المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما نفهم روح الإسلام العظيم



تحسين
08/06/2008, 06:20 AM
عندما نفهم روح الإسلام العظيم

بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي * غزة – فلسطين *

tahsseenn2010@hotmail.com (tahsseenn2010@hotmail.com)



*********************************
عندما فقهت الأمة روح الإسلام ، وتشربت معانيه ، وتفيأت ظلاله عن وعي وعقيدة ، ارتقت في سماء المجد والخلود ، وجعل الله لها العزة والتمكين في الأرض ، وشهد لها العدو قبل الصديق ، بأنها امة ابتعثها الله لتخرج العباد من عبادة العباد ، إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ومن ظلم الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن الظلمات إلى النور .
وعندما تقاعست الأمة ، كتب الله عليها الذل والضعف والهوان ، فتكالبت عليها الأمم كما يتكالب الأكلة على قصعتهم ( أي وعاء طعامهم ) ، ولكن بشائر الخير والنصر والتمكين ، نراها بفضل الله تعالى ترفرف اليوم في آفاق السماء .
وإنه ليحزن كل غيور على دينه وعقيدته ، من الأمة المسلمة ، في شرق البلاد وغربها ، ومن شمالها إلى جنوبها ، ما يجري الآن للأمة ، بسبب الجهل المتفشي في جسدها ، وبسبب بعدها عن دينها ، واتخاذها الإسلام طقوسا وحركات فقط ، ولم يفهم الكثير منها روح الإسلام المبدعة الخلاقة التي لا تغيب أبدا ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، مثلما فهمه أولئك النفر، من أصحاب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، ومثلما فهمه التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ، صحابي من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقع في الأسر والتعذيب ، فيقول له المشركون : هل تحب أن تكون في بيتك آمنا ومحمد هنا في مكانك ؟ قال لا والله . فما أحب أن يشاك محمد صلى الله عليه وسلم بشوكة وأنا في مكاني هذا ، وذلك الصحابي الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم ( خُبيب ) أراد الكفار قتله ، فسلم على رسول الله ثلاثا ، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه فقال :: وعليك السلام يا حبيب ( ثلاثا ) .
إن الأمة تحتاج الآن ( وما أحوجها إلى مثل أولئك النفر) إلى أمثال خالد بن الوليد ، وصلاح الدين الأيوبي ، وأحمد ياسين ، وإسماعيل هنية ، وفتحي الشقاقي ، وغيرهم من شرفاء الأمة في كل مكان .
إن الأمة المسلمة اليوم تعيش معاناة مؤلمة ، على أيدي أولئك الذين لم تفقه أرواحهم روح الإسلام وهديه العظيم ، فنهبوا الخيرات ، واستعبدوا الشعوب ، وأذاقوا الناس الوبال ، وأذكر هنا بعض الأمثلة التي تبدو بسيطة وساذجة ، ولكنها تحمل في ثناياها الكثير من المعاني ، خاصة لدى أولئك النفر القليل ، من المجاهدين والدعاة إلى الله ، القابضين على الجمر ، وذلك بهدف التنبيه إلى مسالك ومداخل الشيطان من خلال سُبر وأغوار النفس ، ولأخذ الحظر خشية الوقوع قي شراك إبليس ، من حيث لا يدري الداعية إلى ربه .
في الصف الأول من صلاة كل فجر، وفي الصلوات الخمس في المسجد ، ودعوة الناس إلى تناول طعام الفطور في كل شهر من شهور رمضان المبارك ، ونعم من الرحمن سبحانه أنعمها لا عدد ولا حصر لها ، قصدته في يوم من الأيام من أجل أن يتأجر شاب فقير، ومعيل لأسرة مكونة من خمسة أنفس ، شقة من شقق برجه السكني ، فقال لي : إن ثمنها ما بين مائة وخمسين ومائة وسبعين دولارا في الشهر .
قلت له : عن الشاب فقير جدا .
قال لي كلنا فقراء !!.
قلت له : مرتبه ألف شيكل في الشهر ( مائتين وثلاثون دولارا تقريبا ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ارحموا تُرحموا ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، والحياة صعبة وقاسية جدا.
قال لي : أقسم الشقة قسمين ، مقابل مائة دولار في الشهر .
قلت له يكفي سبعين دولارا في الشهر ، ولكنه رفض بشدة .
عدت أدراجي حزينا على ما أسمع والألم يعتصرني على رجل يصلي في الصف الأول الأوقات الخمس في المسجد ، ومنذ عشرات السنين ولكنه لم يرحم أسرة شاب معذبة ، ولم يفقه قلبه روح الإسلام وهديه العظيم .
