المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طيور بلا وطن



مجدي عبد النبي
03/07/2008, 07:35 AM
طيور بلا وطن* (http://www.merbad.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn1):o:o



?<..********:o :o

يلوح فى الأفق . ممتدا يحتويه البحر .. باسطا ذراعيه . تقذفه الريح و الموج . كان اليابس أخضر .. تتلفّت العيون .. تبحث عنه .. فوق الأشجار العارية ترتعش الأجنحة .. ينكمش الريش و الزغب ..
ترتعد من فرط الصقيع و الجوع . الأنفاس لا تكف عن اللهاث . تجمعت الطيور فى نفس المكان . لم تزل الشمس فاترة . أنهكهم البحث عن الثمار و الأرض .. منابت الدفء .. شجيرات الأيك .. انهزام الريح .. تذمروا .. تساءلوا ؟؟ صاح زعيمهم غاضبا . فرد جناحيه أخذ يقص عليهم قصة ( يوسف ) و توقف عند الحلم . وحيدا كان القلب المقهور .. ينزف بكارة عشق زائف . طأطأت الرؤوس .. كفكفت دمعاتهم سوف نعود لمواطن الشتاء خلف سحابات الغربة سوف نموت هناك بعيدا .. لم يمنحونا حق أن نبنى العش بعد .


(1 )?<..

العمارات الشاهقة ، قزم هو فى شوارعها .. يسحب قدميه فوق الأرصفة .. يتوقف أمام محل .. يحدق فى المستطيلات الورقية الصغيرة المرصعة بالكلمات . تطالعه أرقام مخيفة " كم من الأرقام أحفظها 1882 – 1919 – 1952 و لا أخشى شيئا " مد يده يتلمسها؛ اصطدمت أنامله الخشنة بالزجاج الناعم .. سحب صورته المنبعجة من فوق الزجاج . أشتم رائحة عطر .. زاد إحساسه بالإحباط .. ضحكة أوقعت فى القلب ارتجافة .. أيقظت سعارا مدفونا فى قاع الصدر ... زام ..انغرزت عيناه فى الصدر.... مسح القوام.. نظر لهندامه .. شعر بالخجل يسرى فى جسده . لملم وجهه السريالى من فوق الأسطح الزجاجية . تذكر فتاته هى الأخرى بوجهه . جرجر قدميه سائرا مهتز الرأس .. بعيدا عن السياج .. عند باب المدرسة توقف .




( 2 ) :idea:


يحلو له هذا المنظر .. لا يفوته يوما . يتنفس عند سور الكورنيش يستقبل الغروب و سقوط القرص فى البحر .. خلف السحابات
و الألوان .. يرمق الطيور البعيدة المحلقة فى الأفق . تضرب الريح بجناحيها . ترحل إلى أشجار الأيك .. تنام .. طلع السواد..الليل .. الفراغ . بمحاذاة الكورنيش يسلم قدميه الطريق . يداهمه رذاذ الأمواج .. يهزه الريح .. يلطمه على وجهه .. تضحك .. تتأبط ذراعه بقوة . ينتشى . يشعران بالجوع معا .... لم يفكر إلا فى نشوة اللحظة حتى الآن . يعود لمنزله محدقا فى صورتها . يبتسم؛ يضعها داخل إطار القلب .
- ألن تتقدم و تقابل أبى ؟
ينزع الصورة من القلب . يتحسس ملامح التجاعيد التى حفت على الوجه . ينسحب داخل الفراش .



( 3 ) :baaa2:


فى وسط السطر " القومية العربية " أخذ يردد نفس الكلمات . شعر بالسأم يصعد حتى الحلق . أمسك رأسه .. توقف عن الشرح.



( 4 ) :confused:

ضئيلة الجسد ووجهها شاحب .
- ماذا شرحت للتلاميذ اليوم ؟؟
تقلقل السؤال فى رأسه ( لم تسأل أبدا مثل هذا السؤال دائما يتكرر سؤال آخر ينتهى بالشجار )
- ما شرحته منذ عشر سنوات .
لم يزد راتبك حتى الآن .؟؟؟
ابتسامتها فاترة .
- و لأى سبب يزيد .!!؟؟
- الدروس الخصوصية . و ..
قاطعها بحدة .
- ألم ننته من هذا الأمر . أدرّس مادة ليس لها دروس خصوصية .
- ألن تفكر فى تغييرها .
ضحك حتى علت قهقهته .
- كيف ؟
- السفر .
لم يفكر فى هذا من قبل . غاضت ابتسامة من فوق وجهه . حل يده من يدها . نظر للبحر . لاحت أجنحة الطيور من بعيد . غاصت فى الدائرة الحمراء حتى اختنقت . دهمته أناملها فوق ظهره فى لكزة عصبية .. ارتعد لها .
- دعينى أفكر .!!؟؟
لم ينم الليلة إلا عند الفجر .



