المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب الحرية لدى الأديب



طارق شفيق حقي
09/10/2005, 11:29 PM
آداب الحرية لدى الأديب


بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
آداب الحرية لدى الأديب لعل الحرية هي التربة الخصبة التي تنمي خيال الأديب وتعطيه أفقاً واسعاً تحرك مشاعره وتأجج فكره وفنه وأدواته فيولد الإبداع

ولعل هذه الحرية ستكون ضرباً من الانفلات إن لم تحدها حدود وضوابط , في عصرنا هذا أمست هذه الكلمة ستار لغايات يتستر بها الكاتب أو لعلها تكون خدعة يخدع بها ضامري العقول وقد فرغت هذه الكلمة من معناها وبدل أن تصبح مناخ عمل أصبحت هدفاً بحد ذاته فأصبح الكاتب عبداً لكلمة اسمها حرية وحين يمسي اختيارك دائما لكل ما هو حر فتأكد انك أصبحت عبداً لصنم اسمه حرية وما هو إلا العبودية, فالحرية لا تعني أن ترمي القمامة من النافذة وتقول أنا حر بل الحرية الحقيقية هي في كبتك لهذا الشعور وليست الحرية في الضغط على مكبس البنزين في السيارة بل في التحكم في ذلك, والحرية ليست في إخراجك لكل ما في داخلك من كلام في انتقاء الكلام وحسن ظهوره بما لا يجرح ولا يسيء للآخرين
والأديب الحر الحقيقي هو من يستطيع أن يقول ما يريد ويتقن ذلك لكنه يسطير على شعوره ويقول في ذاته أنا حر في إخراج ما أريد وبالشكل الذي أريد بما يفيد الناس

وكلامنا هنا بلا حدود يصبح عمومياً قليلاً فالسيئ والجيد يختلف من شخص لأخر باختلاف المعتقد والمذهب والتوجه , ونحن نتحدث عن حرية تخص المسلم هذه الحرية التي حدها الله ورسوله وقرانه
وكان القران حجة معجزة لكل أديب كما أعجز أدباء عصر تنزيله

وهنا سنضرب مثالاً عن حرية القران الكريم في صورة أدبية قمة في الروعة صورة يعجز أي كاتب أو راوي أو شاعر أن يتناولها بل وكانت قمة في الجرأة وهي حالة جنسية ولحظات قمة في الحساسية
وهي قصة يوسف مع امرأة العزيز وكيف صور القران هياج امرأة من التفكير إلى الكيد إلى التنفيذ إلى المجاهرة وسنتكلم عن هذه المثال الذي عجزت عنه كل الروايات وكل القصص تعبيراً

واليكم هذا المثال

طارق شفيق حقي
10/10/2005, 09:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نكمل حديثنا حول أدب التعبير والمثال هو قصة امرأة العزيز في سورة يوسف
هنا حالة من الحالات الفريدة التي لم نسمع بها لا في قصص ولا في رواية وكيف لا وهو القران المعجز ,وقد عرفنا كثير من الكتاب المبتذلين الذين يحركون غرائز الإنسان وينزلون به للحضيض
والأمثلة كثيرة
قصتنا هي عن امرأة العزيز وقد اختلت بغلامها وهو سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام
قال تعالى:


وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 23 وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ 24 وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 25 قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ 26 وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ 27 فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ 28 يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ 29" يوسف"

في هذه الآيات كلمة عجيبة تدل على حالة امرأة العزيز وتدل على هياجها النفسي والارتباك الذي يحدث أثر ذلك وهي غلقت لم يقل الله أغلقت بل قال غلقت ولاحظ معي كلمة أغلقت تدل على الوعي والثبات , فهي هرعت تغلق الأبواب خشية هروب يوسف
وقالت له بلكمات قليلة هيت أي تجهزت لك أو صرت لك
وهذه الكلمة تدل أبلغ دلالة
وهمت به وهم بها وهنا يراد من هم بها وكما أحدى التفاسير هم بضربها لكنه رأى برهان ربه وهو العزيز وهو رب المنزل فقال كيف اضرب زوجة من رباني وكان ذلك فاتحة عليه بالهام من الله كي يهرب( والأنبياء معصومون) ولنتخيل كيف يستبقان إلى الباب
لم يقل سبقها أو يتسابقان بل يستبقان وذلك يعني أني الباب بعيد وامرأة العزيز لحالتها كانت تسبقه وتحاول إمساكه
بل لشدة ما بلغ في ذاتها قطعت قميصه وإذ بالباب يفتح ويطلع عليهما العزيز ,فسارعت إلى الافتراء عليه وقالت ما قالت
وبعد أن شهد شاهد من أهلها من أهل البيت ممكن كانوا موجودين ولم يرد الإفصاح عن ما جرى بل قال بالحجة بدأت
الأدلة الجنائية بالعمل والتحليل المخبري إن كان القميص قد من الخلف فهي من قدته أما إن كان العكس فهو من حاول النيل منها حاشا ويتبين للعزيز براءة يوسف وعرف أن زوجته هي من راودته لكنه للوسط الفاسد الذي كان يعيش فقد ماتت فيه الغيرة ولم يعد يستطيع أن يدين ما هو غارق فيه

هذا هو التعبير القرآني التعبير القدوة لك أديب يريد أن
يرقى بفكره وأدبه لما فيه خير الناس , قصة من أصعب القصص أحداث جريئة جداً لكنها لا تخدش الحياء ولا تحرك الغرائز في تعبير دقيق وتحليل نفسي لحالة امرأة العزيز فتبارك الله في بيانه وعظمة قرانه

