المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوحدة السرمدية



غمارى احمد
31/05/2008, 07:02 PM
تقلب في فراشه ذات اليمين وذات اليسار متألما من وحدته و يأسه من الحياة فهدوء ليلته عكرته اضغاث الاحلام الملازمة له منذ نومه فتصورت له زوجته المطلقة لم يرى منها جميلا و صنيعا يذكرسوى شجار عنيف وخصام دائم مستديم ونقلته احلامه لجلسة المحكمة يتفرس وجه القاضية ناطقة حكم الطلاق فعاود الاستدارة على يمينه فالطلاق راحة ابدية له من المشاكل و خلاص من تعاسة زوجة جاحدة
و بين صقيع النسيان وألم الذكرى تلذذ في منامه عند رؤية يد حالمة تمتد له من بعيد شغلته خطوطها الملائكية عن التفرس في وجه صاحبتها و زادت متعته وهي تناديه بإسمه و تقول بجنون لطيف .....انني احبك... كلمة طالما اشتاق سماعها إنها ملاذ لرجولته الضائعة و دفء لحنان عائلي إفتقده منذ زمان فحلمه إنبعث من السحر
سألها متلمسا أنسها من انت؟ فعاتبته بنظرتها فراح يتوسل و يستجدي عطفها و لم يجده تعلقه بأهداب ثوبها الزاهي نفعا لقد توارت عن أنظاره بعد ان قالت له سأعود إليك لأحملك للعالم ألاخر
ضاع امل عودتها فجن جنونه صارخا مدويا بأعلى صوته صمت ليله البهيم فأفاق يجلس القرفصاء على الارض من شدة تلهفه عليها و رجائه بعودتها فسارع لإشعال سيجارة يطفىء بها لظى دهشته متمتما ان الحب في حياتي مغامرة منحوسة تنازل عني حتى في منامي لقد ولد قلبي من أجل حياة الوحدة فقط
و مضى حينا من الوقت باحثا عن أنسه وسلواه حتى رن الهاتف قاطعا صمت بيته المميت فأسرع نحوه غير مكترث بما يعترضه من اثاث و لما أستفسر عن المتكلم لم يجد مجيبا
عاد الى سريره يجر أذيال الخيبة حالما بعودة فتاته صاحبة اليد الملائكية الحالمة لتخلصه من أوهامه و وحدته
فطال ليله و لكنها لم تعد إليه
و بجد ونشاط نهض قاصدا عمله في الثانوية صباحا فاليأس من وحدته صديقه الذي عرف دائما لنفسه سبيلا
و من فرط تعبه نام ليلة سعيدة لم يقطع هدؤئها سوى رنين الهاتف على نفس موعد البارحة فنهض متثاقلا لرفع السماعة و بعدما تناهى لأسماعه من الطرف الاخر صوت رقيق كصوت الاطفال دفعه للجلوس على الاريكة متأملا صوتها وهي تقول ...أحبك... فدغدغت مشاعره و نقر على وتر صوتها دفء قلبه فتظاهر بعدم الثأثر رادا ولكن من أنت ؟
ردت واخيرا سوف أترك للأيام ألاجابة المهم انني أحبك و أعرف مدى شقاء حياتك الزوجية و قدر وحدتك إنك وحيد قلبي الذي أحبك بكل مجامعه و لا أريده أن يكون دفين صدري حبك الأسر
تصبب العرق من جبينه عند سماع كلمة احبك أشعل رنينها فيض خاطره و كاد ضعفه أن يدفعه للإباحة بكل مكنوناته دون مقدمات و أن يقول نعم إنني محتاج للحب للخلاص من ليالي الهائمة لولا صدود شموخه و رجولته فرد بذكاء تحبينني؟ متى؟ بل من أنت؟
أجابته لايهمك الزمن بدونك يفقد أبعاده و دون شعور راحت تسرد خبايا حبها الاسير فلم يتدارك نفسه إلا و البندول تدق معلنة إنقضاء ساعة في حب وهمي فدفعه فضوله لمعرفتها أن يقول لها إنك مجنونة دون ان يقطع المكالمة ليثير أشواقها و حنينها إليه
و لكن إنتفضت كالجريح كبرياؤها و أنوثتها و قبل لن يضع السماعة قالت إنني مجنونة بحبك ورمت بالكرة في مرماه لقد أقفلت السماعة و إنتظر ان يرن الهاتف من جديد فملأت رأسه المخيلات حتى أستيقظ صباحا بعدما نام على أريكته فحدة يأسه أنسته النوم على سريره المعتاد
مضى لعمله في اليوم التالي قلقا مضطربا غير مخفي مظاهر توتره و شروده كان يفكر في تلك التي وطئت باب قلبه دون مقدمات و اشعلت فيه الحرائق ليلة واحدة عوضته عن السنين المجمرة مع زوجته المطلقة فصاح بحبه الجديد انا ......ايضا أحبك......
وإزداد شوقه و حنينه إليها أصبح ينتظرها كل ليلة في الهاتف لتطرب أسماعه بصوتها الدافىء فتصور أن عينيها عسليتان و قوامها متألق كشجرة نخيل و بسماتها و ضحكاتها المترنمات فسمت نفسها مجنونته و اسيرته و جارية حبه و سمى نفسه مجنونها وخادم حبها و فقد ابعاد زمنه من جديد فأصبح ليله نهاره و نهاره ليله ينام على مكتبه نهارا و يسهر معها في الهاتف ليلا
و تسأل زملاؤه و تلامذته عن سلوكه و تهامس الكل بجنونه فمن فرط سعادته كان يضحك مع نفسه و يتصور مغازلة معشوقته ليلا و تغافلوا عن السر ان ألاستاذ عاشق و متيم
و حدث المهم.....؟ اللقاء مع حبيبة ليله لقد قررت أن تزوره صباحا فأرقه السهاد منتظرا طلوع شمس يوم جديد لرؤية ملاكه الدنيوي و لما إنصرف الناس لأعمالهم إنتظر حتى دقدقت على باب بيته فأسرع لفتحه فوجدها إحدى تلميذاته و تلعثم في ألاجابة أن....أن.....أن.....أنت ؟
أنت كلمة نطقها و هي اخر عهده في دنيا الكلام لم ينطق بعدها حرف واحد أدى به عشقه الذي لم يعرف له طعما إلى عالم أخر هو البكم لقد أصبح الاستاذ أبكما و .....أقفل باب قلبه على و حدة سرمدية ..أبدية
أو مستمرة أو أزلية سموها كما تشأوؤن
تأليف غماري أحمد من صور الغزلان ولاية البويرة الجزائر