( 5 ) ;)

أخذ يجوس فى الشوارع . يتلمس الأركان . تتسلل للقلب رعشة . أفزعه أن يرى نفسه مدفوعا بلا مقاومة فى أحضان بلا ذراعين . بصقت فى وجهه . انعطف فى شارع جانبى . كانت ارتعاشات أنامل الأغصان فى الخريف ، توقع فى الأحداق وحشة . جرداء هى الأشجار . استكان على مقعد خشبى بعيدا عن المدينة . الإرهاق يضنيه .. كان المكان غريبا ، كان تائها . انطلق . تتلاحق أنفاسه نحو سور البحر . كثيرون لفظوه . كل فى مسيس الحاجة للجلوس عند السور . لكنه ارتفع فجأة و أطلت من خلفه صورة المرأة المخيفة . كانت تشبه فتاته . تحلق فى عينيها الطيور ترحل حيث البرد المطل من " الننى " تتجه إلى مواطن الدفء . أحس بالخوف يحاصره .. يتغلغل داخله ..شعر بالجوع .




( 6 ) :idea:


- صحيح يا أستاذ سوف تسافر .؟؟
خيم الوجوم على الوجوه .
- إنكم تسافرون من أجل المال.!
- بل من أجل أن نعلم الناس.
- زوجتك و أولادك ..
- لم أتزوج بعد ( ضاق ذرعا من الحديث ) كفوا عن هذا . و لنعد إلى الدرس الأخير فى وسط السطر " أسباب نفى الزعيم عن أرض الوطن " .



( 7 )


أزاح عن الرأس المتعب هما ثقيلا . بين الفرح و الحزن يتأرجح إحساسه . اختلطت الدموع و الابتسامات . شعر بمرارة فى الحلق . خجل من كذبه على التلاميذ . لم يكن بمقدوره أن يدلى بالحقيقة . تحسس وجهه ، كانت التجاعيد قد زادت و الغضون . عند باب البيت القديم كانت تنتظر أوبته . دائما تنتظر . لم يتأخر يوما عن ميعاده . سوف يغيب طويلا . فرّت الابتسامة من وجهه؛ انسحبت خلف خيوط الزمن .. بحث عنها . لم يجدها .. كانت تتلقاه باسطة ذراعيها ( أين ذراعاها ) ؟ تضمه بعينيها فى حنان ( لقد عشش الفراغ مكانهما ) فى المساء تحت أسمال الليل . يرتمى بين ضفتين .. حيث الدفء . حث القدم على السير فى كل الأزقة ، لم يجدها .
- تذكرى لن أعمل فى مهنتى .؟؟!!
- لكنك ستأخذ أموالا كثيرة .
- لقد كذبت على الأولاد .
- مهما غبت لن يقولوا أنت الذى قتلت (كليبر ) .
شعر بالمهانة تغلفه . تعب من البحث . داخل المقهى جلس ليستريح .. بندول الساعة يتحرك فى رتابة ، يقطع كتل الزمن المتراكم داخل تلافيف العمر . احتسى قهوته . كان مضطربا .. تستقطبه الأصوات المتناثرة .

صوت (1) .
لقد اشتريت كل شىء فى بحر ثلاث سنوات .!!!!؟؟

صوت ( 2 ) .

أنا استلفت ثمن التذكرة لحين العودة .!!!!!!!!!؟

صوت ( 3 ) .

عندما عدت وجدت زوجتى تزوجت بآخر .!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اختلطت الأصوات .. امتزجت . فر من المقهى هاربا .. خرج يبحث عنها من جديد !. مد يديه داخل كهوف الظلام . و دهاليز العراء يفتش عن أثر لها . عوت من خلفه كلاب المدينة هرع متقهقرا؛ اصطدم برجل الشرطة . أمسكه من عنقه .. عندما سمع نباح الكلاب تركه . أمام المنزل سدت الأبدان الشارع . تهامست النساء غامزات . تناقلت إلى مسامعه بعض الحروف . قرأ على الوجوه الألفاظ الباقية ( الفتاة تزوجت ) !!!؟؟566./,7شق الزحام صائحا من أشداقه .
- أنا حبيبها كيف تعيش من دونى . ؟
منعوه من دخول البيت .. تحرشوا به .
- لماذا تمنعونى لقد دفعت الإيجار ؟! .
أشاروا إلى الخارج .
- لقد استدنت كى أسافر كما طلبت . لم أرغب فى السفر .
ارتعب من عيونهم .. تحولت الوجوه إلى (وجه المرأةالمخيفة!؟ ). ساد الصمت و السكون عندما ترك الحارة . ما زال يتذكر الوجوم على وجوه الأطفال . توقفت قدماه أمام سور الكورنيش الذى أصبح جدارا شاهقا . التفت كان تمثال " سعد زغلول " خلفه انتقل إلى مسامعه هدير الأمواج و صراخ الطيور . انسحب الوقت دون أن يشعر ؛ هم بالسير فى اتجاه آخر .