أراد شاب ذو خلق ودين أن يتزوج من فتاة متدينة ذات خلق ودين أيضا ، طلب أبوها مهرا لابنته يكفي لزواج شابين أو ثلاث وربما أربع شباب .
حاول الشاب أن يشرح ظرفه ، وأن
قال أبو البنت : الذي لا يملك المال الكافي فليعزف عن الزواج ، ( واللي ما معهوش ما بيلزمهوش ) .
كان أبو البنت يصلي في الصف الأول من المسجد الصلوات الخمس عشرات السنين ، ولم يفقه قلبه روح الإسلام وهديه العظيم .
تعرض رجل إلى حدث ، وكان الحدث صعبا جدا ، فقد تعرض طفله الصغير لحادث سير يحتاج معه إلى فترة طويلة للعلاج ،جاءه بعض وجهاء ومخاتير النصب والاحتيال ( إلا من رحم ربي ) من أجل الإصلاح ، استحى الرجل من الله ووافق على الإصلاح ، مقابل أن يخرج السائق من السجن ، وقد تعهد رجال الإصلاح بتكاليف علاج الطفل كاملة ، كان السائق من أسرة ثرية يملك من المال الكثير ، ولكنه لم يدفع إلا القليل من المال نفقة لعلاج الطفل ،ثم أدار ظهره للطفل رافضا أن يعالجه ، كما نكث الوجهاء والمخاتير بعهدهم الذي قطعوه على أنفسهم .
كان السائق وأهله والمخاتير والوجهاء ، يصلون في المسجد الأوقات الخمس ، ولكن احدهم لم يفقه قلبه روح الإسلام وهديه العظيم .
توجه الرجل إلى مختار كبير ، يشكو له ما أصابه ، فساومه ذلك المختار على الثمن الذي سيقبضه من وراء ذلك !! .
كان المختار يصلي الأوقات الخمس في المسجد ، ولم يفقه قلبه روح الإسلام وهديه العظيم .
أب لسبعة من الأطفال ، يخرج كل يوم من بعد صلاة الفجر؛ ليقف في مكان تجمع العمال ، يبحث عن رزق أطفاله ، يوم يعمل وأيام لا يعمل ، كان في كل يوم لا يجد له عملا ، يعرض نفسه على الشركات والمؤسسات والورشات لعله يجد فرصة العمل ، كان يعرض نفسه بأي ثمن ، حتى لو كان الثمن حزمة من الخبز ، لم يجد له فرصة عمل ، ولم يجد من أصحاب الشركات والمؤسسات من يسأله سؤالا واحدا عن عدد أطفاله ، وكيف يعيشون ؟
كانا يصليان في الصف الأول من المسجد الصلوات الخمس ، وبمجرد أن ينهي الإمام التسليم ، كان كل منهما يمد يده للمصافحة قالا للآخر : تقبل الله صلاتكم ، وبعد نصف ساعة من مصافحة الصلاة ، وفي الصف الأول من بيت الله ، سمعت إطلاق النار والشجار بين العائلتين ، كل يدعي أن له الحق !!! .
فهل فقه قلب أحدهما روح الإسلام أو هديه العظيم .
مدير مدرسة يطلب من امرأة عجوز متعبة أنهكتها أحداث الأيام ، جاءت لتسجل حفيدها في مدرسة تأسيسية ، في أواخر أغسطس ، طلب منها المدير أن تذهب مسافة كيلو مترين ؛ من أجل تصوير مستند يُرفق مع الأوراق الثبوتية أثناء التسجيل ، وجهاز التصوير من أمامي لم يكن معطلا ، ولكن مدير المدرسة لا يملك الرحمة ، فهل فقه قلب هذا المدير روح الإسلام أو هديه العظيم .
الأمثلة التي تعبر عن هوان وضعف الأمة كثيرة ، والكثير من الأمة كغثاء السيل ، وقد تكالبت عليها الأمم ، ونزع الله من قلوب أعدائها المهابة منها .
إن أمثال هؤلاء هم الذين لا يترددون في حمل السلاح لقتل المسلمين وهم أدوات الكفر التي تفتك في جسد الأمة ، وهم عيونه التي تسهر من أجل خدمته ، وهم من وراء كل مصيبة أصابت الأمة ، لقد نزع الله من قلوبهم كل معنى للرحمة ، واتخذوا من الإسلام ستارا ، وفهموه حركات وشعائر فقط ، لا تسمن ولا تُغني من جوع .
وفي نفس الوقت ، تجد أولئك الرجال الذين أكرمهم الله من فضله ، فهم يقدمون أموالهم وأرواحهم رخيصة في سبيل الله تعالى ، ومنهم من يطرق أبواب الأُسَر المحتاجة سرّا لا يعلم به إلا الله تعالى ، ويوزع ألاف الدنانير من ماله ، حُبّا في الله ورسوله ، وقد تشربت أرواحهم لروح الإسلام العظيم ، مثل هؤلاء هم الفئة القائمة على الحق ، لا يضيرها من ضلّ ، وهم في رباط إلى يوم القيامة ، وهم درع الأمة وكرامتها.
حدثني أخ أحسبه عند الله من الصالحين ، ولا أزكي على الله أحدا فقال لي : عندما زوجت ابنتي ، استخرت الله تعالى ثلاث مرات ، ففي الأولى : امتلأت الغرفة نور أبيض شفاف ، وفي الصلاة الثانية في اليوم الثاني ، امتلأت الغرفة نور أصفر ، وفي الصلاة الثالثة في اليوم الثالث ، امتلأت الغرفة بالنور الأخضر ، ثم أخذته رعشة ، وسمع خطابا يقول له : ألا تستحي بعد ؟ .


