل الآت

الحبيبة .. سر يهوى الكثيرون كتمانه
ويفضل البعض دفنه في جوفه حتى المماة
الحبيبة ..
ماذا أحكي لكم عن الحبيبة ؟؟؟

أخي طارق نقدك فني محض ..سآخده بعين الاعتبار ..لكنني أعلمكم أن الوصف الذي ماطلت فيه من صميم الأعماق ..لا أستطيع اختزال أعماقي أو اختصارها في جملة أو قليل من الابيات ..

أما أخي زاهر .. فأشكره على مروره الجميل بين كلماتي ..فقط اقول لك ان الحزن من صنع الحب ..وليس في الحب أجمل من آلامه .. الشوق والحنين والجوى سر كينونة الحب وانتصاره ..
ذنبنا نحن المحبين دوما أننا نلوم الحبيب وننسى أن الجراح التي يتركها بعد كل رحيل ليست من اختياره وبعيدا كل البعد عن سلطانه ..
سأكتب في الجراح أخي زاهر كلمات .. وأتمنى أن تقرأها وترد عليها
انتظرني فأنا في الانتظار
----------- أخوكم سليم مع كل الحب