( 8 ) :o:o:o


تجمعت الطيور خلف جناح الزعيم . فوق الشجيرات الجرداء . أشار ناحية الغرب . استعدوا للرحيل . انسكبت دمعة فوق الوجه . أخذوا يتصايحون بأنغام هزيلة متكسرة . عند تخطى الحدود سقط كثير منهم . و لم يعد منهم أحد .




* (http://www.merbad.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftnref1)هامش :
فازت بالمركز الثانى فى مسابقة القصة القصيرة – القاهرة يوسف السباعى و نشرت بمجلة القصةالعدد 57 يوليو 1988 .كما نشرت ضمن المجموعة القصصية التى تحمل نفس العنوان.1993م:o:o:o:o

يوسف أبوسالم
03/07/2008, 10:20 AM
أخي المبدع مجدي
مساء الورد

من جزالة اللغة ..وشاعريتها
وقوة تراكيبها ..
إلى سلاسة السرد وانهماره ..
ونعومته حينا وهديره أحيانا
إلى تنامي الحدث بصورة تجعلك تشعر أنك جزءا منه
إلى دقة تحسد عليها في رسم الشخصيات خاصة الشخصية الرئيسة
ثم يلفتك القدرة التصويرية الرائعة للثورة التي تعتمل في صدر بطل القصة
وما يتجاذبه من أفكار ومعاناة وعذاب وتساؤلات
أخي مجدي
استمعت بالقصة أيما استمتاع
وأعجبني فعلا فوق ما ذكرت
تلك الموسيقى والإيقاع الذي يتخلل السرد والجمل وعلاقات
الحروف وتداخلاتها ..
قصة رائعة ..فازت عن جدارة
تحياتي

ماء السماء
03/07/2008, 03:00 PM
قصة مبدعة
استمعت بالقراءة كثيرا
سلم القلم

مريم خليل الضاني
08/07/2008, 10:38 PM
أهنئك يا أستاذ مجدي على هذا السرد الفائق الجذالة .

محمد المهدي فارس
09/07/2008, 02:22 PM
طيور بلا وطن* (http://www.merbad.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftn1):o:o





?<..********:o :o


يلوح فى الأفق . ممتدا يحتويه البحر .. باسطا ذراعيه . تقذفه الريح و الموج . كان اليابس أخضر .. تتلفّت العيون .. تبحث عنه .. فوق الأشجار العارية ترتعش الأجنحة .. ينكمش الريش و الزغب ..
ترتعد من فرط الصقيع و الجوع . الأنفاس لا تكف عن اللهاث . تجمعت الطيور فى نفس المكان . لم تزل الشمس فاترة . أنهكهم البحث عن الثمار و الأرض .. منابت الدفء .. شجيرات الأيك .. انهزام الريح .. تذمروا .. تساءلوا ؟؟ صاح زعيمهم غاضبا . فرد جناحيه أخذ يقص عليهم قصة ( يوسف ) و توقف عند الحلم . وحيدا كان القلب المقهور .. ينزف بكارة عشق زائف . طأطأت الرؤوس .. كفكفت دمعاتهم سوف نعود لمواطن الشتاء خلف سحابات الغربة سوف نموت هناك بعيدا .. لم يمنحونا حق أن نبنى العش بعد .


(1 )?<..


العمارات الشاهقة ، قزم هو فى شوارعها .. يسحب قدميه فوق الأرصفة .. يتوقف أمام محل .. يحدق فى المستطيلات الورقية الصغيرة المرصعة بالكلمات . تطالعه أرقام مخيفة " كم من الأرقام أحفظها 1882 – 1919 – 1952 و لا أخشى شيئا " مد يده يتلمسها؛ اصطدمت أنامله الخشنة بالزجاج الناعم .. سحب صورته المنبعجة من فوق الزجاج . أشتم رائحة عطر .. زاد إحساسه بالإحباط .. ضحكة أوقعت فى القلب ارتجافة .. أيقظت سعارا مدفونا فى قاع الصدر ... زام ..انغرزت عيناه فى الصدر.... مسح القوام.. نظر لهندامه .. شعر بالخجل يسرى فى جسده . لملم وجهه السريالى من فوق الأسطح الزجاجية . تذكر فتاته هى الأخرى بوجهه . جرجر قدميه سائرا مهتز الرأس .. بعيدا عن السياج .. عند باب المدرسة توقف .



