المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشهد معركة



د.حيدرآل شامي
05/05/2008, 08:20 PM
إنتصفتُ الَشَمسُ في كبدِ الفضاء ..حكماً بينَ الحاقدين تَبعثُ بأشعَتِها لِتَصقِلَ سيفي وأسنةََ الرِماحِ وقلوبَ المقاتلين وقفتُ وفي مقدمتهم اسوقهم الحقدَ والكراهيةََ على أي شيء يقعُ في الجانبِ الاخر من الميدان.. كان كل شيءٍ يتعرقُ من هولِ الظهيرةِ المحرقة ولكنَ العيون تأبى ان تطرفَ او تغمضَ حتى ترتوي من شلال الدماءِ الذي سيُسفكُ بعد هنيهة من الزمان .. والصبر كان هو الاخر افيوناً يزودنا لساعة اللقاء ويطمئننا باننا وإن اشتد القتال ...سيُهزَمون...



تقدمنا وتقدمت صفوفُنا ..تسوقنا الرغبةُ الجامحةُ في في افناءِ الحياة... وقتلَ كل ما ينبضُ... تحكمنا الرغبةُ في شجِ الرؤوسِ وقطعِ الرقابِ وبتر الاطرافَ ... كنتُ القائدٍَ يومذاك لا لبسالتي في ما مضى من العشرين عاماً في الميادين..انما لأني كنتُ انا من يرويهم من بئرِ حقدي والضغينةْ ..كلما رَويتهم عَطِشوا... ياللمساكين لايدرون لما يَسْفِكون ولما يُقتَلون ...انا الذي لمْ ولنْ تتراجع يداه ...انا الذي لن يبقى في حلبة الموتِ ِسواه ...اقسمت اني لن أتَرُك السيفَ حتى أراه .. حتى انال ممن اطلقَ العنان للاناتِ والاهاتِ و منْ الجمَ الافواهَ



تَلاقينا واشتبكت جُموعُنا.. كان كل شيءٍٍ من هَول اللُقيا يصيحْ.. حَتى السيوفْ.. كانت في هياج ..ما اعجبَ الرماح !!! لكثرة ما تشابكت النصول كانت في صياح ..كانتْ اسرعَ الى الصدورِ منَ الرياحْ.. كانتْ تطير لتنغرسَ كنبتةِ صباٍٍر في الصدورِ و الافخاذ و الرقاب ..والسهامُ طيورُ الكره و الظلام... علمناها كيف تخفق بجٌنحيها كي تحطَ في المحاجرِ وتثقب العظام



والتقى الجمعان... ماكان من احدٍ يضاهيني في قطع الرؤوس.. ضربةُ فاخرى فثالثة لكي تطيح الهامات ِ وتُجز الاصابع من منابتها اللعينة وتُفقأ عيون اللئام ...لِترى كيف يتدحرج الرأسُ هارباً منَ النصل.. سيفي عظمةُ متصلةُ بقبضتي لا اتركها.. وليس مخيراً ان يتركني.. لا يملكُ النصلُ ان يتركني.. نعم ..نعم ..هو كائنُ حيُ يعيش...يأكل من كل شلوٍ حقير.. يتنفسُ الحقدَ من رئتي ويشربُ الدماءَ... دماءَ الطامعين والحاقدين وفي كثير من الاحيان ..الابرياء



كنتُ امشي في الميدان ابحث بشغفٍ بالغٍ عن ضحية..ضحيةً تحملُ سكيناً حتى.. نعم ضحيتي هو من يحمل ولو قلماً في وجهي او أي شيءٍ أي سببٍ يعطيني لكي اطفيء فيه شعلةَ الحياةِ واحيلَ اسمهُ الى تاريخ... كل رمح غير رمحي طريق وكل زروق غير ذاتي غريق ...ٍ



ظللتُ امشي بينَ الكائنات المطعونةِ والمقتولةِ والاجزاءِ المقطعةِ والدماء المقاتلة ...وكلَ حينٍ التقي بمن يحمل شيئاً ..يريد ان يقارع غيضهُ بغيضي وكرهه بكرهي ومصيرهٌ بمصيري ...واحمل عليه فلا يطيق الرائي ان يرى كيف يعبث برأسه هواء الطريق ..ضربة على السيف ...صددت منه اخرى... وأخرى..وأخرى.. لاحَ لي في كل اصطدام عنقاً يلوح كاللؤلؤ للعذارى نبع ماءٍ للعطاشى..أبعدته والتففت شيئا هينا حوله َ وانقضضت عليها اخيراً..واخيراً قضمتها بسيفي العتيق.. انقضاضَ النسرِ على الفريسة.. ضربةً هاجت لها كل خلاياي حتى الصوت.. زرعتُ في نحره سيفي ودمه كان قوت ..كتبتُ أسمه في لوحةِ الموتِ.. زرعته قيحاً بين الفقرات... بالدم كان سيفي يستحم ...وتدفق من جرحه نزفُ كعيون جاريات.. َنظرَ الي بإندهاش وألفٌ كلمةٍ أحسبها في خلده تدور.. ولكن خانته حنجرةٌ مغمسةُ بالدماء..وفمٌ مكلوم . سقطَ على الارض ثم مات ..واخر ما سقط منه سيفه المثلوم ...



لمْ يستوقفني المنظر ..هكذا هي الحروب ..هكذا تبتديء وهكذا تعيش ..فالحقد يَخلُقها ويرُضِعها والكرهُ يفطِمها, تحبو في عيون الحاسدين وقلوب المتآمرين وأولى خطواتها ميدان قتال ...فلِم يستوقفني المَنظر ؟؟؟!!! أَبِعدَ كلَ تِلكَ الدماءْ سأتَّعظ و وسيتَّعظون ؟؟؟!!! لعله جندياً او رقيباً كان مَن قتلتُ ليس إلا...



ذرعت الميدان سيفاً ورمحاً وخنجرْ... لم اترك يومها نفساً تذكرْ.. لم اذرْ يومها.. ولِمَ اذر؟؟!!! ما دام قلبي من هول الخوفِ يُعصرْ



لمْ اذر نفساً تذكرْ



لمْ اترك حياً يذكرْ



مادمت ياقلب لم تزل



من هول ماعشته ُ أصفر



لا تنتهي الحروبْ ..هي الغايةُ اقسم بمنْ خلق السماء ...لم تكن يوما وسيلة فكل ما تدارى زمان بناسهِ خرج منهُ قومٌ يقتلون بني جنسهم وُيَقتلون ...فلا تنتهي حُروبُهم ...ولا هم يَنتَهونْ ...





د.حيدر آل شامي



م