المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أين صوتي؟



ريم محمد
09/07/2008, 10:58 AM
في منتصف الثمانينات .. و في الرابعة صباحاً..و في الطابق الرابع من المستشفى الحكومي..
خرجت للدنيا بصمت ..مقطب الجبين ..سادراً في وحدتي التي عشتها لتسعة أشهر..
- لم يصرخ..و لم يبكِ ..
هكذا تقول الممرضة للطبيب المناوب..
اقترب مني .. و جعل يقلبني ذات اليمين و ذات الشمال ..و ضرب على صدري الصغير .. لكني لم أصرخ أبدا !! لعلي كنت من لحظتها رجلا !!
- تنفسه طبيعي .. و نبضه كذلك..
-إذن لا مشكلة يا دكتور..
- لا مشكلة أبدا ..فقط ضعوه في الحضانة ليوم كامل..
حملتني الممرضة عاريا .. بجسد غض .. أرتجف من هذا المحيط الجديد الذي خرجت له .. أقحمتني في غرفة زجاجية صغيرة .. و مليئة بروائح معقمة قد تكون تشبه ذلك المكان الذي مكثت فيه قبل أن يلفظني للعراء..
حولي غرف زجاجية كثيرة فيها أطفالٌ صغارٌ جداً .. أتلفت يميناً مرة و يساراً أخرى وجوه ذات لون محمر تغفو قليلاً و وجوه تستسلم للبكاء..و ليسوا مثلي .. لست أدري لماذا لا أكون مثلهم ..لماذا لا أبكي ؟
أحاول أن أغفو قليلا بعد عناء الرحلة .. لكن الممرضة الغبية تقطع علي خلوتي.. تحملني من جديد بين يديها ..تمسح على رأسي الخالي من الشعر .. " لماذا لم يكن لي شعر مثل بقية الرضع" لا أدري المهم أن هذا ليس وقت الأسئلة يا أنا..
- تفضلي سيدتي هذا ابنك و قد حان موعد إرضاعه..
تبسط أمي يديها .. تتلقفني بحركة متقنة يبدو أن أمي قد أنجبت غيري .. فهذا واضح..
تظل عينا أمي معلقة في وجهي .. أحاول إغلاق عيني من الضوء المسلط من مصباح الإضاءة .. تمسح على وجهي .. تهديني قبلة .. و تشرع في إرضاعي .. بينما تقول لوالدي الجالس في الزاوية..
_ هل تظن به مكروه حينما لم يصرخ .. فقد سمعت أن الطفل الذي لا يصرخ لحظة ولادته قد يكون ....
و تسكت أمي .. بينما يقول والدي ..
- لا تقلقي .. سترينه غدا طبيباً كبيراً .. يبدو أن رأسه الخالي من الشعر دليل على ذكائه..
- لماذا لا يكون شاعراً ..
أترك الرضاعة .. و أنظر لهما غريبان يتباحثان في أمر لا يخصهما !!
سأكون ممرضة كتلك الممرضة التي أقحمتني في البيت الزجاجي..
لكن لماذا لم أبكِ .. لماذا لا أصرخ ..أحاول جاهدا أن أصرخ ..فلا أستطيع .. الصوت يخونني .. و يتمرد على قدرتي.. بل و يهجرني .. لأكبر بدونه .. بدون صوتي..

الناصري
09/07/2008, 01:53 PM
....................سيدة القصص وصانعة اللقطات واللحظات...شكرا لك

ريم محمد
10/07/2008, 11:13 AM
أ/ الناصري..
.
بورك فيك..ماأنا إلا متطفلة على القلم..

