المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفجير التفاصيل فى دهس الطين



جمال سعد محمد
02/10/2005, 10:10 AM
تفجير التفاصيل فى " دهس الطين "


دهس الطين قصص تؤكد على وظائف الوصف فى السرد وبالوظيفة التفسيرية يؤكد فكرى داود ان مظاهر الحياة فى قصصه تذكر لانها تكشف عن حياة الشخصية النفسية وتشير الى مزاجها وطبعها وفى هذه القصص اصبح الوصف عنصرا له دلالة خاصة واكتسب قيمة جمالية حقة
وفى القصص لا يأتى بلا مبرر الوصف بل ان كل مقطع من مقاطعه يخدم بناء الشخصية وله اثر مباشر او غير مباشر فى تطور الحدث وهكذا تلتحم كل العناصر المكونة للنص القصصى وتكتمل الوحدة العضوية للعمل وتصبح الاجزاء المختلفة مرايا تعكس بعضها بعضا لتقديم الصورة المجسمة :
( جسد ملتف على نفسه فى الركن فستان قصير يكشف عن ساقين نحيلتين انفاس واهنة داخل صدر صغير تتردد عينان تنتقلان بيننا - انا وامها - وبين الاشياء دون ان تند عن اللسان اية كلمة
تجتهد كلماتنا لاثارة حواسها تحاول اعادتها الى سيرتها الاولى ) ص 6
وعند " فكرى داود " فى مجموعته القصصية دهس الطين يؤدى الوصف وظيفة ايهامية اذ يدخل العالم الخارجى بتفاصيله الصغيرة فى عالم القصةالتخييلى ويشعر القارىء انه يعيش فى عالم الواقع لا عالم الخيال ويخلق انطباعا بالحقيقة او تأثيرا مباشرا بالواقع
ويضع فكرى داود محاور اساسية لعالمه : الرجال والنساء والاشياء فالاشياء عنده تمثل انسانية الانسان وحضارته فليس للحيوان اثاث ولا علوم ولا فنون والاشياء بالنسبة لفكرى الحضارة البشرية ومحطها
والصراع صراع الحياة قائم بين الرجال والنساء وقائم بين الرجال والاشياء والنساء والاشياء اى ان الاشياء تعكس المجتمع :
( تتأمل عيناه وجه الشاهد تؤلمه ملامحه الشائهة يعتلى اشجار التوت الاسود تنتقى يداه الثمرات يحتل طعمها حلقه من الاكلة الى الاكلة يتنبه لبقع ( البنفسج ) التى غطت انامله يعيد - ببعض الثمرات - رسم ملامح شاهد القبور الى جواره يتمدد جسده تلامس وجهه نسمة حانية خليط من اصوات العصافير واليمام يداعب سمعه يطرب له يفرج صدره عن زفرة مندهشة من ذلك التوحد الدائم العجيب بين سكون القبور بسطوته وبين نغمات الطيور والخضرة الكاسيه للاشجار تمتد يده من جديد تسحب نايه يعيد بثه الانفاس يبث الناى فى الكون الشجن تطرب العصافير وتتراقص الزروع ) ص 61
ان القص عند فكرى ينقسم الى مقاطع وصفية ومقاطع سردية ( وايضا الى حوار انما الثنائية الاساسية هى بين السرد والوصف ) وتتناول المقاطع السردية الاحداث وسريان الزمن اما المقاطع الوصفية فتتناول تمثيل الاشياء الساكنة ونستطيع ان نتصور مقاطع وصفية خالية من عنصر الزمان :
( بقعة صغيرة خالية امام ابواب الشقق هى ملعب الصغار الوحيد ) ص 6 هذاالوصف ساكن تماما بل انه يخلو من الافعال لكن من الصعب تصور مقطع سردى خال من العنصر الوصفى فاذا قرأنا ( تمدد جسدانا فوق الفراش فى رءوسنا دارت التداعيات هاهى الفرصة اخيرا قد جاءت لن تجتهد ألسنتنا فى تكرار الارقام المراوغة ) ص 24
فان جميع الاسماء الواردة فى الجملة السابقة موحية بصورة معينة وحتى الفعل نفسه ( تمدد) يوحى بصورة ولكن بالرغم من الاستقلال النسبى للوصف فى بنائه من العنصر الزمنى فقد ظل دائما فى مرتبة ثانوية فى المجموعة او بمعنى اصح ظل فى معظم القصص كذلك حيث يصبح العنصر الاساسى فى ققص اخرى ولكنه - الوصف اتخذ وظيفة سردية خاصة خادما للسرد
وفى قصص فكرى داود نوع من التوتر بين الوصف الذى يتميز بالسكون والسرد الذى يجسد الحركة
وهناك نوع من التداخل بين الوصف والسرد فيما يمكن تسميته بالصورة السردية وهى الصورة التى تعرض الاشياء فى سكونها
ويعير فكرى داود فى مجموعته دهس الطين وصف المكان اهتماما خاصا حيث ان المكان الذى يسكنه الشخص مرآة لطباعه والمكان يعكس حقيقة الشخصية
ومن جانب اخر ان حياة الشخصية تفسرها طبيعة المكان الذى يرتبط بها :
( حجاب يا بنتى مبروك " حتة من خلاصك وطرف برص اسود وكف غراب "
لم تطاوعها نفسها يوما رغم كل شىء بالتخلى عنه ترى هل لبستها امها بالخطأ تعويذة العكس ؟
تبادل كل من الغراب والضفدع النعيق والنقيق التصقت بقع الماء فوق ثوبها بتراب السكة استحالت الى دوائر طيني ) ص 26
الكان هنا يكتسب صفة المجاز المرسل اى الساكن والمسكن ومنه هنا تأتى وظيفة الوصف التفسيرية
انه - الكاتب - يبدأ عادة بوصف المكان لا حظ قصص ( دهس الطين - فى بطن دودة جرباء - فى الفجر كان الرحيل - الرجل النملة والفيل - صلوات صباحية ......) نجد الوصف لا عنده لا يخلو من انطباعية فانه يوحى للقارىء من خلال ملاحظات عامة ومن خلال الوصف باجواء خاصة ( المدرسة - بيت العائلة - القرية ) تنعكس على مسار الاحداث
هذا بالاضافة الى ان العنماصر التى يختارها الكاتب لوصف المكان معبرة وموحية ومن هنا تأتى عملية تفجير التفاصيل حيث ان التفاصيل وهى عناصر الموصوف عندما تقفز الى السطح وتتحول الى كلمات تفقد ثانويتها وتصبح لها نفس الاهمية التى للموصوف الرئيس وعندما يتركز الوصف على الجزء الثانوى فان القارىء ينسى مدى ثانويته ويصبح محط الانظار ومركز الاهتمام بل قد يبدأ طريقة جديدة للوصف انطلاقا من هذا التفصيل ومن هنا اتت فى قصص فكرى داود الاوصاف المركبة ومن جراء هذه العملية يغيب الموصوف من اما عينى القارىء ويتحول الى تفاصيله ومن هنا ظهر تعمد الكاتب لاسقاط الموصوف الرئيس من باب الحذف والتركيز على التفاصيل بنظرة مغايرة للاشياء تلتفت الى المعالم الصغيرة التى اغفل عنها الاخرون
يبقى ان نقول اننا نقف ازاء مجموعة فذة ليس على صعيد الطرح الواقعى لقضايا الانسان وحسب ولكن ايضا على صعيد الاستخدام المتميز لجماليات القصة وادواتها لولا بعض الاسراف فى التأنق اللغوى