إن تقوى الله مفتاح كل خير ، وإن الأمة لا ترفع رأسها ، إلا عندما تقدم أموالها وأرواحها رخيصة لله ورسوله ، فمن لأمة محمد (صلى الله عليه وسلم ) وهي تعيش العذاب والهوان ، والضعف والظلم والاستعباد ؟.

زيارتكم وتعليقاتكم شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.com (http://www.tahsseen.jeeran.com/) مدونتي واحة الكتاب والأدباء المغمورين

عماد ابو رياض
08/06/2008, 04:22 PM
جزاك الله خيرا اخي العزيز ... أن الحق واضح والاسلام واضح .. هكذا يريد منا الله تعالى .. وانه غني عن
العالمين ... فأذا ادينا الفروض فقط هذه لانفسنا وانما الايمان ، العمل للغير فلو تصفحنا احاديث الايمــان
لوجدنا اغلبها العمل للغير ليس للنفس ... فأين نحن من هذا .... تحياتي واعجابي بك اخي العيز .

محمد الكبيسي
08/06/2008, 05:53 PM
ياسيدي الكريم ليس المهم ان نصلي الفجر وكل اوقات الصلاه في المسجد المهم ان نتعامل مع الناس بروح الاسلام مع الحفاظ على اداء الصلوات في المسجد 0 ان امثال هؤلاء يشوهون صورة
الاسلام البهيه 000000
الموضوع جميل وفيه من الدروس الكثير 0
شكرا لك على ما دونت اخي الكريم
دمت بألف خير

د.ألق الماضي
08/06/2008, 07:33 PM
هناك ثلة من الخلق لا تعرف من الإسلام إلا أداء الفرائض مجردة من روحها...
هؤلاء لم يتعمقوا الدين...
وقفوا عند القشر ولم يستخلصوا اللب...
الإسلام دين الرحمة والإنسانية...
دين العمل ...
الإسلام ظلم على يد أبنائه...
فهم لم يحسنوا فهمه ولا تبليغه...
الكريم تحسين ....
بارك الله فيك...
وحياك في المربد...

تحسين
09/06/2008, 11:10 AM
شكرا أخي ألق نائب المدير العام على مرورك ولك مني كل الحب والتقدير