والله من وراء القصد

طه غضة
10/10/2005, 11:38 PM
أجدت وأحسنت



كلام ذهب يا عم

قفلت واقفلت لم انتبه لذلك ابدا

جزاك الله خيرا كثيرا

طارق شفيق حقي
12/10/2005, 06:09 PM
أجدت وأحسنت



كلام ذهب يا عم

قفلت واقفلت لم انتبه لذلك ابدا

جزاك الله خيرا كثيرا

سلام الله عليك باش مهندس طه

كل ما قد ورد هنا هو كلام قد أفاض فيه العلماء والفسرون وما نحن الا واسطة للنقل والشرح باسلوبنا

تحياتي لك

أسامة يوسف
15/12/2005, 09:02 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

موضوع مفيد جداً وعلى كل أديب وكاتب ان يلتزم بأدبيات الكتابة والضمير

مصطفى معروفي
24/12/2005, 05:47 PM
كلمة حرية استغلت من طرف البعض كما استغلت كلمات أخرى - اليموقراطية مثلا - لتمرير خطابات مغرضة تسعى في عمومها لهدم الثوابت وتقويض صرح القيم.
لكن الغريب في الأمر أن نجد من الكتاب العرب من يدعو لنبذ الحرية باعتبارها مصدرا لكل البلايا والآفات التي أصابت مجتمعنا ،مع أن الحرية هي التي تستطيع أن تبني المجتمع وتنهض به نحو الرقي والتقدم،وتقف في وجه أعدائه لحماية المكتسبات والقيم الاجتماعية الثابتة.
إن الكاتب في الحقيقة ينبغي أن يدافع عن حريته ،لا أن يهاجمها ،فهناك من الجهات ،سلطوية وغير سلطوية،من تستغل مثل هذه الخطاب لتزيد من كبت الانسان وخنقه ،لتضمن بذلك استمرارها وبقاءها ، والعجيب أن الكتاب الذين يرون مشروعية هذا الطرح - نبذ الحرية - هم أكثر مخلوقات الله حاجة إليها ،وأعتقد أن الكاتب الذي يقف ضد الحرية هو كاتب يقف ضد نفسه أولا ،وضد المباديء السامية التي يدعو إليها الفكر الحر الأصيل ثانيا.
في الأخير أقول:
إن الكاتب الذي يدعو إلى نبذ الحرية لأسباب واهية عليه في المقام الأول أن يقنع نفسه بذلك ،ثم من بعد ذلك يتوجه بخطابه للناس ليقنعهم به.
أخي طارق:
شكرا على الموضوع القيم ،وسلمت يداك عليه.
أخوك:مصطفى

عاشت بلادي
09/02/2008, 09:49 AM
أصبحت للحرية معاني متعددة جلها خاطى و يقودنا الى الهلاك !
حرية في الفكر
حرية في اللبس حرية في الإختيار
حرية في التعبير
حرية في الدراسة
حرية في الحب ... إلخ ؟!
كل أنواع الحرية هذه صحيحه و ليس بها عيب !
لكن العيب و الخطأ الكبير في تعريف هذه المفاهيم
فالحريه في اللبس ليست ارتداء الملابس التي تخالفها قيم و عادات المجتمع الذي نعيش فيه
الحريه في الإختيار ليست اختيار ما لا يرضاه أولياء أمورنا
الحرية في التعبير ليست طرح أفكار مخالفه للقيم التي عشناها
و الحرية في الحب هي ليست بالطبع حب أعدائنا و حب طبائعهم و تقليدنا لهم !
كل هذه مفاهيم خاطئه جدا لمعاني الحرية المتعدده و المتفرعه
و يا ليتني أعرف المعنى الصحيح لها
لأن في يومنا هذا اختلطت كل المعايير و القيم و المفاهيم ؟!

عاشت بلادي
13/02/2008, 09:23 AM
للأسف ما يقوله الشباب اليوم عندما تكلمهم عن الضوابط
أليس الأسهل لنا أن نسير دون ضوابط و قوانين تحكمنا ؟
و لك أن تفعل و تقول ما تريد دون قيد أو شرط ؟
و الوداع للهم و الكرب و المسؤولية ؟
لكل شيء حدود و كل شيء زاد عن حده إنقلب ضده !
و إحدى واجبتنا في هذه الدنيا أن نعرف أين يقع الحد الذي يجب أن نقف عنده و نصمت !
فالشاب الذي يصمّ سمعه و لا يريد الاستماع إلى النقد أو النصيحة أو المحاسبة بحجّة أنّه حرّ
و الفتاة التي لا تراعي ضوابط العفّة و الاحتشام بذريعة أنّها حرّة
و الشباب الذين يمارسون بعض المنكرات التي تسيء إلى العادات و التقاليد بدعوى أنّهم أحرار
هؤلاء يسيئون للحريّة من حيث لا يشعرون
و كم جرف الانحراف شباناً و فتيات إلى أحضان الرذيلة و الجريمة و اللصوصية و الإدمان
و المسوّغ هو الحريّة السائبة التي جنت على أبنائها من المسلمين يوم لم يتعظوا بما جرّته على أمثالهم من الشباب في الغرب

هذا مايطلق عليه بـ وهم الحرية الكاذب
وينبه د. سالم أبو الوفا الأستاذ في كلية رياض الأطفال إلى خطورة الحرية غير المسئولة التي يهوي عن طريقها كثير من الشبان والفتيات في وديان الانحراف
فليس هناك تمييز بين الحريّة المسئولة وبين الحريّة غير الملتزمة أو المنضبطة بضوابط معيّنة

ولنا عودة لو قدر الله تعالى