( 2 ) :idea:


يحلو له هذا المنظر .. لا يفوته يوما . يتنفس عند سور الكورنيش يستقبل الغروب و سقوط القرص فى البحر .. خلف السحابات
و الألوان .. يرمق الطيور البعيدة المحلقة فى الأفق . تضرب الريح بجناحيها . ترحل إلى أشجار الأيك .. تنام .. طلع السواد..الليل .. الفراغ . بمحاذاة الكورنيش يسلم قدميه الطريق . يداهمه رذاذ الأمواج .. يهزه الريح .. يلطمه على وجهه .. تضحك .. تتأبط ذراعه بقوة . ينتشى . يشعران بالجوع معا .... لم يفكر إلا فى نشوة اللحظة حتى الآن . يعود لمنزله محدقا فى صورتها . يبتسم؛ يضعها داخل إطار القلب .
- ألن تتقدم و تقابل أبى ؟
ينزع الصورة من القلب . يتحسس ملامح التجاعيد التى حفت على الوجه . ينسحب داخل الفراش .



( 3 ) :baaa2:


فى وسط السطر " القومية العربية " أخذ يردد نفس الكلمات . شعر بالسأم يصعد حتى الحلق . أمسك رأسه .. توقف عن الشرح.



( 4 ) :confused:


ضئيلة الجسد ووجهها شاحب .
- ماذا شرحت للتلاميذ اليوم ؟؟
تقلقل السؤال فى رأسه ( لم تسأل أبدا مثل هذا السؤال دائما يتكرر سؤال آخر ينتهى بالشجار )
- ما شرحته منذ عشر سنوات .
لم يزد راتبك حتى الآن .؟؟؟
ابتسامتها فاترة .
- و لأى سبب يزيد .!!؟؟
- الدروس الخصوصية . و ..
قاطعها بحدة .
- ألم ننته من هذا الأمر . أدرّس مادة ليس لها دروس خصوصية .
- ألن تفكر فى تغييرها .
ضحك حتى علت قهقهته .
- كيف ؟
- السفر .
لم يفكر فى هذا من قبل . غاضت ابتسامة من فوق وجهه . حل يده من يدها . نظر للبحر . لاحت أجنحة الطيور من بعيد . غاصت فى الدائرة الحمراء حتى اختنقت . دهمته أناملها فوق ظهره فى لكزة عصبية .. ارتعد لها .
- دعينى أفكر .!!؟؟
لم ينم الليلة إلا عند الفجر .



( 5 ) ;)


أخذ يجوس فى الشوارع . يتلمس الأركان . تتسلل للقلب رعشة . أفزعه أن يرى نفسه مدفوعا بلا مقاومة فى أحضان بلا ذراعين . بصقت فى وجهه . انعطف فى شارع جانبى . كانت ارتعاشات أنامل الأغصان فى الخريف ، توقع فى الأحداق وحشة . جرداء هى الأشجار . استكان على مقعد خشبى بعيدا عن المدينة . الإرهاق يضنيه .. كان المكان غريبا ، كان تائها . انطلق . تتلاحق أنفاسه نحو سور البحر . كثيرون لفظوه . كل فى مسيس الحاجة للجلوس عند السور . لكنه ارتفع فجأة و أطلت من خلفه صورة المرأة المخيفة . كانت تشبه فتاته . تحلق فى عينيها الطيور ترحل حيث البرد المطل من " الننى " تتجه إلى مواطن الدفء . أحس بالخوف يحاصره .. يتغلغل داخله ..شعر بالجوع .




( 6 ) :idea:


- صحيح يا أستاذ سوف تسافر .؟؟
خيم الوجوم على الوجوه .
- إنكم تسافرون من أجل المال.!
- بل من أجل أن نعلم الناس.
- زوجتك و أولادك ..
- لم أتزوج بعد ( ضاق ذرعا من الحديث ) كفوا عن هذا . و لنعد إلى الدرس الأخير فى وسط السطر " أسباب نفى الزعيم عن أرض الوطن " .