يوسف أبوسالم
10/07/2008, 11:39 AM
في منتصف الثمانينات .. و في الرابعة صباحاً..و في الطابق الرابع من المستشفى الحكومي..
خرجت للدنيا بصمت ..مقطب الجبين ..سادراً في وحدتي التي عشتها لتسعة أشهر..
- لم يصرخ..و لم يبكِ ..
هكذا تقول الممرضة للطبيب المناوب..
اقترب مني .. و جعل يقلبني ذات اليمين و ذات الشمال ..و ضرب على صدري الصغير .. لكني لم أصرخ أبدا !! لعلي كنت من لحظتها رجلا !!
- تنفسه طبيعي .. و نبضه كذلك..
-إذن لا مشكلة يا دكتور..
- لا مشكلة أبدا ..فقط ضعوه في الحضانة ليوم كامل..
حملتني الممرضة عاريا .. بجسد غض .. أرتجف من هذا المحيط الجديد الذي خرجت له .. أقحمتني في غرفة زجاجية صغيرة .. و مليئة بروائح معقمة قد تكون تشبه ذلك المكان الذي مكثت فيه قبل أن يلفظني للعراء..
حولي غرف زجاجية كثيرة فيها أطفالٌ صغارٌ جداً .. أتلفت يميناً مرة و يساراً أخرى وجوه ذات لون محمر تغفو قليلاً و وجوه تستسلم للبكاء..و ليسوا مثلي .. لست أدري لماذا لا أكون مثلهم ..لماذا لا أبكي ؟
أحاول أن أغفو قليلا بعد عناء الرحلة .. لكن الممرضة الغبية تقطع علي خلوتي.. تحملني من جديد بين يديها ..تمسح على رأسي الخالي من الشعر .. " لماذا لم يكن لي شعر مثل بقية الرضع" لا أدري المهم أن هذا ليس وقت الأسئلة يا أنا..
- تفضلي سيدتي هذا ابنك و قد حان موعد إرضاعه..
تبسط أمي يديها .. تتلقفني بحركة متقنة يبدو أن أمي قد أنجبت غيري .. فهذا واضح..
تظل عينا أمي معلقة في وجهي .. أحاول إغلاق عيني من الضوء المسلط من مصباح الإضاءة .. تمسح على وجهي .. تهديني قبلة .. و تشرع في إرضاعي .. بينما تقول لوالدي الجالس في الزاوية..
_ هل تظن به مكروه حينما لم يصرخ .. فقد سمعت أن الطفل الذي لا يصرخ لحظة ولادته قد يكون ....
و تسكت أمي .. بينما يقول والدي ..
- لا تقلقي .. سترينه غدا طبيباً كبيراً .. يبدو أن رأسه الخالي من الشعر دليل على ذكائه..
- لماذا لا يكون شاعراً ..
أترك الرضاعة .. و أنظر لهما غريبان يتباحثان في أمر لا يخصهما !!
سأكون ممرضة كتلك الممرضة التي أقحمتني في البيت الزجاجي..
لكن لماذا لم أبكِ .. لماذا لا أصرخ ..أحاول جاهدا أن أصرخ ..فلا أستطيع .. الصوت يخونني .. و يتمرد على قدرتي.. بل و يهجرني .. لأكبر بدونه .. بدون صوتي..

أخت ريم
مساء الأقحوان

قصة جميلة فعلا
فكرتها طريفة وجديدة
تجبر المتلقي على متايعتها
ليعرف مصير هذا الشقي الرضيع
من مميزات قصصك يا ريم
تلك التلقائية المحببة التي
تكتبين بها ...
فلا أشعر أثناء القراءة بحشرجة الحروف
ولا تختنق الكلمات بمعان ليست لها
ومن هنا تضل قصصك من نوع ( السهل الممتنع )
وهو أمر لا يتأتى إلا بالمراس والخبرة
والقراءة والمعاناة
أراك قاصة واعدة جداً
فهل أنت مقبلة على مجموعة قصصية قريبا
أرجو ذلك ....
تحياتي

ريم محمد
10/07/2008, 02:14 PM
أخت ريم
مساء الأقحوان


قصة جميلة فعلا
فكرتها طريفة وجديدة
تجبر المتلقي على متايعتها
ليعرف مصير هذا الشقي الرضيع
من مميزات قصصك يا ريم
تلك التلقائية المحببة التي
تكتبين بها ...
فلا أشعر أثناء القراءة بحشرجة الحروف
ولا تختنق الكلمات بمعان ليست لها
ومن هنا تضل قصصك من نوع ( السهل الممتنع )
وهو أمر لا يتأتى إلا بالمراس والخبرة
والقراءة والمعاناة
أراك قاصة واعدة جداً
فهل أنت مقبلة على مجموعة قصصية قريبا
أرجو ذلك ....
تحياتي



.
أ/يوسف..
.
مساؤك إيمان..
.
أفخر بهذا الرأي الناقد..بل يمدني بطاقة عجيبة للمواصلة..
.
أتمنى أن تحمل لي الأيام القادمة خبر نشر روايتي بعد مراجعتها..ثم سأفكر بالمجموعة القصصية..
.
فقط لا أبتغي غير دعواتكم..

يوسف أبوسالم
12/07/2008, 01:26 PM
.
أ/يوسف..
.
مساؤك إيمان..
.
أفخر بهذا الرأي الناقد..بل يمدني بطاقة عجيبة للمواصلة..
.
أتمنى أن تحمل لي الأيام القادمة خبر نشر روايتي بعد مراجعتها..ثم سأفكر بالمجموعة القصصية..
.
فقط لا أبتغي غير دعواتكم..


رائع
إذن هناك رواية تحت النشر
أو قريبة من النشر
أتمنى أن توفقي بنشرها يا أخت ريم
ولا تنسينا من نسخة ألكترونية للمربد
وكذلك أن تفكري جديا في مجموعة قصصية
تحياتي