طارق شفيق حقي
02/10/2005, 05:39 PM
[align=center:437f32d011]سلام الله عليك أستاذ جمال
ربما كثر هم الكتاب الذين ينفرون القراء من القصة لمجانية الوصف
والوصف يثير شهيتي كي نتكلم عنه قليلاً
لكن ما رايك أن ننقل هذه المقالة النقدية الى معمل المربد فهو المكان المناسب انتظرك كي نكون هناك

تحياتي لك[/align:437f32d011]

حي بن يقظان
05/10/2005, 12:22 AM
هل من الممكن ان نحصل على نص القصة

شكرا لكم

جمال سعد محمد
09/10/2005, 11:25 AM
الجميل طارق استاذى
كل عام وسيادتكم بكل الخير
ربما لم افهم قصدكم بان الكتاب ينفرون القراء من القصة لمجانية الوصف ومن المؤكد ان عدم فهمى هذا نا تج - لا محالة - عن قصور فى التلقى لدى لكن على كل حال انا وضعت القراءة بين ايديكم والمهم ان تقرأ سواء هنا ام فى معمل المربد يكفينى الاطلاع والتعليق
استاذى حى بن يقظان
تحايا عطرة لكم ولجميع مرتادى سوق المربد
تطلب سيادتكم يا سيدى ان تقرأ ( القصة ) واعى انك تقصد المجموعة وهذه مهمة القيها على كتف كاتبنا الاستاذ فكرى داود
متع الله الجميع بكل الصحة والعافية وكل عام وانتم بكل الخير