( 7 )


أزاح عن الرأس المتعب هما ثقيلا . بين الفرح و الحزن يتأرجح إحساسه . اختلطت الدموع و الابتسامات . شعر بمرارة فى الحلق . خجل من كذبه على التلاميذ . لم يكن بمقدوره أن يدلى بالحقيقة . تحسس وجهه ، كانت التجاعيد قد زادت و الغضون . عند باب البيت القديم كانت تنتظر أوبته . دائما تنتظر . لم يتأخر يوما عن ميعاده . سوف يغيب طويلا . فرّت الابتسامة من وجهه؛ انسحبت خلف خيوط الزمن .. بحث عنها . لم يجدها .. كانت تتلقاه باسطة ذراعيها ( أين ذراعاها ) ؟ تضمه بعينيها فى حنان ( لقد عشش الفراغ مكانهما ) فى المساء تحت أسمال الليل . يرتمى بين ضفتين .. حيث الدفء . حث القدم على السير فى كل الأزقة ، لم يجدها .
- تذكرى لن أعمل فى مهنتى .؟؟!!
- لكنك ستأخذ أموالا كثيرة .
- لقد كذبت على الأولاد .
- مهما غبت لن يقولوا أنت الذى قتلت (كليبر ) .
شعر بالمهانة تغلفه . تعب من البحث . داخل المقهى جلس ليستريح .. بندول الساعة يتحرك فى رتابة ، يقطع كتل الزمن المتراكم داخل تلافيف العمر . احتسى قهوته . كان مضطربا .. تستقطبه الأصوات المتناثرة .

صوت (1) .
لقد اشتريت كل شىء فى بحر ثلاث سنوات .!!!!؟؟

صوت ( 2 ) .

أنا استلفت ثمن التذكرة لحين العودة .!!!!!!!!!؟

صوت ( 3 ) .

عندما عدت وجدت زوجتى تزوجت بآخر .!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اختلطت الأصوات .. امتزجت . فر من المقهى هاربا .. خرج يبحث عنها من جديد !. مد يديه داخل كهوف الظلام . و دهاليز العراء يفتش عن أثر لها . عوت من خلفه كلاب المدينة هرع متقهقرا؛ اصطدم برجل الشرطة . أمسكه من عنقه .. عندما سمع نباح الكلاب تركه . أمام المنزل سدت الأبدان الشارع . تهامست النساء غامزات . تناقلت إلى مسامعه بعض الحروف . قرأ على الوجوه الألفاظ الباقية ( الفتاة تزوجت ) !!!؟؟566./,7شق الزحام صائحا من أشداقه .
- أنا حبيبها كيف تعيش من دونى . ؟
منعوه من دخول البيت .. تحرشوا به .
- لماذا تمنعونى لقد دفعت الإيجار ؟! .
أشاروا إلى الخارج .
- لقد استدنت كى أسافر كما طلبت . لم أرغب فى السفر .
ارتعب من عيونهم .. تحولت الوجوه إلى (وجه المرأةالمخيفة!؟ ). ساد الصمت و السكون عندما ترك الحارة . ما زال يتذكر الوجوم على وجوه الأطفال . توقفت قدماه أمام سور الكورنيش الذى أصبح جدارا شاهقا . التفت كان تمثال " سعد زغلول " خلفه انتقل إلى مسامعه هدير الأمواج و صراخ الطيور . انسحب الوقت دون أن يشعر ؛ هم بالسير فى اتجاه آخر .



( 8 ) :o:o:o


تجمعت الطيور خلف جناح الزعيم . فوق الشجيرات الجرداء . أشار ناحية الغرب . استعدوا للرحيل . انسكبت دمعة فوق الوجه . أخذوا يتصايحون بأنغام هزيلة متكسرة . عند تخطى الحدود سقط كثير منهم . و لم يعد منهم أحد .




* (http://www.merbad.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=20#_ftnref1)هامش :
فازت بالمركز الثانى فى مسابقة القصة القصيرة – القاهرة يوسف السباعى و نشرت بمجلة القصةالعدد 57 يوليو 1988 .كما نشرت ضمن المجموعة القصصية التى تحمل نفس العنوان.1993م:o:o:o:o

سرد جميل وأفكار متسلسلة كتسلسل حبات اللؤلؤ على جيد الحسان...
استمتعت بقصتك أخي..

مجدي عبد النبي
14/07/2008, 03:46 PM
الأساتذة الكتاب :
المبدع المشرف
الأستاذ : يوسف أبو سالم :o:?:
: ماء السماء :o:?:
:مريم خليل الضانى 56./,756./,7
: محمد مهدى فارس :o56./,7
تحية اليكم جميعا وأشكركم وأتنى أن أحظى وأكون جسرا من الكلمات التى تسعدكم وتسعدنى آرائكم وأقلامكم ومدادها الذى لا ينقطع:o:o:o